نحو مجلس موحد للسلم والأمن العربي والإفريقي د. أحمد يوسف القرعي في وقت تعثر فيه استئناف انعقاد القمة العربية الافريقية طوال30 عاما, أي منذ انعقاد القمة الأولي بالقاهرة في مارس1977, فإن مواجهة الأحداث الساخنة علي الساحتين العربية والافريقية أحوج ما تكون الآن واكثر من أي وقت مضي إلي عمل مشترك يحافظ علي شئون السلم والأمن العربي والافريقي نظرا لتلاحم الوطن العربي والقارة الافريقية أرضا وشعبا.. حضارة وتاريخا. ويكفي الاشارة إلي معاناة دول المنطقتين من التهديدات الموجهة لأمنها وسلامتها واستقلالها وسيادتها ووحدة ترابها الوطني وفي مقدمتها قضايا السودان في دارفور والصومال... الخ. وغيرها من قضايا منازعات الحدود والحروب الأهلية التي تؤثر تأثيرا خطيرا علي قدرة المشاركة العربية والافريقية في إدارة الشئون الدولية, حيث يتضاءل مثل هذا الدور نظرا لانشغال مثل تلك الدول بالدفاع عن أرضها أو ثرواتها أو أمنها القومي. وفي سياق استحداث هيكل تنظيمي جديد لمنظمة الوحدة الافريقية تحت مسمي جديد[ الاتحاد الافريقي] وإعادة هيكلة أجهزة الجامعة العربية في السنوات الأخيرة, أدركت كل من المنظمتين العربية والافريقية( في توقيت متقارب) أهمية استحداث آلية جديدة للأمن والسلم لكل منهما. وكان الاتحاد الافريقي أسبق من الجامعة العربية في استحداث تلك الآلية, حيث جاء الاعلان عن انشاء مجلس السلم والأمن الافريقي في قمة الاتحاد الافريقي الأولي بديربان( جنوب افريقيا) في يوليو2002 ليصبح الجهاز المنوط به تعزيز السلم والأمن والاستقرار في القارة بعد ما عصفت بها المزيد من نزاعات الحدود والحروب الأهلية ومن أبرز أسبابها التدخل الخارجي في شئ ون افريقيا. وفي26 ديسمبر2003 دخل بروتوكول مجلس السلم والأمن الافريقي حيز التنفيذ وبدأ المجلس الممارسة الفعلية لنشاطه في25 مايو2004 مكونا من15 عضوا منتخبا علي أسس متساوية منهم10 اعضاء ينتخبون لمدة عامين,5 أعضاء ينتخبون لمدة ثلاث سنوات من جانب مؤتمر القمة الافريقي. وبدأ المجلس يعقد مؤتمراته علي مستوي القمة ابتداء من يناير2005 عندما عقدت القمة الأولي يومي10 و11 من الشهر نفسه في الجابون. أما مجلس السلم والأمن العربي فقد تم التوقيع علي نظامه الأساسي من قبل الدول الاعضاء كافة خلال الجلسة الختامية لمجلس الجامعة العربية علي مستوي القمة بالخرطوم(29 مارس2006) واستكمل المجلس مؤخرا النصاب القانوني(7 دول عربية) للتصديق علي نظامه الأساسي كآلية جديدة للعمل العربي المشترك. والتساؤل المطروح: هل يمكن لكل من الاتحاد الافريقي والجامعة العربية الموافقة علي دمج عمل المجلسين معا بعقد اجتماع مشترك بين حين وآخر لمناقشة الاخطار المشتركة التي تهدد الأمن والسلم العربي والافريقي؟ والاجابة عن هذا التساؤل تكتسب أهمية لو أطلعنا علي مهام كل من المجلسين ونظام عمل كل منهما. أما عن المهام فهي تتشابه إلي حد كبير, حيث أوضحت المادة الثالثة من بروتوكول المجلس الافريقي الأهداف المراد تحقيقها وتتلخص فيما يلي: تعزيز السلام والأمن والاستقرار في افريقيا من اجل ضمان وحماية وحفظ حياة وممتلكات ورفاهية الشعوب الافريقية وبيئتها وكذلك إيجاد الظروف المواتية لتحقيق التنمية المستدامة. ترقب ومنع النزاعات والقيام بإحلال وبناء السلام لتسوية هذه النزاعات وحلها والحيلولة دون تجدد أعمال العنف. تنسيق ومواءمة الجهود الرامية إلي منع ومكافحة الارهاب الدولي بكل جوانبه. وضع سياسة دفاع مشتركة للاتحاد طبقا لما جاء بالقانون التأسيسي للاتحاد الافريقي. أما بالنسبة لأهداف مجلس السلم والأمن العربي كما جاء في المادتين3 و6 من النظام الأساسي للمجلس فتتلخص فيما يلي: الوقاية من النزاعات التي يمكن أن تنشأ بين الدول العربية وادارتها وتسويتها في حال وقوعها. متابعة ودراسة وتقديم توصيات الي مجلس الجامعة بشأن التطورات التي تمس الأمن القومي العربي. اقتراح التدابير الجماعية المناسبة ازاء أي اعتداء علي دولة عربية أو تهديد بالاعتداء عليها. تعزيز التعاون في مواجهة التهديدات والمخاطر العابرة للحدود كالجريمة المنظمة والارهاب. وفضلا عن تشابه مهام المجلسين العربي الافريقي فإن النظام الأساسي لكل منهما يتيح لهما التعاون علي نحو وثيق مع المنظمات الدولية والآليات الاقليمية الأخري بشأن مسائل الأمن والاستقرار[ المادة6 من البروتوكول الافريقي والمادة السادسة من النظام الاساسي للمجلس العربي] ولعل هذا النص الصريح في الوثيقتين العربية والافريقية يدفع كلا من القمتين العربية والافريقية في الدورتين المقبلتين في التفكير الجدي في تحقيق هذا الاقتراح ومما يشجع علي هذا حرص القمم العربية والافريقية معا علي ابراز اهتمامات كل من الرؤساء العرب والأفارقة علي قضايا السلم والأمن وتؤكد بين حين وآخر أهمية مواصلة الجهود لإزالة العوائق التي تعترض سبل تفعيل وتطوير التعاون العربي الافريقي وتنظيم اهتمامات أجهزته بهدف الوصول الي مرحلة تعاون حقيقي ومنفعة مشتركة تقوم علي تشابك المصالح في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية والثقافية ليكون تعاونا يرسي المرتكزات التي تصون العلاقات العربية والافريقية ويدرأ عنها الأخطار. عن صحيفة الاهرام المصرية 13/9/2007