غالبية دول العالم المتقدمة والنامية أنشأت أجهزة مستقلة لتنمية المنشآت الصغيرة والمتوسطة بل إن دولا كالهند والجزائر لديها وزارة للمنشآت الصغيرة وفى الولاياتالمتحدة وكندا وكوريا هيئة حكومية مستقلة للصناعات الصغيرة .. هذا ما كشفت عنه دراسة أعدتها لجنة الصناعات الصغيرة باتحاد الصناعات المصرية خلال دورته السابقة. اللجنة التى أعدت الدراسة كان يرأسها فى ذلك الوقت عبد الرحمن الجباس عضو مجلس إدارة اتحاد الصناعات سابقا ورئيس لجنة الصناعات الصغيرة السابق عقدت لقاءات مع العاملين بهذه الصناعات وورش عمل مع الخبراء والمهتمين بهذه الصناعات وتمت الاستعانة فى إعدادها بالدكتور نبيل شلبى الخبير فى مجال الصناعات الصغيرة . وطالبت الدراسة بضرورة إنشاء هيئة قومية لتنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة لمساعدة رواد الأعمال فى بدء وإدارة وإنماء منشآت صغيرة وتكوين قطاع قوى قادر على الاستمرار بقدراته وإمكاناته الذاتية ويحقق قيمة مضافة للاقتصاد القومى توضح الدراسة أن المنشآت الصغيرة والمتوسطة التى تقوم بتوظيف اقل من 50 عاملا تمثل حوالى 99 % من إجمالى عدد المنشآت التى تعمل فى القطاع الخاص غير الزراعى ، كما يساهم بما لا يقل عن 80 % من إجمالى القيمة المضافة ، ويعمل بها 76% من العمالة بما يمثل 65 % من قوة العمل فى القطاع الخاص ككل ، وحوالى 75 % من قوة العمل بالقطاع الخاص غير الزراعى ، إلا أن نسبة مساهمتها فى إجمالى الصادرات المصرية لا تكاد تتجاوز 40 % فقط مقارنة ب 60 % فى الصين و56 % فى تايوان و70 % فى هونج كونج . والصناعات الصغيرة والمتوسطة تستخدم فنونا إنتاجية بسيطة تتميز غالبا بارتفاع كثافة العمالة وقد فطنت الدول الصناعية الكبرى لأهميتها وأصبحت تستوعب فى اليابان 84 % من العمالة الصناعية وتساهم بما قيمته 52 % من قيمة الإنتاج اليابانى وفى إيطاليا مليونان و300 ألف مشروع فردى صغير وفى أمريكا وفرت المشروعات الصغيرة والمتوسطة خلال الفترة من 1992 حتى 2010 أكثر من 45 مليون فرصة عمل وتستوعب 70 % من قوة العمل مما خفف من حدة البطالة وآثارها السيئة , كما ورد فى دراسة عن دول الاتحاد الأوروبى عام 2008 أنها توفر 80 % من فرص العمل بدول الاتحاد ورصد الجباس حالة الإهمال الشديد الذى شهده هذا القطاع فى ظل النظام السابق الذى نمى ثقافة الاحتكار ووأد أفكار الشباب الريادية فى أجواء من الفساد والمحسوبية والرشوة ، وعدم وجود إستراتيجية محددة لدعم مشاريع الشباب وتنمية المنشآت الصغيرة وافتقار الرؤية الواضحة للخريطة الاستثمارية والقطاعات الاقتصادية الأولى بالرعاية التى يتم توجيه الشباب للانخراط فيها تبعا للميزة النسبية لمصر ، كما نقترح الاستفادة من الصندوق الاجتماعى للتنمية وموارده ومواقعه وإعادة هيكلته ليقتصر تمويله على المنشآت متناهية الصغر ويكون بمثابة بنك للفقراء . خارطة طريق وضعت الدراسة خارطة طريق لإنجاح المنشآت الصغيرة والمتوسطة تقوم على عدة محاور منها :- حزمة من التشريعات والقوانين الداعمة ، وتوفير التمويل اللازم وهيكلة المؤسسات المالية حتى تستطيع تقديم هذه الخدمة ، وإنشاء صناديق ضمان مخاطر القروض لهذه المشروعات ، وتبنى إستراتيجية لتطوير العنصر البشرى من أجل إيجاد مبادرات ريادية لدعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة ، وهؤلاء الرياديون الذين لديهم الخبرات الفنية والرغبة فى العمل الحر تنقصهم مهارات أخرى لإنجاح مشاريعهم ومن هنا تبرز الحاجة إلى توفير خدمات تطوير الأعمال لمساعدتهم على بناء قدراتهم فى مجالات احتياجاتهم المختلفة فى إدارة منشآتهم .