أطلت علينا ثورة 25 يناير بأزهي صور الديمقراطية والتعبير عن الرأي وحقوق المواطنة وإحترام الحريات عندما فتحت اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية باب الترشح لمنصب رئيس الجمهورية على مصرعيه امام جموع الشعب المصري ليتقدم وينطلق من يري فى نفسه رئيس مصر القادم . احلام البسطاء والكادحين والمقهورين دفعتهم للتقدم للترشح لهذا المنصب الرفيع بغض النظر عن مؤهلاتهم وقدرتهم وامكانيتهم اوحتى الكاريزما التى يجب يتحلى بها شخص الرئيس. مفارقات ومفاجآت كثيرة شهدتها لجنة الانتخابات الرئاسية مع بداية فتح الباب للترشح ولا زالت فى تزايد فهناك, مرشحون جاءوا يبحثون عن شهرة إعلامية ,أكثر من رغبتهم الحقيقة للمنافسة على المنصب , فهم يعلمون علم اليقين أنهم لن يستمروا حتى نهاية الجولة او حتى يستطيعوا الحصول على توقيع 30 ألف مؤيد أو 30 عضو برلماني . وآخرون حضروا ب "الشبشب" و" الجلباب " و" الموتوسيكل " ونماذج إخري ولا داعى لذكرهم ! فلا تتعجب فهذه هى الديمقراطية !!!! وتوالت المفارقات عندما شهدت عملية التقديم حضورا لافتا من جانب أصحاب المهن والحرف المختلفة سعيا منهم للتغيير على حد تعبيرهم ، مرورا بالصحفيين، والمحامين، والمهندسين، والضباط المتقاعدين، كل هذه الطوائف جاءت لتؤكد ان منصب الرئيس ليس منصب ألهى يقتصر على الالهة وأبناءهم على غرار النظام الفرعوني القديم كما قال لى احد شباب الثورة . بالطبع لن نندهش من هذا الكم الهائل الذي تقدم على الساحة الانتخابية فنحن فى عصر الحرية والثورة ولكن السؤال الذي يطرح نفسه اذا كان الجميع مرشحين فأين الناخبون ؟؟ هذه ليست دعوة للإحباط أو اليأس او التراجع سيدى المرشح المحتمل ,ولكن عليك إعادة النظر فالحلم يسير والحمل ثقيل . والسؤال الاهم : هل هؤلاء المتقدمون لديهم ما يؤهلهم لذلك المنصب ام باحثون عن دور أو لديهم حب الظهور أمام كاميرات الفضائيات وعدسات الصحف ووسائل الإعلام؟ هذا الحديث لم يأت إعتباطا أو هزلا فقد قادت الصدفة البحته أحد المرشحين للرئاسة والمغمورين عندما جاء لجريدتنا الغراء ليساءل عن المحررين بالقسم السياسي ووجهته الاستعلامات لي فسألته سبب هذه الزيارة فقال انه جاء لنشر برنامجه الانتخابى ولعمل حوار معه لكى يتعرف عليه الناخب. وكانت الطامة الكبري حينما ناقشناه انا واحد الزملاء بالقسم فوجدناه اميا من حيث ثقافته السياسية والعامة فلم يعرف متى تنحى الرئيس مبارك ؟!!! اوحتى من هو أول رئيس لجمهورية مصر العربية , فهذا هو احد نماذج المرشحين ؟ فهل هذا يليق بسمعة مصر ان يأتى مرشح يجهل حتى المعلومات العامة ؟!! مما لا شك فيه ان هناك ثمة محاولة لتشويه عملية الترشح لأرفع منصب في مصر، لتلفت انظار العالم الينا لينتقد ثقافتنا وحضارتنا العريقة فى اهم وادق لحظة فارقة فى تاريخ مصر ,وتجعل من انفسنا «فُرجة» على الفضائيات العالمية والمحلية وخاصة الفضائيات التى تنتهز ابسط الفرص والتي تستخدمها في تشويه صورة مصر امام العالم , وكلنا نعرفها ؟ المهزلة التى رأينها لا يمكن بحال من الاحوال تجاهلها أوالصمت عنها ولا يمكن ان تكون تعبيرا حقيقيا عن الديمقراطية والحرية التى افتقدها هذا الشعب على مدارعقود طويلة من الزمان . يا عزيزي الرئيس المحتمل ليس هذا مفهوم الحرية , فنحن نجيد اساءة استخدام هذا المفهوم ,ونجعله سلعة نتاجر بها . انا معك فى انه من حقك القانونى الترشح لأى سبب تراه من وجهة نظرك فهل تعلم حجم المسؤلية التى ستقع على عاتقك ؟وهل لديك من المؤهلات والخبرات والتجارب الناجحة فى أي مجال من المجالات المختلفة ؟ وهل لديك قدر كافى من اللغات او المهارات او حتى قدر ضئيل من المعلومات العامة ؟ هل تريد ان تحمل اثقال وهموم 85 مليون مواطن ؟ وانت لا تستطيع أن تحمل ثقل نفسك ؟؟؟؟ الله اعلم انا لا أقلل من قيمة من تقدم من ذوي الحرف والمهن الحرة وغيرهم ولكننا فى فترة حرجة تمر بها البلاد فبدلا من التزاحم والتلاحق فى طوابير عريضة بحثا عن أدوار اعلامية لنفتت اصواتنا لمصلحة من ؟ ان مصر تتألم مما جري ويجري بها , أتقوا الله فى مصر وفى أنفسكم , ودعونا نتكاتف ونتحد ونلتف حول شخصية وطنية تتقى الله فينا وترعي مصالحنا وتعبر بنا الى بر الامان والا ؟؟؟؟ فمنصب الرئيس ليس اقل من منصب وكيل نيابة او دبلوماسي او ضابط شرطة وكلنا نعلم الشروط العثرة للتقدم لهذه المناصب الرفيعة فهل منصب الرئيس اصبح هزليا بهذا الشكل المهين . فالمشهد الانتخابى لم يكن على الاطلاق لمنصب رئيس الجمهورية بل هو منصب لوظيفة شاغرة عادية لكل ابناء الشعب المصري وبدون مؤهلات ويتكالب عليها الجميع . فعليك أن تعلم سيدى المرشح المحتمل أن الولاية في الإسلام لا تعطى لمن يطلبها، ولا ينبغي أن يستشرف لها من ليس أهلاً لها؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال فى حديثه: (إنا لا نعطي هذا الأمر من سأله) وقد قال ايضا (يا أبا ذر ! إنها أمانة وإنها يوم القيامة خزي وندامة، إلا من أخذها بحقها وأدى الذي عليه فيها). فليست المسألة أن نسارع إلى أمر نظنه هيناً، إنها أمانة عظيمة، ومسئولية جسيمة ومهمة دقيقة، و اخيرا سيدى المستشار فاروق سلطان رئيس اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية لماذا لم ترهن سحب طلبات التقدم بشروط الترشح وفتحت المجال والباب أمام سحب الطلبات لتحد من السماح للمتقدمين من اصحاب النوايا الغير جادة للترشح لهذا المنصب الرفيع. أرجوك سيدى المستشار ان توقف هذه المهزلة فالعالم كله يشاهدنا وينتقدنا ونحن لسنا فى حاجة الى ذلك وكفانا " فرجة" المزيد من مقالات حازم أبودومة