الداخلية تشارك المواطنين الاحتفال بذكرى ثورة 30 يونيو وتوزع الهدايا عليهم (صور)    محافظ القاهرة: استمرار الدفع بالكوادر الشابة وتمكين المرأة    "المنشاوي" يترأس الاجتماع الحادي عشر للمجلس الأكاديمي لجامعة أسيوط الأهلية    لا ننحني إلا الله.. نص كلمة الرئيس السيسي في ذكرى 30 يونيو    محافظ الإسماعيلية يهنئ الرئيس السيسي بذكرى ثورة 30 يونيو المجيدة    أبوس أيدك يا بابا سيبوني، أب يضرب ابنه بوحشية يثير الغضب والشرطة تتدخل (فيديو)    استقرار أسعار السكر اليوم في الأسواق    برلماني يهاجم "الإيجار القديم": الحكومة تلعب بالنار وتتعالى بالصمت    علاج 54 حالة بالعيادة البيطرية بالإسماعيلية وتكثيف الرقابة على الصيدليات (صور)    أهم القرارات الحكومية اليوم في العدد 142 بجريدة الوقائع المصرية    تبدأ من 17 ألف جنيه.. أسعار العمرة 2026    مدبولي يلتقي بإسبانيا المديرة التنفيذية لوكالة الاتحاد الإفريقي للتنمية    وزيرة التنمية المحلية: سيتم توفير بيانا واضحا بعدد ومساحات الأراضى كل محافظة    المصرية للتأمين الإلزامى للمركبات تزور أسر ضحايا حادث المنوفية لصرف التعويضات.. صور    البرلمان الإيراني يكشف تفاصيل تأمين المرشد خلال الهجمات الإسرائيلية    الرئيس العراقي يستقبل رئيس مجلس الوزراء وبيان حكومي بالتفاصيل    إيران تعلن ارتفاع عدد ضحايا العدوان الإسرائيلي إلى 935 قتيلا    قوات الاحتلال تقتحم بلدة بيت أمر شمال الخليل بالضفة الغربية    وزير الصحة: لا فرق بين المواطن والضيف.. والرعاية الصحية للسودانيين التزام إنساني    وزير الخارجية الإسرائيلي: مهتمون بتطبيع العلاقات مع سوريا ولبنان    نظام الصعود والهبوط في دوري القسم الثالث    مصدر ليلا كورة: شيكابالا يحسم موقفه من الاعتزال أو الاستمرار مع الزمالك خلال ساعات    تحرك هام من الأهلي لتأمين إمام عاشور.. شوبير يفجر مفاجأة    رئيس البنك الأهلي يفجر مفاجأة بشأن ضم مصطفى شلبي    رسميًا.. حارس الزمالك السابق ينضم للاتحاد السكندري    البلجيكى يانيك فيريرا الأقرب لقيادة الزمالك.. ومدرب آخر يعطل التوقيع    تنفيذًا لقرار جمهوري، الإفراج عن 1027 نزيلًا بمناسبة ذكرى 30 يونيو    إصابة مواطن في حادث انقلاب سيارة بالشرقية    خلال 24 ساعة.. شرطة التموين تضبط 4 أطنان دقيق بلدي مدعم    ممنوع نزول البحر لليوم الثاني.. ماذا يحدث على شواطئ الإسكندرية؟    كلمة السر في حوادث الطرق.. السائق تحت تأثير «الكيف»!    قصور الثقافة تختتم العرض المسرحي "مركب الشمس" للأطفال على مسرح فوزى فوزى بأسوان    مشهد جديد من فيلم سكارليت جوهانسن Jurassic World Rebirth    أول تعليق من مهرجان موازين عن حفل شيرين عبدالوهاب المثير للجدل    تفاصيل المؤتمر الصحفي لمسرحية "الملك لير" بحضور الفخراني (صور)    آخر رايات الأندلس وسقوط القمر على مسرحي روض الفرج والسامر ضمن مهرجان فرق الأقاليم    ما حكم الاغتسال بمياه الصرف الصحي بعد معالجتها؟... أمينة الفتوى تجيب    ما هو حق الطريق؟.. أسامة الجندي يجيب    صحة أسيوط تستعد لاستقبال مرشحي مجلس الشيوخ لإجراء الفحوصات الطبية    نائب وزير الصحة يبحث جاهزية "العلمين" للسياحة العلاجية    وجه الشكر