محافظ الشرقية يستقبل مفتي الجمهورية بمكتبه بالديوان العام    الأحد.. مجلس الشيوخ يناقش الأثر التشريعي لقانون التأمين الصحي والضريبة على العقارات المبنية    وفد من جامعة نوتنغهام يشيد بالإمكانيات العلمية لجامعة المنصورة الجديدة    «أوقاف الدقهلية» تفتتح مسجدين وتنظم مقارئ ولقاءات دعوية للنشء    الرقابة المالية تجدد تحذيرها للمواطنين بعدم التعامل مع جهات غير مرخصة بما يعرضهم لمخاطر مالية جسيمة    الرئيس السيسي يتلقى اتصالاً هاتفيًا من رئيس الوزراء اليوناني ويؤكدان دفع العلاقات الإستراتيجية بين البلدين    فتح باب التقدم والحجز إلكترونيًا عبر منصة مصر الصناعية الرقمية خلال الفترة من 1 إلى 15 يونيو 2025    فيدان: محادثات إسطنبول أثبتت جدوى التفاوض بين روسيا وأوكرانيا    وصمة عار في جبين الحضارة.. أستاذ قانون دولي يطالب بمقاطعة شاملة لإسرائيل فورًا    فرنسا: الاعتراف بدولة فلسطينية واجب أخلاقي ومطلب سياسي    «عشان زيزو يسافر» خالد بيبو مفاجأة بشأن موعد نهائي كأس مصر.. وعبد الواحد السيد يرد    محافظة الجيزة تنهي استعداداتها لاستقبال امتحانات نهاية العام الدراسي للشهادة الإعدادية    فى ليلة ساحرة.. مروة ناجى تبدع وتستحضر روح أم كلثوم على خشبة مسرح أخر حفلاتها قبل 50 عام    المنطقة الشمالية العسكرية تستكمل تنفيذ حملة " بلدك معاك " لدعم الأسر الأولى بالرعاية    حسن حسني.. «القشاش» الذي صنع البهجة وبصم في كل الفنون    مفتى السعودية: أداء الحج دون تصريح مخالفة شرعية جسيمة    قافلة طبية مجانية بقرية البرشا بملوي تقدم خدمات لأكثر من 1147 حالة    أسامة نبيه: أثق في قدرتنا على تحقيق أداء يليق باسم مصر في كأس العالم    الرئيس السيسي يؤكد لليونان التزام مصر الكامل بالحفاظ على المكانة الدينية والفريدة لدير سانت كاترين    فيلم سينمائي يشاهده 4 أشخاص فقط في السينما الخميس    8 مصابين في تصادم سيارتين أعلى محور 26 يوليو    خطيب المسجد الحرام: الحج بلا تصريح أذية للمسلمين والعشر الأوائل خير أيام العام    مصطفى شوبير يتعاقد مع شركة تسويق إسبانية    4 وفيات و21 مصابا بحادث انقلاب أتوبيس بمركز السادات    حكم من شرب أو أكل ناسيا فى نهار عرفة؟.. دار الإفتاء تجيب    الإفتاء تحذر: الأضحية المريضة والمَعِيْبَة لا تجزئ عن المضحي    في لفتة إنسانية.. بعثة القرعة تعيد متعلقات حاجة فقدتها في الحرم    108 ساحة صلاة عيد الأضحى.. أوقاف الإسماعيلية تعلن عن الأماكن المخصصة للصلاة    ترامب يتحدّى أوامر القضاء.. وواشنطن تُخفي الأزمة الدستورية تحت عباءة القانون    بعد «come back to me» الشعبية.. يوسف جبريال يشكر تامر حسني عبر السوشيال ميديا (فيديو)    دعاء العشر الأوائل من ذي الحجة لتيسير الأمور وقضاء الحوائج.. ردده الآن    ضبط تشكيل عصابي تخصص في تزوير راغبي الحصول على مستندات رسمية بالقليوبية    تحرير 146 مخالفة للمحلات التي لم تلتزم بقرار الغلق    كأس العالم للأندية.. ريال مدريد يعلن رسميا ضم أرنولد قادما من ليفربول    الرئيس اللبنانى يزور العراق الأحد المقبل    طهران: تقرير الاستخبارات النمساوية المشكك في سلمية برنامجنا النووي كاذب    بث مباشر.. شعائر صلاة الجمعة من مسجد الشهيد بالقليوبية    وزير الزراعة يستعرض جهود قطاع تنمية الثروة الحيوانية والداجنة خلال مايو الجاري    ليلة في حب وردة وبليغ حمدي.. «الأوبرا» تحتفي بروائع زمن الفن