تتعدد المشكلات الصحية لذوى الإعاقة باختلاف إعاقاتهم، فلكل نوع من الإعاقات طرق علاج تختلف عن الأخري، ولكن المشكلة الأهم التى تواجههم جميعا هى الانتقال من محافظة إلى أخرى للحصول على علاج مناسب لحالتهم لا يتوافر إلا فى محافظة معينة لذلك نحاول من خلال السطور التالية تقديم حلول قد تحد من المركزية فى تلقى العلاج من خلال توفير مستشفى أو وحدة خاصة لتقييم ذوى الإعاقة بالمستشفيات الجامعية. من خلال معايشته الطويلة مع المرض – حيث تعدى ال 62 من عمره - كأحد أفراد ذوى الإعاقة الحركية يوضح عبدالعظيم محمد على أن أهم أسباب تدنى الخدمات الصحية المقدمة لذوى الإعاقة يرجع إلى عدم وجود خدمات صحية كافية لتلبية حاجات ذوى الإعاقة فى مختلف المحافظات، وأيضا عدم تجهيز هذه المستشفيات بالأجهزة الطبية اللازمة وبالأخص الأجهزة التى يحتاجها المرضى من ذوى الإعاقة، أضف إلى ذلك عدم وجود كوادر طبية متخصصة فى علاج أمراض ذوى الإعاقة، ولذلك نحن المعاقين أو ذوى الاحتياجات الخاصة أو أصحاب القدرات الخاصة فى أمس الحاجة إلى إنشاء مستشفيات شاملة ومتخصصة لنا على مستوى المحافظات لتفادى المعاناة التى يتكبدها المعاق فى المستشفيات العامة وعدم الاهتمام اللازم، ويجب أن تشمل تلك المستشفيات أقسام متعددة مثل: أنف وأذن، وباطنة، وجراحات عامة وخاصة للمعاقين وأسرهم وأقساما خاصة للتأهيل الطبي، وأخرى للتأهيل النفسى والاجتماعي. مستشفيات خاصة وعن تجربته فى العلاج كشخص مكفوف يقول محمد أبو طالب – مدرب كمبيوتر بمركز نور البصيرة للمكفوفين بجامعة سوهاج- : من المعروف أن ذوى الإعاقة تكون من أهم الأولويات لهم هو الملف الصحى بالكامل وإذا بدأنا الحديث عنه تكون البداية من توفير مستشفيات خاصة لخدمة ذوى الإعاقة وأسرهم، ومن أهم هذه الخدمات التى يجب توفيرها فى هذه المستشفيات: أولا: توفير خدمة الكشف المبكر عن الإعاقة وذلك لكى يتم علاج الإعاقة أو على الأقل تخفيض حدتها فهنالك العديد من الإعاقات لو تم اكتشافها مبكرا يتم التغلب عليها سواء بتدخلات جراحية أو أدوية تحد من تفاقم المشكلات الصحية المترتبة عليها، ثانيا: يختص هذا المستشفى بمتابعة ذوى الإعاقة على الصعيد الصحى خلال حياته ويكون معدا ملف لكل ذى إعاقة وهذا يجعل حصر عددهم بشكل رسمى موثق وواضح المعالم ويساعد على تحديد أسباب حدوث الإعاقة وكيفية تفاديها على قدر المستطاع، ثالثا: يكون منوطا بها العمل على كل ما يختص من إستخراج ما هو متعلق من شهادات صحية موجهة للهيئات التى يتعامل معها ذوو الإعاقة وتطلب بيانات صحية عن نوع الإعاقة وتقارير طبية عنها، رابعا: يجب أن يكون المستشفى معدا لأن يستقبل ذوى الإعاقة فى الأساس فى بنيتها الأساسية. وأتمنى الإهتمام بهذا الملف على قدر كبير لأنه أحد الخطوات الأساسية لعلاج وحل مشكلة الإعاقة فى مصر. مساعدة المجتمع بعد أن عرضنا مطالب الأشخاص ذوى الإعاقة فى وضع صحى أفضل خلال المرحلة المقبلة .. نحاول أن نضع حلولا قابلة للتنفيذ على أرض الواقع، حيث يوضح الدكتور عبدالحليم محمد – المعالج النفسى