أكدت الدكتورة نوال السعداوي الناشطة السياسية المعروفة, أن البرلمان الحالي لايمثل الثورة, لانه انتخب علي أسس خاطئة تخالف القانون, وطالبت بفتح ملف التمويل الخليجي للتيار الإسلامي, موضحة ان مصر تحتاج إلي رئيس لايتاجر بالدين ودفع ثمن محاربته للفساد والظلم, وأبدت تفاؤلها بمستقبل الثورة المصرية, وإلي نص حوارها مع الأهرام: بعد مرور عام علي ثورة 25 يناير واجراء انتخابات مجلسي الشعب والشوري واستحواذ مرشحي التيار الإسلامي علي غالبية مقاعدهما, هل كنت تتوقعين هذه النتيجة عقب ثورة ملهمة؟ بالطبع لم أكن اتوقع حدوث هذا السيناريو, ولا اقتنع بما يتردد حول عرس الديمقراطية واجراء انتخابات حرة, لان هذه الانتخابات شاركت فيها احزاب دينية رغم ان القانون يحظر قيام الأحزاب علي أسس دينية, ومن ثم فإن الاساس من البداية قام علي خطأ, فضلا عن فرض غرامة علي من لم يصوت, وان المتنافسين لجأوا إلي الرشاوي لاستقطاب الناخبين, إذن فهذا البرلمان في نظري برلمان المال ولا يمت بصلة للثورة. ناهيك عن أنه البرلمان جاء بخطة اجهاض الثورة, خاصة وان جسد نظام مبارك لايزال ينبض بالحياة, وهنا أنا لا اتحدث عن الجيش لانه اسمي من ذلك وحمي البلاد, وإنما عن مشكلة مصر الحقيقية وهي القيادات التي تصعد علي جثث المصريين, واقصد بذلك جماعة الإخوان المسلمين والليبراليين والشيوعيين, فهذه القوي تسببت في مجيء السلفيين والإخوان إلي السلطة في نهاية المطاف, وبالتالي فإنهم يحاولون باستمرار اجهاض الثورة بكل طاقتهم, وشخصيا أثق ان المصريين الذين صنعوا ثورة25 يناير لديهم القدرة علي تحقيق أهداف الثورة التي اريقت لأجلها الكثير من دماء أبناء هذا الوطن. لكن العبث ضد مصر خارجيا قبل أن يكون داخليا؟ التمويل الخارجي لابد من التحقيق فيه بشكل دقيق, لأن المال ليس له دين ولا وطن, وأمريكا متغلغلة في مصر منذ عهد الرئيس الراحل أنور السادات وأنا ضد الإجراءات والمداهمات التي تمت بشكل عنيف ضد منظمات المجتمع المدني, كما لابد من فتح ملف التمويل الخارجي القادم من بعض الدول الخليجية للتيار الديني حتي يكون هناك تحقيق موضوعي, ولابد من وجود قانون واضح ومقنن لعمل الجمعيات الأهلية, مع فرض هيبة الدولة واحترامها, كما يحدث في كل مكان في العالم, كما أرفض التدخل الأجنبي بكل أشكاله في الشأن المصري, ومحاولات أمريكا وغيرها لإملاء شروط علي الشعب المصري بحجة المعونة الأمريكية وغيرها, ولقد سجلت هذا للرئيس الأسبق جيمي كارتر عندما طلبني لمقابلته خلال زيارته الأخيرة لمصر, فلابد أن تكون هناك هيبة وكرامة لمصر. هل تشعرين بالخوف علي الثورة ومستقبل مصر؟ أنا لا أخاف وأصبح لدي حصانة ضد الخوف والسجن والموت ولست خائفة علي مستقبل مصر لأنه بأيدي الشعب والمصريين. هل أنت متفائلة بمستقبل الديمقراطية في مصر؟ ما حدث في الانتخابات الأخيرة ليس هو ما يطلق عليه ديمقراطية, لأن الديمقراطية التي نحلم بها هي تدريب طويل من الميلاد وحتي الوفاة, في البيت والمدرسة وكل مكان يحيط بالإنسان فكيف يجري شعب انتخابات ديمقراطية حرة بعد عقود من التهميش والإقصاء والظلم والفساد, ومع ذلك فانا متفائلة لأن البرلمان لن يحكم, ولكن الدستور هو الذي سوف يحكم البلاد وقوة الشعب المصري التي هزمت مبارك ونظامه وأجبرت أمريكا علي التخلي عن مساندتها للرئيس المخلوع هي الضامنة والباعثة علي التفاؤل. أليس علي الشباب والثوار أن يعلقوا اعتصاماتهم لأن البعض يتهمونهم بوقف عجلة الانتاج وإثارة الفتنة والبلبلة.. حتي تنعم البلد ببعض الهدوء في هذه الظروف الصعبة؟ الذي أحدث الفوضي هو النظام والذين يحكمونهم وليس الثوار الذين يحموا ثورتهم وكونوا لجانا شعبية لحماية بيوتهم ومؤسسات الدولة, وعليهم أن يبحثوا عن بلطجية النظام الذين يسرقون البنوك والبيوت والمجمع العلمي وليس الثوار. فريق من الثوار طالب بتسليم السلطة إلي مجلس الشعب, هل توافقين علي هذا ذلك؟ كان من المفروض أن يتم بعد التنحي في11 فبراير الماضي انتخاب50 شخصية مصرية من الميدان وأن تكون هذه المجموعة التي تتولي الحكم وليس المجلس العسكري. ألم يأت رئيس الوزراء السابق عصام شرف من التحرير ولم يستطع قيادة البلد في الفترة الماضية؟ عصام شرف ليس من التحرير, والاسلاميون هم من جاءوا به, وهناك الكثير من المتاجرين بالثورة وبالنضال, وهناك الكثير مما يذهبون للتحرير لالتقاط صور لهم ثم يذهبون ليثبتوا أنهم من الثوار, وهؤلاء معروفون بالاسم ومعظمهم موجودون علي الفضائيات وعلي صفحات الجرائد, لكن الثوار الحقيقيين هم الذين يموتون ويصابون ويعملون في التحرير. ولكن مشكلة الشباب أنهم بدون خبرة في العمل السياسي حتي إنهم لم يستطيعوا للآن أن يؤسسوا أحزابا تعبر عنهم وتستوعبهم؟ فكيف سيتم عمل منظم يعبر عنهم؟ كان من الممكن أن يتم انتخاب مجموعة من الشباب الواعي, والشباب مدرك تماما أن هناك سياسة فرق تسد وهناك من يتربص بهم, والثورة المصرية أكثر نضوجا وسلميا والدماء التي سالت جاءت من الثورة المضادة من المجلس العسكري والإخوان وأمريكا وإسرائيل. هل توافقين علي انتخاب رئيس قبل صياغة الدستور الجديد؟ لا أوافق علي انتخاب رئيس قبل كتابة الدستور, لأن الدستور هو الحجر الاساسي للدولة, وبعد الثورة لابد من دستور جديد لأننا نبني نظاما جديدا, والانتخابات كانت خاطئة لأنها بنيت علي أساس الدستور القديم وبعض التعديلات التي أقرها المستشار طارق البشري. ما هو المخرج لما تمر به مصر الآن من مشكلات؟ المخرج في الحفاظ علي الثورة وعلي كل الثوار الحقيقيين الذين قاموا بها والاستجابة للمطالب الحقيقية للثورة. من برأيك أكثر حظا في الترشح لانتخابات الرئاسة من المرشحين الموجودين علي الساحة؟ رئيس مصر يجب أن يكون له تاريخ نضالي حقيقي, وأن يكون قد دفع الثمن لمحاربة فساد هذا النظام, أنا أريد رئيسا لمصر لا يتاجر بالدين أو الايديولوجيات وله مواقف معروفة ووطنية للوطن فقط, إذن لابد أن نقرأ تاريخ من يرشح نفسه للرئاسة, لذلك أريد من الشباب والثوار أن ينتخبوا مجلسا رئاسيا منهم وأن يتعلموا من أخطائهم التي وقعوا فيها في السنة الماضية ولابد أن يتم توحيد الثورة والثوار. هل النخبة المصرية المثقفة تقوم بدورها الآن لتوجيه الشباب والرأي العام في هذه المرحلة الصعبة في تاريخ مصر؟ بكل أسف لا, لأن هناك من ساندوا الثورة في البداية وعندما سقط النظام هاجموا الثورة بعد ذلك, لأنها تهاجم المجلس العسكري, أي منطق عاش الملك مات الملك تلك النخبة لا تقرأ, ليس لديها وقت إلا للفضائيات والشهرة, نحن نريد نخبة جديدة من المصريين الحقيقيين لابد أن يكون هناك نخبة لديها ضمير وطني. ما توقعاتك لمستقبل المرأة بعد الثورة؟ أنا لا أريد أن أقسم المجتمع بيولوجيا نساء ورجالا, لأن هناك نساء أساءت للمرأة أكثر من الرجال, وعلي سبيل المثال سوزان مبارك زوجة الرئيس السابق فتتت الكثير من المؤسسات التي كانت تهدف الي رفع وزيادة وعي المرأة مثل الاتحاد النسائي المصري. إذن الاشكالية في عقول هؤلاء النساء اللاتي يسيئن للمرأة مثل أمينة المرأة في الإخوان عندما وصفت الفتيات المشاركات في الثورة بأنهن فاسدات وغير صالحات. وللأسف لا توجد ثقافة نسائية حقيقية معبرة عن المرأة بشكل حقيقي.. لقد صادروا كتبي ومنعوها من التداول في مصر بالرغم من أن لي47 كتابا تدرس في غالبية دول العالم حتي في تونس وليبيا, إذن نريد ثقافة عادلة وديمقراطية ترسي قواعد المساواة والعدل والحرية للجميع نساء ورجالا, لابد أن نحترم النساء والفقراء والشباب والأقباط, لذلك يجب أن نكافح من أجل إرساء القيم الحقيقية لمصر. كفاحك من أجل الحرية والمساواة وتمكين المرأة لم يتوقف فماذا فعلت بعد الثورة من أجل المرأة في مصر؟ أنا لم أتغيب عن المشاركة مع الشباب في التحرير في كل أيام الثورة, حتي يوم الاحتفال بمرور عام علي الثورة, ولقد أسسنا الاتحاد النسائي المصري بمجموعة من الرجال والنساء ويعتبرونني الأم الروحية لهذا الاتحاد, وأعتقد أنه سوف يضيف للحركة النسائية المصرية خاصة بعد الثورة, بعد اجهاض الحركة النسائية المصرية علي مدي عشرات السنين من جيهان السادات وسوزان مبارك. هل يتلقي هذا الاتحاد أي تمويل من الخارج؟ الي الآن ليس لدينا مقر لأننا نموله ذاتيا ونرفض أي تمويل خارجي له. وعلي الجميع أن يعمل من أجل العدالة والمساواة, وأنا أعتقد أن الثورة لابد أن تكون علي كل الفساد والظلم وليس علي مبارك ونظامه فقط.