رئيس "ضمان جودة التعليم" يستقبل وفد الهيئة الليبية    رئيس جامعة أسيوط يترأس اجتماع مركز استشارات الحاسبات لبحث تطوير الخدمات الرقمية    محافظ قنا يبحث مع البنك الزراعي المصري دعم المشروعات الزراعية وتعزيز الشراكة المجتمعية    ارتفع أسعار النفط وسط مخاوف التوترات بشأن التصعيد العسكري بين إسرائيل وإيران    محافظ أسيوط يتفقد المجمع الصناعي الحرفي بقرية الشامية بساحل سليم    وزير الري: التنسيق مع الإسكان لتحديد كميات ومواقع سحب مياه الشرب    سلاح الجو الإسرائيلي يشن موجة جديدة من الهجمات على طهران    إيران: اعتقال 5 أشخاص يشتبه بنشاطهم لصالح الموساد الإسرائيلي    ضبط قضايا إتجار بالنقد الأجنبي بقيمة 5 ملايين جنيه خلال 24 ساعة    ضبط 52.9 ألف مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    وزارة الصحة: إصدار أكثر من 18 مليون قرار علاج على نفقة الدولة بتكلفة 87 مليار جنيه    إنقاص الوزن وزيادة النشاط.. ماذا يحدث لجسمك عند تناول مشروب الكمون والليمون صباحًا؟    «زي النهاردة».. وفاة قديس اليسار المصرى المحامى أحمد نبيل الهلالي في 18 يونيو 2006    تداول 11 الف طن بضائع و632 شاحنة بموانئ البحر الأحمر    مجانا برقم الجلوس.. اعرف نتيجة الشهادة الإعدادية بالقاهرة    محافظ أسيوط يفتتح مجمع محارق النفايات الطبية بالظهير الصحراوي    تركي آل الشيخ يكشف كواليس زيارته لعادل إمام    "فات الميعاد" يتصدر المشاهدات وأسماء أبو اليزيد تشارك أول لحظات التصوير    بحضور رئيس جامعة حلوان.. رسالة علمية عن "منير كنعان" بمجمع الفنون والثقافة    وفاة شقيقة الفنانة هايدي موسى بعد صراع مع المرض    صحة إسرائيل: 94 مصابا وصلوا إلى المستشفيات الليلة الماضية    المعركة بدأت.. ومفاجأة كبرى للعالم| إيران تعلن تصعيد جديد ضد إسرائيل    موعد مباراة الهلال السعودي وريال مدريد في كأس العالم لأندية    نائب وزير الصحة تزور قنا وتشدد على تنفيذ برنامج تدريبي لتحسين رعاية حديثي الولادة    الهلال ضد الريال وظهور مرموش الأول.. مواعيد مباريات اليوم في كأس العالم للأندية 2025    تليفزيون اليوم السابع يرصد عمليات إنقاذ ضحايا عقار السيدة زينب المنهار (فيديو)    طريقة عمل الحجازية، أسهل تحلية إسكندرانية وبأقل التكاليف    تياجو سيلفا: فلومينينسي استحق أكثر من التعادل ضد دورتموند.. وفخور بما قدمناه    وكيل لاعبين يفجر مفاجآت حول أسباب فشل انتقال زيزو لنادي نيوم السعودي    الإيجار القديم.. خالد أبو بكر: طرد المستأجرين بعد 7 سنوات ظلم كبير    السلطات الإيرانية تمدد إغلاق الأجواء في البلاد    "أدوبي" تطلق تطبيقًا للهواتف لأدوات إنشاء الصور بالذكاء الاصطناعي    الرئيس الإماراتي يُعرب لنظيره الإيراني عن تضامن بلاده مع طهران    مؤتمر إنزاجي: حاولنا التأقلم مع الطقس قبل مواجهة ريال مدريد.. ولاعبو الهلال فاقوا توقعاتي    «رغم إني مبحبش شوبير الكبير».. عصام الحضري: مصطفى عنده شخصية وقريب لقلبي    نائب محافظ شمال سيناء يتفقد قرية الطويل بمركز العريش    مينا مسعود: السقا نمبر وان في الأكشن بالنسبة لي مش توم كروز (فيديو)    غادة عبدالرازق راقصة كباريه في فيلم «أحمد وأحمد» بطولة السقا وفهمي (فيديو)    إسرائيل تهاجم مصافي النفط في العاصمة الإيرانية طهران    كوريا الجنوبية تمنع توتنهام من بيع سون لهذا السبب!    