تنتهى بعد غد المهلة النهائية التى حددها المجلس الدولى لحقوق الانسان بجنيف التابع للأمم المتحدة لتلقى تعديلات الدول على الصياغة النهائية لتوصيات الدول التى قدمت لمصر فى ملف حقوق الانسان ، بعد نشر المسودة الاولى غير الرسمية لها . ولا تزال تتوالى أصداء اعتماد ملف مصر لحقوق الانسان ونجاح وفد الحكومة المصرية فى الدفاع عن حالة حقوق الانسان ، فقد أرسل المستشار ابراهيم الهنيدى وزير العدالة الانتقالية ورئيس الوفد المسودة الاولى لكافة الوزرات المعنية لدراستها والرد عليها . كما تلقيت أربعة اتصالات تليفونية من سفير تونس بالقاهرة محمود الخميرى خلال 5 أيام يشرح فيها المداخلة التى قدمتها بلاده خلال مناقشة ملف مصر بجنيف ، وطلبت منه إرسال رده على مانشر تحت عنوان « الجولة الثانية فى معركة حقوق الانسان بجنيف العالم فى صف مصر ... وتركياوتونس واسرائيل ضدها ، بتاريخ 17 نوفمبر الحالى ، وقال فى أهم جزئية فى رده بأن البيان الذى ألقاه الوفد التونسى أثناء جلسة الاستعراض الدورى لمجلس حقوق الانسان الخاص بمصر لم يتطرق إطلاقا الى الأبعاد السياسية و أقتصر على المسائل الحقوقية «بروح ايجابية بناءة» ولم يعرب عن أى تنديد أو قلق او انشغال من الوضع السياسى ولا الحقوقى الراهن فى مصر ، و أن إحدى التوصيات التى قدمها الوفد التونسى عن ( المساواة بين الرجل و المرأة ) هى نفس التوصية التى قدمتها تونس لمصر سنة 2012 ، و أن الوفد التونسى شارك بفاعلية فى كافة الاجتماعات للمجموعة العربية والاسلامية و عدم الانحياز ولم يسبق أن رفض موقفا من مواقف المجموعة العربية. وتعليقى على رد سفير تونس بالقاهرة أنه حمل عدة مفاجأت مدوية ، فى كلمة الوفد التونسى التى التى أرفقها بالرد ، والتى حاولت معه مرتين أن يرسلها لى ، لأننى حضرت تلك الجلسات ، ولكنه تمسك بالرفض ، واكتفى برد رسمى للسفارة ، ثم قام بإرسال نص كلمة تونس لرئيس تحرير الأهرام الذى طلبها منه تحديدا لكى يتم التعقيب عليها . والمفاجأة الأولى أن الجلسة الموجودة على موقع الاممالمتحدة لم تتضمن ماجاء برد السفارة التونسية بالقاهرة بأن قامت تونس بالأشادة بتعديل الدستور المصرى لتضمينة عديد من الحقوق والحريات وإحداث وزارة للعدالة الانتقالية ، وإحداث لجنة للاصلاح المؤسسى وهى إضافة قامت بها السفارة لنص الكلمة الموزعه على الوفود الرسمية والتى ألقاها وفد تونس فى محاولة منه لتجميل كلمة تونس التى سمعتها داخل القاعة وفود169دولة ، حيث لم تراعى كلمة تونس التى ألقيت فى جنيف أن الشعب المصرى قام بثورتين فى 3سنوات و هو مالم يسبق حدوثه فى أى دولة فى التاريخ الإنسانى ، وتعرضت لإرهاب وعنف وتراجع للاقتصاد لكنها حافظت على عدم التراجع فى حقوق وحريات الشعب المصرى التى هى جوهر ثورتيه. والمفاجأة الثانية فى الفقرة الخامسة من رد سفارة تونس بالقاهرة والتى لم ترد مطلقا فى تسجيلات الاممالمتحدة أن كلمة وفد تونس «و نتمنى المزيد من التقدم والازدهار ، و شكرا على الانتباه ». و يبدو أن سفارة تونس بالقاهرة حاولت تجميل الرد بالأضافات التى أدخلتها عنوة ولم تأت فى مداخلة وفد بلاده بجنيف وماحصلت عليه مصر من وثائق لكلمات الوفود ، وإن ما أغضب سفير تونس بالقاهرة هو وضع تونس ببين تركيا و إسرائيل فى الدول التى تتخذ موقفا ضد مصر فى العنوان المنشور ، كما أن ما ورد فى رد السفارة بأن وفد تونسبجنيف «تحلى بروح ايجابية « وشارك بأيجابية فى لقاء المجموعة العربية ، فجاء غير دقيق جملة وتفصيلا ، حيث قدمت تونس « لمصر مايقرب من 11 توصية أمام دول العالم فى كلمتها ، وهى قائمة طويلة تظهر حجم عدم الرضاء عن حالة حقوق الانسان فى مصر . بينما حرصت إسرائيل على أخذ نفس الاتجاه فى توجيه إنتقادات لمصر خاصة بالمهاجرين والافراج عن جاسوس لها محبوس بالقاهرة ، واعتبرت تركيا ان مرسى هو الرئيس الشرعى ووجهت انتقادات لثورة 30يونيو ، حتى أضطر السفيرهشام بدر مساعد وزير الخارجية لتوجيه كلمة للوفود المشاركة قائلا أن