نتائج المرحلة الثانية لمسابقة "الأزهري الصغير" بكفر الشيخ    30 مايو 2024.. أسعار الأسماك بسوق العبور للجملة اليوم    تراجع مؤشرات البورصة في منتصف تعاملات اليوم    مياه سوهاج تطلق حملات لتوعية المواطنين بإجراءات سلامة ومأمونية المياه    الأهلي المصري يطلق خدمة إضافة الحوالات الواردة من الخارج لحظيا لجميع عملاء البنوك المصرية    وزير الخارجية السعودي يدعو لإيجاد مسار موثوق ولا رجعة فيه لحل الدولتين    تحضيرا لقمة واشنطن.. وزراء خارجية دول الناتو يجتمعون في براغ    تعرف على مواعيد مباريات اليوم الخميس    فاولر: ليفربول خرج بأقل الخسائر من الموسم الحالي.. وسلوت سيعيد القوة للفريق    اليوم.. الحكم على حسين الشحات في اتهامه بالتعدي على لاعب بيراميدز    ضبط قضايا اتجار في النقد الأجنبي ب 10 ملايين جنيه    إصابة 4 أشخاص في حريق مخزن بلاستيك بمنطقة البدرشين    السيطرة على حريق نشب داخل شقة سكنية بمنطقة أبو النمرس    تجديد حبس متهم انتحل صفة فني أسنان لتزوير المحررات الرسمية    جامعة القاهرة تعلن فوز 14 شخصا من منتسبيها بجوائز الدولة النيل والتقديرية والتفوق والتشجيعية    التعليم العالي: مصر تشارك في الاجتماع الأول للمؤسسة الإفريقية للتعلم مدى الحياة بالمغرب    الصحة: القوافل الطبية قدمت خدماتها العلاجية ل 145 ألف مواطن بالمحافظات خلال شهر    رئيس هيئة الرعاية الصحية يجري جولة تفقدية داخل مدينة الدواء.. صور    تحرير 13 محضرًا تموينيًا في بلطيم بكفر الشيخ    إغلاق 3 مراكز دروس خصوصية في الإسكندرية.. والحي يصادر الشاشات والتكييف- صور    أمين الفتوى: من يذبح الأضاحي في الشوارع ملعون    هبوط طفيف للبورصة مع بداية تعاملات اليوم الخميس    بوليتيكو: الاتحاد الأوروبي يعتزم "معاقبة" رئيس الوزراء المجري بسبب أوكرانيا    نقابة الأطباء البيطريين: لا مساس بإعانات الأعضاء    استقرار أسعار الحديد في مصر بداية تعاملات اليوم الخميس 30 مايو 2024    الإمارات تدعو لضرورة إيجاد أفق لسلام عادل وشامل فى منطقة الشرق الأوسط    كوريا الشمالية تُطلق وابلا من الصواريخ البالستية القصيرة المدى    إعلام إسرائيلي: 10% من المطلوبين للخدمة العسكرية يدّعون الإصابة بأمراض عقلية    المدارس تواصل تسليم طلاب الثانوية العامة 2024 أرقام الجلوس    وفاه إحدى السيدتين ضحايا حادث تصادم الفنان عباس أبو الحسن    17.5 مليار جنيه إجمالي إيرادات المصرية للاتصالات خلال الربع الأول من 2024    التأخيرات المتوقعة لبعض القطارات اليوم بالسكة الحديد    حظك اليوم وتوقعات الأبراج 30 مايو 2024: مكاسب مالية ل«الأسد» وأخبار سارة ل«الحمل»    «المستقلين الجدد»: تكريم «القاهرة الإخبارية» يؤكد جدارتها وتميّزها    إندونيسى يكتشف زواجه من رجل بعد زفافه ب12 يوما وقصة حب لمدة عام.. صور    تفاصيل حفل زفاف ياسمين رئيس على رجل الأعمال أحمد عبد العزيز    جامعة القاهرة تكرم 36 عالمًا بجوائز التميز لعام 2023    581 طالبا