مجلس الوزراء : السندات المصرية فى الأسواق الدولية تحقق أداء جيدا    البيت الأبيض: ويتكوف يتوجه لغزة غدا وترامب سيوافق على خطة مساعدات جديدة    رسميا، البرتغالي هيليو سوزا مديرا فنيا ل منتخب الكويت    موندو ديبورتيفو: نيكولاس جاكسون مرشح للانتقال إلى برشلونة    دياز: كومباني أخبرني بأنني سألعب على الجناح الأيسر.. وهذه تفاصيل محادثتي مع فيرتز    مصرع سائق توك توك على يد 3 أشخاص بالقليوبية    ضبط فني ينتحل صفة أخصائي تحاليل ويدير معملًا غير مرخص بجرجا في سوهاج    أحمد كرارة يوجه رسالة لشقيقه بسبب "الشاطر"    تكريم ذوي الهمم بالصلعا في سوهاج.. مصحف ناطق و3 رحلات عمرة (صور)    سفير المغرب في حفل الذكرى 26 لعيد العرش: علاقتنا مع مصر أخوة ضاربة في عمق التاريخ    أمريكا تحظر منح تأشيراتها لأعضاء منظمة التحرير ومسئولى السلطة الفلسطينية    مسؤول أمريكي: شروط ترامب عدم وجود حماس للاعتراف بالدولة الفلسطينية    رئيس الوطنية للانتخابات يدعو المصريين للمشاركة فى انتخابات مجلس الشيوخ    عودة نوستالجيا 90/80 اليوم وغدا على مسرح محمد عبدالوهاب    الداخلية: مصرع عنصر إجرامي شديد الخطورة خلال مداهمة أمنية بالطالبية    القليوبية تحتفي بنُخبَتها التعليمية وتكرّم 44 من المتفوقين (صور)    واشنطن تبلغ مجلس الأمن بتطلع ترامب لإنهاء حرب أوكرانيا 8 أغسطس    وزير الخارجية اللبناني يبحث مع مسئولة أممية سبل تحقيق التهدئة في المنطقة    محافظ سوهاج يشهد تكريم أوائل الشهادات والحاصلين على المراكز الأولى عالميا    معاقبة شقيق المجني عليه "أدهم الظابط" بالسجن المشدد في واقعة شارع السنترال بالفيوم    وزارة الداخلية تضبط طفلا يقود سيارة ميكروباص فى الشرقية    وزير البترول يبحث مع "السويدى إليكتريك" مستجدات مجمع الصناعات الفوسفاتية بالعين السخنة    وزير الكهرباء والطاقة المتجددة يشهد توقيع مذكرة تفاهم لتطوير وتحديث مركز أبحاث الجهد الفائق (EHVRC)    وزير الثقافة يشارك باحتفالية سفارة المملكة المغربية بمناسبة عيد العرش    الخميس 7 أغسطس.. مكتبة الإسكندرية تُطلق فعاليات "مهرجان الصيف الدولى"    محافظ سوهاج يبحث استعدادات انتخابات مجلس الشيوخ ويؤكد ضرورة حسم ملفات التصالح والتقنين    الشيخ خالد الجندى: من يرحم زوجته أو زوجها فى الحر الشديد له أجر عظيم عند الله    ريبيرو يستقر على مهاجم الأهلي الأساسي.. شوبير يكشف التفاصيل    طريقة عمل الدونتس في البيت زي الجاهز وبأقل التكاليف    "قريب من الزمالك إزاي؟".. شوبير يفجر مفاجأة حول وجهة عبدالقادر الجديدة    انطلاق المرحلة الثانية لمنظومة التأمين الصحي الشامل من محافظة مطروح    17 برنامجًا.. دليل شامل لبرامج وكليات جامعة بني سويف الأهلية -صور    مصرع مسن أسفل عجلات اتوبيس على طريق بركة السبع بالمنوفية    بدء الدورة ال17 من الملتقى الدولي للتعليم العالي"اديوجيت 2025" الأحد المقبل    تعرف على كليات جامعة المنيا الأهلية ومصروفاتها في العام الدراسي الجديد    SN أوتوموتيف تطلق السيارة ڤويا Free الفاخرة الجديدة في مصر.. أسعار ومواصفات    القنوات الناقلة لمباراة برشلونة وسيول الودية استعدادًا للموسم الجديد 2025-2026    منظمة التحرير الفلسطينية: استمرار سيطرة حماس على غزة يكرس الانقسام    "يحاول يبقى زيهم".. هشام يكن يعلق على ظهوره في إعلان صفقة الزمالك الجديدة    محافظ المنوفية: تكريم الدفعة