والسلوكى ومدير مركز القاهرة للتدخل المبكر- أن مشكلة ذوى الإعاقة فى مصر لا تكمن فى إعاقاتهم بقدر ما تكمن فى الطريقة التى ينظر بها المجتمع إليهم، فالمجتمع هو الذى يشعر الشخص بإعاقته أو يساعده فى التغلب عليها، كما أن المجتمع المصرى لا يلبى لذوى الإعاقة احتياجاتهم الصحية سواء كانت جسدية أو نفسية، تلك الاحتياجات التى تساعدهم فى التغلب على إعاقاتهم أو حتى تقلل من أثر الإعاقة السلبى عليهم وعلى أُسرهم وعلى مجتمعاتهم، وقد أشارت الدراسات والأبحاث التى أجريت فى مصر إلى احتياج ذوى الإعاقة إلى الأمن والإحساس بالقيمة والشعور بالعدالة والحاجة إلى اعتراف الآخرين بهم والحاجة للانتماء لأسرة أو لمجتمع يتقبلهم ويحبهم، كما أظهرت الدراسات حاجتهم الشديدة إلى الاندماج والتكامل مع المجتمع، من التوصيات التى أوصت بها العديد من الدراسات والأبحاث أربعة أمور فى غاية الأهمية للحد من الإعاقة وأمراضها وتقليل أثرها على المعاق وأسرته ومجتمعه وهي: أولا: ضرورة إجراء الفحص الطبى قبل الزواج، ثانيا: ضرورة الرعاية الصحية للأم والجنين، وثالثا: توعية الأسرة بكيفية التعرف على عجز طفلهم فى مراحله الأولي، ورابعا: المتابعة الطبية للأطفال حديثى الولادة. ويضيف الدكتور عبدالحليم: أن التوصيات السابق ذكرها مازالت حبيسة الأدراج ورفوف المكتبات ولم تغادر مكانها حتى الآن ولذلك تحدث الإعاقة ويتأخر الاكتشاف ومن ثم يحدث التدخل أو العلاج متأخراً مما يهدر وقتا وجهدا ومالاً على الأسرة والمجتمع، وإذا كانت الحال هكذا فى العاصمة «القاهرة» فما بالنا بالمحافظات الأخرى وخاصة محافظات الوجه القبلى الأكثر بعداً عن العاصمة والأكثر فقراً تلك المحافظات التى يأتى منها العديد من أُسر الأطفال المعاقين وبصحبتهم أطفالهم ، ولك أن تتخيل مدى المشقة والمعاناة حينما تنتقل أسرة بطفلها الذى لا يستطيع الحركة أو الذى تحدث له نوبات صرع وتشنجات كل بضع ساعات أو الطفل ذى الإعاقة العقلية الذى لا يستطيع التحكم فى سلوكه أو طفل كفيف أو حتى إعاقة أخري، كل هذه المشقة بجانب التكلفة المادية الباهظة، والمعاناة النفسية الرهيبة كل ذلك تتحمله الأسرة من أجل مجرد كشف أو فحص أو تقييم وليس علاجا تاما. مقترح قابل للتنفيذ وهنا يقترح الدكتور عبدالحليم من أجل الأطفال ذوى الإعاقة وأسرهم الذين يعانون بشكل دائم نقترح بأن يتم توفير وحدة خاصة بتقييم ذوى الإعاقة فى كل مستشفى جامعى فى كل محافظة على أن تحتوى هذه الوحدة على أقسام للفحص والتقييم وتقديم الخدمات العلاجية والتأهيلية الطبية والنفسية. هذا الأمر إن تم تنفيذه فمن شأنه أن يحقق الآتي: أولا: يقلل معاناة الأطفال ذوى الإعاقة وأسرهم سواء المعاناة المعنوية أو النفسية، ثانيا: الحفاظ على كرامة الشخص المعاق وأسرته، ثاليا: تقليل الضغط على محافظة القاهرة ومستشفياتها، رابعا: الحد من أثار الإعاقة نتيجة المتابعة المستمرة التى يتيحها قرب مكان التشخيص والعلاج، خامسا: تحسين حالات ذوى الإعاقة ومن ثم تحولهم من عبء على الدولة إلى أشخاص منتجين فى الدولة.