احتفالا بالذكرى الثالثة والثلاثين على رحيل الشاعر الكبير صلاح عبدالصبور(1931 - 1981) نظمت الإدارة المركزية للشئون الثقافية بهيئة قصور الثقافة احتفالية ثقافية بعنوان اصلاح عبدالصبور... رائد التجديد فى الشعر العربى الحديث بقصر ثقافة الزقازيق. حضر الافتتاح الشاعر مسعود شومان رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة، واللواء طارق الحاروني سكرتير عام محافظة الشرقية نائبا عن المحافظ د. سعيد عبد العزيز والكاتب محمد عبد الحافظ، نائب رئيس الهيئة، د. رضا الشيني رئيس إقليم شرق الدلتا الثقافي، وصبرية محمود مدير عام الثقافة العامة،ومعتزة عبد الصبور نيابة عن أسرة الشاعر صلاح عبد الصبور. وأشار شومان إلى أن عبد الصبور ليس شاعرا حزينا كما يقول النقاد، لكنه يتشوف الألم ويثمنه، و وصفه بأنه المدرك الحالم بعالم أكثر إنسانية ليقدم تجربة شديدة الثراء والخصوصية، مدللاً على ذلك بديوانه الأول أقول لكم الذي يمثل مفارقة كبيرة في تاريخ الشعر العربي. وأكد مسعود أن الشعر لدى عبد الصبور يعانق المسرح والإطلالات النقدية والسيرة الذاتية، لذا تتداخل الحدود بينهما، وتساءل هل من مصنف؟ وهل من ببلوجرافي يعكف على كتاباته وما كتب عنه من مقالات ودراسات؟. وخلال الافتتاح تم إعلان أسماء الفائزين فى مسابقة عبد الصبور الشعرية، كما تم عرض فيلم تسجيلى عن الشاعر المحتفى به. واختتمت الاحتفالية مساء الأربعاء الماضى بعد أن عقدت على مدى يومين وتضمنت ثلاث جلسات بحثية، وجلسة شهادات، وأمسية شعرية، وجلسة قراءات من شعر عبد الصبور. من أبحاث المؤتمر رأس الجلسة البحثية الأولى بعنوان «صلاح عبد الصبور شاعراً ثائرا»ً الكاتب أحمد سامى خاطر الذى أكد أن الراحل هو من قادة موجة التغيير فى العالم العربى، وبالرغم من ذلك لم يأخذ حقه من الاحتفاء به فى حياته، ثم طاف د.محمود الضبع بصفحات من نتاج عبد الصبور الشعرى، لبيان ريادته فى الشعر وتفوقه على نظرائه فى الوطن العربى فى هذا المجال، وتطرق الضبع للمؤلفات النثرية للشاعر عبد الصبور التى كتبها وهو على مشارف سن الخمسين مثل «حياتى فى الشعر، قصة الضمير المصرى الحديث، حتى تقهر الموت،رحلة على الورق» متناولاً ببعض التفصيل كتاب «حياتى فى الشعر» الذى أفصح فيه عبد الصبور عن المراحل التى يمر بها إنتاج القصيدة وهى ثلاث مراحل: الأولى سماها شيطان الشعر، الثانية المرحلة الصوفية، والأخيرة مرحلة الصورة، كما أنه فى ذلك الكتاب استعرض كيف ننظر لتراثنا العربى الشعرى القديم. أما الناقد نادر عبد الخالق فتحدث عن ملامح التجديد الشعرى عند صلاح عبد الصبور، مؤكداً أنه يكتب القصيدة وعينه تمتد لمعارف كثيرة، مشيراً إلى سمات التجديد فى ديوان«أقول لكم» وهى البعد عن الغنائية وغلبة الفكرعلى العاطفة متأثراً فى ذلك بالشعر الغربى، بالإضافة الى أنه أول من استخدام الرمز الصوفى استخداماً صحيحاً. وتناول الشاعر أحمد عنتر مصطفى البعد الإنساني عند عبد الصبور, الذى تعرف عليه من خلال الجمعية الأدبية المصرية التى كونها أمين الخولى منتصف الخمسينيات، وكانت تضم أقطاب الثقافة منهم عبد المنعم شميس، وعبد الغفار مكاوى، د. عز الدين إسماعيل، د.