بكلية التمريض جامعة الإسماعيلية الجديدة الأهلية يؤدون امتحان مقرر أمراض الباطنة    اعرف شروط ومواصفات الأضحية السليمة من أكبر سوق مواشى بسوهاج    الناس اللى بتضحى بجمل.. اعرف المواصفات والعمر المناسب للأضحية.. فيديو    كهربا: أنا أفضل من مرموش وتريزيجيه    شوقي غريب: رمضان صبحي يستحق المساندة في الأزمة الحالية    نصائح هامة عند شراء النظارات الشمسية في فصل الصيف    مسؤولون باكستانيون: حرس الحدود الإيراني يطلق النار ويقتل 4 باكستانيين جنوب غربي البلاد    أحمد خالد صالح ينضم لفيلم الست مع مني زكي: دوري مفاجأة للجمهور    عاجل:- قوات الاحتلال تقتحم مدن الضفة الغربية    المواطنون يطوفون حوله.. مجسم للكعبة في دولة أفريقية يثير جدلا واسعا    علاج أول مريض سكري باستخدام الخلايا في سابقة فريدة علميا    خالد أبو بكر يهاجم "المحافظين": "التشكيك بموقف مصر لو اتساب هتبقى زيطة"    هل تجوز الصدقة على الخالة؟ محمد الجندي يجيب    خالد مرتجي: إمام عاشور من أفضل صفقات الأهلي    تريزيجيه يتحدث عن مصيره بعد اعتزال كرة القدم    وزير الصحة يبحث مع سكرتير الدولة الروسي تعزيز التعاون في مجال تصنيع الدواء والمعدات الطبية    بعد مراسم مماثلة ل"عبدالله رمضان" .. جنازة شعبية لشهيد رفح إسلام عبدالرزاق رغم نفي المتحدث العسكري    مع زيادة سعر الرغيف 4 أضعاف .. مواطنون: لصوص الانقلاب خلوا أكل العيش مر    أحمد عبد العزيز يكتب // الإدارة ب"العَكْنَنَة"!    الإفتاء توضح حكم التأخر في توزيع التركة بخلاف رغبة بعض الورثة    خالد مرتجى: معلول من أعظم صفقات الأهلي.. وعشت لحظات صعبة فى مباراة الترجي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصر في حاجة إلي مشروع نهضة قائم علي المواطنة
الأحزاب تنظر إلي المرأة علي أنها »گمالة عدد«
نشر في الأخبار يوم 07 - 11 - 2011

بمجرد ان دخلت مكتب المستشارة والقاضية الكبيرة تهاني الجبالي نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا، أقول بمجرد ان دخلت مكتبها والذي يطل علي نيل المعادي، استقبلتني وزميلي المصور بابتسامة تنم عن ترحاب كبيرة وحب أكبر لهذا البلد العظيم. وعلي اثر هذه الابتسامة شعرت بمدي صدق ما سوف تتلوه علينا من كلمات.. هذا الصدق الذي عرفته من نظرات عينيها والذي ترجم بعد لحظات إلي شعور وطني قوي تجلي بوضوح في مدي تأثرها بحالة البلد وحرصها علي المستقبل، حتي كادت الدموع ان تعبر عن ذلك رغما عنها لشدة التأثر وقوة التعبير.
ومع انسياب كلماتها كماء النهر الصافي والذي ظل شاهدا علينا طيلة ساعة كاملة، تأكد ما كان بداخلي من احساس من ان هذه السيدة الفاضلة والمناضلة والمحامية والسياسية سوف تتحدث وبكل صراحة ووضوح عما سوف تثيره من قضايا من خلال اسئلة هذا الحوار. ورغم اصرارها علي اتمام حفاوة الاستقبال بتقديم المشروبات الساخنة مع ارتباطها بمواعيد مسبقة. فقد بدأنا ومن دون انتظار.. وكان من نتيجة ذلك كل كلمات هذا الحوار.. فاليكم التفاصيل..