وأيضا توفير الخدمات المساندة التى تحتاج إليها منشآتهم من خدمات ومرافق أساسية ، وهكذا يعتبر توفير البنية التحتية عاملا أساسيا فى إنجاح هذه المشروعات .كما يجب توفير البناء والدعم الفنى وللمؤسسات العاملة على خدمة هذه المنشآت مثل تبنى البرامج التدريبية المتخصصة وتقديم الخدمات غير المالية وتهيئة المتقدم للحصول على تمويل أو تقديم الخدمات التى يحتاج إليها فى مشروعه من جوانب تسويقية أو مالية أو فنية والاستشارات المقدمة لكل صاحب مشروع بما يناسبه ، وأخيرا توفير حاضنات الأعمال التى تضم المشروع منذ بدايته لتحميه من المخاطر التى تحيط به وتمده بطاقة الاستمرارية وتسارع فى نمو وإنجاح هذه المشروعات من خلال توفير الموقع ومصفوفة من الموارد والخدمات المساندة . وأوصت الدراسة بوضع قانون لها يحدد مكانتها فى الاقتصاد ويؤمن الحماية التشريعية للعمال وتحديد مستوى التخطيط والإشراف والمتابعة لها والأسس والضوابط الخاصة بالتمويل والمعاملات الضريبية ومزايا وحوافز الاستثمار من الدولة وتقنين المخالفات القانونية فى ممارسة النشاط . وثانيا وضع خطة قومية للنهوض بالصناعات الصغيرة قائمة على تنمية الموارد البشرية والاهتمام بتوفير التمويل . وثالثا إنشاء صندوق قومى لتمويل التدريب ومؤسسات مهنية ومتخصصة للتدريب مع تشجيع تمويل الأبحاث للصناعات الصغيرة. رابعا توفير التكنولوجيا المناسبة ، وخامسا تحسين مدخلات السوق وذلك بإنشاء مؤسسات لتحسين جودة المنتج ، تشجيع برامج وعقود التسويق المتكامل للاستفادة من خبرات شركات التوزيع الكبرى من حيث قدرتها الواسعة على التسويق محليا وعالميا، تسهيل أساليب طرح المناقصات والعطاءات الحكومية بما يمكن أصحاب المشروعات الصغيرة من الحصول على نصيب من سوق المشتريات الحكومية . معوقات بالجملة وفى دراسة أعدتها الدكتورة نهال المغربل بالمركز المصرى للدراسات الاقتصادية حول الصناعات الصغيرة أشارت إلى وجود عدد من المعوقات أمام الصناعات الصغيرة منها انخفاض مستوى جودة البنية الأساسية وارتفاع تكلفتها ، وضعف منظومة التعليم الفنى والتدريب المهنى وتدنى مستوى التعليم لدى العاملين مما يترتب عليه عدم توافر المهارات اللازمة ، وعدم قدرتها على الحصول على حقوقها القانونية , وارتفاع تكلفة التأسيس و إجراءات إنهاء النشاط و صعوبة إجراءات التقاضى وطول المدة الزمنية التى تستغرقها ، بالإضافة إلى مشكلات التمويل والتى تطرق لها التقرير السابق الأمر الذى اضطرها إلى اللجوء لمؤسسات غير مصرفية للحصول التمويل بتكلفة مرتفعة وبشروط مجحفة ، وأكدت الدراسة أن حدة هذه المشاكل تزداد فى المناطق الريفية مقارنة بالمناطق الحضرية خاصة فى صعيد مصر. وأشارت الدراسة التى أعدتها لجنة الصناعات الصغيرة باتحاد الصناعات إلى ارتباط المشروعات الصغيرة والمتوسطة بجهات متعددة من وزارات واتحادات وغرف تجارية مع غياب العلاقة التنظيمية المباشرة بين تلك الجهات المتعددة لتكوين رؤية شاملة حول مصير هذه المنشآت، وبصفة عامة تشير التقديرات إلى أن نسبة 60 % من تكلفة القيام بالأعمال فى مصر تأتى من القيود الإجرائية . ويشير أحدث تقرير للبنك الدولى عن مناخ الاستثمار فى مصر إلى صعوبة الحصول والنفاذ إلى التمويل وارتفاع تكلفته أمام المشروعات الصغيرة ، حيث يتم تمويل 56 % من المنشآت القائمة بالتمويل الذاتى بينما تمثل مساهمة البنوك فى تمويل أقل من 40 % منها 13 % للبنوك العامة و 26 % للبنوك الخاصة وتشير خريطة النفاذ إلى قنوات التمويل إلى أنه كلما زاد حجم المشروع زادت قدرته على الحصول على قروض وتدل الأرقام على أن 78 % من المنشآت الصغيرة لم تتقدم مطلقا للحصول على قروض بنكية وأن نسبة 92 % من المنشآت الصغيرة التى تقدمت للحصول على تمويل بنكى تم رفضها .