الجميل    نائب وزير الصحة يتفقد عددا من المنشآت الصحية فى البحر الأحمر    رئيس هيئة الاعتماد والرقابة الصحية يستقبل وفد اتحاد المستشفيات العربية    مونديال الأندية وكأس العالم 2026.. ماذا قال ترامب عن "الولاية الرياضية"    سعر الخضار والفاكهة اليوم الجمعة 30 مايو 2025 فى المنوفية.. الطماطم 12جنيه    جيش الاحتلال يعلن انضمام لواء كفير إلى الفرقة 36 للقتال في خان يونس    بحضور محافظ القاهرة.. احتفالية كبرى لإحياء مسار رحلة العائلة المقدسة بكنائس زويلة الأثرية    رئيسة المجلس القومي للمرأة تلتقي الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر    ريا أبي راشد: أجريت مقابلة تلفزيونية مع مات ديمون بعد ولادة ابنتي بيومين فقط    حملة للتبرع بالدم بمديرية أمن البحر الأحمر    بنيامين نتنياهو يدخل غرفة العمليات.. ومسؤول آخر يتولى إدارة إسرائيل    وزير الإسكان: بدء إرسال رسائل نصية SMS للمتقدمين ضمن "سكن لكل المصريين 5 " بنتيجة ترتيب الأولويات    مصرع وإصابة 4 أشخاص في حادث تصادم بطريق مصر السويس الصحراوي    «عانت بشدة لمدة سنة».. سبب وفاة الفنانة سارة الغامدي    3 ساعات حذِرة .. تحذير بشأن حالة الطقس اليوم : «شغلوا الكشافات»    موعد مباراة الاتحاد والقادسية في نهائي كأس خادم الحرمين والقنوات الناقلة    "فوز إنتر ميامي وتعادل الإسماعيلي".. نتائج مباريات أمس الخميس 29 مايو    «مالوش طلبات مالية».. إبراهيم عبد الجواد يكشف اقتراب الزمالك من ضم صفقة سوبر    نجاحات متعددة.. قفزات مصرية في المؤشرات العالمية للاقتصاد والتنمية    تقارير: أرسنال يقترب من تجديد عقد ساليبا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



2014 عام الانحسار و2015 رهان الجماعة الأخير .. الإخوان .. رحلة الصعود الغامض إلى السلطة
نشر في الأهرام اليومي يوم 23 - 12 - 2014

أيام قليلة وينتهى عام 2014، والذى حاولت فيه الجماعة الإرهابية إثارة القلاقل والعنف والتخريب فى البلاد، بعد ثورة شعبية أطاحت بهم من سدة الحكم فى 30 يونيو من العام الماضى.
تلك الجماعة الدموية ،والمتتبع لتاريخها وعلى مدى أكثر من 80 عاما ،بعد إنشائها على يد حسن البنا، كانت تسعى لتحقيق هدفها المنشود،وهو الوصول إلى كرسى الرئاسة، وقد تحقق لهم المراد...فسرقوا ثورة شبابية عام 2011انتفض فيها الشعب على نظام حكم فاسد تمثل فى مبارك وحاشيته، وخدعوا الجموع الغفيرة من طبقات الشعب الكادح باسم الدين، وأغدقوا الهدايا والأموال، ولابأس بالتزوير والتحالف مع الجماعات التكفيرية لمساندتهم.
فكانت الصدمة الكبرى للشعب الذى عاش نكسة عام كامل فترة حكم مرسي، وأدرك حقيقة هذه الجماعة التى سعت لبيع البلد، والتخابر مع جهات خارجية لإفشاء أسرار الأمن القومى.
لكن المتتبع لتاريخ تلك الجماعة لن يصدم.. فذلك عهدهم وديدنهم منذ ظهورهم..... فقد هادنوا الوفد وانقلبوا عليه.. ودعموا الملك فاروق وناصبوه العداء.. وكذلك عبدالناصر والسادات انقلبوا عليهما أيضا.. فهم يتحالفون مع الشيطان لتحقيق مصالحهم،ولم يكن التحالف مع بعض الأحزاب المتواجدة على الساحة الآن ببعيد، ولكنهم فى نهاية المطاف ينقلبون ويغدرون بهم.
فالانتهازية هى سلوك الإخوان ..وفى هذه السطور نكشف أسرار الصعود والسقوط لجماعة عاشت طوال عمرها محظورة.. حتى أفرجت عنها ثورة يناير.. وأخيرا عادت إلى الحظر من جديد بعد ثورة يونيو. .و لكنها لن تظهر إلى النور من جديد....
