مدير تعليم القاهرة في جولة موسعة بالمدارس: لا تهاون في الانضباط أو الصيانة    7 ديسمبر.. الإدارية العليا تنظر الطعون على نتيجة المرحلة الثانية لانتخابات النواب    البيئة: نسعى لتوفير التمويل الأخضر لمشروعات تساهم فى الحد من انبعاثات الكربون    انعقاد الاجتماع الرابع للجنة الفنية المصرية – التونسية للتعاون الاستثماري    "محافظ أسوان يوجّه بتوصيل مياه الشرب ل 84 منزلًا بقرية وادى العرب خلال أسرع وقت"    قصف مدفعي إسرائيلي على شرق غزة    الصين: خطة أوروبا لاستخدام الأصول الروسية تنتهك القانون الدولي    الصليب والهلال الأحمر الدولي: فيضانات جنوب شرق آسيا كارثة إنسانية تتطلب دعما عاجلا    مدرب تونس: طوينا صفحة الخسارة أمام سوريا وجاهزون لفلسطين    وزير الرياضة يحيل واقعة وفاة سباح نادي الزهور يوسف محمد للنيابة العامة    عاجل- رئيس الوزراء يهنئ منتخب مصر للكاراتيه على الإنجاز العالمي التاريخي    جاسم البديوي يعلن إنشاء هيئة خليجية للطيران المدني    القبض على مدير شركة دهس موظفة تسبب في وفاتها بالقاهرة    محافظ الجيزة يتفقد مشروع تطوير حديقة الحيوان ويعاين المسارات المفتوحة لسير الزوار ورؤية الحيوانات بتصميم تفاعلي    محافظة الجيزة ترفع 500 حالة إشغال خلال حملة بشارع عثمان محرم.. صور    مدينة القصير.. إرث البحر وروح الصحراء.. بالمتحف القومي للحضارة    ريهم عبدالغفور تحيي ذكرى وفاة والدها الثانية: "فقدت أكتر شخص بيحبني"    في عيد الكاريكاتير المصري الخامس.. معرض دولي يحتفي بالمتحف المصري الكبير    وكيل لجنة مراجعة المصحف يتابع فعاليات مسابقة الأزهر السنوية لحفظ القرآن الكريم بالغربية    تحذير من انتشار «التسويق القذر»| أمين الفتوى يوضح مخاطره وأثره على الأخلاق والمجتمع    الكشف على 916 مواطنا ضمن قافلة طبية مجانية فى الإسماعيلية    الداخلية تضبط المتهمين بالاستعراض بتروسيكل    ضبط عامل يوزع كروت دعاية انتخابية على رواد أحد المخابز بالبحيرة قبل بدء العملية الانتخابية    هيئة البث الإسرائيلية: التصعيد العسكري ضد لبنان مسألة وقت    دونالد ترامب يحضر قرعة كأس العالم 2026    دمشق: تأييد 123 دولة لقرار الجولان يعكس الدعم الكبير لسوريا الجديدة    مراسل إكسترا نيوز: 18 مرشحا يعودون للمنافسة فى الفيوم بعد قرار الإلغاء    في اليوم العالمي لذوي الهمم.. انتصار السيسي: وجودكم يضيف قيمًا وإنسانية وجمالًا لا يُقدّر بثمن    مصر السلام.. إيديكس 2025.. رسائل القوة بقلم    بداية شهر رجب 1447 هجريًا... الحسابات الفلكية تكشف موعد ظهور الهلال    الأرصاد: استمرار انخفاض درجات الحرارة الملحوظ على مختلف أنحاء البلاد.. فيديو    أطعمة تعالج الأنيميا للنساء، بسرعة وفي وقت قياسي    الصحة تعلن ضوابط حمل الأدوية أثناء السفر| قواعد إلزامية لتجنب أي مشكلات قانونية    لاول مرة فى مستشفي شبين الكوم بالمنوفية..استخراج ملعقة من بطن سيدة مسنة أنقذت حياتها    الأمن يضبط قضايا إتجار فى العملات الأجنبية تتجاوز 3 ملايين جنيه    وزير قطاع الأعمال: الروابط الراسخة بين مصر والإمارات ركيزة أساسية للتنمية والاستثمار    على رأسها رونالدو.. صراع مشتعل على جائزة مميزة ب جلوب سوكر    وزيرا التخطيط والمالية يناقشان محاور السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية    زيارة دبلوماسية يابانية إلى فلسطين لتعزيز جهود الإعمار وتحقيق حل الدولتين    «مشوفتش رجالة في حياتي».. أبرز تصريحات زينة    ستوري بوت | لماذا احتفى الشعب المصري والعربي ب «دولة التلاوة»؟    