نظرا لدور مصر المحورى المؤثر إقليمياً والمرتقب دولياً، ينتظر الجميع منها إنجازات سياسية واقتصادية وثقافية ذات مغزى وثقل . وأرى أنه أصبح من المرغوب فيه أن تمتد أنشطة السيد الرئيس المثيرة للإعجاب (داخلياً وخارجياً) وأن تعمل الدبلوماسية المصرية المتفوقه دولياً على أن يمتد هذا النشاط إلى دول أمريكا اللاتينية. وأعتقد أن المصريين يستثيرهم أن يعلموا من هى أمريكا اللاتينية. ولماذا نطالب بالاهتمام وتوثيق العلاقات مع دول على بعد آلاف الكيلومترات و غالبيتها مازالت دول نامية. وفيما يلى موجز عن أمريكا اللاتينية من مختلف الزوايا . البداية كانت عام 1492 عندما أراد كريستوفر كولومبس (الإسبانى) الإبحار إلى الهند ولكنه وصل فى طريقه (بدون قصد) إلى القارة اللاتينية وبدأ فى إكتشاف أوضاعها المختلفة. ثم قام البرتغاليون أيضاًباكتشاف البرازيل وبدأت بذلك الهجرات الأسبانية والبرتغالية والأوروبية عموماً إلى القارة الجديدة وجدير بالذكر أن القارة كانت مسكونة أصلاً بالهنود الحمر. امتدت الغزوات المختلفة للقارة من 1492 حتى 1550 حيث تم التغلغل فى كل أقاليمها وتجدر الإشارة إلى أنه عندما بدأت الحرب العالمية الأولى عام 1914 قّدر عدد النازحين الأوروبيين إلى القارة ب 6 ملايين أوروبى . ولعل من الأحداث التاريخية الطريفة أن أمريكا قامت عام 1819 بشراء فلوريدا من أسبانيا وفى عام 1848 قامت بشن حرب على المكسيك لإحتلال «ريو جراندى»، ثم اندلعت الحرب بين امريكا وفرنسا (فى المنطقة) فى نهاية القرن ال 19 وهزمت الأخيرة وتنازلت عن احتلالها لكوبا وبورتوريكو. بمرور الوقت شعرت أمريكا بقوتها بالنسبه للدول اللاتينية فاعتبرتها «الفناء الخلفى» لها وأعلنت هيمنتها بما أسموه «سياسة العصا الغليظة» تجاه الدول اللاتينية وكان ذلك فى عهد الرئيس ويلسون عقب انتهاء الحرب العالمية ولكن الرئيس روزفيلت أنهى بعد ذلك تلك السياسة المستفزة وأعلن أن امريكا ستتبع «سياسة حسن الجوار». تبلغ مساحة القارة اللاتينيه 20٫5 مليون كم2 وعدد سكانها 500 مليون منهم 200 مليون فى البرازيل. القارة تضم أكثر من 30 دولة ويتميز اقتصادها بتصدير البترول (فنزويلا ) و..... و الفضة والماشية واللحوم والصادرات الزراعية (القطن فى البيرو) كما تقدمت الصناعة فى بعض الدول بشكل ملموس . مصر تعتبر أكبر دولة عربية وأفريقية تتبادل التمثيل الدبلوماسى مع دول القارة ولها 15 بعثة دبلوماسية وتمثيل دبلوماسى غير مقيم فى 11 دولة (كان لى شرف تمثيل مصر كسفير مقيم وغير مقيم فى 8 دول ) . وتجدر الإشارة إلى أن الهجرة العربيه إلى الدول اللاتينية وصلت إلى حوالى 20 مليون مهاجر معظمهم من سوريا ولبنان وفلسطين. ويفخر اللاتين بأنهم أسقطوا نظرية صراع الحضارات حيث شغل المواطنون من أصل عربى مناصب رفيعة فى كثير من الدول اللاتينية منها الرؤساء السابقون للأرجنتين كارلوس منعم و للإكوادور عبدالله أبوكرم ونائب رئيس الدومنيكان ووزيرى خارجيه فنزويلا والأورجواى وغيرهم كثيرون. أسجل مع الأسف أن التبادل الاقتصادى والتجارى والثقافى لا يرتقى إلى ما يتمناه الطرفان..... ومن هنا ندعو إلى تطوير العلاقات الاقتصادية لتدفع الدم فى عروق العلاقات خاصة أن العلاقات السياسية ممتازة . يذكر أن المشروع اللاتينى المقدم لمجلس الأمن عام 47 بشأن النزاع العربى الإسرائيلى كان أفضل كثيراً من القرار 242، كما أن الدول اللاتينية تؤيد حق الشعب الفلسطينى فى إقامة دولته المستقلة وتدين ما ترتكبه إسرائيل من اعتداءات خطيرة فى حق الفلسطينيين. كذلك نثق فى أن الشعوب اللاتينيه سترحب بالتبادل الثقافى والفنى حيث يوجد تقارب لا بأس به فى ثقافة الطرفين . كذلك نسجل أن الطرفين يتعاونان تماماً داخل حركة عدم الانحياز ومجموعة ال 77 والهيئات الدولية . بعد هذا العرض الموجز أقترح بدء التحرك الدبلوماسى المصرى بالبرازيل والأرجنتين أكبر دول القارة . جدير بالذكر أن هذه اللقاءات ستكون فرصة مناسبة للحصول على التأييد لترشيحنا فى مجلس الامن عام 2016 وأيضاً لشرح التطورات السياسية والاقتصادية التى نرجو أن تؤهلنا للانضمام مستقبلاً لمجموعة البريكس BRICS التى تضم البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا . كذلك فأن التواصل المرجو سيمكنا من دراسة التعاون مع بعض التجمعات الإقتصادية اللاتينية مثل مجموعة ميركسور التى تضم البرازيل والارجنتين والاروجواى والباراجواى ومؤخراً فنزويلا وبوليفيا وفى النهاية فإنه من الطبيعى قيام مصر بدور مؤثر فى الحوار العربى اللاتينى والذى سيعقد اجتماعه التحضيرى للقمة العربية اللاتينية المقرر عقدها فى الرياض فى نوفمبر المقبل . أثق فى أن مصر العائدة بقوة ستكون موضع ترحيب من أمريكا اللاتينيه وكل القوى العالمية . السفير وهيب المنياوى مستشار وزير الخارجية الأسبق لمزيد من مقالات وهيب المنياوى