السكة الحديد.. مواعيد قيام القطارات من محطة بنها إلى مختلف المدن والمحافظات الأربعاء 18 يونيو    التفاصيل الكاملة لاختبارات القدرات لطلاب الثانوية، الأعلى للجامعات يستحدث إجراءات جديدة، 6 كليات تشترط اجتياز الاختبارات، خطوات التسجيل وموعد التقديم    جاكلين عازر تهنئ الأنبا إيلاريون بمناسبة تجليسه أسقفا لإيبارشية البحيرة    جدال مع زميل عمل.. حظ برج الدلو اليوم 18 يونيو    الشيخ أحمد البهى يحذر من شر التريند: قسّم الناس بسبب حب الظهور (فيديو)    أسعار الزيت والسلع الأساسية اليوم في أسواق دمياط    نجم سموحة: الأهلي شرف مصر في كأس العالم للأندية وكان قادرًا على الفوز أمام إنتر ميامي    مسؤول إسرائيلي: ننتظر قرار أمريكا بشأن مساعدتنا فى ضرب إيران    ألونسو: مواجهة الهلال صعبة.. وريال مدريد مرشح للتتويج باللقب    الجبنة والبطيخ.. استشاري يكشف أسوأ العادات الغذائية للمصريين في الصيف    العدل يترأس لجنة لاختبار المتقدمين للالتحاق بدورات تدريبية بمركز سقارة    «الربيع يُخالف جميع التوقعات» .. بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم الأربعاء    الأبيدى: الإمامان الشافعى والجوزى بكيا من ذنوبهما.. فماذا نقول نحن؟    المنيا خلال يومين.. حقيقة زيادة أسعار تذاكر قطارات السكك الحديدية «التالجو» الفاخرة    اللواء نصر سالم: الحرب الحديثة تغيرت أدواتها لكن يبقى العقل هو السيد    فضل صيام رأس السنة الهجرية 2025.. الإفتاء توضح الحكم والدعاء المستحب لبداية العام الجديد    الشيخ خالد الجندي يروي قصة بليغة عن مصير من ينسى الدين: "الموت لا ينتظر أحدًا"    أمين الفتوى يكشف عن شروط صحة وقبول الصلاة: بدونها تكون باطلة (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وعاش جمال عبد الناصر
نشر في الأهرام اليومي يوم 28 - 09 - 2014

تؤكد الوقائع التاريخية، العنيدة والعصية على التزييف، أن جمال عبد الناصر قد عاش؛ كما هتف له الشعب المصرى، الذى أثبت فى كل اختبار ومنعطف تاريخى أنه المعلم والقائد. وقد كتبت وأكرر أن إرث ثورة 23 يوليو وزعامة جمال عبد الناصر يستحق قراءة موضوعية نقدية؛ تتجرد من أوهام تُلهم البعض،
وتتحرر من أشباح تُؤرق البعض الآخر. وأعلنت فى مقالات سابقة وأكرر باستقامة أن انجازات الثورة وزعيمها تجب إخفاقاتهما؛ سواء من زاوية أن خياراتهما وسياساتهما وإجراءاتهما كانت ابنة زمانها, أو من منظور ما ينبغى لمصر أن تسعى لتحقيقه من أجل المستقبل من قيم التقدم وإن بوسائل متغيرة. وفى ذكرى وفاة جمال عبد الناصر، لنتذكر أن مصر تحت قيادته قد حققت انتصارات كبرى فى معارك الاستقلال الوطنى السياسى والاقتصادى, والتصنيع والتنمية والعدالة الاجتماعية، وشغلت وبجدارة مستحقة موقع قيادة حركة التحرر الوطنى العالمية. ومازال بناء السد العالى وتأميم قناة السويس شاهدين على بؤس نقد منكوبى وأعداء ثورة يوليو وزعيمها، ومعهم مضلَلون تبنوا دون إعمال عقولهم وعيا زائفا كرسه خطاب النقد المغرِض. فبفضل بناء السد تمكنت مصر لأول مرة فى تاريخها من كبح أهواء فيضان النيل وتقليص هدر مياهه فى البحر, وتوفرت لها فرصة وضع سياسة مائية لتوفير وترشيد وتنمية واعادة استخدام حصة مصر من مياه النيل لاستصلاح واستزراع أقصى ما يمكن من أرضها, وبناء قاعدة الطاقة اللازمة للتصنيع والتنمية الشاملة بتوليد أقصى المتاح لإنتاج الكهرباء من المصادر المائية النظيفة والرخيصة، واقامة أول وأحدث شبكة قومية لتوزيع الكهرباء. وبفضل تأميم القناة استردت مصر حقا مغتصبا, ووفرت أهم مصدر وطنى تمويلا للتصنيع والتنمية, واستعادت سيادتها الوطنية، وصفت قاعدة الإحتلال وذريعته.