الرابعة لمتدربي "المرأة تقود في المحافظات المصرية"    البورصة: تغطية الطرح العام للشركة الوطنية للطباعة 23.60 مرة    تعليقا على دعوات التظاهر أمام السفارات المصرية.. رئيس حزب العدل: ليس غريبا على الإخوان التحالف مع الشيطان من أجل مصالحها    محافظ المنيا: تشغيل عدد من المجمعات الحكومية بالقرى يوم السبت 2 أغسطس لصرف المعاشات من خلال مكاتب البريد    4 تحذيرات جديدة من أدوية مغشوشة.. بينها "أوبلكس" و"بيتادين"    يديعوت أحرونوت: نتنياهو وعد بن غفير بتهجير الفلسطينيين من غزة في حال عدم التوصل لصفقة مع الفصائل الفلسطينية    الصحة: المرور على 1032 منشأة صحية وتدريب أكثر من 22 ألف متدرب    حرام أم حلال؟.. ما حكم شراء شقة ب التمويل العقاري؟    بالأسماء إصابة 8 أشخاص فى حادث انقلاب سيارة بصحراوى المنيا    الشيخ أحمد خليل: من اتُّهم زورا فليبشر فالله يدافع عنه    النتيجة ليست نهاية المطاف.. 5 نصائح للطلاب من وزارة الأوقاف    البابا تواضروس يشارك في ندوة ملتقى لوجوس الخامس لشباب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية    وزير الصحة يعلن تفاصيل زيادة تعويضات صندوق مخاطر المهن الطبية    أمانة الاتصال السياسي ب"المؤتمر" تتابع تصويت المصريين بالخارج في انتخابات الشيوخ    "الأكثر تاريخيا".. ميسي يواصل تسجيل الأرقام القياسية في كرة القدم    المهرجان القومي للمسرح يكرم روح الناقدين أحمد هاشم ويوسف مسلم    حالة الطقس ودرجات الحرارة المتوقعة اليوم الخميس 31-7-2025    حنان مطاوع تودع لطفي لبيب: مع السلامة يا ألطف خلق الله    فوضى في العرض الخاص لفيلم "روكي الغلابة".. والمنظم يتجاهل الصحفيين ويختار المواقع حسب أهوائه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المصريون يعودون لمفهوم "ماعت" ويلفتون انظار العالم...
نشر في الفجر يوم 09 - 07 - 2011

لفت المصريون أنظار العالم بالاحجام مؤخرا عن قبول قرض جديد بقيمة ثلاثة مليارات دولار من صندوق النقد الدولى فى خطوة لها مغزاها فى سياق ثورتهم الشعبية ورغبتهم فى تعزيز الاستقلال الاقتصادى والتنمية المستقلة ورفض الافراط فى الديون بقدر ماتعبر عن فلسفة ضاربة فى جذور تاريخهم تدور حول مفهوم "ماعت" الذى طرح كسبيل
لعدم تكرار الأزمة المالية العالمية الأخيرة بتداعياتها وتوابعها الخطيرة والمستمرة حتى اللحظة الراهنة.
وتبنت الروائية والشاعرة والناقدة الكندية مارجريت اتوود هذا المفهوم المصرى القديم كسبيل للخروج من الأزمة المالية والاقتصادية العالمية الأخيرة فى كتاب يعبر عن العلاقة الوثيقة بين الثقافة والاقتصاد والجذور الثقافية للمشاكل
الاقتصادية وخاصة اشكالية الديون.
وفى كتابها :"تسديد الديون وظلال الثروة والذى وصف بأنه من اهم الكتب التى سبرت اغوار الأزمة المالية العالمية الأخيرة والتى تضرب تداعياتها اليونان الآن-توغلت مارجريت اتوود التى يتردد اسمها كمرشحة لجائزة نوبل فى الأدب عبر التاريخ واستعارت كلمة "ماعت" من التاريخ الفرعونى كمفهوم يعنى عند الفراعنة او المصريين القدماء العدل والفضيلة والتوازن والصدق كمبادىء حاكمة للطبيعة والكون.
وهذا المفهوم المصرى القديم يتسع ليشمل ايضا السبل اللائقة التى ينبغى ان يتعامل بها الناس مع بعضهم البعض بما فى ذلك التداين اضافة للنظام الاجتماعى السليم والعلاقة بين الأحياء والموتى جنبا الى جنب مع معايير السلوك العادل والصادق
والاخلاقى.