في البداية ومن قبل إلقاء الاسئلة قدمت الشكر لجريدة الأخبار لما تبذله دائما من جهد كبير خاصة فيما تنشره من حوارات يومية مع شخصيات محل مصداقية مع تأكيدي علي ان الجريدة تعطي الفرصة كاملة لمن يتم استضافتهم علي صفحات الحوار كما تقول كلماتهم للتاريخ. رغم ما يمر بنا الآن من أحداث دعينا نبدأ رحلتنا هذا الحوار من باب المرأة ونسألك: هل أنت راضية عما قدمته وتقدم المرأة المصرية سواء قبل الثورة أو بعدها؟
أنا راضية فقط عما قدمته المرأة للثورة لانها كانت في مقدمة الصفوف ولا يستطيع أحد ان يجحد انها كانت بكل أجيالها وأطيافها واديانها وأزيائها وفكرها ونضالها في مقدمة المشهد الثوري ليس ذلك فقط، هي مازالت أيضا في مقدمة مشهد المطالبين بالعدالة الاجتماعية والتي نسميها ظلما بالمطالب الفئوية. وذلك من أجل الدفاع عن الحق المباشر وهو لقمة العيش.
وللأسف هذا المشهد لم يحترمه كل أطراف المعادلة السياسية في مصر بعد الثورة. فقد تم اقصاء المرأة من كل الأدوات التي ستحدث بعد الثورة وبالتالي لم تأخذ حقها خاصة داخل الدوائر التي تصنع القرار في هذه المرحلة الحرجة. كذلك لم تهتم كل القوي السياسية علي اطلاقها وليس فقط التيارات الرجعية والمتخلفة بالكفاءات النسائية بما يليق بمكانتها ومقام المرأة المصرية.
وهل تم ذلك وفق تصورك بشكل مقصود؟
ربما راجع لانعدام الرشد السياسي. لأن الرشد السياسي يقول انه ما دمنا جادين في حماية هذه الثورة وقد قامت من أجل الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية هذه العدالة لا يمكن أن تستقيم في ظل تغييب المرأة واقصائها.
الدور المفقود
وما هو في تصورك الدور الذي يجب ان تقوم به المرأة المصرية لتأكيد مفهوم الثورة والسعي لانجاحها؟
أتصور هذا الدور بشكل مزدوج فهو دور يتعلق بذات المرأة نفسها، ودور يتعلق كذلك بالبيئة السياسية بكل أطيافها وفيما يخص ما يتعلق بها عليها الا تسمح لأحد بالتشكيك في قدرتها ولا كفاءتها ولا في انها طرف شريك في اتخاذ القرار وفي تنفيذه وفي مراقبته. وذلك في كل نواحي حياتنا الاقتصادية والسياسية والاجتماعية وعلينا ألا ننتظر ان يتم استدعاؤها للمشاركة، بل لابد ان تسارع هي من نفسها لهذه المشاركة، وبالتالي تستطيع ان تفرض وجودها ولا أحد عند ذلك يتمكن من اقصائها وعايزة أقولك ان المرأة المصرية قد بلغت سن الرشد منذ عقود مضت. وعليها لذلك ألا تتراجع ولا خطوة واحدة إلي الخلف.
ليس ذلك بل واعتقد ان المرأة في حاجة إلي المزيد من النضال.
وماذا يعني ذلك؟!
أتمني تنظيم صفوفها وفرض وجودها في كل المستويات، وخوض المعارك من أجل تأكيد أنماط في أساس القرار سواء تشريعيا أو تنفيذيا أو قضائيا.. أيضا لابد ان تكون مؤمنة بذاتها وبقدراتها. وتعرف ان لدينا بُعدا ثقافيا خطيرا جدا وهو يحاول ان ينظر إلي المرأة من منظور ديني. وهذا يعتبر عبثا بالوجدان الديني المصري لان مصر حكمتها المرأة في ظل وجود الإسلام.. مثل شجرة الدر. هذا عن المشهد الذاتي للمرأة أما فيما يخص المشهد العام.. فان كل الاطراف سواء السلطة الفعلية الممثلة في المجلس الأعلي للقوات المسلحة والحكومة أو في إطار التيارات السياسية المتعددة.. مطلوب منها ان تبرهن عمليا بتقديم الكفاءات النسائية في المشهد السياسي الفعلي.
وهل هذا هو دور المجتمع ام دور المرأة؟
الاثنان معا.. حيث يجب علي المرأة ان تفرض نفسها وبقوة والاخرون يمنحونها الفرصة للمشاركة. وهناك ملحوظة خرجت بها بعد الاطلاع علي القوائم الحزبية وهي أن الأحزاب تنظر إلي المرأة باعتبارها كمالة عدد!. في حين لدينا قيادات نسائية يمكن ان نباهي بهن الأمم.