للأطقم الطبية.. وزير الصحة: 300 مستشفى لاستقبال مصابي غزة للعلاج في مصر    تستمر 6 أشهر، تعرف على مواعيد وأماكن القوافل الطبية والعلاجية بالجيزة    ضبط شخص أوهم المواطنين بقدرته على العلاج الروحانى فى الأسكندرية    برج العذراء «جميع الكواكب تلعب لصالحك».. توقعات الأبراج في يوليو 2025    السينما تنتصر ل ثورة يونيو.. «اشتباك» الأكثر تعبيرًا والأفلام الوثائقية الأوقع    حبس قاتل أمه ودفنها في الزراعات بالمنيا    الداخلية تكشف تفاصيل فيديو «ميكروباصات عكس الاتجاه»    الإفتاء توضح كيفية "صلاة الغفلة" وسبب تسميتها بهذا الأسم    التنظيم والإدارة يعلن عن حاجة «النقل النهري» لتعيين 57 مهندساً    وزير الخارجية: رفض مصري كامل للعدوان الإسرائيلي على الفلسطينيين في قطاع غزة    رئيس الاتحاد الكويتي يكشف مفاوضاته لاستضافة السوبر المصري    الرئيس السيسى يشيد بجهود الشعب المصري فى تمسكه ببلده ومحافظته على هويتها    محافظ المنوفية يزور مصابي «الإقليمي» للاطمئنان على جودة الخدمات الطبية    حكم صيام يوم عاشوراء وفضله العظيم وعلاقته بتكفير الكبائر    السيسي: مصر تبذل أقصى جهودها لدعم الأمن والاستقرار في ليبيا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 38-6-2025 في محافظة قنا    قبل مواجهة الهلال.. جوارديولا يرد على كلوب    سر تصدر آسر ياسين للتريند.. تفاصيل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نحو مجتمع آمن مستقر
ميلاد دولة الإسلام
نشر في الأهرام اليومي يوم 23 - 10 - 2014

الهجرة ذلك الحدث الأكبر في مسيرة التاريخ الإسلامي كانت خير دليل على تحمل الرعيل الأول المسئولية، تلك المسئولية التي لا يصلح لحملها إلا الرجال الأشداء، الذين تركوا لأجلها الوطن وبذلوا الغالي والنفيس لأجل هذا الدين وهذه الدعوة المباركة، لينعموا بالفتح والسعة التي وعدهم ربهم إياها: «وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً»، وأصبح للمسلمين دولة في المدينة بعد أن سامتهم قريش صنوف العذاب، فكانت الهجرة بداية لمرحلة جديدة في عمر الدعوة الإسلامية.
والهجرة هي سبيل الأنبياء وسنتهم من قبل نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، فهذا أبو الأنبياء سيدنا إبراهيم عليه السلام يدعو قومه إلى التوحيد الخالص والعقيدة الصحيحة فيتآمرون عليه، فيترك بلده الذي ضاق به، ويودع أهله الذين تآمروا عليه، ويفر من كوثى في سواد الكوفة إلى حران ثم إلى الشام، والقرآن الكريم يقص علينا ذلك فيقول: (فَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الأَسْفَلِينَ وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي)، وخرج سيدنا لوط مهاجرًا مع عمه إبراهيم عليهما السلام لما آمن بدعوته وأيقن هلاك قومه: (فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)، وموسى عليه السلام تآمر عليه فرعون، وضيَّق عليه في دينه، فيأتيه الأمر من الله بترك هذا البلد التي لم يستطع تبليغ الدعوة فيها ويهاجر بقومه إلى حيث يستطيع عبادة الله وأداء رسالته فقال تعالى: (فَأَسْرِ بِعِبَادِي لَيْلاً إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْواً إِنَّهُمْ جُنْدٌ).
