عانت القارة الأفريقية على مدى قرون من الجهل والفقر والمرض. ومع مطلع القرن ال21 شرعت دول القارة فى الإهتمام بقضية السلم والأمن إنطلاقا من تأثيرها المباشر على برامج التنمية وحركة رؤوس الأموال والموارد البشرية. فبوجود السلم والأمن تنجح برامج التنمية وتتزايد تدفقات رؤوس الأموال ويتم توظيف الموارد البشرية بما يخدم المجتمعات والإقتصاديات المختلفة. وإدراكاً من القادة الأفارقة لهذه المخاطر، قرروا خلال انعقاد القمة الأولى للإتحاد الأفريقى التى عقدت فى مدينة ديربان بجنوب أفريقيا عام 2002 إنشاء "مجلس السلم والأمن الأفريقي"، وأقرت القمة البروتوكول الخاص بإنشاء المجلس، ودعت الدول الأعضاء إلى التصديق عليه. وفى مايو2014 إحتفلت القارة بمرور عقد كامل على تدشين المجلس. وسنحاول هنا الإجابة عن بعض الأسئلة المحورية المتعلقة بمجلس السلم والأمن الأفريقي، مثل: ما هو دور مجلس السلم والأمن الأفريقي؟ وما مدى فعاليته؟ وما هى أهم الصراعات الحالية التى يمكن أن يتدخل لحلها؟ ان مجلس السلم والأمن الأفريقى هو جهاز دائم من أجهزة الإتحاد الأفريقى لصنع القرارات بشأن منع النزاعات وإدارتها وتسويتها داخل الإتحاد ويعد مجلس السلم والأمن من ترتيبات الأمن الجماعى والإنذار المبكر لتسهيل الاستجابة الفعالة وفى الوقت المناسب لأوضاع النزاعات والأزمات فى أفريقيا. ومجلس السلم والأمن مدعوم من المفوضية وهيئة للحكماء وكذلك نظام قارى للإنذار المبكر وقوة أفريقية جاهزة وصندوق خاص. تتمثل الأهداف التى نشأ من أجلها مجلس السلم والأمن فيما يلى : أ- تعزيز السلام والأمن والاستقرار فى افريقيا. ب- ترقب ومنع النزاعات وفى حالات حدوث النزاعات تكون مسئولية مجلس السلم والأمن هى تولى مهام إحلال وبناء السلام بغية تسوية هذه النزاعات. ج- تعزيز وتنفيذ الأنشطة المتعلقة ببناء السلام وإعادة التعمير فى فترة ما بعد النزاعات وذلك لتعزيز السلام والحيلولة دون تجدد أعمال العنف. د- تنسيق الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب الدولى بكافة جوانبه. ه - وضع سياسة دفاع مشترك للإتحاد. و- تعزيز وتشجيع الممارسات الديمقراطية والحكم الرشيد وسيادة القانون وحماية حقوق الإنسان وحرياته الأساسية واحترام قدسية حياة الإنسان والقانون الإنسانى الدولى وذلك كجزء من الجهود الرامية إلى منع النزاعات. أما المبادئ التى تأسس عليها المجلس فهى كما يلي: أ- التسوية السلمية للنزاعات. ب- الاستجابة المبكرة للأزمات. ج- إحترام سيادة القانون والحقوق والحريات الأساسية للانسان والقانون الانسانى الدولي. د- الربط بين التنمية الاقتصادية والاجتماعية وأمن الشعوب والدول. ه- احترام سيادة ووحدة أراضى الدول الأعضاء. و- عدم التدخل من جانب أى دولة عضو فى الشئون الداخلية لدولة أخري. ز- المساواة والترابط بين الأعضاء. ح- الحق الثابت فى الوجود المستقل. ط - احترام الحدود الموروثة عند نيل الاستقلال. ي- حق الاتحاد فى التدخل فى أية دولة عضو بقرار صادر عن مؤتمر رؤساء دول وحكومات الإتحاد الأفريقى فيما يتعلق بظروف خطيرة. ك- حق أية دولة عضو فى أن تطلب التدخل من الإتحاد بغية إستعادة السلام والأمن وذلك طبقاً للقانون التأسيسي. وعند تناول فعالية المجلس يمكن تحديد عدد من المعوقات الأساسية وهى كما يلي:معوقات التمويل، ونقص الدعم اللوجستي، وضعف التنسيق بين الأطراف المعنية، وعدم كفاية الاتصال والوصول للمعلومات، ومحدودية الإرادة السياسية فى اتخاذ القرار، واستمرار تدفق السلاح والأسلحة الخفيف، وضعف الاستراتيجيات المتعلقة بإعادة البناء فى مرحلة ما بعد النزاعات، بالإضافة إلى الضغوط والتدخلات الخارجية. وفيما يتعلق بالصراعات الحالية التى يمكن ولو نظريا أن يتدخل المجلس لحلها فتتمثل فى أزمات كل من: ليبيا، وأفريقيا الوسطي، شمال السودان (النيل الأزرق وكردفان ودارفور)، وجنوب السودان، والصومال، والأزمة الإثيوبية الإريترية، ومالي، وشرق الكونغو الديمقراطية، وأزمة الإيبولا، ومكافحة الإرهاب خاصة فى منطقة الساحل وشمال نيجيريا والمناطق الحدودية بالكاميرون.