هل في تصورك ان يكون للمرأة حزب سياسي؟
هذا لا يجوز.. لانه سوف يقوم علي أساس جنس.. وهذا أمام القانون خاصة قانون الاحزاب لا يجوز. وفي مقابل ذلك أتمني دائما ان تكون المرأة مشاركا للرجل جنبا إلي جنب. ولا أتمني لها ان تمارس دورها من خلال حزب نسائي.
أقصد ان تقوم بتكوين حزب نسائي تبرهن من خلاله علي مقدرتها ونجاحها بما يجبر الرجال علي الاستعانة بهن ؟ فماذا تقولين من تعليق؟
ربما تحتاج أكثر إلي تنظيم وطني فوق ديمقراطي.. مثلما الذي تفكر في اقامته الدكتورة هدي بدران والتي تنوي تكوين اتحاد نسائي مستقل وديمقراطي وأنا اعتبرها خطوة مهمة علي هذا الطريق. اضافة إلي بقية المؤسسات المجتمعية التي تعني بتطور دور المرأة وأحوالها. والحفاظ علي الآلية الوطنية المتمثل في المجلس القومي للمرأة.
لأن هذا المجلس ليس ملكا لوزارة مبارك فإذا ما كان البعض يختصم هذه السيدة فهذا حقه ولكن اختصام مؤسسة من مؤسسات الدولة فذلك غير مقبول. وبالتالي لابد من اعادة هيكلته وتنظيمه ومنحه حقوقا ديمقراطية في ادارته. حتي يصبح أحد المجالس القومية المتخصصة التي أري انها يجب ان تلعب دورا مهما في مستقبل مصر بما يضمه من كفاءات علمية كبيرة. علي ان يخرج هذا المجلس مما كان فيه من قبل حيث تحول إلي مخزن للمفكرين والعلماء وبحيث يتحول هو وغيره من المؤسسات إلي معامل للتفكير ولتصنيع القرار السياسي وتكون قراراته وتوصياته ملزمة، لأن هذا هو صوت العلم حين يتحدث مع السياسية.
المرأة والنظام السابق
في تصورك ما هو دور النظام السابق ومسئوليته فيما أصاب المرأة المصرية من تراجع في دورها رغم ما كان يقال آنذاك من كلمات تعبر عن غير ذلك؟
لقد كان هناك تقصير من جانب النظام السابق وهذا التقصير أتي من ان الغالبية العظمي من النساء هم ضحايا الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية والثقافية المتخلفة اضافة إلي الأوضاع السياسية والتي كانت ديكورية فقط أكثر منها مشاركة فعلية. وبالتالي فانني أري ان النساء كن جزءا لا يتجزأ من الانسحاق الذي طال كل فئات الشعب المصري. وهنا أقولك أيضا ان المرأة المصرية قد تعرضت لانتهاك فادح فيما يخص تهميشها.
الشكل دون المضمون
وهل معني ذلك ان النظام السابق كان يهتم فقط بالنخبة من نساء مصر دون غيرهن؟!
كان الاهتمام فقط بالشكل أكثر من المضمون الفعلي والحقيقي وهذا يبدو في حركة الأحزاب والصحافة والإعلام من الذين كانوا يتكلمون فقط، دون ان يكون لدينا حالة سياسية ديمقراطية حقيقية. اضف إلي ذلك انه بالنسبة للمستوي الاجتماعي كنا نتحدث كثيرا عن الطبقات الكادحة والوسطي والاهتمام بهذه الطبقات ولكن الحقيقة المرة ظهرت بوجود تكديس للثروة الوطنية في أيدي قلة علي حساب الكثرة وقد أسفر ذلك عن معاناة حقيقية لأفراد هذه الطبقات.
وهل معني حديثك السابق ان ذلك هو الذي جعل المرأة المصرية تنأي بنفسها عن منابع الفساد الذي ظهر جليا بعد انهيار النظام؟
بالتأكيد والمرأة أيضا لم تكن شريكة في الفشل والمرأة تفخز بذلك.
ولماذا؟
وليس ذلك في مصر وحدها بل في الأمة العربية كلها. والسبب يرجع إلي اننا لم نشارك في صنع القرار ولم نشارك حقيقة في تنفيذه ومراقبته.
