إنهاء خدمة 15 قيادة.. وزيرة التنمية المحلية تعتمد حركة المحليات بالمحافظات    المركزي للمحاسبات: الإرادة السياسية والرقابة المؤسسية والإعلام ركائز النزاهة الوطنية    الذهب يقترب من أدنى مستوياته.. ماذا يحدث في أسعار المعدن النفيس ؟    أسعار اللحوم الحمراء اليوم الأربعاء 29 أكتوبر    وزير العمل يبحث مع السفير السعودي تنظيم العمالة الموسمية استعدادا لموسم الحج    إدراج شوارع بطنطا ضمن خطة توصيل المرافق استجابة لطلبات النائب حازم الجندى    عاجل- الوزراء: بدء التوقيت الشتوي في مصر الجمعة الأخيرة من شهر أكتوبر    ارتفاع معدل التضخم في أستراليا بأكثر من التوقعات    ترامب: قصف غزة ليس خرقا لاتفاق وقف إطلاق النار وإنما دفاع عن النفس    ترامب يصل كوريا الجنوبية فى زيارة رسمية تستغرق يومين يشارك خلالها فى قمة أبيك    مكافحة التطرف والإرهاب    موعد مباراة الأهلي وبتروجيت في الدوري    مواعيد مباريات اليوم الأربعاء 29 أكتوبر والقنوات الناقلة    اليوم.. الأهلى يتحدى بتروجت من أجل "صدارة" الدوري    حالة المرور اليوم، كثافات متقطعة على المحاور والميادين بالقاهرة والجيزة    طقس اليوم في مصر.. أجواء خريفية وحرارة معتدلة نهارًا على أغلب الأنحاء    بسبب ماس كهربائي.. حريق هائل داخل مصنع سجاد بالمحلة    اليوم.. الحكم على التيك توكر علياء قمرون بتهمة التعدي على القيم الأسرية والمجتمعية    سوزي الأردنية تواجه أول حكم من المحكمة الاقتصادية    بحضور السيسي وعدد من ملوك ورؤساء العالم، تفاصيل حفل افتتاح المتحف المصري الكبير    عاجل- 40 رئيسًا وملكًا ورئيس حكومة يشاركون في افتتاح المتحف المصري الكبير    مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء 29 أكتوبر 2025 فى محافظة المنيا    سعر طن الحديد والأسمنت اليوم الأربعاء 29-10-2025 بعد الانخفاض الأخير    «خطأ عفوي.. والمشكلة اتحلت».. مرتجي يكشف كواليس أزمة وقفة عمال الأهلي    والد ضحايا جريمة الهرم: زوجتى على خلق والحقيقة ستظهر قريبا.. صور    18 قتيلا فى غرق مركب مهاجرين قبالة ليبيا    ننشر الأخبار المتوقعة ليوم الأربعاء 29 أكتوبر    حقيقة وجود تذاكر لحضور حفل افتتاح المتحف المصري الكبير    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخيرًا بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الأربعاء 29 كتوبر    مصابة بالتهاب الكبد وكورونا، طوارئ صحية بولاية أمريكية بعد هروب قرود مختبرات (فيديو)    خلاف أطفال يتحول إلى كارثة.. سيدتان تشعلان النار في منزل بعزبة الثلثمائة بالفيوم    في الذكرى الأولى لرحيله.. حسن يوسف: فنان من حي السيدة زينب سكن الذاكرة وخلّد ملامح جيل بأكمله    طائرات مسيرة أوكرانية تستهدف مستودع وقود في منطقة أوليانوفسك الروسية    د.حماد عبدالله يكتب: ومن الحب ما قتل !!    جواهر تعود بحلم جديد.. تعاون فني لافت مع إيهاب عبد اللطيف في "فارس أحلامي" يكشف ملامح مرحلة مختلفة    دعاء الفجر | اللهم اجعل لي نصيبًا من الخير واصرف عني كل شر    أحمد عيد عبدالملك: الأهلي يمتلك 3 فرق جاهزة للمنافسة وزيزو مستواه متراجع    نحو 6 آلاف شخص يبحثون عن مأوى مع اجتياح إعصار ميليسا جامايكا    أوكرانيا و"الناتو" يبحثان مبادرة التعاون في مجال الأسلحة    استشهاد 11 فلسطينيا على الأقل في سلسلة غارات إسرائيلية على قطاع غزة    «زي النهارده».. العدوان الثلاثي على مصر 29 أكتوبر 1956    «زي النهارده».. حل جماعة الإخوان المسلمين 29 أكتوبر 1954    متحدث الشباب والرياضة يكشف كواليس جلسة حسين لبيب مع أشرف صبحي    بين الألم والأمل.. رحلة المذيعات مع السرطان.. ربى حبشى تودّع المشاهدين لتبدأ معركتها مع المرض.. أسماء مصطفى رحلت