محافظ القاهرة يوجه بوضع خطة عاجلة لتطوير الحديقة اليابانية بحلوان    طلاب ثانية إعدادي يؤدون اختبار مادة العلوم لشهر نوفمبر بالقاهرة    3 ديسمبر 2025.. أسعار الحديد والأسمنت بالمصانع المحلية اليوم    محافظ الإسكندرية يتفقد لجان الاقتراع بدائرة الرمل    موعد صلاة الظهر.... مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء 3ديسمبر 2025 فى محافظة المنيا    مجلس حكماء المسلمين يشارك بجناح خاصٍّ في معرض العراق الدولي للكتاب 2025    وزير البترول والثروة المعدنية يستعرض إصلاحات قطاع التعدين ويبحث شراكات استثمارية جديدة    هالاند: الوصول ل200 هدف في الدوري الإنجليزي؟ ولم لا    3 ديسمبر 2025.. أسعار الخضروات والفاكهة بسوق العبور للجملة    «غني بالمعادن ومضادات الأكسدة».. الفوائد الصحية للعنب    احتفاءً بأديب نوبل، القاهرة للكتاب والوطني للقراءة يطلقان مسابقة لإعادة تصميم أغلفة روايات محفوظ    «ميدوزا»: كفاءة عالية رغم سوء الأحوال الجوية    مواعيد مباريات اليوم.. مهمة محلية لصلاح ومجموعة مصر في كأس العرب    الأمم المتحدة تحتفل باليوم الدولي للأشخاص ذوي الإعاقة    دعاء صلاة الفجر اليوم.. فضائل عظيمة ونفحات ربانية تفتح أبواب الرزق والطمأنينة    «الوطنية للانتخابات»: إعادة 19 دائرة كانت قرارًا مسبقًا.. وتزايد وعي المواطن عزز مصداقية العملية الانتخابية    «السيدة العجوز» تبلغ دور ال8 في كأس إيطاليا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بكالوريا..!

ثانوية عامة أم بكالوريا؟ تلك هى المشكلة وما عدا ذلك من قضايا وتحديات وأولويات التعليم مجرد تفصيلات. يبدو أن وزارة التربية والتعليم قد اكتشفت فجأة أن سبب تدهورنا التعليمى يكمن فى تسمية شهادة الثانوية العامة،
وأن تغيير هذه التسمية إلى شهادة «البكالوريا» سيحقق التطوير المنشود لنظامنا التعليمي. يعلن السيد وزير التربية والتعليم فى حواره المنشور بالأهرام فى 9 من أكتوبر الجارى عن بحث عودة تسمية البكالوريا قائلاً «البكالوريا المصرية سوف تُدرس على مدار السنوات الثلاث للمرحلة الثانوية».
هكذا إذن يعتقد البعض أن مشكلة التعليم فى مصر هى فى تسمية شهادة الثانوية العامة ليثبت بذلك أنه ابن بار لثقافة عربية طالما كانت تُعلى الشكل على المضمون، والأسماء على المسميات، والمظهر على الجوهر. ربما كان القصد من استعادة تسمية البكالوريا هو إثارة أشواق المصريين إلى الأيام الخوالي، تماماً مثلما تعاطفوا مع مسلسل الملك فاروق منذ عدة سنوات ومثلما يحنون إلى أفلام الأبيض والأسود. لكن هل غاب عن بال من أطلق هذه الفكرة أنه فى ظل نظام البكالوريا القديم كان الطلاب يلتحقون بكلية الطب مثلاً بجموع درجات قد لا يتجاوز 80%؟ فهل تعنى تسمية البكالوريا أن تأخذ وزارة التربية والتعليم بالمعايير العلمية المنضبطة لتقييم الطلاب التى كانت سائدة آنذاك أم أن الوزارة ستأخذ بالتسمية الجديدة مع الإبقاء على معايير التقييم الهزلى العابث التى تصل بمجاميع الثانوية العامة الى 100% وهى ظاهرة تتأكد عاماً بعد عام بدون أن تثير خجلنا العلمي، الشيء الوحيد الذى أثارته هو سخرية العالم منا.
جيدٌ أن يبحث السيد الوزير عن التسمية الأفضل لشهادة الثانوية العامة لكن المُلح أن يقول لنا ماذا نفعل فى مواجهة أكبر جريمة تعليمية منظمة فى تاريخ التعليم فى مصر وهى ظاهرة الدروس الخصوصية. لقد أعلن السيد الوزير منذ شهور أنه قد تم حظر الدروس الخصوصية وأنه لن يُسمح إلا بنظام دروس التقوية داخل المدارس وتحت إشرافها.. يومها صفقنا للوزير وآزرناه ثم سرعان ما اكتشفنا أن الدروس الخصوصية ما زالت مستمرة جهاراً نهاراً فى بر مصر . تأكد اكتشافنا أن الدروس الخصوصية قد أصبحت «مدرسة موازية» بكل معنى الكلمة وتحت بصر الجميع وأولهم وزارة التربية والتعليم. إن الوزارة التربوية العتيدة هى أدرى جهة فى مصر بجوانب وخفايا ملف الدروس الخصوصية فكيف غاب عن فطنتها وخبرتها أن البكالوريا المقترحة التى سوف تُدرَّس على مدى ثلاث سنوات ستؤدى لا محالة إلى استشراء وتفاقم ظاهرة الدروس الخصوصية وخلق المزيد من الطلب عليها.
