البرازيل ليست كغيرها من الدول الأجنبية التى تعيش بها أقليات إسلامية، فهنا لا تستطيع التميز بين هذا أو ذاك على أساس الجنس أو اللون أو العرق أو الديانة، الجميع يعيشون فى انسجام تام وحرية مطلقة لا تمس بمعتقدات الآخرين من قريب أو بعيد .. وفى الولاياتالبرازيلية المختلفة التى يعيش بها نحو مليون ونصف المليون مسلم 70% منهم يتركزون فى ولاية» ساوباولو» يمارسون شعائر الدين بحرية تامة، حتى الأطعمة الحلال المذبوحة على الطريقة الإسلامية بإمكانك ان تجدها بسهولة فى أى مكان. وهناك أيضا يوجد نحو 40 مركزا إسلاميا و120 مسجدا جميعها تعمل فى إطار من الحوار والتعاون المشترك والدعم المالى الذى تتلقاه من ابناء الجالية العربية والإسلامية دون صراع أو خلاف مذهبى قد يتلجى ويبرز فى اى من الجاليات الإسلامية بالدول الأخري. محمد الزغبى رئيس اتحاد المؤسسات الإسلامية فى البرازيل يؤكد أن الإرهاب الذى يمارسه تنظيم «داعش» أساء كثيرا إلى صورة الإسلام والمسلمين فى البرازيل ومختلف دول العالم، ويطالب فى حوار خاص ل: «الأهرام» الأزهر الشريف بمد يد العون والمساعدة للمراكز الإسلامية فى البرازيل وتلبية حاجتها بالدعاة المؤهلين والكتب الإسلامية الصحيحة التى تعرفهم بأمور دينهم. كما يكشف عن طبيعة العلاقة بين الاتحاد والمؤسسات البرازيلية وواقع المجتمع الذى يعيشون فيه. والى نص الحوار .. ماذا عن أوضاع المسلمين ومؤسساتهم فى البرازيل ؟ لا توجد إحصاءات دقيقة بأعداد المسلمين، غير أن الكثير من المصادر تقدر أعدادهم بحوالى مليون ونصف المليون مسلم، ويتمركزون فى ولاية ساوباولو حيث يوجد فيها 70%من المسلمين، ثم ولاية بارانا، ثم بقية الولايات ريو جراندى دوسول باهيا، ريو دى جانيرو . وواقع الجالية اليوم يبشر بالخير، حيث توجد نهضة دعوية فى جميع الولاياتالبرازيلية، ويوجد لدينا اليوم 120 مسجدا ومصلي، وحوالى 65 داعية وشيخا وهو عدد قليل إذا ما قورن بعدد المسلمين وانتشارهم داخل البرازيل، كذلك تنشط الجالية فى إنشاء المدارس لعلمها بأهمية هذه المحاضن التربوية، وبدأت بعض المؤسسات الإسلامية تسير نحو المهنية والاحتراف وهذا يبشر بالخير. ما هى الأعمال والمنجزات التى حققها الاتحاد فى مجالات التعليم الإسلامي؟ استطاع الاتحاد أن يقوم بعمل نقله نوعية فى مجال التعليم الإسلامى من خلال مشروعه «إعرف الإسلام» والذى يقوم على أساس نشر المعرفة بالدين الإسلامى وحضارته وعطائه للبشرية، من خلال الكثير من المناشط بين أبناء الجالية والمجتمع البرازيلي. ويتمثل هذا النشاط فى طاولات الدعوة التى تنتشر فى الشوارع والمحاضرات والندوات داخل الجامعات والمدارس، والدورات الخاصة فى المراكز الإسلامية وبين أصحاب القرار من خلال وزارة الخارجية البرازيلية، ويتم توزيع الكتاب الإسلامى باللغة البرتغالية ومقاطع الفيديو والنشرات المختلفة التى تعرض الإسلام بطريقة حديثة ومبسطة. ما مدى تأثير «داعش» وأخواتها على صورة الإسلام فى البرازيل؟ تأثير سيء جدا حيث تصل صورة لأناس يدعون أنهم يمثلون الإسلام وللأسف الشديد يتوجب عليك أن تبذل جهودا كثيرة من خلال وسائل الإعلام المختلفة حتى توضح الصورة الحقيقية للدين الإسلامى وأن هؤلاء لا يمثلونه وأعمالهم لا تمت له بصلة تدل على عدم فهم الدين الإسلامى ولا تمت للإسلام بصلة . ما هى الجهود التى تبذل من أجل التعريف بمبادئ الإسلام ودحض الشبهات والافتراءات عنه؟ يبذل الاتحاد جهودا كبيرة فى هذا المجال من خلال توزيع الكتاب الإسلامى باللغة البرتغالية مجانا على قطاع كبير من البرازيليين وتصل الطلبات شهريا إلى 1500 طلب، ويشارك الاتحاد فى الكثير من الندوات التى تقام للتعريف بالإسلام ودحض الشبهات المختلفة، ويتواصل بصفة مستمرة مع وسائل الإعلام المختلفة لبيان صورة الإسلام والتعريف به فى المحافل والمناسبات داخل البرازيل وخارجها. وماذا عن متابعة شئون المساجد والجمعيات الإسلامية فى أنحاء البرازيل؟ يضم الاتحاد فى عضويته 40 مركزا ومسجدا فى جميع الولاياتالبرازيلية، ويقوم الاتحاد بتقديم المساعدة المادية لكثير من هذه المؤسسات إضافة لإقامة والدورات التعليمية ومدها بالكتب وتغطية المساجد التى تحتاج للأئمة، غير أن الاتحاد لا يتدخل فى الشئون الداخلية الخاصة بكل مؤسسة من تلك المؤسسات. ما وجه التعامل مع الدولة البرازيلية فى إطار خدمة الأقلية المسلمة ؟ هل هناك معوقات؟ يتمتع الاتحاد بشبكة من العلاقات الممتازة مع الدولة البرازيلية على جميع المستويات، ولا توجد أى معوقات فى هذا الجانب، ويبذل الاتحاد الجهود لتعريف أركان مؤسسات الدولة على الدين الإسلامى من خلال الكثير من المناشط، وكذلك يحرص الاتحاد على الحضور والمشاركة فى المناسبات الوطنية المختلفة للدولة البرازيلية، ويضع جميع إمكاناته لتسهيل التواصل بين الدولة وأبناء الجالية المسلمة. كما تعلمون هناك موجة من الإرهاب باسم الدين ما هى جهودكم فى مكافحة ومواجهة الفكر المتطرف؟ يبذل الاتحاد جهودا كثيرة للتعريف بالإسلام بصورة صحيحة بعيدة عن الفكر المتطرف والذى يؤدى إلى الموجات الإرهابية التى تشوه صورة الإسلام، فهو يحرص على تأمين المشايخ والدعاة للمراكز الإسلامية المختلفة ويشترط أن يكونوا من خريجى الجامعات الإسلامية وعلى صلة بالمؤسسات الموثوقة مثل الأزهر الشريف ووزارات الأوقاف المختلفة ورابطة العالم الإسلامي. ويحرص الاتحاد أن تكون هناك مشاركة من سفارات الدول المختلفة فى المشاريع الخيرية التى تدعم ماليا من الخارج حتى لا يتسرب هذا الدعم لجهات متطرفة، وكذلك من خلال الموقع الإلكترونى والكتب التى يوزعها الاتحاد يحرص على أن تكون لغة الخطاب بطريقة عصرية ومعتمدة من المرجعيات الموثوقة كالأزهر الشريف. كيف ترون الحل لمواجهة «الإسلاموفوبيا»؟ الحل فى مواجهة الإسلام فوبيا هو مزيد من الحوار والتعايش السلمى وإقصاء هؤلاء الذين يثيرون الفتن باسم الدين، وأن تعمل المؤسسات الدينية فى العالم الإسلامى على تقوية التواصل مع المؤسسات العالمية فى الغرب، وأن يكون هناك خطاب دينى يتماشى مع العصر. من وجهة نظرك ما هى آليات الحوار مع الآخر؟ خاصة الآخر المختلف فى الدين؟ الاحترام المتبادل وعدم التهميش، «لكم دينكم ولى دين»، البرازيل بلد يحتضن الكثير من الثقافات والأديان ويضرب به المثل فى التعايش السلمى بين الطوائف والأديان المختلفة، لأن هناك تشريعات وتربية تحمى هذه الحقوق والواجبات. كيف تقيمون دعوة الرئيس المصرى بخصوص تجديد الخطاب الديني؟ الخطاب الدينى يحتاج إلى تجديد خصوصا الخطاب الموجه للغرب، وبلا شك فإن الثوابت لا تتغير ولا تتبدل، وإنما التجديد يتناول إنزال هذه النصوص على أرض الواقع بشكل يتوافق مع متطلبات العصر. ما هو المطلوب من الأزهر الشريف الآن؟ الأزهر الشريف هو مرجعية المسلمين العلمية والشرعية والدينية ودوره عظيم جدا، ونحن ننتظر منه الكثير والكثير، حبذا لو قام الأزهر بزيادة التواصل مع الجاليات المسلمة فى شتى بقاع الأرض من خلال الدعوة لمؤتمر عالمى للأقليات المسلمة، يتبنى من خلاله آلية للتواصل وتذليل العقبات لتك الجاليات وإنشاء إدارة خاصة لمتابعة جميع الاحتياجات للأقليات المسلمة فى العالم. أدى الخلاف بين السنة والشيعة فى العالم العربى والإسلامى إلى صراع طائفى هل نحن بحاجة الآن إلى توحيد المذاهب ونبذ الخلافات؟ نحن بحاجة لرص الصفوف والتعايش السلمى بين جميع الطوائف والديانات المختلفة، فحق المواطنة هو الأساس وكل له دينه ومعتقده مع كامل الاحترام للآخرين. ما دور المؤسسات الإسلامية بالبرازيل فى دعم القضايا العربية والإسلامية؟ المؤسسات الإسلامية فى البرازيل تهتم بما يحدث فى العالم العربى والإسلامى وتحاول توظيف آليات للتعاطف مع قضايا العادلة وفى مقدمتها قضية فلسطين. كيف ترون دعم الجاليات العربية بالبرازيل للمؤسسات الإسلامية؟ الجاليات لا تتخلف عن الدعم فكثير من المشاريع يتم تمويلها من قبل أبناء الجالية العربية، والجالية بشكل عام تعيش حالة من الانسجام والتفاعل بغض النظر عن تنوع الأديان أو المذاهب. يقول البعض ان نشاط المؤسسات الإسلامية يتركز أكثر على الذبح الحلال وغير مهتمة بتصحيح مفاهيم الدين، أو الاهتمام بتعليم اللغة العربية لغة القرآن الكريم؟ هذا الكلام غير صحيح، حيث توجد لدى الاتحاد على سبيل المثال إدارة كاملة للشئون الإسلامية لها مشاريع مختلفة بين تعليمى ودعوى وثقافى وخيري. كيف ترون تجربة الإسلام السياسى فى الحكم بعد الربيع العربي؟ منهجية الاتحاد أن يبتعد تماما عن الأمور السياسية الداخلية للبلدان العربية والإسلامية، لأن الأمور شائكة ويفضل الاتحاد سياسة ترك الأمور لأهل البلاد لكى يرون ما هو مناسب، وهذا يعود للتوافق العام وبحسب كل بلد.