يقول الدكتور عبد الجليل الشرنوبى القيادى المنشق عن جماعة الإخوان والباحث السياسى إن ظهور جماعة الإخوان المسلمين على الساحة، كان امتدادا لمشروع تآمرى، والذى يسعى إلى استخدام الدين الإسلامى فى تفتيت وخلق مجاميع صراع على الساحة، فى العالم الإسلامى، وكان صاحب فكر إنشاء تلك الجماعة هو حسن البنا عام 1928، والذى قرر على حد زعمه أن يقوم ببعث جديد للإسلام بمنظور آخر يهدف إلى استخدامه فى تحقيق أهوائهم ومصالحهم.
وهذا ماظهر بعد ذلك من خلال الصراعات التى طفت على السطح، وأن الجماعة أى الإخوان هم المسلمون «الصرف»، وأنهم جند الحق والمتحدثون باسم الإسلام، وكل من يعاديهم فهو على باطل.
البنا ينشىء «الجماعة» لتكون «فيتو» ضد العالم الإسلامى
وأضاف الشرنوبى أن حسن البنا جعل الجماعة بمثابة «فيتو» يستخدمه فى مواجهة العالم الإسلامى وهذا ماحدث بعد ذلك فى العراق والسودان وليبيا، واليمن، فكان يعد رجاله داخل الجماعة للمواجهة مع كل من يخالفهم، وإحداث حالة من الاستنفار لمواجهة المجتمع.
وكانت تصريحات البنا أن جماعة الإخوان ستظل آمنة طالما لم يعلم العالم حقيقتها، فهى كانت تتخفى وراء ستار الدين، وكانت تتصرف وكأنه أنزل عليها فقط.
وتعاملت الجماعة مع الواقع السياسى بانتهازية شديدة وبدأت واضحة وجلية فى علاقتهم بالقصر الملكى إبان عهد الملك فؤاد، والذى كان حريصا على السيطرة على المؤسسات الدينية ليس حبا فى الدين، وإنما لاستغلال شعبية تلك المؤسسات فى صراعاته السياسية، للسيطرة على الدولة، وأدرك البنا ذلك وركز على القصر الملكى، وارتبط به، ومدحوا فؤاد عدة مرات حتى بعد موته، وقالوا إنه «حامى الإسلام ورافع رايته».
حتى جاء فاروق ووصفوه بالمربى وصاحب المثل العليا، ودعوا إلى تتويجه فى حفلة دينية تقام فى القلعة،ويؤم فيها الناس، وأنه هو الإمام الذى تصدر باسمه أحكام الشريعة، وتصدى لهم مصطفى النحاس باشا رئيس الحكومة فى ذلك الوقت، ورأى أن هذا يعد إقحاما للدين، وإيجاد سلطة دينية موازية للسلطة المدنية، ورأى أن إقامة حفلة دينية إلى جانب أداء اليمين أمام البرلمان أن الملك يأخذ بعض سلطته من غير البرلمان، وهذا يذكرنا بما فعله مرسى أثناء أدائه اليمين أمام الدستورية وفى ميدان التحرير.
وقد وصف النحاس باشا تلك الحركة التى تنادى بذلك بالمؤامرة، ولكن البنا رد عليه ووظف الدين لأهدافهم وقال إن هذا واجب ومفروض وإن لم يقم به الشعب فقد أثموا إثما عظيما.
مظاهرات البنا وتمجيد الفاروق «الله مع الملك»
وحدثت الصدامات مع القصر وخرجت مظاهرات تهتف «الشعب مع النحاس» وحشد البنا أنصاره فى مظاهرات معادية «الله مع الملك» ولقبوا فاروق ب«أمير المؤمنين». فقد كانوا يهتفون ليس حبا فى الملك وإنما لكى يتحركوا على الأرض وينشروا أهدافهم.
وكانت هذه هى البداية لانطلاق الجماعة والتى بدأت تتلقى أموالا من الخارج والداخل، وقد انقلبت تلك الجماعة بعد ذلك على القصر الملكى، وكان اغتيال محمود فهمى النقراشى باشا عام 1948.