وبقى الأثر.. لينا شاكر وهدى شديد واجهتا الألم بالصبر.. وشجاعة سارة سيدنر ألهمت الجميع    الكشف عن حكام مباريات الجولة ال 11 بدوري المحترفين المصري    منتخب الناشئين يهزم المغرب ويواجه إسبانيا في نصف نهائي مونديال اليد    في الشغل محبوبين ودمهم خفيف.. 3 أبراج عندهم ذكاء اجتماعي    ضبط أطنان من اللحوم المفرومة مجهولة المصدر بالخانكة    "كتاب مصر" يناقش ديوان "مش كل أحلام البنات وردي" للشاعرة ياسمين خيري    رسميًا.. موعد امتحان 4474 وظيفة معلم مساعد رياض أطفال بالأزهر الشريف (الرابط المباشر)    تزيد حدة الألم.. 6 أطعمة ممنوعة لمرضى التهاب المفاصل    تدريب طلاب إعلام المنصورة داخل مبنى ماسبيرو لمدة شهر كامل    الحظ المالي والمهني في صفك.. حظ برج القوس اليوم 29 أكتوبر    بمكونات منزلية.. طرق فعالة للتخلص من الروائح الكريهة في الحمام    في جلسته ال93.. مجلس جامعة مطروح يصدر عددًا من القرارات المهمة    لمسة كلب أعادت لها الحياة.. معجزة إيقاظ امرأة من غيبوبة بعد 3 سكتات قلبية    أمين الفتوى: زكاة الذهب واجبة فى هذه الحالة    أذكار المساء: أدعية تمحو الذنوب وتغفر لك (اغتنمها الآن)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



50 سنة على رحيله
محمد مندور التراث الإنسانى والآداب الحديثة
نشر في الأهرام اليومي يوم 18 - 05 - 2015

فى مثل هذا اليوم ، فى التاسع عشر من شهر مايو 5691 ودعت مصر ناقدا من أكبر نقادها الذين ملأوا حياتها بالعلم والمعرفة، بفضل جهوده الحية، وجهود عدد كبير من الكتاب والنقاد المعاصرين، التفوا حول مندور بصفته شيخ النقاد أو عميدهم، وصاحب الكلمة العليا التى ينصت إليها كل المنتمين لعالم الكلمة والإبداع.
ورغم هذه المكانة الرفيعة التى كان الأدباء يضعون فيها مندور، فلم يكن يجد حرجا وهو يوجه الكتابة الأدبية فى بلاده، أن يقرأ مقالاته وهى مخطوطة على الآخرين، ولو كانوا من تلاميذه، قبل أن يدفع بها إلى النشر. ومن يتصفح أعمال محمد مندور المؤلفة والمترجمة التى صدرت فى حياته وبعد رحيله، يلمس بوضوح تعدد واتساع المجالات التى ضرب فيها بتمكن، فى التراث والحضارة والآداب.
ومع هذا فلم تشغله الثقافة عن السياسة، ذلك أنه كان حاضرا فى كل المعارك الوطنية المتصلة بالأوضاع الاجتماعية والاقتصادية، كما كان حاضرا فى كل معاركها الأدبية، حاملا ميزانه الجديد الذى يضع الأمور بذوقه الفنى فى نصابها الصحيح.
وخلال هذا التاريخ الذى لم يزد على ربع قرن، من أول أربعينيات القرن الماضى حتى منتصف الستينيات، أى منذ عودته من البعثة الفرنسية حتى رحيله.. تعرض مندور لكثير من المتاعب من النظامين: الملكى والجمهورى. وهذه مفارقة مؤسية يعرفها جيدا جيل كامل من المثقفين، لم تكن معاناته من السلطة بعد ثورة 2591 تقل عن معاناته من السلطة قبلها، فى ظل الثورة والعهد الجديد.
غير أن هذه المتاعب لم تفض به إلى العزلة، ولم تحل دون أدائه لرسالته المناهضة للاستعمار والرجعية، ولا مَسَّت من قريب أو من بعيد انحيازه لقوى الديمقراطية الاشتراكية، المدافعة عن الحرية والعدالة الاجتماعية والتقدم.
ولم يكن محمد مندور فى دفاعه عن هذه القضايا يطالب فقط بحق الفقراء فى رعاية الدولة، وحق الجاهل فى أن يتعلم، بل كان يؤمن بأن الدولة ملزمة بتعويض هؤلاء عن تقصيرها نحوهم، الذى أدى بهم إلى هذا الوضع، وإلى تأمينهم، كما هى ملزمة بالتدخل فى شئون الحياة للمحافظة على الملكيات الخاصة.
ومقالات محمد مندور عن الأدب العربى الحديث، تهتم فى المحل الأول بحركات التجديد، اهتمامها بالأجيال التالية لجيل الرواد، خاصة فى الشعر والمسرح، التى تعد دراساته عنها مراجع لا يستغنى عنها الباحث فى اللغة العربية وآدابها، ولا فى اللغات والآداب العالمية.
