طالب علماء الدين بالإسراع بصياغة تشريع ينظم عملية الإفتاء ويحدد الشروط والضوابط لمن يتصدى لتلك المهمة الجليلة، وذلك تنفيذا لما جاء فى حكم محكمة القضاء الإدارى الصادر أخيرا، والذى نبه إلى غياب تشريع قانونى ينظم أمور الإفتاء ويحدد شروط المفتين. وأكد علماء الدين أن تقنين عملية الفتوى وحصرها فى دار الإفتاء ووضع تعريف قانونى وتشريعى لمن يفتى فى أمور الدين هى السبيل للقضاء على فوضى الفتاوى وإنهاء حالة البلبلة التى تثيرها فتاوى الدخلاء على شاشات الفضائيات. وكانت محكمة القضاء الإدارى قد فجرت مفاجأة من العيار الثقيل، حين أعلنت أن المشرع الوضعى لم يضع تعريفا (للمجتهد)، وأن هناك فراغاً تشريعياً - وليس شرعيا- بشأن إيجاد تنظيم تشريعى متكامل لعملية الإفتاء فى المجتمع المصري، وهو ما يسبب مشكلات جمة، وطالبت بإيجاد تنظيم تشريعى عاجل متكامل لعملية الإفتاء فى المجتمع المصري. وأيدت الدكتورة سعاد صالح، أستاذة الفقه المقارن بجامعة الأزهر، حكم المحكمة وطالبت بإيجاد تنظيم تشريعى متكامل لعملية الإفتاء فى المجتمع المصري، لكل من توافرت فيه الشروط وملم بالقرآن الكريم وعلاقة السنة بالقرآن والمسائل التى حدث فيها اختلاف والمسائل التى لم يحدث فيها اختلاف، والاطلاع على المسائل العصرية والإلمام بها. وفى سياق متصل يقول الدكتور إسماعيل الدفتار، أستاذ الحديث بجامعة الأزهر وعضو هيئة كبار العلماء، إن إيجاد مثل هذا التنظيم التشريعى أمر محتم نظرا لاضطراب الأفكار وتشتت الاتجاهات وتنوع الاجتهادات حسب المؤثرات التى يتعرض لها كل إنسان وأيضا فإن العملية الإعلامية الطاغية فى أنحاء الأرض وكذلك سرعة نشر ما يعن للإنسان بوسائل الاتصالات المتنوعة تحتم أيضا وجود ضوابط تضبط عملية الإفتاء حتى لا يكون هناك ثغرة يمكن أن يضلل منها الناس ويصرفوا عن سواء السبيل. وأشار الدكتور الدفتار إلى أنه ليس كل إنسان يصلح أن يكون مجتهدا ولابد للمجتهد فى أى أمر دينى أن يكون على وعى وعلم بما جاء به الدين فى هذا الأمر وعلى وعى وعلم بواقع الأمر فى هذه الحياة . وحتى إذا نظرنا إلى القواعد الفقهية التى تكلم عليها السابقون فى إصدار فتوى أو تقرير الأحكام الفقهية نجد أنهم يعبرون بأنه ينبغى أن تراعى ما آلت إليه العواقب التى ينتهى إليها أمر الناس فى الأخذ بالأمر الذى يقرره هذا المجتهد، ومن أجل ذلك نجد القواعد الفقهية التى تتكلم عن اجتناب الضرر فى الحال أو فى المآل، تحتم ذلك، وكذلك لسد باب الذرائع التى يمكن أن يدخل منه من يريد أن يعيث فى الأرض فسادا. وأكد أن الحكم الإدارى الذى قضى بقصر الفتوى الدينية بمصر على علماء الأوقاف والأزهر، أمر يفرضه الواقع ولا تفرضه مبادئ شرعية، وإنما كما أشرنا بالنظر إلى واقع الأمر من جانبه الصحيح، فليس الأمر غلقا لباب الاجتهاد وليس الأمر احتكارا للاجتهاد وإنما تركيز لمن يصلح أن يكون مجتهدا. من جانبه يقول الدكتور عبدالفتاح إدريس، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، إن قصر الفتوى الدينية بمصر على علماء الأوقاف والأزهر، كان بسبب الدراسة التى درسها هؤلاء العلماء، وهى دراسة شرعية بحتة، بالإضافة إلى القانون ولأجل هذا فإن الذى يصلح لهذا العمل هو من درس علوم الشريعة وعلوم القانون، ولم يدرس هذه العلوم إلا خريجو الأزهر فقط، حتى الذين يدرسون فى كليات الحقوق إنما درسوا النزر اليسير من العلوم الشرعية، وينبغى أن يوكل الأمر لأهله وهم علماء الأزهر.