ثمة علاقات تاريخية بين مصر ودول أمريكا اللاتينية بدأت فى القرن التاسع عشر، واتصالات على مستوى عال فى الخمسينيات والستينيات من القرن العشرين، فى إطار مجموعات سياسية مثل عدم الانحياز، واقتصادية مثل مجموعة ال 77 ، وكانت لتلك الدول مواقف متوازنة بل مؤيدة أحيانا للمواقف العربية عامة والمصرية بشكل خاص، فيما يتصل بالصراع العربى – الإسرائيلى. وتعتبر مصر من أكثر الدول العربية تمثيلاً دبلوماسيا بسفارات مقيمة فى عدة دول. فلدينا 13 سفارة مقيمة وقسم رعاية مصالح فى السلفادور وقنصلية عامة فى ريودى جانيرو- أى 15 بعثة وترتبط بأهم الدول اللاتينية باتفاقيات ثقافية وآليات للتنسيق السياسى بين وزارات الخارجية، واتفاقيات تعاون بين المعاهد الدبلوماسية، كما عقدت اتفاقيات للتعاون فى مجالات مكافحة الإرهاب على ضوء هروب بعض العناصر الإرهابية فى الشرق الأوسط إلى أمريكا اللاتينية. لقد كان ثمة تصور مصرى فى العقود الاخيرة بعدم الحاجة إلى توسيع نطاق العلاقات مع هذه القارة التى تبدو بعيدة عن الشرق الأوسط، خاصة فى ظل " تسييس" العرب لعلاقاتهم الخارجية، وأدى خفوت دور منظمة عدم الانحياز إلى ضعف الاتصالات مع الدول اللاتينية، واعتادت النخبة المثقفة على النظر للدول اللاتينية على أنها حديقة خلفية للولايات المتحدة، أو كما يسمونها "جمهوريات الموز"، دون محاولة لفهم الأمور بشكل أكثر تعقيدا. تجاهلت مصر أهمية التقارب مع هذا الفضاء الكونى (أمريكا اللاتينية) التى باتت ساحة منافسة شديدة الآن بين القوى العظمى مثل تنامى وتصاعد دور الصين السياسى والاقتصادى بالاضافة الى استعادة روسيا نفوذها القديم فى القارة وهو ما يمثل تحديات كبيرة للنفوذ الامريكى منذ صدور مبدأ منرو 1823 فضلا عن تنامى ادوار ايرانية واسرائيلية فى القارة وأدى الانكماش المصرى و العربى رغم القمم العربية اللاتينية الثلاث (برازيليا , الدوحة , ليما) إلى تقديم إيران نفسها كبديل عن العالم العربى وأقدمت على خطوات استراتيجية كبيرة منها زيارات الرئيس الإيرانى السابق أحمدى نجاد المتكررة ونتج عنها ان ايران كسرت الحصار السياسى والاقتصادى المفروض عليها ووجدت دعما لبرنامجها النووى وقامت بتحجيم دور اسرائيل فى القارة التى طالما كانت مرتعا للموساد بالاضافة الى توقيع أكثر من 300 اتفاقية اقتصادية وتفعيل نشاط سفارتها وفتح اسواق جديدة. وعلى الطرف الآخر استوعبت إسرائيل التحرك الايرانى جيدا وقامت بتدعيم علاقاتها مع بعض دول أمريكا الجنوبية لتطويق النفوذ الايرانى المتصاعد وكانت زيارات وزير الامن الاسرئيلى ايزاك اهاروفيتش لكل من بنما وكوستاريكا وحضور دانى ايالون نائب وزير الخارجية اجتماعات الجمعية العامة لمنطقة الدول الامريكية فى هندوراس وزيارة ليبرمان وزير الخارجية للبرازيل والارجنتين واصطحب معه مجموعة كبيرة من رجال الاعمال بالاضافة الى زيارة شيمون بيريز لكل من بارجواى والأكوادور لخير دليل على ان العالم كله يتجه الى امريكا الجنوبية إما بحثا عن دور سياسى وتضييق النفوذ على عدو استراتيجى او لفتح اسواق جديدة تعزز نموه الاقتصادى. وفى المقابل نحن المصريين و العرب ليس لنا وجود يذكر إلا قليلا من العلاقات بين دول الخليج ودول امريكا الجنوبية مرتبطة بعلاقات اقتصادية ضيقة. إن الفترة الأخيرة تشير إلى ثمة رغبة من جانب عدد من دول أمريكا اللاتينية لتدعيم الحوار مع الدول العربية،وخاصة مصر نظرا لثقلها الاقليمى ووضعها الاستراتيجى وصولا إلى تعميق العلاقات بين الجانبين، فى