ومندور يعرف جيدا أثر الآداب الأجنبية فى إثراء الآداب القومية، وتقوية عودها، ويشغل الأدب المقارن والترجمة نسبة عالية من إنتاجه.
وفى إحدى مقالاته يعترف مندور بأنه لولا دراساته للآداب اليونانية واللاتينية والفرنسية التى تلقاها تحت سماوات الغرب لما تمكن فى 3491 من إعداد دراسته المحكمة عن النقد المنهجى عند العرب، التى كانت بمثابة فتح جديد فى تناول النقد العربى القديم، انتفع به كل من كتب عن هذا التراث النقدى والأدبى، دون أن يستطيع أحد أن يتجاوزه فى أحكامه عليه وبيان مواطن الخصوصية فيه، ولا وُجد من يسبقه فى تاريخنا بهذه الدرجة من العمق والشمول.
ولقد حاول مندور أن يقدم دراسة شاملة عن النقد والنقاد المعاصرين، على غرار ما قدمه عن النقد العربى القديم، وبدأ بالفعل هذه الدراسة بالكتابة عن سبعة نقاد جُمعت فى كتابه «النقد والنقاد المعاصرون» (4691)، ولو امتد به العمر لاستكمل هذه الدراسة التى أراد بها تغطية النقد المعاصر، كما غطى النقد القديم.
ويُذكر لمندور أيضا أن منهجه النقدى العام الذى دعمته ثقافته الغزيرة يقوم على البناء والتركيب، وليس على الجمع والتصنيف، وأن هذا المنهج لم ينشأ ويتحقق فقط من اطلاعه على الدراسات الأجنبية والأبحاث العالمية، وإنما ساهم فى تشكيله وتطويره ملكاته وتجاربه السياسية ومعارفه على الطبيعة فى حياته العملية المرتبطة بالشعب.
وإذا كان مندور من النقاد الذين يحتفلون بالنص وقيمه الجمالية التى يتميز بها، فإنه لم يغفل فى نقده المضمون الفكرى والرؤية الأيديولوجية التى لا تقف عند الشكل وعناصره الداخلية، ولكن تلتفت إلى المنابع والأصول، من خلال التحليل والتفسير، مقدما دائما الطبع والفطرة على المحاكاة والتصنع، والعبقريات الفنية التى تتخطى القواعد على المواهب الضعيفة التى تتقيد بها.
وحق المبدع فى التعبير يقابله فى نظر مندور حق الناقد فى تقييم هذا التعبير، لأن شخصية الناقد وقناعاته تختلف عن شخصية المبدع وقناعاته. والحقوق لكل منهما محفوظة، لا تتجزأ.
وبهذا الحق يدعو مندور نقاد الأدب للكتابة عن الفنون التشكيلية التى تخضع كما يخضع الأدب للمبادئ الفنية نفسها، وتتراوح كالأدب بين الموضوعية والذاتية.
ولم يرفض مندور مذهب الفن للفن، من منطلق أن العناصر الجمالية البحتة تثير فى المتلقى من المشاعر والأحاسيس ما يستحق أن نقدره، ولا ضير منه على أدبنا وفنوننا مادام أنه ينفى القبح وينشر الجمال، وهما من وظائف الإبداع الأساسية.
أما تيارات اللامعقول والعبث الغارقة فى التشاؤم واليأس، فلم يكن مندور يتقبلها، لأنه رآها معادية للإنسان، كما رأى فى الرومانسية ميوعة وتهافتا عاطفيا وانغلاقا على الذات الفردية، يأتى على حساب الموضوع الذى يجب ألا تنفصل فيه ذات الفرد عن المجتمع.
وعلى المستوى السياسى البحت، رأى مندور فى الديمقراطية الليبرالية تخليا عن التزام الدولة بالتشريعات التى يتعين عليها أن تصدرها باسم الأمة.
وحين تتوافر الدراسات الكاملة عن مندور، سنجد أن كتابه النقدى الأول «فى الميزان الجديد» لا يفترق كثيرا فى مضمونه عن الكتب والمقالات التى نشرت له فى سنواته الأخيرة، متسمة بعمق الرؤية ونضجها.
وقبل أن يرحل محمد مندور، كان النقد الأيديولوجى قد استولى على الساحة، ممثلا فى كتاب «فى الثقافة المصرية» (5591) لمحمود أمين العالم، وعبدالعظيم أنيس، مؤكدا مسيرة النقد الأدبى النظرى والتطبيقى، التى اهتدى إليها مندور بعد رحلة طويلة.
وإذا كان هناك من يأخذ على مندور بسبب عمله فى الصحافة العجلة فى الكتابة، فمن المقطوع به أن هذه العجلة لم تؤثر على سلامة موقفه النقدى، أو تبتعد به عن دوائره الفكرية، ومبادئه الأساسية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.