الانتقادات التى يسمعها عن مصر كأنها تتحدث عن دولة لا نعرفها . و سرد المستشار إبراهيم الهنيدى وزير العدالة الانتقالية ماحدث من ممثل تونس خلال اجتماع المجموعة العربية بمقر الاممالمتحدة أنه فوجئ بمندوب تونسبجنيف لا يتدخل فى الحوار خلال إجتماع مصر مع المجموعة العربية ،ورغم وجوده كان يأخذ جانبا فى الاجتماع ولم يشارك أو يعبر عن موقفه ، واستشعرت وقتها بأن موقفه سيكون مخالفا للمجموعة الدول العربية ، و هو ما حدث بالفعل حيث أبدت تونس ملاحظات حملت انتقادات لمصر فى ملف حقوق الانسان ، وهو مايوضح الحقيقة بأن مندوب تونسبجنيف لم يشارك بفاعلية مثلما ذكر سفير تونس بالقاهرة فى رده . أما بالنسبة للتوصيات التى قدمتها تونس لمصر فتضمنت 3 توصيات عن تشجيع تونس لمصر لمواصلة مراجعة سائر التحفظات على الاتفاقيات الدولية لحقوق الانسان ، والمصادقة على البرتوكول الاختيارى لاتفاقية مناهضة التعذيب ، والاتفاقية المتعلقة بالاختفاء القسرى وقانون روما الإساسى ، و هى تعلم تماما أن الغاء التحفظات يتطلب موافقة البرلمان المصرى الذى لم يتشكل وينتخب حتى الآن. والغريب أن نفس التوصيات الثلاث طرحتها عدد من الدول التى اتخذت موقفا ضد مصر ، كما أهملت تونس رد الحكومة المصرية على ما طرحته من اعدادها قانون لمكافحة الابادة والجرائم ضد الانسانية سيصدر من البرلمان الجديد عند إنتخابه ، وبالتالى فان توصى تونس بانضمام مصر لنظام روما الأساسى للمحكمة الجنائية الدولية سابق لصدور التشريع الوطني. بينما جاءت التوصية الخامسة التى قدمتها تونس لدعوة أصحاب الولايات الخاصة بالاممالمتحدة لزيارة مصر ، تتعارض مع تحفظ مصر فى دعوة عدد من المقررين الدوليين ومنهم المقرر الخاص بالتغذيب والمنظمات غير الحكومية ، لأعتبارات مرحلة التطور التى تعيشها مصر وماتقوم به من أصلاحات حاليا ، وجاءت هذه الطريقة من مندوب تونسبجنيف تمثل وسيلة نقد وضغط على الحكومة المصرية . كما جاءت توصية تونس عن تشجيع مصر لتعزيز حضور المرأة فى مجلس الشعب وانشاء برلمان للنساء ، متجاهلا ما ذكرته وفد الحكومة المصرية عن تخصيص نسبة من المقاعد للمرأة فى مجلس الشعب والمحليات ، وعدم وجود برلمان مستقل للنساء ،بل زادت تونس بتشجيعها لمصر لمكافحة كافة اشكال التمييز والعنف ضد المرأة والنساء ، وليس كما ذكر السفير بالقاهرة بأنها دعت للمساواة بين الرجل والمرأة ، وتجاهل مندوب تونس عمدا ماذكره وفد الحكومة المصرية من قيام وزارة الداخلية بادخال تعديلات جديدة فى منظومة عملها بمجال حقوق الانسان ، وما عرضته رئيسة المجلس القومى للمرأة من تجاوزات نظام حكم الاخوان ضد المرأة وما تضمنه الدستور الجديد من تميز إيجابى للمرأة ، والذى لم يأتى ذكرها على لسان مندوب تونس ، ثم نفاجيء بتوصية غريبة لتونس بحظر العقوبات البدنية ضد الأطفال بمصر ، والتى تجافى الحقيقة لانها حوادث فردية وليست ظاهرة. لكن النقد الشديد الواضح الذى قدمته تونس فى نهاية كلمتها بجنيف عندما أوصت مصر بصورة مباشرة بالعمل على توفير مناخ ملائم لأنشطة الصحفيين والمدافعيين عن حقوق الانسان والمجتمع المدنى وهو نقد يحمل تقصير لاذع لمصر وإدعاء بأن المناخ الحالى غير مناسب لهذه الاطراف الثالث ، وبالتالى أخذت نفس صف الدول الأوروبية وأمريكا وتركيا فى نقدها لاوضاع حقوق الانسان بمصر بلهجة دبلوماسية. كما ان الادعاء بعدم وجود مناخ ملائم للصحافة فهو افتراء واضح على جهود مصر فى حرية الصحافة و الاعلام التى تعيشها ، و قيام الصحفيين بممارسة عملهم بكل سهولة ويسر بدليل ما تبته وسائل الاعلام وقناة الجزيرة عن مصر ، ولم يتعترض صحفى للحبس والاعتقال تعسفيا ً بسبب عمله ، وماحدث لصحفيو الجزيرة بسبب نشرهم لأخبار مضللة وكاذبة . و بالتالى فكل ما قدمته تونس يقترب نسبيا مع ما طرح من قبل فى تصريحات صحفية لرئيس التونسى منصف المرزوقى عن الأوضاع فى مصر عقب ثورة 30 يونيه وما يطرحه راشد الغنوشى زعيم حزب النهضة ومايزال يؤيد تصرفات الاخوان فى مصر .