«اللى مالوش خير فى حاتم.. مالوش خير فى مصر».. جملة مميزة وردت على لسان إحدى شخصياته البارزة «حاتم» أمين الشرطة الفاسد فى فيلم «هى فوضى».. «خالد صالح» صاحب الآداء الخاص, على خشبة المسرح.. وفى بلاتوهات السينما واستديوهات التليفزيون.. ولد فى القاهرة فى ستينيات القرن الماضى.. فعشق شوارعها لا سيما منطقة وسط البلد.. درس القانون فى كلية الحقوق وتخرج منها فى ثمانينات القرن الماضى.. وبين حقبتى الستينات والثمانينيات, حفرت الأحداث المتتالية للوطن ملامح شخصيته.. واستوعب بهدوء التغيرات العميقة فى المجتمع فى عهود ثلاثة رؤساء.. لتتوج ذروة التغيرات العميقة تلك بثورة 25 يناير 2011 التى شارك فيها منذ يومها الأول.. وظل لثلاثة أعوام يتفاعل مع احتياجات مجتمعه فى لحظة فارقة حتى ثورة 30 يونيو 2013.. ويبدو أن لحظة الرحيل جاءته مطمئنا على حال وطن عانى طويلا, ثم أصبح أخيرا على بداية طريق صحيح نحو المستقبل. عشق المسرح منذ بداية تشكل وعيه.. فانخرط فى مسرح الجامعة.. والقى بنفسه طواعية فى مسارح الهواة المتلاحقة.. وهى تجربة فريدة فى حياة كل من خاضها.. أتاحت له فرصة معرفة أنماط مختلفة من الفنانين الذين يشكل التمثيل المسرحى بالنسبة لهم هدفا لا وسيلة.. وهى تجربة ثرية منحته احتياطيا استراتيجيا شخصيا, بدا واضحا فى حياته الفنية فيما بعد.. عمق الأداء, والغوص فى كل شخصية أداها, التدقيق فى اختيار الشخصيات.. فلم يكن هدفه يوما الربح كما قال فى أحد لقاءاته فقد بدأ مشوار احتراف الفن كهاو, بعد عمله بالتجارة لسنوات.. ثم كان عمله بمسرح الهناجر تتويجا لتلك الرحلة المسرحية الخاصة.. التى لا يسلط عليها الضوء فى معظم الأحوال. بدأت موهبة التمثيل تظهر لدى خالد صالح من خلال مسرح الجامعة، وبالتحديد من خلال فريق المسرح بكلية الحقوق بجامعة القاهرة بالنصف الأول من ثمانينيات القرن الماضي، حيث انضم إلى الفريق الذي كان يتكون من نخبة من عشاق المسرح الحقيقيين الذين احترف أكثرهم مجال الفن بعد ذلك ومن بينهم: خالد الصاوي، محمد هنيدي، أسامة عبد الله، محمد سعد، هشام منصور. هذا ويمكن تصنيف مشاركاته بمرحلة الهواية - بخلاف المسرح الجامعي - إلى قسمين الأول مشاركاته بعروض ومهرجانات «الجمعية المصرية لهواة المسرح والتي قدم من خلالها: الغفير (1984) بالمهرجان الأول للفصل الواحد وحصد من خلالها جائزة التمثيل الأولى، والثأر يقرع الباب (1985) بالمهرجان الثاني للمونودراما والتي حصد من خلالها الجائزة الثانية، أما القسم الثاني فيتضمن مشاركاته بعدة عروض بمركز «الهناجر للفنون» بدءا من عام 1994. ورغم أن مسرحياته: «أنطوريو و كيلو بطة», «الميلاد», «طقوس الإشارات والتحولات», «الغفير», «فلسطين» لاقت نجاحا حين عرضها فى التسعينيات.. إلا أن ما سبقها ولم ينل حظا من التسجيل والتوثيق يظل هو الأعمق فى تجربته القصيرة كمبدع حقيقى.. وقع الفنان «خالد صالح»، فى هوى الأدوار المركبة والمعقدة, وأجادها بطريقته الخاصة.. لم يشبه أحدا رغم أن البعض كان يراه معادلا موضوعيا للراحل القدير «محمود المليجى».. ولكنه لم يغلق على نفسه باب تلك النوعية من الأدوار.. فتنوع حضوره السينمائى والتليفزيونى.. وإن بقيت أدواره المسرحية علامة فى تاريخه من الصعب إغفالها..