فى الواقع إن التوجه المصرى بتوسيع آفاق ودوائر السياسة الخارجية المصرية يبدأ بالدائرة التى لها أولوية استراتيجية مهمة بالنسبة لمصر وهى الدائرة الافريقية وبالقلب منها دول حوض النيل وأيضا العلاقات مع الدول العربية. ولكن اليوم وفى ضوء تشابك المصالح وأهمية الاستفادة الممكنة من كل تطور حاصل على مستوى العلاقات الخارجية خاصة فيما يتعلق بتدعيم التعاون بين دول (الجنوب جنوب) ودول أمريكاالجنوبية والتى حقق عدد كبير منها معدلات كبيرة جدا فى النمو الاقتصادى مثل البرازيل والأرجنتين وشيلى وبيرو فى هذه المنطقة كانت طوال العقد الماضى مقصدا للتنافس الاستراتيجى والاقتصادى الدائر بين أطراف عديدة،. وبالتالى كان لا يجب على الدول العربية وخاصة مصر أن تترك هذا الاقليم بدون الاستفادة اقتصاديا وسياسيا خاصه وان هناك آفاق للتعاون وتبادل الخبرات. مع دولة كبيرة مثل البرازيل وايضا لما تمثله البرازيل من اهم الاقتصاديات الان وعضويتها بتجمع الميركسور ومجموعة العشرين وتجمع البركس وتجربتها الرائدة فى مجالات الدعم حيث استطاعت من خلال برامج العدالة الاجتماعية وزيادة دخل الطبقات الفقيرة من التخلص من سلبيات الدعم التى تثقل كاهل الموازنة العامة للدولة بالاضافة الى تقدمهم فى مجالات التكنولوجيا والبحث العلمى. وأيضا تجربة العدالة الاجتماعية والاصلاح المؤسسى والتخلص بشكل كبير من العشوائيات . ان بعد المسافة أدى إلى نوع من التكاسل، فى ظل عدم وجود آليات مشتركة سواء حكومية أو غير حكومية تستطيع دعم المشروعات المشتركة، وقد تعامل المصدرون والمستوردون عن طريق وسطاء وليس بشكل مباشر، ولم يتم الاهتمام بالمعارض التى يشارك بها المنتجون بين الطرفين، مع عدم وجود مجالس رجال الأعمال التى تؤدى إلى الاحتكاك والتعارف وتبادل المعلومات. بالإضافة إلى عدم وجود بنوك مشتركة، وموانىء خاصة بحركة التجارة، ولا خطوط طيران مباشرة. وألقى ضعف الوجود الاكاديمى المصرى فى الجامعات الناطقة بالاسبانبة والبرتغالية بالإضافة لعدم وجود مراكز ثقافية واعلامية بظلاله على العلاقات المصرية اللاتينية. ويرى حسام زكى سفير مصر بالبرازيل ان العلاقة بين مصر وأمريكا اللاتينية قديمة على الرغم من بعد المسافة.. فالبرازيل على سبيل المثال افتتحت قنصلية لها فى الاسكندرية فى منتصف القرن التاسع عشر، ما يعنى أن هناك اهتماما متبادلاً يعود الى فترة طويلة بين الجانبين.. لكن مع مرور الوقت اقتصر الاهتمام على التمثيل الدبلوماسى الذى توسعت فيه مصر فى الخمسينات ليغطى معظم دول القارة.. والحقيقة أن الجانبين كانا منشغلين بأمور كثيرة.. فالقارة اللاتينية كانت خلال الحرب الباردة مسرحا لصراعات كبيرة بين المعسكرين الشرقى والغربي.. وشهدت معظم دولها أوضاعا متوترة بسبب تلك الصراعات ومن يقف وراءها.. وتعاظمت فيها الاتجاهات اليسارية لعقود.. وكانت منشغلة بأحوالها تماماً لفترة ممتدة من الزمن.. لكن وضع معظمها الآن تغير وأصبحت هناك فى القارة تجمعات اقليمية ذات ثقل اقتصادى مهم مثل تجمع «الميركوسور» ويمثل دول شرق القارة أساسا وتقوده البرازيل... وتجمع «تحالف المحيط الهادي» وهو للدول الموجودة غرب القارة مثل كولومبيا وشيلى وغيرهما وتشترك دوله فى اتباع سياسات السوق والليبرالية التعددية فى الاقتصاد والسياسة.. ومن ناحية مصر بالطبع فقد انشغلنا بالوضع الاقليمى أساساً وبالصراع العربى الاسرائيلى بشكل خاص وتداعياته لعدة عقود.. الأمور فى خلال العقد الأول من الألفية بدأت تتحرك فى اتجاه تنشيط العلاقات والاهتمام.. وكان المفتاح فى هذا هو البرازيل ورئيسها السابق لولا داسيلفا الذى أقبل على مصر وزارها ثلاث مرات خلال فترتى رئاسته.. وهو كان يتمتع برؤية شاملة ليس فقط للعلاقة بين البرازيل ومصر وإنما لدول القارة اللاتينية ككل مع الدول العربية وفى مقدمتها مصر.. ويرى السفير المصرى أن الوضع الان مهيأ لكى تدرك مصر بشكل أكبر أهمية القارة اللاتينية..