كلامك السابق يجعلني أعيد السؤال بصيغة اخري وأقول: لو كان هناك تفاعل وعدم تهميش لدور المرأة خلال النظام السابق. هل كانت ستشارك في الفساد؟
أنا أعتقد ان المرأة كانت ستكون ضامنة لثلاثة أشياء هي القضاء والحفاظ علي الهوية ثم الحفاظ علي الأمن القومي. ذلك لان المرأة في أية مجتمع هي التي تربي الرجال. فإذا ما كانت المرأة بخير.. فتأكد ان الاجيال بخير.. كذلك انني أعرف ان المرأة هي القادرة علي صناعة المعجزة والمعادلة بين الدخل والمنصرف. ولو كانت من المشاركين الحقيقيين كانت سوف تسعي لتحقيق هذا التوازن كما يحدث في كل بيوتنا، لذلك لعلي اعتقد اننا لم نصل بعد إلي معرفة دور المرأة ومشاركتها الفعلية، وهي بالتالي قادرة علي انقاذ وطن بأكمله.. بدلا من أن تظل تدور في فلك الأزمة.
الدور المطلوب
وفي هذا السياق دعيني أسألك.. وما هو الدور الذي يجب ان تقوم به المرأة للخروج مما نحن فيه الآن؟
أولا تنفض عن نفسها غبار الشعور بالانتظار حتي يستدعيها أحد. وتكون بالتالي هي المبادرة من تلقاء نفسها. وعايز تعرف دور المرأة الحقيقي عليك ان تنظر لها عندما تكون في عدم وجودها في صفوف المطالبين بحقوقهم الفئوية. وهذه بالتالي هي المرأة المصرية الحقيقية عاملات وفلاحات وموظفات.
بيان الملامح
وما هي الملامح التي يجب ان توضح لنا دورها المطلوب؟
اننا في مرحلة انتقالية هامة جدا.. وفيها يتم رسم مستقبل مصر في المراحل القادمة. وبالتالي نحن نحتاج إلي مشروع نهضوي شامل يشارك فيه كل مصري من منطق المواطنة وليس بسبب الجنس باعتباره رجلا أو امرأة. أو غني أو فقيرا، أو يساريا أو يمينيا، مسلما أو مسيحيا. اننا بالفعل في حاجة إلي مشروع مصر النهضوي والذي تشارك فيه المرأة جنبا إلي جنب مع الرجل. وهذا يتطلب منها ان تشارك أيضا في وضع دستور مصر القادم ولرسم السياسات الاجتماعية والاقتصادية، وان تشارك في عمليات البناء في كل مكان وفق ما حصلته من تعليم وثقافة. وهذا لن يتم إلا في إطار بناء وعي جديد.
وهل ترين ان هناك قيودا تمنع المرأة من القيام بهذا الدور؟
انني أري غيابا للأدوات الجماعية التي تبني الوعي الجمعي والتفكير الجماعي علي ضوء رأي عام مستنير. ولعلي أقولك في هذا السياق انني أشعر بوجود خلل كبير خاصة في رسالة وسائل الاعلام. كما أشعر بغياب الرسائل الثقافية والتي لم تنشأ بعد لمواكبة مشروع الثورة.
وهل ما نحن فيه من صخب وضوضاء، من بعد الثورة ناتج من اختفاء دور المرأة في حياتنا التنفيذية. مثلا كوزيرة أو خلافه؟
انها لا نشارك في صنع القرار ولكنها تشارك في تنفيذه وفي كل المجالات. والمهم هنا أن تشارك في صنع القرار ثم تنفيذه. وهي الآن للأسف مفعول به بمعني ان السياسات تأتي إليها لتنفيذها من دون المشاركة فيها. وهذا بطبيعة الحال خطأ كبير لانها لا تدلي بدلوها ولديها الكثير من الأفكار التي يمكن ان ترشد المجتمع. في حالة سماع وجهات نظرها ومساهمتها بكفاءاتها وعلمها وقدراتها. وعايزة أقولك في هذه القطع.. اننا كثيرا ما نتحدث عن دور المرأة تاريخيا.. وأنا لا أريد ان استدعي المرأة من التاريخ لانه سيكون بمثابة وجع وطني. لان هذا الاستدعاء سيجعلنا نتذكر انه كانت لدينا ملكات عظام ساهمن في صنع تاريخ هذا البلد مثل حتشبسوت وغيرها من اللائي ساهمن في تاريخ مصر العظيم. ليس ذلك فقط. بل دعنا نتذكر بعض لقطات من تاريخنا الديني لنري ماذا فعلت المرأة في حرب 65 و76 وأيام حرب الاستنزاف.
