هل يحق لأي إنسان أن ينهي حياة الآخرين عندما يريد أن يتخلص منه "براحته"؟!.. للأسف هذا ما يحدث بشكل كبير في أيامنا الحالية التي أصبحنا نسمع ونري فيها مالا كنا نتوقع حدوثه. والتي عندما كانت تخطر ببال أحد كنا نقول حينها " لو حصلت تبقي القيامة قامت"، حتي جاء اليوم الذي حدثت فيه لكن القيامة لم تقم بعد، لتضعنا أمام علامة استفهام كبيرة تملأها الحيرة الممزوجة بالحسرة ما هي الأسباب التي تكمن وراء تجرد الآباء من مشاعر الإنسانية وقتل أبنائهم عمداً؟!. بدأت فصول المأساة عندما تقدم "هاني" ذو 35 عاما، للزواج منذ 15 عاما، إلا أنه لم يمر سوي عام علي زواجه حتي طلق زوجته، التي عانت بعد طلاقها"الأمرين"معه وبعد طلاقه حيث كان دائم الاعتماد علي أموال والده في الإنفاق علي أسرته، وعندما مات والده وورث عنه أموالاً كثيرة لم يفكر في استثمارها أو توظيفها توظيفا حسنا يضمن به عيشة كريمة له ولأسرته، بل فضل أن يكون "عاطل" كي يتمتع بأموال ابيه، وسرعان ما اتجه إلي طريق"الهلس" والضياع وأنفق معظم ثروته علي النساء وتعاطي المخدرات، مما جعله يمارس علي زوجته جميع أنواع التعذيب والتنكيل بها حتي استاحالت العيشة بينهما انتهي الأمر بطلاقهما وانفصالهما عن بعض. وأسفر هذا الزواج غير الناجح عن إنجاب طفلة شاء قدرها أن تأتي للحياة كي لا تعيش حياة كريمة بل جاءت لتدفع ثمن أخطاء والدها في حق والدتها وحقها كأبنة، حيث أصر والد الفتاة أن يأخذ طفلته التي لم يتخط عمرها أياما قليلة، ووافقت والدتها أن تعطيه الطفلة، ثم سرعان ما تزوج الأب من امرأة أخري كانت متزوجة قبل ذلك ولديها أطفالا، وتعمد هذا الأب أن يحرم أم طفلته من رؤيتها. وزيارتها بعد الانفصال عنها. وفي اللحظة التي علمت فيها أم الطفلة أخبارا عن ابنتها ذات ال (12 عاما) كانت عندما توجه إليها ضباط من قسم شرطة البدرشين إلي منزل جد الطفلة لأمها وأبلغوهم بالكارثة الكبري بأن "هاني" والد الطفلة قد قتل ابنته وهرب برفقة زوجته الجديدة إلي الإسكندرية، وبكل ثبات غير عابئ بجريمته النكراء ولا نادما عليها روي الأب القاتل تفاصيل قتل ابنته فلذة كبده، قائلا:"كنت نائما في غرفتي واستيقظت علي صراخ زوجتي بالمنزل،قائلة لي: "أصحي يا بيه شوف الهانم بنتك إللي مش راضية تساعدني في البيت وتغسل معايا المواعين.. هو أنا بنت الخدامة إللي جابها لها أبوها".. فاستطرد الأب قائلا: "فأسرعت نحو ابنتي وربطتها بالحبل بمساعدة زوجتي، ووضعنا أسلاك الكهرباء في جسدها وذلك وسط توسلات وصراخ لم تشفع لها عندي ولم تحرك قلبي تجاهها حتي ماتت من كثرة التعذيب.. وعندها أصابتني حالة من الخوف، ونصحتني زوجتي بالهرب، تركنا ابنتي الطفلة ملقاة علي"الكنبة" "قاطعة النفس" وهربنا للإسكندرية"، وتبين أنه كان يعمل "بوابا" وارتكب عدة جرائم سرقات للشقق بالإسكندرية بتحريض من زوجته الجديدة التي كانت سبب نكبته منذ أن تزوج منها. وظل لسان حال الأب القاتل يردد قائلا:"فيه حد في الدنيا يقتل ضناه.. دي آخرة إللي يمشي ورا الحريم.. خلتني أقتل ضنايا وأهرب وأسرق وأعمل كل حاجة وحشة.. أنا السبب بعدما سبت لها نفسي.. هي تفكر وأنا أنفذ لحد ما حسيت إني زي الحمار إللي مربوط بحبل.. ويوم الحادث حرضتني علي ابنتي بسبب عدم غسيلها للمواعين فكهربتها حتي ماتت". وبدموع الأم المكلومة التي حرمها زوجها من رؤية ابنتها منذ انفصالهما، وعندما علمت أخبارا عن ابنتها كانت جثة متعفنة علي "كنبة" اتشتم الجيران رائحة جثتها فأبلغوا الشرطة التي عثرت عليها في حالة تعفن كامل، قالت أم الطفلة المقتولة:"منه لله حرمني من ابنتي وهي عايشة وحتي لما مامت ما شوفتهاش.. لا يمكن يكون ده أب ده شخص مستهتر ما يعرفش المسئولية.. هو فيه حد في الدنيا يقتل ضناه لعدم مساعدة زوجة أبيها في البيت وغسل المواعين"، واستطردت قائلة:"لم أكن أعرف "هاني" قبل الزواج ولم ألتق به، تقدم للزواج مني ووافقت أسرتي ورضخت، كنت أتعشم أن يكون الزوج المخلص العاقل الذي يصون ويتحمل المسئولية، لكن حول حياتي لجحيم وانتهي الأمر بالطلاق ثم قتل طفلتي". قررت نيابة البدرشين برئاسة المستشار رامي منصور، وبإشراف المحامي العام الأول لنيابات جنوبالجيزة، المستشار ياسر التلاوي، حبس الأب القاتل وزوجته 4 أيام علي ذمة التحقيقات، لاتهامهما بممارسة تعذيب ابنة الأول بصعقها بالكهرباء مما أدي لمصرعها. فهناك أصحاب عقول مادية لا يؤمنون إلا بالمادة ولا مكان للعاطفة عندهم، وهؤلاء لا يتورعون عن انتهاك حريات الآخرين خصوصا حقهم في الحياة دون وازع ضمير بل تجردوا من بقايا الضمير الساكن في فطرة الإنسان منذ أقدم العصور، بل وهناك الكثير أيضا ممن يحملون الاسم ولا يحملون الإنسانية، وقلوبهم قاسية كالحجارة أو أشد قسوة وإن كان من الحجارة ما يتفجر منها الأنهار.. لا الغدر والغل والانتقام.