عبد القادر القط، والكاتب عبد التواب يوسف، مشيراً إلى أن عبد الصبور كان يمتاز بهدوء المثقف والمفكر فى التصدى للهجوم عليه. ناقدا ومترجما وقدم الجلسة البحثية الثانية «عبد الصبور ناقدا ومترجما» الكاتب محمد عبد الله الهادى, وأشار فيها د. صابر عبد الدايم إلى انشغال الباحثين بتحليل الإبداع الشعرى لصلاح عبد الصبور فى دواوينه المتعددة, وفى مسرحه الشعري الحافل بالرؤى الفلسفية, وأما آراؤه النقدية ومنهجه النقدى فلم يعتد به الباحثون كثيراً لأن الإبداع الشعرى هو ميزان تفوقه وعطائه, مضيفا أنه فى كتاب «أصوات العصر» لم يحدد المنهج النقدى الذى يتبناه, ولم يحصر نفسه داخل أسوار أى اتجاه أو مذهب محدد, ولكنه كما قال التزم جانب التذوق والنقد والتعريف دون التقييم، ولم يعن بالتقاليد والتنظير، ولكنه واجه الأعمال الإبداعية مواجهة مباشرة, ويتفق عبد الصبور فى رؤيته النقدية مع رؤى النقاد الأسلوبيين الذين أفاضوا فى شرح نظرية التلقى, وتباينت آراؤهم النظرية حول مفهوم القارئ. وألقى د. سمير حسونة الضوء على «نظرية الشعر» عند صلاح عبد الصبور, مشيراً إلى أن النقاد قالوا بضعف جهوده النقدية، على الرغم من أن إنتاجه النقدى يضعه فى مصاف النقاد المحدثين, وتساءل د. حسونة: هل هناك نظرية للشعر فى النقد العربى الحديث؟ وأجاب قائلاً: نعم هناك نظرية متكاملة أرساها عبد الصبور. المسرح الشعرى وتحت عنوان «صلاح عبد الصبور من التجديد الشعرى إلى التجديد المسرحى» عقدت الجلسة البحثية الثالثة التى أدارها الناقد محمود الديدامونى وشارك فيها الناقد والمخرج المسرحى د. عمرو دواره الذى أشار إلى أن عبدالصبور كان محظوظاً بتقديم كل نصوصه على المسرح، لذلك استطاع تطوير أدواته المسرحية، ثم قدم دوارة بانوراما عن نشأة وتطور المسرح الشعرى الذى بدأ عالمياً منذ الإغريق وصولاً إلى ويليام شكسبير وتقديم مسرحياته الشعرية للمسرح العربى، ثم بداية مسرحنا الشعرى مع أحمد شوقى، كما تطرق دوارة إلى سمات مسرح عبدالصبور وهى غياب دور الشعب فى نصوصه المسرحية, فالبطل فيها هو الشاعر المثقف الثائر. وفى حضرة الشعر عقدت أمسية شعرية قدم فيها الفائزون فى المسابقة المركزية قصائد من الدواوين الفائزة، ثم قدم شعراء الشرقية قصائد من أعمالهم، ثم قرأت الكاتبة الصحفية نفيسة عبد الفتاح فقرات من مسرحية «مأساة الحلاج» لعبد الصبور أعقبها تقديم قراءات من شعره قدمها الشعراء محمد الشهاوى (أحلام الفارس القديم), ممدوح متولى (قصيدة من ديوان شجر الليل), وإيهاب البشبيشى الذى ألقى ثلاث قصائد قصيرة من ديوان أحلام الفارس القديم: «أغنية للشتاء», «الحب فى هذا الزمان», «مذكرات الصوفى بشر الحافى».