عندما نقتنع
في رحاب هذا الحديث. دعيني أسألك. متي سنري المرأة فوق كرسي القاضي ورئيسة للبرلمان ثم رئيسة لمصر؟
سنراها في كل هذه الأماكن حين نقتنع جميعا بان حق المواطنة لدي المواطنين في أي بلد لا يقبل القسمة علي اثنين، وان الوظيفة العامة هو حق مشترك ولا يناله أحد إلا بالكفاءة والقدرة علي الأداء، وعايزة أقولك ان لدينا ثغرة ثقافية، مصدرها ان هناك من يتصور ان الذي بلغ الرشد هو الرجل وان العنف وعدم القدرة وعدم بلوغ الرشد هي المرأة. هذه الثقافة لا تتسق لا مع ديننا ولا مع حضاراتنا الإسلامية.
وما هو مصدر هذه الثقافة؟
هذه ثقافة تكرس من خلال مصادر متخلفة للثقافة بعضها من منظور ديني والآخر من منظور دنيوي.. هذه الثقافة تنال من الشخصية المصرية. وأكثر من ذلك أقولك ان محاولات تهميش المرأة هو جزء من الخراب الثقافي. وهذا ضد طبيعة دور المرأة داخل مجتمعنا.
العلاج
ومتي يمكن ان نتخلص من هذه النظرة؟
هذا هو دور الوعي الثقافي. ومن خلال نشر هذا الوعي سوف نصل إلي ما نريده بسرعة كبيرة. وأنا دائما متفائلة عن وعي وليس مجرد تعبير نفس. ان مصر قد استردت يوم 52 يناير ذاتها الحضارية وقدرة الشعب المصري علي امتلاك زمام قراره ومصيره هو ذاته الذي سوف يضع المستقبل وسوف يجد ان أغلي ما يملكه هو البشر. وعايز أقولك أكثر من ذلك ان تأثير هذه الثورة سوف يظهر في الجيل القادم لان أصبح جيلا خاليا من العقد.
هل في تصورك ان الثورة صنعت نفسها بنفسها أم كانت هناك أسباب لانفجارها؟
كانت هناك ظروف هيأت مصر كلها ان تعيش في حالة ثورية تنتظر فقط البداية.
ومتي تهيأت هذه الظروف؟
منذ 5 سنوات علي الأقل في ظل حكم الرئيس السابق.
وهذا معناه أنك لم تفاجأ بسقوط النظام السابق؟
لا.. لم افاجأ بسقوطه. لأنه لم يكن هناك استماع لمحاولات الإصلاح.
وماذا عن مصدر المفاجأة بالنسبة لك؟
هي قدرة الشباب علي الخروج من المنظومة وخلق عالمهم الخاص من خلال آليات العصر ثم جرأتهم علي الاحتشاد في الشارع. والغريب ان الاستجابة الشعبية لم تدخل في هذه المفاجأة لان الحالة الثورية كانت قائمة فعلا في مصر بالاضافة إلي تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
الصامتون
ولماذا ظل الشعب المصري صامتا كل هذه الفترة الزمنية؟
ان الشعب المصري شعب صبور ويخزن بداخله.. وهذه من طبائع الشعوب التي لا تثور دائما. ولكنها حين تخرج لا يستطيع أحد ان يردها مرة أخري.
وهل لم يكن المحيطون بالنظام السابق يعلمون ذلك؟
علي الأقل اعتقد ان الذين وصلوا إلي حصار القرار في مراحله الأخيرة لم يكن لديهم لا ثقافة ولا وعي بالتاريخ ولا بالشعب المصري وطبيعته لقد تصوروا في لحظة ان الشعب المصري قد مات وانتهي وانه قبل كل الأوضاع التي كانت قائمة.
