إذا لم تستح فافعل ما شئت! لست أدرى لماذا تذكرت هذا القول المأثور عندما سمعت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية تعلن فى غير حياء أن بلادها أمريكا سوف تستخدم الفيتو الأمريكى اعتراضا على المشروع الفلسطينى الخاص بانسحاب القوات الإسرائيلية من الأراضى الفلسطينية تذكرته وتذكرت أن أمريكا تروج لنفسها بأنها حامية حمى الشعوب فى العالم التى تنادى بالاستقلال.. فضلا عن ادعائها بأنها تحترم القانون الدولى والقيم الإنسانية التى تحفظ لكل دولة حقها فى أن تعيش مستقلة ذات سيادة. والحق أن أمريكا التى تدعم اسرائيل ظلما وعدوانا قد استاءت كثيرا من دولة مثل السويد عندما بدأت فى الاعتراف بالدولة الفلسطينية ثم تبعتها إنجلترا وإسبانيا وفرنسا وكان لسان حال هذه الدول أنه قد آن الأوان لحل النزاع فى الشرق الأوسط الذى طال لأكثر من 06 عاما وأن هذا الحل يجب أن يتأسس على حل الدولتين الذى حظى بإجماع دولى حتى الآن. ومن ثم فالاعتراف بالدولة الفلسطينية لن يخل بالمواثيق الدولية المعترف بها ولهذا السبب بادرت بعض الدول الأوروبية بالاعتراف بأن نضال الشعب الفلسطينى يجب أن يصل إلى مبتغاه وهو الاعتراف الدولى بالدولة الفلسطينية كى يتفرغ الشعب الفلسطينى للعمل ومواصلة احترام القيم والمواثيق والقانون الدولى. أقول إن هذا ما ينبغى أن يكون.. لكن أمريكا لها رأى آخر وهو ألا ينتهى النزاع فى الشرق الأوسط لأن هذا معناه عدم مراعاة اللوبى اليهودى واسرائيل المحتلة ثم لوبى صناعة السلاح فى أمريكا الذى يزكى النزاع ويخيف القاصى والدانى ويجعل من اسرائيل مخزن بارود قابلا للاشتعال فى منطقة الشرق الأوسط. ثم فلنقلها بصراحة إذا انتهى هذا النزاع بين اسرائيل التى تحتل أرضا عربية والشعب الفلسطينى المناضل من أجل إقامة دولية.. فماذا يفعل كيرى وزير الخارجية الذى يشعل نيران الأزمة فى كل مرة يأتى فيها إلى الشرق الأوسط. وأود من كل قلبى أن يجيب أحدهم عن هذا السؤال: ما هى القضية التى إذا دخلت فيها أمريكا كطرف. انتهت وجاءها الحل من حيث لا تحتسب؟ الواقع أن المشكلات التى تتدخل فيها أمريكا كطرف أو كوسيط لن تحل أبدا ومشكلة العراق هى خير دليل على ذلك. ثم أوكرانيا. وأضف إلى ذلك سوريا وليبيا واليمن وهلم جرا.. يخطىء من يعتقد ياقوم أن أمريكا تريد سلاما فى العالم.. فهى عكس ما تدعى وتقول نريد أن يتحول العالم إلى »منطقة حروب« هنا تنشط جماعات ضغطها.. وتتورد وجنتاها وكلما زاد الاعتماد عليها باعدت الثقة بين الفرقاء. هذا هو ايدن أمريكا والغريب والعجيب أننا مازلنا نثق فى رجالها وحكوماتها. مع أنها لا تستحى أن تعلن أنها ضد حركة الشعوب الرامية إلى الاستقلال واقامة دولتها المستقلة ذات السيادة لقد سيطرت لغة العقل على بعض دول أوروبا فتململت فى موقفها الذى كان يجعلها تسير معصوبة العينين وراء أمريكا وتبتعد عنها قليلا ويكون لها موقفها الخاص من القضية الفلسطينية التى كادت تتوه بين القضايا العربية الأخرى فى سورياوالعراق واليمن وليبيا وتونس. مشكلة أخرى إن أمريكا لن تغير موقفها الداعم لإسرائيل ولو على حساب الحقوق العربية. لكن ما أعجب له واندهش هذا السؤال التالى: أين البرلمانات العربية أليست القضية الفلسطينية هى قضية العرب أجمعين بنص كلمات الجامعة العربية لماذا تحركت البرلمانات الأوروبية.. وظلت البرلمانات العربية فى سبات نوم عميق: أتصور أن هذه البرلمانات العربية لو تحركت واعلنت اعترافها بالدولة الفلسطينية لفضحت أمريكا وحرضت برلمانات العالم إلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية المنشودة.. ثم أود من كل قلبى أن نتعامل مع الأمريكان بنفس القدر من سوء الطوية التى يتعاملون به مع الشعوب العربية. باختصار هم ثابتون على موقفهم. فلا دولة فلسطين وليس الأمر فى قصاراه سوى تسويفات لأنهم يعلمون لست أدرى كيف؟ أن الوقت فى صالحهم. لابد أن نعترف أخيرا بأن معارضة أمريكا واستخدامها لحق النقض الفيتو لم يكن مفاجأة. فكان هذا أمرا متوقعا. وعلى الشعب الفلسطينى أن يواصل نضالاته وأن يخاطب المحافل الدولية والدول الأخرى الأعضاء فى مجلس الأمن الدولى وعددهم 51 عضوا. تسعى أمريكا للضغط على بعضهم بالمال والمعونات والوعود. ثم أن يتوحدوا فى صوت واحد لابطال الحجة الإسرائيلية التى تقول مع من نتكلم فلا خلاف بين فتح وحماس والجهاد إلا الخلافات المعروفة بين النظام الحاكم والمعارضة. أخيرا: المشكلة تكمن فى أننا لانزال نصدق أن أمريكا هى الراعى الوحيد للسلام.. هى فى الواقع الضامن الوحيد لعدم وجود سلام لأنها كالدودة لا تنشط إلا على الجثث العربية من ضحايا السلام!! لمزيد من مقالات د. سعيد اللاوندي