التحالفات مع رجال السلطة والتيارات الأخرى
وأشار الباحث السياسى إلى أن جماعة الإخوان وكعهدها دائما تقوم بعمل تحالفات مع السلطة والتيارات الأخري، وتكون قائمة على أجندتين إحداهما معلنة مع التحالف فى أثناء الاتفاق والأخرى غامضة حتى يتحقق أهدافهم ،ثم الانقلاب بعد ذلك على الحليف والغدر به، وهو ماحدث مع الملك، ثم رجال ثورة يوليو، والسادات، ومبارك،والمجلس العسكرى إبان ثورة 25 يناير، فقد كانوا يسبحون بحمده وانقلبوا عليه بعد ذلك.
فالتحالفات مع التيارات ورجال السلطة لن تكون الأخيرة، فالدائرة عندهم اتسعت، والمواجهة مستمرة مع المجتمع، فالتحالفات قائمة للقضاء على الخصوم.
وأكد الشرنوبى أن تحالفات الجماعة بعد ذلك عقب ثورة يناير مع بعض الأحزاب، كان للوصول إلى سدة الحكم، وتحقق لهم المراد، وانقلبوا بعد ذلك عليهم وسيطروا على مفاصل الدولة، حتى سقطوا بعد ثورة شعبية كاسحة أطاحت بهم.
25 يناير «شوية عيال»
وأوضح الشرنوبى أن جماعة الإخوان كانت تنتظر فى يوم ما أى مرحلة احتجاجية لتحقيق أهدافها، فكانت قبل ثورة يناير تتعاون مع بعض الحركات الموجودة على الساحة ومنها «كفاية» و«6 إبريل»، وقبل الثورة بيومين استدعانى مرسى يوم 23 ينايروحضرت مع نحو 20 من قيادات الإخوان بحضور المرشد للتحدث عن الثورة ومدى المشاركة فيها من عدمه، وكانت أغلب الآراء أنهم لم يشاركوا فيها، وقال مرسى «احنا مش عارفين شوية العيال دول هيعملوا ايه وممكن يورطونا فى حاجة لو شاركنا...».
لكنهم فى حقيقة الأمر كانوا ينتظرون الفرصة لاستغلال الموقف والانقضاض عليه، خاصة بعد الانتخابات البرلمانية عام 2005 رغم حصولهم على 88 مقعدا بالاتفاق مع نظام مبارك، حتى كانت الثورة والتى شاركوا فيها بعد تلقيهم اوامر من السفير الأمريكى بتركيا بالمشاركة، وكانت هناك مفاوضات سابقة وتحالفات مع أمريكا وأنهم البديل لنظام مبارك، فقد كانت هناك عناصر قد تربت ودعمتها أمريكا ومنهم محمد مرسى ومحمد على بشر. وبدأت الثورة وكانت المؤامرة وهى اقتحام السجون والأقسام الشرطية، وإشعال الحرائق فى كل أنحاء البلاد، وادعوا أنهم ليس لهم علاقة بما يحدث، وجلسوا مع الراحل عمر سليمان نائب رئيس الجمهورية فى الأول من فبراير، واتفقوا على أشياء، وصباح اليوم كانت موقعة الجمل والتى أعدوها بإحكام وتصدروا المشهد وسرقوا الثورة، فالفكرة عندهم كانت قائمة وهى الوصول للحكم، وكل من اقترب منهم وأمن لهم لدغ منهم.
لعبة المصالح المشتركة مع «الطاغوت»
الدكتور رفعت السعيد الكاتب السياسى وزعيم حزب التجمع يقول إن الإخوان يجيدون لعبة المصالح المشتركة مع الطاغوت.
فالطاغوت كما ورد فى القرآن على أنه الشيطان،فهو بالنسبة للإخوان هو الآخر فكل من لم يبايع على السمع والطاعة يعتبر طاغوتا،فهم كانوا يتعاونون ويتحالفون حتى يتمكنوا، فكان الهدوء هو سمتهم حتى الوصول إلى التمكين، فمنبع القوة بعد ذلك، إبان الحرب العالمية الثانية تحالفوا مع الألمان، وقبض حسن البنا منهم أموالا، والدليل على ذلك هو رقم الوثيقة المنشورة والموجودة فى الأرشيف العام بوزارة الخارجية فى المتحف البريطانى، حيث تقول بتفتيش مكتب المسئول عن المكتب الإعلامى الألمانى عثروا على عدة أوراق، أرسلت نسخ منها إلى برلين، يقول فيها قابلت حسن البنا وطلب أموالا مقابل التحالف معهم،فسلمت له مبلغ 500 جنيه فى المرة الأولى، و500 أخرى فى المرة الثانية، ومبالغ أخرى فى مرات عديدة... ومازال البنا يطلب المزيد.. وقال المسئول الإعلامى إن هذه الجماعة مفيدة جدا.
