إننا على موعد مع أول شهيدة فى الاسلام.. انها «سمية بنت خياط» التى بشرها الحبيب بالجنة.. وتبدأ القصة عندما أتى ياسر والد عمار من اليمن مع أخويه إلى مكة ليبحثوا عن أخ لهم فقدوه منذ سنوات.. وفشلت المحاولات فى العثور على الأخ «التائه» فعاد الأخوان الحارث ومالك.. وظل ياسر فى مكة، وكان من عادة العرب اذا دخل رجل غريب إلى بلد وأستقر بها فلابد أن يحالف سيدا من سادات القوم ليمنعه من أذى الناس.. فحالف «ياسر» أبا حذيفة بن المغيرة فأحبه الرجل لنبل اخلاقه ونفاسة معدنه.. فزوجه من أمة له تدعى «سمية بنت خياط» ولما تزوجت ياسر أنجبت له غلاما ملأ الدنيا وهو «عمار بن ياسر» وبعدها اعتقه ابو حذيفة وحرره من العبودية ثم مات أبو حذيفة.. وبعد أن أشرقت شمس الاسلام على الجزيرة سمع «عمار» ابن سمية عن الاسلام فذهب إلى دار الارقم وسمع كلام النبى حتى بسط يده للحبيب واطلق الشهادة.. وعاد عمار إلى ابويه وعرض عليهما الاسلام بعد أن قرأ عليهما القرآن.. وإذا بياسر وسمية يطلقان شهادة التوحيد فى آن واحد.. وما هى إلا ساعات معدودة حتى طار الخبر إلى بنى مخزوم.. فاستشاطوا غضبا.. وصبوا على آل ياسر أشد العذاب فكانوا إذا حميت الظهيرة يأخذونهم إلى بطحاء مكه ويلبسونهم دروع الحديد ويصهرونهم فى الشمس.. ويصبون عليهم من جحيم العذاب ألوانا.. وظل المشركون يعذبون سمية وزوجها ياسر وابنها عمار.. وإذا بالمصطفى «صلى الله عليه وسلم» يمر عليهم ويقول لهم «أبشروا آل عمار فإن موعدكم الجنة».. وبدلا من المعاناة اصبحوا يستعذبون العذاب فى سبيل الله ويحلمون بالجنة.. وكان «أبو جهل» إذا سمع وقت ظهور وكان وقتها قد اسلم سبعة فقط ابو بكر، وعمار وأمه سمية، وصهيب وبلال، والمقداد ذهب اليه وصب عليه العذاب ومزق جسده إلى اشلاء. فاما رسول الله، فمنعه الله بعمه، وأما أبو بكر فمنعه الله بقومه، وأما سائرهم فالبسهم المشركون دروع الحديد.. حتى بلال طاف به الغلمان الشوارع مجرورا وهو يقول «أحد أحد». وظلت الصحابية الجليلة سمية تتحمل العذاب.. ولم تهن عزيمتها أو يضعف ايمانها الذى رفعها إلى مرتبة الخالدات من النساء.. وبدأت المحنة تتحول إلى منحة ربانية بعد أن بشرهم النبى بالجنة.. وهنا تقوم «أم عمار سمية» لتكتب بدمها سطورا من النور على جبين التاريخ لتكون أول شهيدة فى الاسلام.. وذلك عندما تعرض لها «أبو جهل» فطعنها فى موطن عفتها فقتلها.وكان استشهاد «سمية» رضى الله عنها فى السنة السابعة قبل الهجرة.. فياليت نساء المسلمين الآن يتخذن من سيرة الصحابية الجليلة مثلا فى الفداء والصمود لنصرة دين الاسلام.. والتمسك بما بين يديها وهو أقل القليل بدلا من السعى وراء دعوات فاجرة تجعل من المسلمة إمعة.. رضى الله عن «سمية أم عمار» أول شهيدة فى الاسلام.. وأم أول من بنى مسجدا يصلى فيه «عمار» رضى الله عنها وأرضاها وجعل الفردوس مثواها.. وحشرنا والنساء الصالحات التابعات المتمسكات بجوارها.