الشعب والنخبة
وماذا عن النخبة في مصر؟
النخبة في مصر لم تصب بحالة من الغياب بقدر ما هو ضعف شديد عن التقاط الحالة الثورية التي عليها الشعب المصري والارتفاع لمستواها. وهنا أدعي بان الشعب المصري أكثر نضجا من نخبة السياسية. لان المشهد الثوري قد عكس كل مضامين هذا الشعب الحضارية في لحظة الضمير الجمعي أو لحظة التطهر. وللأسف فقد وقعت كل النخب السياسية والثقافية في فخ النظام السابق. ولعل هنا أؤكد لك علي ان النخبة الثقافية بالذات كانت صامتة في الحديث الجمعي عن المشروع القادم. وعلي فكرة هي مازالت صامتة إلي اليوم.
وما رأيك في فكرة العزل الثقافي؟ أو بمعني آخر هل يجب علي كبار المثقفين الذين عجزوا عن التفاعل مع الثورة أن يختفوا من الساحة؟
هي مازالت في لحظة ما بين التصديق وعدمه. وهذا قد سبب لها نوعا من عدم التوازن. وبالتالي فهي إلي الآن لم تدخل إلي دائرة الفعل الثوري الذي يعني التغيير الشامل.
وهل معني ذلك انه لابد من وجود نخب ثقافية جديدة كما تتفاعل مع الأحداث.. أم ماذا؟
بالتأكيد.. لابد من وجود جيل قادم ربما عطلنا مسيرته كثيرا وهو جيل الوسط الذي ضيعنا دوره التاريخي وربما هذا الجيل هو الذي يتمكن من عمل همزة وصل بين الماضي وبين المستقبل.
وهل شعرت بذلك في منزلك؟
طبعا.. لان احفادي هم الذين خرجوا أثناء الثورة.
وهل يتمكن هذا الجيل الجديد من تحقيق كل ذلك بدافع شخصي أم بثقافة تم تخزينها بداخله؟
بثقافة مخزونة بداخله وبمحاولة جدية لاستنهاض دوره عبر مؤسسات توجهه لما يجب ان يكون عليه.
الجيل الجديد
وهل مازلنا نحن الكبار نخاف من إخفاق هؤلاء في المستقبل؟
نعم.. نحن مازلنا نخاف من ذلك. لاننا ننظر إليهم حتي الآن بانهم صغار وبنظرة الاباء والأمهات. في حين يجب ان تتغير هذه النظرة باعتبارهم أساتذة. وعايزة أقولك في هذا السياق.. نحن في حاجة إلي الوقوف إلي جوار الجيل الجديد لانه مهدد بالاختراق. وهو كذلك يجيد الهدم ولا يجيد البناء. وهو جيل عنيد ولن يقبل بانصاف الحلول وعلينا من الآن ان نعتقد انه جيل وثاب لانه يتسلح بالعلم الذي سوف ينقذ مصر مما هي فيه.
أنا والدستور
لا يمكن ان نكون في ضيافتك وضيافة المحكمة الدستورية العليا. من دون ان نسأل عما يجري الان في حياتنا السياسية!
الآن هناك مغالطة كبري تربك الشعب المصري بلا مبرر لانه ان لم يكن الجميع يعلم اننا قمنا بثورة علي النظام ولم نقم بثورة علي دولة. فالدولة هي الثابت والنظام هو المتغير وبالتالي فمقومات هذه الدولة وثوابت حقوق هذا الشعب لا تسقط. بل هو نظام الحكم. ولان هناك حالة من حالات السيولة التي تحدث بعد الثورات وهذا شيء طبيعي.. والمشهد الوطني قد شهد حوارا فيما لا يجوز فيه الحوار وهو الخاص بحقوق المواطنين ومقومات الدولة المصرية باعتبارها من الثوابت أما الذي حدث بالفعل فهو اننا وضعنا العربة أمام الحصان. خاصة عندما لم نقر الدستور وقررنا انتخاب المؤسسات بلا دستور فأصبح هناك شكل من أشكال الارباك للمرحلة الانتقالية. وبالتالي فأنا من انصار ضرورة ان يكون هناك دستور قبل أي شيء آخر، لان الدستور وكما تعرف هو الذي يحدد نظام الحكم وصلاحيات رئيس الجمهورية وهكذا.
