د.سلطان أبو علي/ د. أحمد جلال/ د.أحمد النجار المعونة تحتاج لمعونة - لأن غالبيتها ينفق علي الخبراء الأمريكيين !!! مصر تستطيع الإستغناء عن المساعدات إذا أحسن إستغلال امكانياتها الإستغناء عن المعونات ممكن ... ولا توجد مساعدات بدون مقابل أمريكا استفاةت إقتصاديا من معوناتها لمصر بأضعاف ما قدمته بين الحين والآخر.. تقوم الولاياتالمتحدةالأمريكية بتهديد مصر بقطع المعونات الاقتصادية عنها.. ودائما ما يكون هذا التهديد بهدف الضغط علي القرار المصري سواء كان سياسيا أو اقتصاديا.. لكن الغريب ان من يهدد يدرك تماما أن «معونته» تحتاج لمعونة.. لأن حجمها الضئيل في جانبه الاقتصادي والذي لا يزيد علي 052 مليون دولار سنويا ينفق غالبه علي الخبراء الأمريكيين الذين يشرفون علي مشروعات المعونة.. وعلي الشركات الأمريكية التي تنفذ هذه المشروعات أو تلك التي يتم الاستيراد منها. «أخبار اليوم» طرحت علي خبراء السياسة والاقتصاد.. ومسئولي المعونة الأمريكية السؤال المهم: هل يمكن أن تستغني مصر عن المعونات؟ والإجابة تحملها السطور التالية يري الدكتور سلطان أبو علي وزير الاقتصاد الأسبق أنه يمكن الاستغناء عن المعونات الأجنبية لمصر، مشيرا إلي أن المعونات الدولية التي نحصل عليها جزء من العلاقات الدولية، وترتبط بها العناصر الاقتصادية والسياسية والتعاون الدولي، كما ان المانح تكون له مصالح يسعي لتحقيقها.. وكذلك متلقي المنح، فكل طرف يبحث عن مصالحه من خلال العلاقات الدولية ويضيف د. سلطان: إذا كانت تكلفة المعونة بصفة عامة سواء المادية أو المعنوية لمصر أعلي من مزاياها فيجب أن نرفضها، أما إذا كانت مقابل اتفاقات وعلاقات دولية، ودون التدخل في القرار السياسي المصري نقبلها.. فمثلا المعونة الأمريكية لمصر جاءت في أعقاب معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل التي وقعت في كامب ديفيد، تمت لتحقيق مصالح أمريكا ، وربما تكون تكلفتها أقل لو اتخذت سبيلا آخر، كما ان إسرائيل تأخذ معونات تقدر بأضعاف ما تحصل عليه مصر، عندما ننظر لنصيب الفرد في كل من البلدين من هذه المعونات، ولذلك فإننا نستطيع أن نستغني عن المعونات، خاصة أنها ضئيلة مقارنة بالدخل القومي.. بينما يمكننا أن نطلب معونات من الدول العربية ، وهي في هذه الحالة ليست استجداء، لأننا ساعدنا الدول العربية كثيرا علي مدي التاريخ، وقبل أن تصل غالبية الدول العربية لحجم كبير من الثراء عقب اكتشاف البترول بها، كما يجب علي الدول العربية أن تنظر لقضية اعانة مصر علي أنها رصيد استراتيجي لهذه الدول في المستقبل، متمثلا في قوة مصر التي تحمي هذه الدول من أي أخطار قد تحيق بها، خاصة أن دعم مصر يعتبر دعما لقوة العالم العربي الأولويات ويؤكد د. أحمد جلال رئيس منتدي البحوث الإقتصادية أن هناك شقا اقتصاديا مهما للمعونات والمساعدات الأجنبية لمصر، فمعدل الإدخار في الاقتصاد المصري منخفض نسبيا مقارنة بالناتج المحلي الاجمالي، فهو يترواح بين 16 و17% فقط، واذا كنا نريد تحقيق معدلات نمو أعلي فإننا نحتاج لدعم المدخرات المحلية من الخارج ، سواء من خلال جذب استثمارات أجنبية مباشرة، أو من خلال