وتشمل تلاوين كلمة ماعت وظلالها الطريقة التى ينبغى ان تكون عليها الأشياء فيما يعنى عكسها ونقيضها الفوضى بالمعنى المادى والانانية والافتراء والكذب والممارسات الشريرة على وجه العموم وكل مايجافى ناموس الحق.
وهذا المفهوم الواسع حقا يربط بين التوازن فى امور البشر وبين نظام الكون..وكما تقول مارجريت اتوود بحذق فان طريق المفاهيم ليس بطريق الاتجاه الواحد واذا كان الاقتراض او الديون امر ملحوظ عبر التاريخ الانسانى فان البعض قد تطرف فى هذه المسألة فاذا بالانسان المعاصر" كائن مدين بديون ثقيلة وشاملة".واذا كان من الصحيح انه لولا وجود مؤسسات تؤدى مهمة الاقراض بكفاءة ويسر فى الغرب لما تطورت الرآسمالية الغربية كل هذا التطور ووصلت للدرجة العالية التى
بلغتها فانه من الصحيح ايضا كما تقول مارجريت اتوود ان الاعتقاد بأن الديون قد تنطوى على خطورة بقى ايضا كمكون هام فى مدركات الرآسالية على الاقل حتى وقت قريب.
غير ان العالم ينظر للديون فى ظلال الازمة الاقتصادية الأخيرة باعتبارها مرادف للخطيئة فيما ترصد اتوود ملابسات النظرة السيئة للديون بقولها انها ترجع فى الحقيقة لقيام البعض بالاستدانة دون ان تكون لديهم ادنى قدرة على تسديد هذه
الديون بل ان الكثيرين من المنتمين لهذه الشريحة وجدوا من يشجعهم ويغريهم على الاقتراض وتلك هى المشكلة.
وفى نقده للخطاب الاقتصادى السائد يؤكد عالم السياسة الأمريكى الشهير فرانسيس فوكوياما وصاحب كتاب نهاية التاريخ على اهمية الدور الذى تلعبه الثقافة فى الاقتصاد سواء على مستوى التنمية الاقتصادية فى الداخل او الدور الذى تنهض به
دولة ما فى الاقتصاد العالمى..ويركز فوكوياما على مايمكن تسميته "برصيد الثقة او رأس المال الحضارى" وهو القواعد والقيم الأخلاقية غير المكتوبة التى تتيح لأفراد جماعة ما ان يثقوا فى بعضهم البعض.
بل ان فوكوياما يجعل من "رأس المال الحضارى" مقياسا يعيد من خلاله رسم خارطة الاقتصاد العالمى موضحا ان الدول التى تتمتع برصيد كبير من الثقة بمقدورها تأسيس كيانات اقتصادية عملاقة وذات ثقل كبير فى الاقتصاد العالمى..هكذا توقف فوكوياما عند الالتزام الأخلاقى طويلا باعتباره الطريق لشيوع الثقة بين افراد الجماعة
الانسانية وكأن الرجل يتحدث عن مفهوم "الصدق والبر" بالتعبير الحضارى الاسلامى. وفى مقاربة مغايرة للعلاقة بين الثقافة والسياسة والاقتصاد-رأى سمير امين المفكر الاقتصادى المصرى والعالمى البارز والذى اصدر كتابا جديدا بعنوان "ثورة مصر" ان ثورة يناير تشكل انطلاقة موجة مد جديدة فى التاريخ المصرى معتبرا ان حركة التاريخ كأمواج المد والجزر مابين ارتفاع المد الوطنى للمطالبة بالاستقلال والديمقراطية والعدالة الاجتماعية وموجات الجزر التى تتراجع فيها هذه التوجهات.
واعتبر سمير امين ان الثورة الشعبية المصرية لم تكن بعيدة عن ازمة الرأسمالية العالمية وتداعياتها مؤكدا على اهمية صياغة برنامج اقتصادى جديد كبديل لما كان سائدا من فساد واندماج سلبى فى المنظومة العالمية كما ينوه بأهمية انفتاح مصر على التجارب التنموية فى بعض دول اسيا وامريكا اللاتينية فيما خصص فى كتابه الجديد حيزا وافيا لدراسة تجارب الدول الصاعدة والبلدان البازغة.