لذلك كنت أعتقد ان الأسلم هو ضرورة ان نبدأ بالدستور ثم بعد ذلك نبدأ بمؤسسات الدولة وهناك بعض قوي سياسية شعرت بان المرحلة تحتمل بأن يكون نصيبها هو الأكبر فبدأت تتصرف علي أساس تغلبة السياسة علي حساب المصلحة الوطنية. وإذا ما حدث ذلك فسوف تكون مقدمة لثورة جديدة.
مبادئ الدستور
وما رأيك فيما يقال الآن عن المبادئ الدستورية؟
هذه المبادئ التي بدت في كل الوثائق التي صدرت تقريبا من كل القوي تؤكد ان هناك ضرورة من أجل احتشاد وطني من أجلها وان تكون طمأنة لأطراف المعادلة بعضها البعض. ولكن هناك من يريد الا يطمئن أحد ويري ان هذا مصدره الالتزام بالإرادة الشعبية. وهذه مغالطة أخري لان الإرادة الشعبية لم تقل لنخبتها لا تتوافقوا علي ما يقيم هذا الوطن ويحميه وانتظروا.
وهل ترين فيما يحدث ظاهرة صحية؟
لا طبعا.. دي ظاهرة مرضية علي مستوي أداء النخب السياسية وبعض التيارات التي سوف تتحمل المسئولية، أمام التاريخ في فرض هذه الحالة من حالات الارتباك غير المبررة في إطر مستقرة.
أنا والأحزاب
وهل لم تنضم المستشارة تهاني الجبالي إلي حزب من الأحزاب؟
أنا كنت من قبل عضوا مؤسسا للحزب الناصري في بداية تشكيله وكنت أيضا عضوا في أمانته العامة أيام فريد عبدالكريم، كما شاركت في الحياة السياسية وأنا أعمل بالمحاماة قبل دخولي سلك القضاء. يعني تقدر تقول انني طول مشوار حياتي كنت في صفوف المعارضة السياسية.. وطبعا استقلت من كل هذه المناصب بمناسبة تعييني في القضاء.
وهل وقوفك في صفوف المعارضة عرضك لمواقف مع النظام السابق؟
طبعا.. خاصة من خلال وجودي داخل مجلس نقابة المحامين. حيث كنت عضوا بالمجلس لدورتين متتاليتين. وبالتالي فقد عشت المعارك الكبري في ظل فترة الرئيس السادات ثم فترة النظام السابق. لقد كنت طرفا رئيسيا قبل دخولي سلك القضاء في كل القضايا التي شغلت مصر. كما كنت محامية ودافعت عن كل القضايا التي شغلت الرأي العام انذاك. وأفخر بأنني قد أديت هذا الدور متطوعة، وأيضا من خلال عضويتي في المكتب الدائم لاتحاد المحامين العرب. لقد كنت وخلال 03 عاما في مهنة المحاماة طرفا في كل قضايا الحرية والديمقراطية.
رموز النظام
وهل حدث بينك وبين أحد رموز النظام السابق أي نوع من أنواع الصدامات خاصة في هذه الفترة؟
بالتأكيد كان ذلك بيني وبين كل رموز النظام. وكثيرا ممن كانوا حولي. عندما اخترت في هذا المنصب تصوروا انه لابد لي من ان اتنازل عن مواقفي وآرائي. في ضوء ما كان يحدث في ظل النظام السابق من انه لابد كل من يشغل منصبا عليه التخلي عن مواقفه وتحويل ولائه له. وقد رفضت ذلك وظللت علي مواقفي ويمكن انا أعلنت ذلك في أول لقاء تليفزيوني فور تعييني في هذا المنصب. وقلت لم يجرؤ أحد عندما عينت في القضاء ان يطالبني بان أتنازل عن عمق ايماني بالعدالة الاجتماعية وبعروبتي وبحق الشعب المصري في الحرية والديمقراطية. وعلي فكرة أنا لم أتقدم لهذا المنصب. بل شرفتني الجمعية العمومية للمحكمة الدستورية بهذا الاختيار ثم وافقت القيادة السياسية.
وعايز أقولك كما ان هناك الكثير من المواقف الصدامية مع النظام السابق وهي أكبر من أن أحصيها.. وأظن ان تاريخي المكتوب به كثيرا من هذه المواقف.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.