كثُر الكلام في أيامنا هذه عن الحرب على الإرهاب، والحديث عن داعش، ومحاولة لصق كل ما هو شائن بالإسلام والمسلمين، علمًا بأن العالم لم ينعم بأمن ولا اطمئنان مثلما نعم به في رحاب الإسلام دين الوسطية والحنيفية السمحاء، ولم تُعرف حقوقُ الإنسان حقيقةً إلا على يدي رسول الله الإسلام صلى الله عليه وسلم، فهو حقًّا من حرر المرأة بل حرر الإنسان عمومًا. لكن خرجت علينا اليوم أمريكا متزعمة ما يُسمى بالحرب على الإرهاب، متذرعة بتصرفات تنظيم دولة العراق والشام (داعش)، ولو رجعنا إلى الوراء قليلاً وعلمنا أن بوش الأب تزعم حرب الخليج الأولى على العراق وأول هدف ضربته الطائرات الأمريكية هو مسجد الإمام الأعظم أبي حنيفة النعمان إمام أهل السنة والجماعة فهل كان هذا المسجد ينشر الإرهاب؟! أم انها الحرب على الإسلام ومعالمه؟ وكذلك أيضًا الحرب على الإرهاب بعد أحداث 11 سبتمبر، واحتلال أمريكالأفغانستان المسلمة بغير وجه حق سوى اتهامات لم تثبت قانونًا حتى الآن، والغريب أن يصرح بوش الابن أنها حرب صليبية مقدسة ويؤيده في تصريحه هذا رئيس الوزراء الإيطالي بيرلسكوني، وجاءت حرب الخليج الثانية التي تزعمها بوش الابن أيضا على العراق، وما جرى من تخريب وتدمير في أرض العراق وما حدث من انتهاكات على أيدي بعض الشيعة بغطاء أمريكي التي تزعم أنها تحمي الحقوق والحريات وتحارب الإرهاب. ثم ها هي اليوم تخرج علينا راغبة في العودة مرة ثانية للهمينة على آبار النفط وبلاد العرب والمسلمين في العراق وسوريا وغيرهما، وليتها هبَّت نصرة للضعفاء والمظلومين، فكم قتل بشار وذبح وحرق وخرب ولم تحرك أمريكا ساكنًا تحت غطاء المصالح التي تتم في الخفاء وعلنًا بينها وبين إيران (راعية بشار). الإسلام بريء مما يحاول أعداؤه أن يلصقوه به من إرهاب، بل إن الرسول الكريم قال لأصحابه عندما خرجوا في غزوة مؤتة لحرب الأعداء: "لا تغدروا، ولا تغلوا، ولا تقتلوا وليدًا، أو امرأة، ولا كبيرًا فانيًا، ولا معتصمًا بصومعة، ولا تقربوا نخلاً، ولا تقطعوا شجرًا، ولا تهدموا بناءً..."، فأين هذا مما حدث في بلاد العرب والمسلمين مما فعلته أمريكا التي أبادت حضارة الهنود الحمر بالمجازر وبنت اقتصادها على ظهور عبيد إفريقيا، وحاكت الدسائس في بقاع العالم باسم الحرية مسببة مجازر ابتداءً من هيروشيما ونجازاكي ومرورًا بفيتنام وإبادة شعبها، وها هي تنتقل من مجزرة إلى أخرى ومن إبادة شعب إلى آخر متسببة في هلاك البشر الأبرياء، وليس ببعيد منا ما جرى في أفغانستانوالعراق وسوريا وفلسطين الضحية الأقدم، ولا ننسى أعوان الإدارة الأمريكية من الأوروبيين وعلى رأسهم بريطانيا وفرنسا وإيطاليا وحقدهم على الإسلام منذ الحملة الصليبية الأولى بقيادة "ريتشارد قلب الأسد" حتى الآن، فلن يهدأ لهم بال حتى يقوضوا كل أنظمة الحكم العربية والمسلمة. لقد نشرت الصحف الأجنبية ما يفضح هذه النيات الخبيثة لهؤلاء الزاعمين حمايةَ حقوق الإنسان ومحاربة الإرهاب، وما يؤكد أنها حرب على الإسلام وليس الإرهاب وتتذرع بتصرفات تنظيم داعش -مع تحفظنا على ما يصدر عن داعش من مخالفات- فقد كتب المستشرق الصهيوني "برنارد لويس" في "النيوز ويك" عدد 14-1-2004م: "إن إرهاب اليوم هو جزء من كفاح طويل بين الإسلام والغرب، فالنظام الأخلاقي الذي يستند إليه الإسلام مختلف عما هو في المسيحية واليهودية الغربية، وهذه الحرب هي حرب بين الأديان"، وكتب المفكر الأمريكي "فوكو ياما" في "النيوز ويك" (العدد السنوي: ديسمبر 2001 م – فبراير 2002م)، يقول: "إن الصراع الحالي ليس ببساطة ضد الإرهاب، ولكنه ضد العقيدة الإسلامية الأصولية، التي تقف ضد الحداثة الغربية وضد الدولة العلمانية، وهذه الأيديولوجية الأصولية تمثل خطرًا أكثر من الخطر الشيوعي، والمطلوب هو حرب داخل الإسلام، حتى يقبل الحداثة الغربية والعلمانية الغربية والمبدأ المسيحي "دع ما لقيصر لقيصر وما لله لله"!. لمزيد من مقالات د . جمال عبد الناصر