ظل تطورات داخلية مهمة داخل دول تلك المنطقة، ترتبط بجدل حول توجهات سياساتها الخارجية، ومن الممكن التجاوب مع تلك الرغبة فى عدة اتجاهات خاصة . بعد ثورتى 25 ينايرو30 يونيو المجيدتين وضرورة القيام بقطيعة معرفية مع الاهمال الشديد للسياسة الخارجية المصرية تجاه امريكا الجنوبية حيث لم يزر رئيس مصرى او رئيس وزراء أيا من دول تلك القارة واقتصر تمثيلنا فى القمم والمؤتمرات على درجة وزير أو وزير دولة سوى الزيارة الاخيرة للبرازيل التى قام بها الرئيس المعزول محمد مرسى والتى لم تتمخض عنها أى نتائج وعلى مصر الان توسيع مستوى التمثيل الدبلوماسى وتفعيل اتفاقية الشراكة مع دول تجمع الميركسور والسعى لعلاقات اكثر تنوعا واتساعا فى اطار فكرة الاستقلال الوطنى وخلع عباءة الغرب الامبريالى . إن بعد المسافة قد أدى إلى نوع من التكاسل، فى ظل عدم وجود آليات مشتركة سواء حكومية أو غير حكومية تستطيع دعم المشروعات المشتركة، وقد تعامل المصدرون والمستوردون عن طريق وسطاء وليس بشكل مباشر، ولم يتم الاهتمام بالمعارض التى يشارك بها المنتجون بين الطرفين، مع عدم وجود مجالس رجال الأعمال التى تؤدى إلى الاحتكاك والتعارف وتبادل المعلومات. بالإضافة إلى عدم وجود بنوك مشتركة ,وموانىء خاصة بحركة التجارة , ولا خطوط طيران مباشرة , بالاضافة الى انه لم يتم استثمار وجود جاليات عربية كبيرة ونافذة فى دول أمريكا اللاتينية يوجد عدد هائل من التوصيات التى خرجت عن لقاءات وندوات وخبرات قديمة وحديثة، منها على سبيل المثال , إقامة حوار عربى لاتينى على المستوى الرسمى وغير الرسمى برعاية بعض المراكز البحثية العربية واللاتينية.تكون مصر فيه هى الحاضنة , استئناف زيارات كبار المسئولين العرب لدول أمريكا اللاتينية، عودة مصر إلى الأخذ بنظام القناصل الفخريين فى الدول التى ليس لها فيها تمثيل دبلوماسى مقيم ليكون عيناً وحلقة اتصال بين رجال الأعمال بالتنسيق مع سفارات مصر المقيمة فى المنطقة, تنشيط التبادل التجارى والاقتصادى والاستثمارات بين مصرو ودول امريكا اللاتينة وتفعيل الشراكة فى تجمع الميركسور . دراسة جدوى لإقامة مراكز تجارية للسلع المصرية فى المناطق الحرة مثل مدينة كول فى بنما ومدينة زاركوزا فى شيلى أو فى الأرجنتين بحيث تغطى دول المنطقة من شمالها وجنوبها. ويوجد حالياً تمثيل تجارى لمصر فى ساوبالو فى البرازيل، وبوينوس أيرس فى الأرجنتين ومكسيكيو سيتى. عمل دراسة لحصر رجال الأعمال والصناعة الذين يتعاملون مع دول أمريكا اللاتينية أو الراغبين فى ذلك ومنتجاتهم والطلب عليها فى الأسواق اللاتينية مقرونا بدرجة جودتها وأسعارها والقدرة على الاستمرار فى إمداد هذه الأسواق بها. الاستفادة من التقدم الملحوظ فى صناعة المنسوجات والملابس الجاهزة المصرية والتى تحتاج إلى توسعة أسواقها الخارجية وزيادة إنتاجها لتقلل تكلفتها، ويصبح عامل الجودة والسعر أساس المنافسة مع مثيلاتها فى الأسواق اللاتينية سواء الإنتاج المحلى أو المستورد. الاهتمام بتنشيط العلاقات الثقافية بتفعيل وتنفيذ البرامج الثقافية والترجمات المتبادلة للكتب , الارتقاء بمستوى البرامج الموجهة للمنطقة باللغة الإسبانية والبرتغالية عن طريق الراديو. ودراسة توجيه قناة فضائية تليفزيونية باللغتين الإسبانية والعربية، تطوير نظام المنح الدراسية . وضع برامج سنوية للتعاون بين السفارات اللاتينية فى القاهرة وتفعيل دور جمعيات الصداقة والغرف التجارية المشتركة, واقامة منتدى فاعل لرجال الأعمال .