آخر ما يمكن توقعه أن يقوم المجلس الأعلى للصحافة بتعطيل عمل الهيئات المنتخبة فى المؤسسات الصحفية القومية، مما تسبب فى شلل مجالس الإدارة والجمعيات العمومية وتجميدها على مدى أكثر من ثلاثة أشهر فى سابقة هى الأولى من نوعها. فى انتخاب 2006 تم إعلان أسماء المعينين فى مجالس الإدارة والجمعيات العمومية قبل إجراء الانتخابات ببضعة أيام قليلة، وفور إجراء الانتخابات تم تفعيل المجالس لتبدأ عملها على الفور وهى الدورة الأبرز فى تاريخ مجالس الإدارة التى عالجت أخطاء تراكمات طويلة وممتدة، وشهد القاصى والدانى بما تحقق فيها من انجازات. أما فى دورة 2010 فقد تم إعلان الأسماء المعينة بعد الانتخابات بنحو أربعة أيام لتبدأ تلك المجالس مواجهة أصعب وأقسى الفترات التى واجهت المؤسسات الصحفية القومية بعد قيام ثورة يناير 2011 وما تبعها من انحسار خطير فى الموارد الإعلانية التى كانت ولا تزال المصدر الرئيسى لدخل المؤسسات الصحفية. أما الآن، فقد صدر تعديل تشريعى على القانون 96 لسنة 96 لتنظيم الصحافة يقضى بأن يتولى المجلس الأعلى للصحافة مهام مجلس الشورى »المالك« للصحافة القومية لحين اقرار الدستور الدائم للبلاد وانتخاب مجلس النواب وصدور التشريع اللازم فى شأن تنظيم الصحافة، وطبقا لهذا التعديل، فقد مارس المجلس الأعلى صلاحياته فى تعيين رؤساء التحرير ورؤساء مجالس الإدارة، وبعدها أعلن دعوته لإجراء انتخابات مجالس الإدارة والجمعيات العمومية فى شهر سبتمبر الماضى لتجرى الانتخابات فى شهر أكتوبر الماضى رغم أن القانون 96 لسنة 1996 أجاز فى مادته 64 فى الفقرة الثالثة التجديد لمجالس الإدارة لدورة كاملة، إلا أن المجلس - ومعه حق - أراد الانتصار للديمقراطية وحرية الرأى والانحياز إلى رغبة الزملاء وحقهم فى اختيار ممثليهم فكان قراره بإجراء الانتخابات، وأجريت الانتخابات منذ أكثر من شهرين، وتم إعلان النتائج وتحصينها قانونيا، حيث نصت المادة 40 من اللائحة التنفيذية للقانون 96 لسنة 1996 على أن »تتولى اللجنة الفرعية فرز الأصوات فى حضور من يشاء من المرشحين، وتعلن النتيجة وفقا لأغلبية ما حصل عليه المرشحون، ويكون ترتيب الأعضاء تنازليا، وفقا لما حصل عليه كل منهم من أصوات«، وهو ما حدث فعلا. كما نصت المادة 41 من اللائحة التنفيذية على أن «تقدم الطعون المتعلقة بالانتخابات أو بإجراءاتها إلى اللجنة العليا خلال عشرة أيام من تاريخ إعلان النتيجة، وتفصل اللجنة فى الطعون التى تقدم إليها خلال أسبوع على الأكثر، ويكون قرارها نهائيا«، وهو ما حدث بالفعل أيضا، وبالتالى فقد تم تحصين هذه الانتخابات، ليبقى اللغز قائما حول عدم إعلان الأسماء المعينة، حتى الآن لتمارس مجالس الإدارة والجمعيات العمومية صلاحيتها فى الانعقاد ومتابعة كل شئون هذه المؤسسات. التدقيق فى الاختيار، ليس حجة لأن اختيار الأسماء المعينة يجب أن يتزامن مع فتح باب الترشيح كما كان معمولا به على أن يتم إعلانها مع إعلان نتيجة الانتخابات وربما قبلها أو بعدها بقليل أما أن يستمر هذا التدقيق لمدة تقترب من الثلاثة أشهر، فهذا أمر غير مفهوم أو مبرر، أما إذا كان المجلس الأعلى لم يكن راغبا فى الانتخابات فى هذا التوقيت، فهو الذى دعا إليها وقررها، وكان يمكنه أن يقوم بالمد للمجالس والجمعيات القديمة حتى إشعار آخر طبقا لنص المادة 64 من القانون التى حددت مدة عضوية مجالس الإدارة بأربع سنوات قابلة للتجديد. المشكلة الآن، أن المجالس القديمة ألغيت بعد إجراء الانتخابات وإعلان نتائجها وانتهاء الفترات الزمنية للطعون وإعلان النتائج، وبالتالى لا يجوز للمجالس القديمة أن تنعقد أو تمارس صلاحيتها، وفى ذات الوقت، فإن المجالس الجديدة معطلة لأنه لم يتم إعلان الأسماء المعينة حتى الآن، مما يتسبب فى عدم اكتمال النصاب القانونى اللازم لعقد الاجتماعات فى سابقة هى الأولى من نوعها، فقد كان بعض رؤساء مجالس الإدارة السابقين هم من كانوا يحاولون تعطيل أعمال مجالس الإدارة والجمعيات العمومية، لكن هذه المرة فإن المجالس والجمعيات العمومية معطلة بسبب عدم اكتمال النصاب القانونى وعدم استكمال تشكيلاتها فى وقت، كان المفروض أن يقوم المجلس الأعلى بدعم تلك المجالس المنتخبة وتفعيلها بدلا من تهميشها وتعطيلها. لمزيد من مقالات عبدالمحسن سلامة