ومن المقرر ان يشارك الرئيس البرازيلى السابق لولا دى سيلفا جنبا الى جنب مع جوزيف ستجلتز عالم الاقتصاد الأمريكى والحاصل على جائزة نوبل فى مؤتمر يعقد بمكتبة الاسكندرية بعد غد "الاثنين" تحت عنوان :"من اجل مصر الآن" وبحضور الدكتور عصام شرف رئيس مجلس الوزراء وسمير رضوان وزير المالية.
وفى هذا المؤتمر الذى يشارك فيه حشد من الشخصيات البارزة عالميا ومصريا-سيستعرض لولا دى سيلفا الذى يوصف بأنه "صاحب المعجزة الاقتصادية فى البرازيل وايقونة التحول الديمقراطى" التجربة الرائدة اثناء رئاسته فى التحول على صعيدى الديمقراطية والاقتصاد معا.
وتستمر مناقشات المؤتمر على مدى يومين حول النمو وتوفير فرص عمل جديدة ومستقبل سوق العمل فى مصر وصولا لرسم رؤية متكاملة للمستقبل المصرى وتحفيز الفرص التنموية والاقتصادية على طريق التحول الديمقراطى . وحسب دراسة اعدها معهد التخطيط القومى مؤخرا فان الخسائر الاجمالية للاقتصاد المصرى منذ بداية احداث ثورة يناير وحتى منتصف شهر مارس الماضى بلغت نحو 37 مليار جنيه مصرى فيما قدرت خسائر قطاع السياحة وحده بنحو 18 مليار جنيه وبلغت خسائر قطاع الطيران المدنى نحو 700 مليون جنيه كما انخفضت الصادرات السلعية بنسبة 40 فى
المائة.
وكان تأسيس معهد التخطيط القومى فى مصر قد اقترن بمرحلة شهدت تنفيذ خطة خمسية رائعة للتنمية الاقتصادية-الاجتماعية بين عامى 1960 و1965 حيث حققت هذه الخطة نتائج باهرة من وجهة نظر العديد من علماء وخبراء الاقتصاد الذين مازالوا يتحدثون باعجاب عن هذه الخطة التى نجحت ايضا فى اعادة توزيع الدخل وتقليل الفوارق بين
الطبقات مع تبنى برنامج صناعى طموح.
ويؤكد خبراء ومعلقون فى قضايا الاقتصاد على ان مصر بعد ثورة 25 يناير مؤهلة لتحقيق نهضة اقتصادية شاملة غير انه سيكون من قبيل المزايدة الممجوجة انكار الحقيقة المتمثلة فى ان تراجع مؤشرات الاقتصاد المصرى لابد وان يؤثر سلبا على جموع المصريين وثورتهم الشعبية بقدر ماتأثر الاقتصاد سلبا جراء ممارسات يمكن
وصفها "بالترويع الاقتصادى" ولاتعبر تماما عن جوهر ثورة 25 يناير والحلم المصرى النبيل والمشروع فى الحرية والعدالة.
على ان اى حديث او ارقام او قلق مشروع بشأن تراجع مؤشرات الاقتصاد وارتفاع اسعار السلع الغذائية ومصاعب المرحلة وتحدياتها لايعنى ابدا ماتروج له قوى الثورة المضادة وفلول الفساد حول انهيار اقتصادى وشيك او مخاطر افلاس بهدف صناعة اليأس فيما تتوالى الحقائق حول الاداء الاقتصادى السىء وغير الرشيد للنظام السابق وان
الكثير من المشاكل الاقتصادية الراهنة هى من تركة هذا النظام. وثمة اتفاق عام بين المعنيين بقضايا التنمية والاقتصاد فى مصر على ان النظام السابق تجاهل الاقتصاديين من اصحاب الرؤى الوطنية والنزيهة والمناوئة للفساد ولم
يأخذ على مأخذ الجد كتبهم وكتاباتهم حول النهضة الاقتصادية المنشودة وعلى النقيض مما يحدث فى الدول ذات الانظمة الديمقراطية حيث تحظى هذه الكتابات باهتمام كبير من جانب مؤسسات ودوائر صنع القرار.
وكان صندوق النقد الدولى قد اعرب عن الدهشة حيال حجم الفساد الذى شهدته مصر قبل ثورة 25 يناير فيما اشادت بعثة الصندوق فى تقرير صدر مؤخرا بقدرة الاقتصاد المصرى على الصمود فى مواجهة الأزمات الراهنة وامكانية التعافى بصورة اسرع من المتوقع وتحقيق معدلات نمو سريعة فى القريب العاجل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.