جيدٌ أن يعيد السيد الوزير اكتشاف تسمية البكالوريا، لكن المُلح هو معالجة ظاهرة تعليمية غريبة تستعصى على الفهم والتفسير، وهى ظاهرة إنفاق نحو مليارى جنيه مصرى سنوياً لطباعة كتب مدرسية لا يعيرها تلاميذنا أدنى اهتمام نتيجة اعتمادهم الكلى على الكتب الخارجية الخاصة ذات الأسلوب المتطور فى المعالجة والمنهجية والإخراج والطباعة، وربما كذلك نتيجة اعتمادهم على مذكرات الدروس الخاصة التى يكتبها مدرسون ينتمون إلى نفس الوزارة التى تنفق المليارات على كتب لا يقرأها أحد (!) لم تبذل الوزارة جهداً لمعالجة مثل هذه الظاهرة الغريبة مثل الجهد الذى يبدو انها تبذله الآن لاستعادة تسمية البكالوريا. إن هذا الهدر المالى الضخم والمتواصل فى وقت تدعو فيه الدولة على أعلى مستوياتها إلى ضرورة ترشيد الإنفاق لا يثير فقط شبهة جريمة الإضرار بالمال العام بل يكشف أيضاً عن خيال فقير وهمة غائبة. هناك أفكار وبدائل يمكن الأخذ بها للقضاء على الازدواجية وهذا الإهدار المالي، ومن المؤكد أن خبراء وزارة التربية والتعليم يعرفون بأكثر مما نعرف ما هى هذه الأفكار والبدائل. كل المطلوب هو إرادة الفعل وعدم الخوف من تبعات الاصلاح.
جيدٌ أن يعيد السيد الوزير تسمية البكالوريا لكن المُلح اليوم هو البحث عن تطوير التعليم الفنى قبل الجامعي. هذه أولوية أولويات تطوير نظام التعليم فى مصر. ومرة أخرى أقول من المؤكد أن وزارتنا العتيدة لديها كل النظم والتجارب الناجحة للتعليم الفنى فى العالم وبصفة خاصة النظام الألمانى . إن التعليم الفنى ليس فقط هو الضلع الغائب فى مشروع تحديث نظام التعليم المصرى بل هو أيضاً الضلع الغائب فى مشروع التنمية وحركة التصنيع والقضاء على البطالة.
جيدٌ ان يعيد السيد الوزير تسمية البكالوريا لكن المُلح بل الأكثر إلحاحاً هو تطوير نظام التحاق الطلاب بالتعليم الجامعي، ومعالجة الخلل الحاصل فى الزيادة الهائلة لعدد طلاب شعبة الآداب والإنسانيات مقارنة بعددهم فى شعبة العلوم سواء على مستوى المرحلة الثانوية ام على مستوى التعليم الجامعي. مطلوب منا أن نتذكر أن نظام مكتب التنسيق المعمول به حالياً لتوزيع الطلاب على التخصصات الجامعية اصبح نظاماً مترهلاً وبليداً لا تأخذ به دول العالم المتقدم. فلماذا نحمل كل هذا الخوف وربما الكراهية من الإقدام على التطوير؟
السؤال المشترك فى كل ماسبق هو لِماذا نترك المُلح لننشغل بالأقل إلحاحاً؟ لماذا الحديث الآن عن البكالوريا وإهمال الأولويات الأخرى؟ هل يبدو للبعض أن «روشتة» المسكنات وعمليات التجميل هى أكثر أمناً وأماناً من «روشتة» الإصلاح الجذرى وتبعاته؟ هذا تفكير أنانى وغير شجاع لأن رئيس الجمهورية نفسه اقدم على اتخاذ قرارات وإصلاحات اقتصادية جريئة فى وقت صعب دون خوف من تبعاتها على شعبيته. فلماذا لا يفعل الوزير مثلاً ما يفعله الرئيس؟
..............................
يقول الشاعر الراحل أمل دنقل
.... يا دَقّة الساعات/ هل فاتنا ما فات؟/ ونحن ما زلنا اشباحَ أمنيّات/
لمزيد من مقالات د. سليمان عبد المنعم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.