وكان انتصار مصر بقيادة جمال عبد الناصر فى معركة السويس انعطافة حاسمة فى تاريخ مصر, وضعها فى مكان الريادة العالمية الجدير بها, ليس فقط بقيادة حركة التحرر الوطنى العربية والعالمية, وإنما بالتقدم خطوات حاسمة على طريق تحقيق حلم تصنيع مصر, حتى غدت بين اكثر خمس بلدان نامية تصنيعا فى بداية سبعينيات القرن الماضى. وقد تمادت قيادة عبد الناصر لمعارك مصر ضد الاستعمار الى مدى يتجاوز قدرة مصر, وانزلقت الى حرب اليمن فمهد الطريق لمؤامرة اصطياد الديك الرومى, فكانت هزيمة 1967. ورغم مرارة الهزيمة وتحت نيران حرب الاستنزاف, تحقق وعد الثورة ببناء جيش وطنى قوى, وهو ما جسده انتصار القوات المسلحة المصرية فى معركة العبور المستحيل العظيم فى أكتوبر 1973. وهو الجيش الوطنى الذى انتصر لارادة الشعب، فكان أن سقط حكم الفساد المنظم والجشع المنفلت بثورة 25 يناير، ثم انتصر مجددا لارادة الشعب فسقط حكم الفاشية الاخوانية ومخطط الفوضى الأمريكى بثورة 30 يونيو، وهو الجيش الذى يخوض حربا مريرة ضد الإرهاب التكفيرى ويوجه له ضربات قاصمة لن تتوقف حتى هزيمته دون ريب. وكانت جنازة جمال عبد الناصر الفريدة اعلانا تاريخيا من الشعب المصرى بأنه يعرف قدر ويثمن دور زعيمه رغم خطيئة الهزيمة، وكان امتداد جنازته الشعبية عربيا من المحيط الى الخليج هزيمة نكراء لصغار استهدفوا وراثة زعامته فرموه بالانهزامية والخيانة؛ رغم استهدافه بقبول وقف اطلاق النار تمكين مصر من بناء حائط الصواريخ على ضفاف القناة استعدادا لحرب العبور والتحرير، ورغم استنزافه لحياته فى مؤتمر قمة عربية طارئة دعا اليها لإنقاذ المقاومة الفلسطينية المزايدة عليه من مذابح أيلول الأسود. وكان عبد الناصر ملهم وزعيم دعوة الوحدة العربية، ورغم اشعاله الحرب الباردة العربية العربية, فقد استوعب بعد انفصال سوريا أن الوحدة العربية حلم مؤجل، واتجه بعد عدوان يونيو الى توحيد الصف العربى! وكانت رؤية ثورة يوليو وزعيمها لسبل تحقيق التنمية الاقتصادية والعدل الاجتماعى عبر التأميم الاشتراكى ابنة زمانها, زمن صعود الاشتراكية السوفيتية والاشتراكية الديمقراطية والتوجه الاشتراكى. ولم تنفرد الثورة بالاصلاح الزراعى وتصفية الإقطاع, فقد سبقتها اليها كل الدول الرأسمالية المتقدمة فى سياق التطلع الى التصنيع. ولا ينفى هذا إخفاق الثورة والزعيم بوأدهما الرأسمالية الوطنية, خاصة الصناعية؛ لكن مواجهة هذا الإخفاق لا تكون بالخصخصة وخرافة السوق الحرة, وإنما باقامة اقتصاد السوق الاجتماعية, يوازن بين: أدوار الدولة والسوق, اعتبارات الكفاءة الاقتصادية ومقتضيات العدالة الاجتماعية, جذب الاستثمار الأجنبى وحفظ السيادة الوطنية, المسئولية الاجتماعية للرأسمالية وسعيها للربح المشروع. وهنا تبرز أمام الرئيس عبد الفتاح السيسى مهمة استعادة الاستقلال النسبى للدولة الذى تحقق فى عهد عبد الناصر؛ للحيلولة دون زواج الثروة والسلطة أو سيطرة رأس المال والإحتكار على الحكم وفق مبادىء ثورة 23 يوليو, كما تبرز ضرورة تجاوز وهم أن عدالة توزيع الدخل تكفى لتجاوز عواقب التضخم السكانى، الذى هزم كل أغراض التنمية الاقتصادية، وكان أحد الأسباب التى أذلتنا للجميع؛ بكلمات جمال حمدان.
ورغم صواب قرار الثورة بحل جماعة الإخوان المسلمين، كما تكشف للأمة المصرية خلال حكمها وعقب إسقاطه، فقد كان وأد الديمقراطية السياسية أعظم إخفاقات الثورة وزعيمها. وانطلاقا من فهم مغلوط بأن تعزيز الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للمواطنة يغنى عن احترام الحقوق السياسية والمدنية للمواطنة، كان تدمير المجتمع المدنى المستقل وتعزيز نظام سياسى سلطوى, يستحيل دون تجاوزه تأسيس دولة المواطنة وتعميق الولاء والانتماء الوطنى وتعزيز الاستقلال الوطنى. وهنا أيضا، وخاصة بعد ثورتى يناير ويونيو الشعبيتين، ورغم أسبقية إنقاذ الوطن والأمة والهوية والدولة، فانه على أجهزة الدولة والقوى الاجتماعية المعبرة عن نظام ما قبل ثورة 25 يناير استيعاب حقيقة أن الشعب لن يقبل، والحكم لن يتمكن من إدارة الدولة بالأساليب الاستبدادية التى فجرت الثورة، وأن الشعب لن يقبل، والحكم لن يتمكن من تكريس الأوضاع الفاسدة التى ولدت الثورة. وبهذا فقط سوف تتمكن مصر فى عهد الرئيس عبد الفتاح السيسى من التقدم الشامل فى بيئة متغيرة.
لمزيد من مقالات د. طه عبد العليم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.