فاض الكيل بالشعب العراقى فى مواجهة الإرهاب والفساد وتردى الخدمات, فخرجت المظاهرات الحاشدة التى تطالب بإجراءات حاسمة لتغيير هذا الواقع المرير مما أجبر قيادات دينية وسياسية على الإنصات لمطالب المتظاهرين فى عموم المدن العراقية, واتخذ رئيس الوزراء العراقى حيدر العبادى بعض الإجراءات مثل إلغاء مناصب نواب رؤساء الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء ووافق عليها البرلمان, وقد اعتبرها بعض المراقبين خطوة مهمة فى طريق إعادة الاستقرار فى البلاد, فيما اعتبرها البعض الآخر انقلابا أبيض على نظام المحاصصة الطائفية الذى ساد العراق بعد الاحتلال الأمريكى, وكان سببا رئيسيا فى حالة عدم الاستقرار وتصاعد العنف الطائفى, بينما رأى فريق ثالث أن إجراءات العبادى غير كافية ومن بينهم سليم الجبورى رئيس مجلس النواب, وأنها تحتاج إلى إصلاحات أخرى حتى تحقق أهدافها. والواقع أن إصلاحات العبادى تمثل خطوة كبيرة فى واقع معقد ووسط ظروف غير مواتية وقد تواجه بمحاولات للالتفاف عليها أو مقاومتها وإفشالها, ونجاح تلك الإجراءات يتطلب خطوات أخرى شاملة لإلغاء مفهوم المحاصصة الطائفية الذى كان وبالا على العراق منذ أكثر من عشر سنوات, وأدت لتمزيق المجتمع وانتشار العنف الطائفى الذى راح ضحيته الكثيرون من أبنائه, كما أنه أدى لتغذية بيئة الإرهاب ونمو التيارات المتشددة مثل داعش وغيرها, والتى سعت لتوظيف مظالم قطاعات كبيرة من الشعب العراقى وتهميشهم لتحقيق أهدافها ومصالحها. وبالطبع فإن تلك التغييرات لو نجحت سيكون لها تأثير كبير على البلاد وعلى معالجة أوضاع مختلة منذ سنوات, وهى تحتاج إلى تصميم وإرادة من جانب النخبة العراقية للتغلب على أى عقبات أو تحديات من جانب الفئات المستفيدة من استمرار الطائفية, كما أن الحكومة العراقية مطالبة باتخاذ حزمة إصلاحات شاملة للتغلب على الأوضاع والخدمات المتردية فى البلاد, وأن تنفذ رؤية وإستراتيجية شاملة سياسية واقتصادية وتنموية لإنقاذ العراق من شر الإرهاب ومخاطر التقسيم والتفتت. لمزيد من مقالات أسماء الحسينى