الذى فقد عينه وسال دمه فى الميدان مستعد أن يقدم روحه فى سبيل التخلص من حكم المجالس والأيادى المرتعشة التى لم تقدم حلا للقضاء على منابع الأزمات والفساد ومثيرى الفتن، ولا تقدم موقفا ثوريا يريح صدور الشعب المنهوب والشباب اليائس الرافض لكل ما يمت للنظام المنحل بصلة.. وكأن شيئا مفقودا بين الشعب وأعضاء المجالس يخشى كل منهما وضع يده عليه أو مجرد الحديث عنه، هذه المواقف والقرارات والأفعال المشكوك فيها تضعنا جميعا فى المواجهة مع بعضنا والخوف من عدو مجهول يسيطر بشكل أو بآخر على متخذى القرارات. إذ أن شخصا ما، أو جهة ما، أو قوة ما أرادت أن تعيد عقارب الساعة للوراء لسياسة خنق الناس وإلهائهم عما يدار فى البلد، وهى سياسة قديمة متبعة ومجربة عشناها 30 سنة، عادت مرة أخرى بوجهها القبيح وبرعاية حماة الثورة؛ ليصبح همنا الأول أمبوبة غاز أو لتر بنزين أو رغيف عيش.. وبالتالى دفعنا دفعا للثورة مرة أخرى على النظام الحالى، كما يدعو بعض نشطاء النت حاليا.. فاجأنى رجل بسؤال استنكارى توبيخى وجيه.. (مين قال إن العسكر ما لهمشى فى السياسة؟! دا طلعوا لعيبه وبيلعبوا بينا الكورة فى ملعب من غير حكم؟!)، وتعصب الرجل مفندا بعض المشكلات التى تهبط علينا كل يوم.. (عايز تفهمنى إن فيه أزمة فى البنزين أو الغاز وإن السبب الحكومة؟! عايز تفهمنى إنهم مش عارفين مين اللى ورا مذبحة بورسعيد.. عايز تقول إنهم سايبين حكومة الجنزورى تمشى البلد.. هى الناس دى مفكرانا إيه هنود)؟!. منذ أكثر من مائة عام هرب الروائي الروسى ليو تولستوي من ضيعته وترك الترف والثراء تخلصا من أنانية وتسلط زوجته، ورغبة في الراحة من شكواها واعتراضاتها الدائمة عليه، ليعيش بقية حياته ويموت في كوخ صغير بجوار إحدى محطات القطار.. فبعد قصة كفاح طويلة وسنين عمر مشتركة، وعدد من الأبناء والأحفاد.. لم يستطع تولستوي صبرا؛ فالمشاكل بينه وبين زوجته تتراكم، والقضايا بينهما تظل مفتوحة يؤزم بعضها بعضا حتى قرر الهروب تاركا البيت وهو في السبعين من عمره.. تولستوى اختار الحل الأسهل الذى يريحه ويريح زوجته وهو العزلة، يبدوا أن عواجيز المجالس يريدون أن نفعل مثل تولستوى، فى الوقت الذى هم فيه أولى بأن يفعلوا ذلك؛ لأنهم سيعيشون فى فلل وقصور، أما نحن فللأسف ليس لدينا 80 مليون كوخ. لحظة: أنا لا أريد طعامهم وشرابهم .:. فليأخذوه فلست بالجوعان! أهوى الحياة كريمة لا قيد .:. لا إرهاب لا استخفاف بالإنسان! (هاشم الرفاعي) المزيد من مقالات على جاد