وقد نشر البنا مقالا فى جريدة الجماعة قال فيه وصلت إلينا الأنباء بأن إيطاليا وألمانيا واليابان سيعتنقون الإسلام، وأن اللغة العربية ستكون الرسمية.
هتلر أعلن إسلامه ولقب نفسه بالحاج محمد
واستمر البنا فى كذبه وخداعه للناس، وادعى فى مقاله أن الزعيم الألمانى هتلر أعلن إسلامه وحج البيت فى الخفاء حتى لاينكشف أمره، وأطلق على نفسه اسم الحاج محمد هتلر.
ويؤكد زعيم حزب التجمع على نقطة هامة وهى أن المشير حسين طنطاوى رئيس المجلس العسكرى وقت الثورة أنه لم يكن يبتلع الإخوان ولايطيقهم، ويتعامل معهم بحرص، مضيفا أنه تم عقد نحو 32 اجتماعا مع المجلس العسكرى، وكانت كل القوى تحضر وبينهم محمد مرسى رئيس حزب الحرية والعدالة التابع لجماعة الإخوان، وبدأ الخلاف حادا حول تشكيل لجنة إعداد الدستور، وأعترف أن المشير كان يستند إلى لإسكات الإخوان، فأنا أعرف تاريخهم البغيض بالكامل.. وقال المشير إن آخر جلسة لابد أن تحزموا أمركم... وقبلها قال مرسى سوف أتشاور مع الجماعة فأخذ 48 ساعة.. وفى الجلسة الأخيرة أعطى له المشير الكلمة فتحدث 35 دقيقة لم نفهم منه شيئا.. فكان يعيد الكلام والجمل لم تكن واضحة.. كعادته وهذا ماوضح بعد ذلك أثناء توليه الحكم.. ولم يكن المشير يصدقهم تماما فيما يتفقون عليه ففى اليوم التالى نسمع أشياء، ويهيجون البلاد.
ولتحقيق المصلحة المشتركة وتحقيق أهدافهم رتبت لجماعة الإرهابية إلى احتلال ميدان التحرير فى جمعة أسميتها فى ذلك الوقت كما يؤكد الدكتور السعيد جمعة «قندهار» عندما احتشدت الجماعة والسلفيون فى الميدان يوم 29 يوليو أثناء اعتصام القوى المدنية المناهضة لما أسموه «حكم العسكر» بعد استفتاء التعديلات الدستورية، وإجراء انتخابات قبل وضع دستور مدنى لمصر يمثل كل الشعب بكل طوائفه وليس دستورا لحكم فئة رجعية إرهابية ترجع بمصر إلى عهود الظلام والفتن الطائفية والعنصرية، ورفعت الجماعة صور الإرهابى أسامة بن لادن وأعلام تنظيم القاعدة فى الميدان، وحولوا الميدان إلى مايشبه «طالبان» وحدثت اشتباكات مع القوى الموجودة ،ودارت حرب شوارع واشتباكات عنيفة بالحجارة والطوب والمولوتوف ،واستطاعت القوى إبعادهم عن الميدان.
500 سنة حكما للبلاد.. وتزوير الانتخابات
ويستكمل زعيم حزب التجمع الخريطة الغامضة للإخوان للوصول إلى السلطة،والذين قاموا بتزوير الانتخابات الرئاسية أثناء مرحلة الإعادة بين الفريق أحمد شفيق ومحمد مرسي، عن طريق المطابع الأميرية، وتجنيد بعض القضاة من الإخوانيين لحسابهم، ونجحوا فى ذلك، بعد ترويجهم إشاعات أنهم سيحرقون البلد ويخربونها إذا لم ينجحوا، وبعد نجاحهم قال خيرت الشاطر فى أحد الاجتماعات أثناء وجود الفريق أول عبد الفتاح السيسى وزيرا للدفاع أنهم سيحكمون البلاد لمدة 500 عام قادمة ولن يتركوا الحكم إلا على جثثهم.
واستطاعت الجماعة السيطرة على مفاصل الدولة وأخونتها بالكامل، ففى وزارة الكهرباء استطاعوا اختراقها، واحدثوا فيها ماحدث من الانقطاع المستمر للكهرباء بعد ذهاب حكمهم وأثنائه أيضا، وكذلك المجالس المحلية والمحافظات، واختراق وزارة الداخلية، وتدمير جهاز أمن الدولة.