الحصول علي قروض بشروط تتفق مع ظروفنا الاقتصادية، أو من خلال المنح والمساعدات، بشرط ألا تغير من أولوياتنا التي نركز عليها سواء الاقتصادية أو السياسية، وفي هذه الحالة فإننا نرحب بذلك ، لأنها تساعد علي خلق فرص عمل للشباب، لأن الاقتصاد المصري يحتاج لتحقيق معدلات نمو عالية، وخلق فرص عمل لنحو 800 ألف داخل جديد لسوق العمل سنويا، ولن يتحقق هذا دون الاعتماد علي المستثمر الأجنبي، أو دون الحصول علي قروض ومعونات ويضيف د. جلال: أن هناك شقا آخر للمساعدات والمنح وهي النوع المحدد الشروط ففي كل مرة نتكلم فيها عن طلب مساعدات نحتاج لمعرفة هل هي مفيدة لنا، لان كل مساعدة أو معونة تختلف من ظرف لآخر، ومن مانح لآخر، ومن شرط لآخر.. أما بالنسبة للمعونة الأمريكية التي تحصل عليها مصر بشكل مباشر فإن حجمها ليس كبيرا مقارنة بحجم الاقتصاد القومي، ويمكن الاستغناء عنها بدون التأثير علي الاقتصاد القومي، كما أن المعونات المشروطة سياسيا حتي لو كانت كبيرة الحجم غير مقبولة، وليس ذلك من قبيل "العنجهية" لأن كل دولة تسعي لتحقيق أهدافها السياسية، ونحن نسعي لتحقيق أهدافنا الوطنية، وإذا تلاقت المصالح عند طلب معونة أو مساعدة فأهلا بالمعونات. توافقات دولية يؤكد الخبير الاقتصادي د. أحمد النجار رئيس الوحدة الاقتصادية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية أن المساعدات الخارجية التي تقدمها أي دولة لدولة أخري ترتبط بطبيعة العلاقات بين الطرفين، وبالتوافقات بينهما في حالة وجود مكانة اقليمية ودولية للدولة المتلقية، تجعلها محط أنظار الدول المانحة دون مساس باستقلالها، مثل الهند منذ استقلالها وحتي الآن، ومصر خلال العهد الناصري، وما عدا ذلك فإن المعونات المقدمة من دولة لأخري ترتبط عادة بالشروط التي يطلبها أو يفرضها الطرف المانح علي الطرف المتلقي، بشأن العديد من القضايا السياسية والاقتصادية الخارجية والداخلية، والقضايا الاجتماعية داخل هذا البلد، ولا تختلف المعونات الأمريكية أو غيرها من المعونات عن هذا الاطار العام، لكنها تميل إلي جانب الشروط المطلوبة أو المفروضة ، وليس إلي جانب التوافقات القائمة بين حلفاء وأنداد، بحكم الايمان الأمريكي بأن من يتلقي المساعدة ليس ندا لمن يعطيه، وأن تبعية الطرف المتلقي للمعونة للطرف المانح، أو علي الأقل مواءمته لمواقفه السياسية مع مواقف الطرف المانح، هو ثمن عادل لهذه المعونة ، خاصة في حالة تقديم تلك المعونات كمنح عينية أو نقدية، أو في حالة كون تلك المعونات عاملا حاسما في تطوير اقتصاد منطقة أو بلد ما مثلما حدث في حالة أوربا الغربية بعد الحرب العالمية الثانية ويضيف د. النجار: وبناء علي طبيعة العلاقات بين الطرف المانح والطرف المتلقي تتحدد طريقة تقديم المساعدات النقدية، سواء مع حرية الطرف المتلقي في توظيفها، أو مربوطة بالاستيراد من الطرف المانح، أو بإقامة مشروعات محددة يتم استيراد مستلزماتها من الطرف المانح، واستخدام شركاته في تنفيذها، وحتي المشروعات التي يمكن أن تستخدم المعونات في تنفيذها فإن طبيعة العلاقات بين الطرفين تحدد من يختارها، والأولويات يعكسها هذا الاختيار ويواصل د. النجار كلامه: ومن خلال حوارات عدة مع مسئولين في هيئة المعونة الأمريكية، كان هناك سؤال دائم: لماذا لا يشعر المصريون بدور المساعدات الأمريكية لمصر؟ والاجابة ببساطة أن نصيب الفرد في مصر من المساعدات الإقتصادية التي بلغت 455 مليون دولار عام 2007 هو ستة دولارات فقط ، وبعد تخفيض المساعدات الاقتصادية الأمريكية لمصر إلي 200 مليون دولار عام 2009 فإن نصيب الفرد منها تراجع إلي 2.5 دولار فقط وهو نصيب هامشي لدرجة يصعب معها الشعور بهذه المعونة، لكن الأهم من ذلك هو أن طريقة استخدام المعونات المحدودة أصلا تجعل شعور المصريين بها أصعب، لأنها لا تلبي احتياجات المصريين، بل لا تنظر إليها أصلا حيث تركز البرامج التي تري هيئة المعونة من منطلقات أيديولوجية محنطة أنها أكثر أهمية من غيرها، وتتجاهل أهم ما يحتاج إليه المصريون مثل توجيه المساعدات لمجالات تساهم في خلق فرص العمل الدائمة لتمكينهم من كسب عيشهم بكرامة، وتوجيه المساعدات إلي الفقراء بصورة مباشرة لمكافحة الفقر، الذي استشري بصورة مروعة في ظل الاصلاح الاقتصادي الذي أوصت به الولاياتالمتحدة، وصندوق النقد الدولي، وتسبب في تزايد البطالة والفقر ، وسوء توزيع الدخل بصورة غير مسبوقة منذ ثورة 1952 خاصة مع تجاوز عدد العاطلين لثمانية ملايين عاطل، وهم محرومون من كسب عيشهم بكرامة، ويعيشون عالة علي أسرهم، مما يزيد من فقر هذه الأسر. أما المساعدات الأمنية والعسكرية الأمريكية لمصر، والتي تبلغ نحو 1.3 مليار دولار سنويا، فإنها لا تستهدف تدعيم القوة العسكرية لمصر في مواجهة أي خطر خارجي، لأن هذا يتناقض مع الهدف الأمريكي المعلن بضمان أمن إسرائيل، والحفاظ علي تفوقها العسكري علي دول الجوار العربي وضمنها مصر، بما يعني أن هذه المساعدات كانت مكرسة أساسا لتقوية شوكة جهاز الأمن في مواجهة أي حراك شعبي وهو امر لم يكن محببا لنفوس المصريين كشعب، أو النخبة الثقافية الحية. ويؤكد د. النجار أنه إذا كانت المساعدات الأمريكية لمصر أو لأي دولة عربية مقابل حصول الولاياتالمتحدة علي منافع سياسية واستراتيجية وأحيانا اقتصادية، فإن ما حصلت عليه الولاياتالمتحدة من مصر كان أكبر بكثير من أي مساعدات أمريكية تلقتها مصر، فالآليات التي تتم بها المساعدات الأمريكية المربوطة لمصر، تجعل جانبا مهما من تلك المساعدات يعود للولايات المتحدة، سواء في صورة استيراد سلع أمريكية، عندما كان قسم من هذه المساعدات يستخدم في تمويل استيراد القمح وسلع أخري من أمريكا، أو عقود لتنفيذ الأعمال تذهب للشركات الأمريكية، بشروط كان من الممكن لمصر أن تحصل علي أفضل منها بكثير لو كانت المنافسة مفتوحة أمام الشركات العالمية لتنفيذ تلك الأعمال، أو تذهب كأجور ومرتبات لخبراء المعونة الأمريكية، أما الأهم من كل ذلك فهو أن هذه المعونة كرست علاقات تجارية شديدة الاختلال بين مصر وأمريكا، وخلال الفترة من 1983 وحتي عام 2007 بلغ اجمالي العجز التجاري المصري المتراكم مع الولاياتالمتحدة وفقا لبيانات صندوق النقد الدولي نحو 45.1 مليار دولار، وهو ما يزيد بفارق كبير عن حجم المساعدات الأمريكية لمصر منذ بداية تدفقها وحتي الآن