قد تبدو مشكلتى هينة قياسا إلى المشكلات المؤلمة التى يعرضها بابك الشهير ولكنها تبقى مؤرقة بالفعل لمن تاقت نفسه دائما إلى عالم المثل، واختلطت روحه بمزيج من الأفكار والنغم والمشاعر، فلقد عشت حياتى باحثا عن معنى كبير وعميق لها، وقد تصورته فى الجمع بين نورى السماء والأرض أى الإيمان والمعرفة, وبين صوتى الوجود والقلب أى الموسيقى والحب, والحقيقة أننى لم أجد صعوبة كبيرة فى الجمع بين الإيمان والمعرفة والموسيقي, غير أن الحب الملهم ظل يراوغنى ويحول دون أن يكتمل لنفسى هناؤها, ولروحى سكينتها, وفى الثلاثين من عمرى تقريبا تخيلت أننى وجدت ضالتى فى فتاة أحببتها وتزوجتها وانتظرت أن تمنحنى الحب وسكينة النفس, فلم تمض سوى بضعة أشهر حتى اكتشفت أنها وهم كبير, فسرقت منى ما كان لدى من عناصر السعادة، بدلا من أن تكملها, ولم يبق لى سوى الإيمان بالله عاصما لى من اليأس من حياتى التى افتقدت معناها العميق. فرغم ما حققته, والحمد لله من نجاح كبير فى الحياة العملية ومازال عمري36 سنة, وبرغم ما حبانى به الله من عائلة طيبة وأصول عريقة, وقدر معقول جدا من الوسامة والقبول, إلا أننى وبعد ست سنوات من زواج لم يكمل العام, ولم يثمر شيئا مازلت أبحث عن معنى لحياتى فى ظل وحدة القلب وبرودة الروح فى عالم يبدو وكأنه قد خلا من العاطفة الإنسانية الجميلة التى تبث الأمل فى الغد, وتبعث الشعور بالقدرة على انجاز المستحيل, والحقيقة أننى وجدت فى الكلمات القليلة التى تضمنتها رسالتى إليك فرصة للبوح بما فى نفسي, وأشكرك على هذا الباب الرائع. ولكاتب هذه الرسالة أقول: حسنا فعلت عندما لم تتسرع فى ارتباط جديد بعد فشل زواجك الأول الذى يبدو انك لم تحسن فيه اختيار شريكة حياتك, فانبهرت بمن رأيت أنها أهلا لهذا الارتباط مدفوعا برومانسيتك وعاطفتك الجياشة فوجدت عكس ما تمنيت.. وحسنا أيضا انك لم تتسرع فى البحث عن زوجة أخرى تحل محل مطلقتك، وعليك وأنت تختار شريكة حياتك هذه المرة أن تكون مناسبة لك اجتماعيا وثقافيا وتتمتع بمواصفات الجمال والإخلاق التى تتوق إليها نفسك, فهذه المدة كانت كفيلة بإبعاد شبح اليأس عنك ودفعك للنظر الى الدنيا بعينى الحب والأمل، وأعتقد أن من يحمل هذا القلب الكبير سوف يجد من تسعد به ويسعد بها, فانتظر طائر السعادة الذى سيحلق فوق عشك الهاديء، ويهبك ما تشاء من حب وحنان.