وأكد السعيد أن مرحلة الإخوان فى الحكم لم يعترف بها، ولم يعترف بمرسى رئيسا للبلاد، الذى لم يكن على دراية بالحكم، وإنما الذى كان يدير البلاد هو خيرت الشاطر، وقد فصلوا بعد ذلك الإعلان الدستورى والذى هيج الشعب عليهم، بعد جعلهم لمرسى فرعونا جديدا ونصف إله، وحدثت أحداث الاتحادية فى 5 ديسمبر 2012، عندما خرجت أعداد الملايين وحاصرت القصر،وهتفوا بسقوط المرشد والإخوان، وقامت ميلشيات الجماعة الإرهابية بالتعدى بالأسلحة النارية والبيضاء وزجاجات المولوتوف الحارقة على خيام بعض المعتصمين من الشباب، فقتلوا 10 منهم وأصابوا العشرات، ودمروا العديد من سيارات الشرطة، فكانت هى النهاية لسقوط الجماعة الإرهابية والتى عجلت بعد ذلك بثورة 30 يونيو عام 2013.
مرحلة السقوط.. وثورة شعبية
وقد اغترت الجماعة وبعض القوى والميلشيات التى ساندتهم وزعمت أن أحدا لايستطيع أن يقف ضدهم، فكانت الثورة الشعبية الكاسحة والتى خرج فيها الشعب عن بكرة أبيهم فى30 يونيو 2013، يوم تولى مرسى مقاليد الحكم فى مثل هذا اليوم قبل عام، لينادوا بإسقاط حكم المرشد، وحكم الإخوان، ويشيد السعيد بذكاء الشعب المصرى بأنه شعب عبقرى عندما خرج فى مظاهرات 1977 أيام الرئيس السادات فهتفوا بسقوطه، وكذلك أيام مبارك،أما مرسى فعرفوا أنه لم يكن الحاكم الفعلى للبلاد وإنما كان مكتب الإرشاد، وفى 3 يوليو أطاح الشعب بهم، وساند الجيش الثورة المباركة، وعزل مرسى من سدة الحكم بعد عام واحد فقط، وخلال أمنية 82 عاما حاولوا فيها الوصول إلى الحكم حتى تحقق، وخسروا كل شىء، ولن تقوم لهم قائمة بعد ذلك.
واقعة الحرس الجمهورى.. وفض رابعة
ويضيف السعيد... لكن الفكر الدموى عندهم لم ينته بعد،فخرجوا بأسلحتهم واقتحموا عددا من الأقسام الشرطية وأحرقوها، وكانت مذبحة كرداسة الشهيرة واعتصموا فى رابعة العدوية، وبدأوا فى التخطيط للهجوم على بعض المنشآت العسكرية ومنها محاولة اقتحام دار الحرس الجمهورى وكان يتزعمهم محمد البلتاجى ،لكن قوات الجيش تصدت لهم وأسقطت عددا من القتلى فى صفوفهم وفرت قياداتهم هاربة بعد رميهم للشباب أمام قوات الجيش.
وفى اعتصام رابعة ادعوا أنهم سلميون، ولكن اثناء فض الاعتصام من قبل قوات الأمن ظهرت أسلحة ثقيلة وبنادق آلية، وجثث لعدد من الشباب الذين قاموا بتعذيبهم حتى الموت. وبدأوا فى القيام بعمليات إرهابية فى أنحاء متفرقة بالبلاد.
حظر الجماعة.. والتحالف لدعم الشرعية
وفى عهد حكومة حازم الببلاوى قال زعيم حزب التجمع إنهم قاموا برفع دعوى لحظر تلك الجماعة، وتم إصدار حكم بالفعل بحظرها ومصادرة أموالها.. لكن تأخر رئيس الوزراء وحكومته والتى كانت «أياديها مرتعشة» عن التنفيذ ضيعت الأموال بعد قيام قيادات الإرهابية بتهريبها خارج البلاد.
وبدأت الجماعة تتحالف مع أحزاب أخرى ومنها الاستقلال والوسط والجبهة السلفية تحت مسمى التحالف لدعم الشرعية، والذى كان يصدر بياناته التحريضية بقيام تظاهرات هنا وهناك ،والاشتباك مع قوات الأمن والأهالى، ورفع شعارات وشارات رابعة الصفراء وأعلام القاعدة وأخيرا «داعش» وإحداث حالة من عدم الاستقرار.
