أصبحت الإعلانات التى نراها فى وسائل الإعلام، وخاصة الصحف المطبوعة، وعلى مواقع التواصل الاجتماعى عن معاهد تمنح دبلومة معتمدة أو شراكة مع جامعة مشهورة أمرا عاديا فكل ما على أصحاب هذه المعاهد هو طبع أوراق وتوزيعها فى الشارع على المارة ليتمكنوا بعدها من حصد الملايين . الأهرام تفتح إحدى أوراق هذا الملف المتعلقة بتلك المعاهد، هنا فى أحد الشوارع الشهيرة بالأقصر، وفى شقتين بدورين كاملين يوجد المعهد الفنى التعليمى الذى فتح أبوابه العام الماضى بالأقصر، وقام القائمون على المعهد بتوزيع أوراق دعاية تقول إن المعهد يقبل الحاصلين على الثانوية العامة والأزهرية والدبلومات الفنية بأنواعها (تجارى – صناعى – زراعى – فندقى) من خريجى هذا العام أو الأعوام السابقة وأن يكون الطالب حاصلا على 50 % على أقل تقدير، وأنه المعهد الفنى الوحيد الحاصل على تعاقدات، وأنه يمنح شهادة معتمدة من جامعة أسيوط، وأن الطلاب يقومون بالدراسة فى أحد التخصصات التالية ( إنشاءات مدنية – مساحة عامة – تكنولوجيا حاسب آلى – حفر وتكرير البترول – مساعد طبيب تحاليل طبية وتمريض). الأمور سارت بشكل طبيعى العام الأول، فالمعهد قام باستقبال الطلبات التى وصلت إلى المئات، ففى قسم مساعد طبيب وحده هناك ما يقرب من 400 طالب الطالب الواحد منهم يقوم بدفع 2500 جنيه خلال العام مقسمة إلى 500 جنيه مصاريف استخراج كارنيه، و500 جنيه كتب، و500 جنيه رسوم امتحان للتيرم الواحد، وإذا كان قسم واحد من الأقسام المختلفة يقوم بتحصيل مليون جنيه ومع الوضع فى الاعتبار ان هناك اقساما لم تفتح أبوابها بعد كقسم الحاسب الآلى، وقسم المساحة العامة، فهذا يعنى أن المعهد يقوم بتحصيل 5 ملايين جنيه فى العام الواحد تقريبا.
كانت الأمور فى المعهد تسير بشكل طبيعى طوال العام الماضى، إلى أن ارتاب الطلبة فى الأمر، خاصة بعد قيامهم بإلغاء قسم التمريض، فيقول محمد فوزى طالب فى الفرقة الثانية بالمعهد إننا فوجئنا بقرار المعهد بإلغاء قسم التمريض منذ يومين، وبعد أن أصبحت امتحانات نصف العام على الأبواب بعد اعتراض الطلبة على أن تكون الدراسة فى التيرم الثانى باللغة الانجليزية، فكان القرار بالإلغاء، كما أننا قبلها كنا نسأل باستمرار عن الشهادة التى سنحصل عليها، وهل ستقوم بإتاحة فرص عمل أمامنا أم لا؟ فكانت الإجابة بأنه لا يمكن إثبات الشهادة التى سيقومون بالحصول عليها فى بطاقة تحقيق الشخصية، كما أن الكلام كان يختلف فى كل مرة، فمرة يقولون لنا إن ما يتم تدريسه بالمعهد هو دورات تدريبية معتمدة، ومرة أخرى أنها دبلومة تقوم بتأهيلهم للالتحاق بالمعهد الفنى الصحى بعد إتمام الدراسة.
كل هذه الاشياء جعلتنا نرتاب فى الأمر، وقام عدد من زملائنا بالسفر إلى جامعة أسيوط للسؤال عن المعهد ومعرفة حقيقته، فكانت الإجابات من المسئولين فى الجامعة أنه لا علاقة للجامعة بالمعهد بأى شكل من الأشكال، وأنها لا تعرف شيئا عنه، وأن الأختام الموجودة على الأوراق وعلى الكارنيه الخاص بالطلبة إما مزورة، وإما ختم مسروق من الجامعة.
ولما تزايد الشك لديهم لم يجد الطلبة حلا سوى اللجوء إلى الشرطة والقيام بتحرير محضر لتصدر تعليمات العميدين ناصر حريز مفتش الأمن العام، وعصام الدسوقى مدير المباحث الجنائية بالتحرى عن الواقعة، وقيام قوة من قسم شرطة الأقصر على رأسها الرائد أحمد خليفة رئيس مباحث الأقصر بالتوجه إلى المعهد والتحقيق فى الواقعة من الطلبة والمسئولين، فى إجراء سريع قام اللواء طارق سعد الدين محافظ الأقصر بالاتصال برئيس جامعة أسيوط، ومحافظ الأقصر، للتحقق من صحة أوراق المعهد، لترد الجامعة بأن هناك اتفاقية تعاون بين المعهد والجامعة، ولكنه بروتوكول للتدريب فقط، قامت بالتوقيع عليه الدكتورة زينب عبداللطيف دون الرجوع للجامعة مع المركز التعليمى لنقابة المعلمين بقنا، فى مجال التدريب وتنمية المهارات، ولا يوجد به ما ينص على تدريب لمساعد طبيب ولا فنيى تحاليل، وقام رئيس الجامعة بتحويل الطبيبة إلى التحقيق، وفسخ جميع العقود مع المركز التعليمى لنقابة المعلمين بمحافظ قنا أمس فور علمه بواقعة المعهد.
وإلى حين أن تنتهى الشرطة والنيابة من تحقيقاتها تظل القضية مفتوحة، وما هو دور وزارة التعليم العالى، وهل تعلم شيئا عن طبيعة مثل تلك المعاهد، التى أصبحت تنتشر فى كل ربوع مصر، ولا أحد يعلم مامدى صحة الشهادات التى تصدرها، وإلى أين تذهب أموالها؟!