ولقد عاش رسول الله صلى الله عليه وسلم في مكة؛ ذلك البلد الأمين، وقضى فيها طفولته وشبابه وقدرًا من شيخوخته، وكانت شاهدة على ذكرياته المليئة بمآثر عظيمة، منها حرب الفجار التي وقف فيها ضد الظلم، وحلف الفضول وما به من شيم وفضائل، حتى إنه قال عنه صلى الله عليه وسلم: «ولو دعيت به في الإسلام لأجبت»، ومنها المروج التي كان يرعى فيها أغنامه، وزواجه بأحب الناس إلى قلبه السيدة خديجة رضي الله عنها، ويوم اشتراكه في بناء الكعبة المشرفة وإنهائه النزاع بين المتخاصمين، حتى ذلك الاسم الذي أطلقه عليه أهل مكة الصادق الأمين، كل هذه الذكريات خلقت رابطًا قويًّا بينه وبين وطنه، إلى أن تآمر عليه قومه وحاولوا قتله وتربصوا به الدوائر لإثنائه عن دعوته، لكنه جاهدهم وتذكر كلمة ورقة بن نوفل:«ليتني أكون حيًّا إذ يخرجك قومك»، ويتذكر سؤاله له مستنكرًا: زأو مخرجي هم؟» فيجيب ورقة إجابة الواثق المتأكد: «نعم، لم يأتِ رجل قط بمثل ما جئت به إلا عُودي، وإن يدركني يومك أنصرك نصرًا مؤزرًا».
وهاجر النبي صلى الله عليه وسلم رغم حبه لمكة وتعلقه بها في رحلة كانت فرقانًا بين الحق والباطل مخلفًا وراءه مالاً وجاهًا وملكًا وعدته إياه قريش لتثنيه عن دعوته لكنه أبى، وخرج بعدما أخبره الله تعالى بمكر قريش به، وتبييتهم النية لقتله، واختيارهم من كل قبيلة شابًّا جلدًا لقتل النبي صلى الله عليه وسلم، وخرج النبي من بيته وقريش مجتمعين على باب داره ليقتلوه وهو يتلو: (وَجَعَلْنا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْناهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ)، بعد أن ترك التراب فوق رءوسهم، واصطحب رفيقه إلى الغار أبا بكر الصديق رضي الله عنه ليعطينا درسًا آخر في الثقة بوعد الله ونصرته حينما أخبره أبو بكر: «والله يا رسول الله، لو أنَّ أحدهم نظر إلى موقع قدمه لأبصرنا»، فأجابه النبي صلى الله عليه وسلم مطمئنًا له: «ما ظنُّك باثنين الله ثالثهما»، فهذا مثال للصدق والثبات والثقة بالله تعالى، ويقين بأن الله تعالى لن يتخلى عن عباده المخلصين لدينه وقت الشدائد، وهذا هو حال أهل الإيمان.
وترك النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه مكة، تلك البقعة الصغيرة، نصرة لدين الله، فأبدلهم الله ملك الدنيا عوضًا عن هذا الترك، لأن من ترك شيئًا لله أبدله الله خيرًا منه، فأسسوا دولة في المدينة التي نصرت الدعوة، والتي لم تكن تُعرف بشيء من الفضل عن غيرها من البلدان قبل أن تشرف بهجرة النبي صلى الله إليها وهجرة الوحي إلى ربوعها.
وأصبح للمسلمين دولة بعد المرحلة المكية، ووضع النبي صلى الله عليه وسلم فيها أركان الدولة العظيمة، التي كانت تحتضن المسلمين والمسيحيين واليهود، فأسس المسجد الذي يُعدُّ مكانًا للعبادة يقيمون فيه شعائرهم التي حرمتهم إياها صناديد قريش، ومقرًّا للحكم تتخذ فيه القرارات، ومدرسةً يتعلمون فيها أمور دينهم، وآخى بين المهاجرين والأنصار، لتزيح عن نفوسهم العصبية والقبلية (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ).
كما قَبِل النبي صلى الله عليه وسلم بوجود من لا يَدين بالإسلام في المدينة، بل عقد معهم المعاهدات، منها أنه أقر اليهود فيها على دينهم وأموالهم وشرط لهم واشترط عليهم, عاهدهم على السلم والدفاع عن المدينة وقت الحرب والتعاون التام فيما بينهم، ليعطي درسًا في الوحدة الوطنية غاية في الرقي ظل ولا يزال إلى يوم القيامة.
لم تكن رحلة الهجرة من مكة إلى المدينة تركًا للوطن وتضييعًا له، إنما كانت في واقع الأمر حفاظًا عليه، وضمانًا له، حتى وإن بدا الأمر في صورة الترك والإعراض، لأنه صلى الله عليه وسلم عاد إليها بعد بضع سنين عزيزًا منيع القوة دون أن يستطيع أحد ممن تربص به ولاحقه أن يدنو إليه بسوء، بل إنها كانت ميلادًا لدولة الإسلام ونصرًا لدعوة النبي صلى الله عليه وسلم.
لمزيد من مقالات د شوقى علام


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.