الانتخابات البرلمانية.. وكابوس «رفع شارة رابعة»
وفى مشهد يخاف منه زعيم حزب التجمع، وهو يوم الجلسة الأولى للبرلمان، حيث يتوقع ظهور عدد من الأشخاص يرفعون شارات رابعة فى المجلس وأمام شاشات التليفزيون بعد نجاحهم فى الانتخابات،خاصة بعد حالة التخبط التى نعيشها الآن وصراع القوى السياسية مع بعضها البعض، وهذا سيصب فى مصلحة الجماعة بلاشك، فعلى القوى السياسية أن تعى ذلك، وكذلك الدولة والتى لابد أن تقف بالمرصاد لهم، وتمنع الدعم المالى القادم لهم سواء من الداخل أو الخارج ،فهم سيصرفون أموالا طائلة لشراء الأصوات وأتوقع أن يصل الصوت إلى عشرة آلاف جنيه.
القطبيون.. والسيطرة على النقابات
وتستمر رحلة الصعود والهبوط لجماعة الإخوان ويشير الدكتور خالد الزعفرانى الباحث فى شئون الحركات الإسلامية والقيادى المنشق عن الإخوان إلى أن الجماعة كانت فى فترة السبعينات ضعيفة وهشة خاصة بعد خروج قياداتها من السجن، وكان مصطفى مشهور فى آواخر الأربعينيات هو محيى الإخوان بعد حسن البنا، وأصبح مرشدا للجماعة بعد ذلك.
وقد انطلقت الجماعة فى عهد عمر التلمسانى مرشد الجماعة وتحالفوا مع حزب العمل والأحرار والوفد، وحصلوا على مقاعد فى البرلمان، وسيطروا على النقابات المهنية، وكان القطبيون الذين تتلمذوا على يد سيد قطب والذى أنشأ ذلك التنظيم داخل الجماعة سنة 65، والذى وصف المجتمع بالجاهلية، قبل الإسلام بأهل مكة، إلى جانب الاستعداد للصدام مع ذلك المجتمع بالقوة، بالإضافة إلى العزلة الشعورية التى أطلقوها فهم كانوا منغلقين على أنفسهم، وأصبحوا هم المسيطرين على جماعة الإخوان، واستبعدوا جيل الوسط منها ومنهم عبدالمنعم أبو الفتوح وحلمى الجزار وغيرهما..وصعد نجم القطبيين فى التسعينيات وتحالفوا مع الجماعة الإسلامية فى أعمال العنف والاغتيالات، وتم إقصاء الحرس القديم لحسن البنا،وبدأ القطبيون فى الاتصال بأمريكا، وصدروا لهم خطابات انهم يهتمون بالمرأة، ويؤمنون بالديمقراطية، ولا يهددون أمن إسرائيل، فكان الدعم الأمريكى لهم حتى قامت ثورة يناير، وكان الإخوان فى أضعف حالاتهم التنظيمية، لكن الثورة سرقوها وحضروا أنفسهم للانتخابات البرلمانية، حتى حصلوا على العديد من المقاعد، وازدادت شعبيتهم للوصول للرئاسة وتحقق ذلك.
الشاطر يتصل بالجماعات التكفيرية..
وبعد تحقيق المراد كما يوضح الزعفراني، الإخوان بدأوا فى تنفيذ مخططهم، وهو تدمير الأجهزة الأمنية كلها، والجيش أيضا، واتصل خيرت الشاطر بالجماعات الإرهابية والتكفيرية فى سيناء وغيرها، وكذلك حماس، وأنشأوا حركة حازمون والجبهة السلفية، كل هذا لمواجهة الدولة، وخططوا للسيطرة على الدولة وأخونتها.
وقاموا بتعيين رؤساء لهم فى كل مكان بعيدا عن الكفاءة والمهنية، فهل لك أن تتخيل أنهم قاموا بتعيين تاجر «موبايلات» فى منصب رئيس ديوان المظالم التابع لرئاسة الجمهورية، ووكلاء الوزارات من المدرسين المحالين إلى المعاش، ورؤساء مجالس مدن لم يحصلوا على مؤهلات عليا، وأحدث هذا حالة من الذعر عند بعض الأحزاب ومنها النور والدعوة السلفية وبعض التيارات السياسية، وتم إستبعاد عدد من القوى السياسية، وكان هشام قنديل رئيس الوزراء الأسبق ستارا لهم، وكان خيرت الشاطر هو رئيس الوزراء القادم بدلا منه.
