علي فترات يثار موضوع المعونات الخارجية, ولكن بعد ثورة 25 يناير أثيرت كما لم تثر من قبل, حيث بدأ الشعب المصري يستعيد زمام أموره ويرفض المعونات المغلفة بالضغوط والشروط الأجنبية, وكذلك رفضت السلطة الحاكمة في مصر التدخلات الخارجية, وخاصة الأمريكية كشرط لتقديم المساعدات والمعونات, وبداية فإن المساعدات والمعونات بين الدول قديمة قدم تلك الدول تأخذ أشكالا وأنواعا مختلفة وقد تأخذ شكل قروض ولكنها بشروط ميسرة جدا أو معونات تمنح دون مقابل, وهي تنساب من الدول الغنية والمتقدمة إلي الدول النامية, وقد زادت أهمية المعونات الاقتصادية في العلاقات الدولية بعد الحرب العالمية الثانية, ولم تعد تقتصر علي الأهداف الاقتصادية فقط بل تعدتها إلي الأهداف السياسية, والأهداف السياسية تختلف من دولة مانحة إلي دولة أخري, وبالطبع تختلف الأهداف بين الدولة المانحة والدولة المستقبلة, وتختلف مع مرور الزمن وتغير الظروف.. ففي مرحلة ما كانت المساعدات الأمريكية, تقدم لبعض الدول لحمايتها من الشيوعية ولكي تظل هذه الدولة سوقا للصادرات الأمريكية, ويظل هذا الهدف مستمرا وتقدم المعونات أيضا لربط الدولة الفقيرة بالدولة الغنية سياسيا واقتصاديا وثقافيا وتكنولوجيا, وللمحافظة علي نفوذ الدول الغنية وترويج أيديولوجيات سياسية واقتصادية وإيجاد أسواق لصادرات الدول المانحة وعن طريق ذلك تسترد الدول المانحة أغلب قيمة المعونات حيث تشترط الدولة المانحة علي الدولة المستقبلة للمعونة شراء ما يلزمها من سلع وخدمات من الدولة المانحة. وتستخدم الدول النامية المنح والمعونات في تحقيق برامج للتنمية ورفع معدل النمو, أو لمواجهة العجز في ميزان المدفوعات, أو لسد الفجوة بين الادخارات المحلية والاستثمارات المطلوبة لتحقيق معدل النمو المطلوب, وبرغم ضخامة المعونات التي استقبلتها مصر في العقود الأخيرة فإن الشعب لم يلمس لها إلا مردودا إيجابيا ضئيلا جدا ومردودا سلبيا كبيرا جدا, منه استقطاب قيادات واستخدامها في الفساد والإفساد والتأثير علي متخذ القرار, وفي ظل النظام الفاسد السابق أصبحت مصر مخترقة علي جميع المستويات بالمعونات وبغيرها وعن طريق الجمعيات وبعيدا عنها وفي مجالات قد لا تخطر علي بال البعض. والمثير للدهشة أن دولة بحجم مصر بتاريخها وحضارتها وإمكاناتها المادية والمعنوية والبشرية تنتظر معونات ومساعدات خارجية! هذا في الوقت الذي تحول فيها العديد من الهيئات والمؤسسات العامة إلي عزب وتكايا خاصة, والعديد من موارد الدولة تهدر أو تذهب للقائمين عليها ثم الفتات يعود إلي الشعب.. وقبل رفض أو قبول المعونة بشروطها ووجهها القبيح والمشبوه نأمل, إغلاق حنفيات الأموال المهدرة. عبدالفتاح عبدالوهاب محاسب قانوني وخبير ضرائب