ويستكمل القيادى المنشق عن الإخوان الدكتور خالد الزعفرانى رؤيته فى قراءة صعود تلك الجماعة وسقوطها فيرى أن الجماعة كانوا واثقين أن الدعم الأمريكى لهم لن ينتهى، وأن أى ثورة مهما قامت ضدهم فلن تنجح، بالإضافة إلى مساندة الجماعات التكفيرية والإرهابية، وقد كان مؤتمر سوريا شاهدا على ماحدث عندما دعا مرسى كل الجماعات الإرهابية، والذين كانوا يعترفون أنهم خوارج، ومع ذلك دعاهم المعزول للوقوف معه، ضد الشعب فى حالة الخروج عليه. وبدأ خيرت الشاطر بكل أمواله فى الاتصال مع الإرهابيين لإنشاء مايسمى بالحرس الثورى على غرار إيران، خاصة بعد قيامهم باختراق جهاز الداخلية وبعض قياداته.
لكن الإدارة الأمريكية وقطر وتركيا اقترحوا عليهم إنشاء وزارة موازية للوزارة الموجودة، والتى شكلها الرئيس المؤقت المستشار عدلى منصور، وخرجوا فى مظاهرات قبل فض الاعتصام بنحو أسبوع، وبعد ذلك كانت الخطة احتلال 12 وزارة، ويضعوا وزراءهم فيها، ويكون هناك حكومة أخري، ومخاطبة المجتمع الدولى للتدخل، إلا أن خطتهم فشلت.
وتمسكوا برجوع مرسى إلى الحكم إذا وافقوا على فض الاعتصام، وقال الزعفرانى تواصلت مع قيادات الجماعة ومنهم محمود حسين ومحمد بديع ومحمود عزت، ومحمود غزلان، والذين قالوا إن مسألة الفض فى يد الشاطر، خاصة بعد علمهم أن قوات الجيش والشرطة ستقوم بالفض وستحدث خسائر فادحة، لكن الشاطر قال «لن ننصرف إلا بعد عودة مرسى حتى لو مات الآلاف».
المناخ بعد 30 يونيو
بينما يرى نبيل السجينى الصحفى والباحث فى العلوم السياسية، ان تنامى ظاهرة الصراعات على مستوى قارات العالم على خلفية دوافع دينية خلال السنوات الأخيرة، خاصة بعد فشل العديد من الأحزاب السياسية على خلفية دينية فى الاحتفاظ بالسلطة مثل مصر وتونس.
فالتداخل بين الدين والسياسة له نتائج سلبية خطيرة، فقد يؤدى الى الصدام ليتحول هذا التداخل الى صراعات وحروب تعبر الحدود الدولية نظرا لحساسية المفاهيم الدينية وارتباطها بمشاعر الناس وعواطفهم الفطرية الدينية بعكس الممارسة السياسية التى تستند على افكار ونظريات وقوانين وضعية نسبية تتحمل الخطأ والصواب. لهذا من المستحيل استخدام الدين كشأن يومى وكشعار.
ويشير الباحث أن معظم الجماعات الأصولية ومنها جماعة الاخوان المسلمين تشابهت فى العديد من السمات، ومنها استخدام الشعارات الدينية وطالبت بقيام دولة دينية باستخدام النص الدينى فى غير موضعه كمرجعية لا يمكن الطعن بها للسيطرة على السلطة، فأكسبت القتال والاضطهاد شرعية دينية، مستغلةً الوهَن الذى أصاب المؤسسات الدينية التقليدية نتيجة انشغالها بصراعات دينية والتحجيم الحكومى لدورها.
إن الحركات ذات المرجعية الدينية كتنظيم القاعدة وتنظيم الدولة الاسلامية و الاخوان إنما هى تتسم بقدر كبير من السرية. وهو ما يضفى عليها طبيعة استخباراتية على أى نشاط لتتبع أنشطتها.
ويشهد العالم تضاؤلا لدور المكون الدينى فى السياسة حيث توجد هناك رغبة متنامية لدى عددٍ من الأنظمة الحاكمة فى المنطقة للحد من تأثير التنظيمات والحركات الدينية الاصولية مما يدفعها للتعاون مع القوى الدولية فى إطار ما يعرف بالحرب العالمية على الإرهاب والدعم الدولى لمكافحة نشاط تلك الحركات. وهو ما يتجلى فى الدعم الغربى لدول المنطقة وبخاصة بعد أحداث الحادى عشر من سبتمبر وهو ما حدث مؤخرا فى العراق بقيام الولايات المتحدة بقصف مواقع تنظيم داعش بعد توغلها فى المناطق المسيحية وهو ما يصب فى غير صالح الحركات الدينية المتشددة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.