اليوم.. فتح باب التقديم لكلية الشرطة للعام الدراسي الجديد إلكترونيًا    تنسيق الثانوية العامة 2025.. مؤشرات كليات حاسبات ومعلومات وذكاء اصطناعي 2024 بالدرجات (علمي علوم ورياضة)    تراجع أسعار الذهب اليوم الثلاثاء 22 يوليو في بداية التعاملات    سعر السمك البلطي والكابوريا والجمبرى في الأسواق اليوم الثلاثاء 22 يوليو 2025    «أزمات في أوضة اللبس؟».. رد صريح من نجم الأهلي    موقع وزارة التربية والتعليم ل نتيجة الثانوية العامة 2025 برقم الجلوس فور اعتمادها    البنتاجون يعلن سحب عناصر مشاة البحرية من لوس أنجلوس    صبرها بدأ ينفد، واشنطن تطالب حماس برد على المقترح المحدث وتهدد بهذا الإجراء    ترامب: مستعدون لشن ضربات متكررة على المنشآت النووية الإيرانية إذا لزم الأمر    أجنة على حافة الموت.. تقرير أممي يكشف مأساة الحوامل في غزة    بعد الأضرار الفادحة... عراقجي يصعّد: التخصيب لن يتوقف    البيت الأبيض: ترامب يسعى إلى حل دبلوماسي لصراعات الشرق الأوسط    «الوزير» ورئيس وزراء الكويت يبحثان تحويل الوديعة الكويتية لاستثمارات في مصر    النصر يقترب من حسم صفقة مدوية، وإعلامي سعودي: أقسم بالله سيكون حديث الشارع الرياضي    «هل انتهت القصة؟».. جون إدوارد يرفض كل سُبل الاتصال مع نجم الزمالك (تفاصيل)    وسيط كولومبوس ل في الجول: النادي أتم اتفاقه مع الأهلي لشراء وسام أبو علي    سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الثلاثاء 22-7-2025 بعد هبوطه ب8 بنوك    دموع الفراق وفرحة العودة، شاهد ماذا فعل السودانيون بعد وصولهم أسوان قبل العودة لبلادهم (فيديو وصور)    7 أيام عِجاف.. تحذير شديد بشأن حالة الطقس: درجة الحرارة فوق معدلاتها الطبيعية    رانيا محمود ياسين غاضبة: «منفعلتش على أمي.. كنت بدور عليها ومش لاقياها»    يوسف معاطي يكشف سر رفض فيلم "حسن ومرقص" وهذا طلب البابا شنودة للموافقة (فيديو)    هي دي مصر، رجال الشرطة بأسوان يساعدون النساء وكبار السن السودانيين لتسهيل عودتهم إلى بلادهم (فيديو)    وزير العمل: أي عامل بلا عقد سيُعتبر دائما.. والأجنبي لن يعمل إلا بتصريح    أهلي جدة يحسم موقفه من المشاركة في السوبر السعودي بعد انسحاب الهلال    ثلاث صفقات من العيار الثقيل في الزمالك خلال ساعات (تفاصيل)    مفاجأة مدوية، محمد صلاح يتدخل لانتقال كوكا إلى الأهلي    9 اختبارات تؤهلك للالتحاق بكلية الشرطة    زيلينسكي: الجولة الجديدة من المحادثات مع روسيا تنعقد في إسطنبول الأربعاء    لندن: فرض عقوبات على من يسهلون رحلات المهاجرين عبر القنال الإنجليزي    10 تيسيرات من «الداخلية» للمُتقدمين للالتحاق بكلية الشرطة 2025    «انهيار لغوي».. محمد سعيد محفوظ يرصد أخطاء بالجملة في بيان نقابة الموسيقيين ضد راغب علامة    إيمان العاصي تشارك في «قسمة العدل» والعرض خارج رمضان (تفاصيل)    تامر أمين ل «فشخرنجية الساحل»: التباهي بالثراء حرام شرعا ويزيد الاحتقان المجتمعي    طريقة عمل الأرز البسمتي، في خطوات بسيطة وأحلى من الجاهز    دراسة "تبرئ" البيض من تهمة إيذاء القلب، ماذا قالت عن الكوليسترول الضار    إسرائيل تقتحم منشآت تابعة لمنظمة الصحة العالمية في غزة وتحتجز موظفين    جثة و3 مصابين في حادث تصادم ميكروباص وسيارة نصف نقل بالمنيا- صور    موعد مباراة ألمانيا وإسبانيا في نصف نهائي أمم أوروبا للسيدات والقناة الناقلة    سيمون توجّه رسالة حاسمة لجمهورها: لن أعلّق على ما لا يستحق    معتصم ينتقم من مسعد بعد خطف ريم..حلقة 29 من فات الميعاد    محافظ شمال سيناء يستقبل وفد من دار الإفتاء المصرية    «خاتم فرعوني» عمره 3500 سنة يُعرض للبيع في مزاد بلندن بسعر بخس    وصول قطار العائدين السودانيين إلى محطة السد العالي في أسوان    تفسير آية| «أفحسبتم أنما خلقناكم عبثًا» الشعراوي يوضح سر وجود الإنسان وغاية خلقه    لا علاقة له ب العنف الجسدي.. أمين الفتوى يوضح معنى «واضربوهن»    التصريح بدفن جثة ربة منزل لقيت مصرعها خنقًا علي يد زوجها بالقليوبية    مصرع شاب في مشاجرة بين تجار خُردة بالإسماعيلية.. والأمن يُلقي القبض على المتهم    السفيرالمصري ببرلين يدعوا إلي زيارة مصرومشاهدة معالمها الأثرية والتاريخية والسياحية    الداخلية تكشف ملابسات فيديو يظهر شخصًا يمارس البلطجة باستخدام سلاح أبيض في المنوفية    "مستقبل وطن" ينظم مؤتمرًا جماهيريًا بالشرقية لدعم مرشحيه في انتخابات الشيوخ    أول بيان من «الداخلية» بشأن فيديو مواطن تعدى بالضرب على زوجة شقيقه المتوفى للاستيلاء على أرض زراعية في البحيرة    برلمانيون: نائب رئيس "مستقبل وطن" يحظى بشعبية كبيرة في الشرقية (صور)    التحقيق في وفاة سيدة مسنة إثر سقوطها من الطابق السادس بمستشفى طيبة بإسنا    ماذا قال عن بيان الاتحاد الفلسطيني؟.. وسام أبو علي يعتذر لجماهير الأهلي    سقوط سيارة نقل من معدية شرق التفريعة ببورسعيد وجهود لإنقاذ مستقليها    رسميا.. افتتاح وحدة مناظير أورام النساء بمستشفى 15 مايو التخصصي    ملتقى أزهري يكشف عن مظاهر الإعجاز في حديث القرآن عن الليل والنهار    هل النية شرط لصحة الوضوء؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الثورة المصرية الثانية
نشر في المصري اليوم يوم 29 - 11 - 2011

خرجت ملايين الشعب المصرى من بيوتها فى الصباح الباكر 25 نوفمبر 2011 تسير، إلى ميدان التحرير، وكل الميادين والشوارع فى محافظات مصر، من نساء ورجال، من الشباب والأطفال والتلاميذ والتلميذات إلى الكهول والعواجيز، أغلبهم فى ربيع العمر، فقراء وطبقة وسطى وتحت الوسطى.
الأمهات منهن، نزفت الأم مع نزيف ابنها أو ابنتها، كم من الآباء بكى إلى جوار جثة فلذة كبده المركولة مع القمامة، أو المتراكمة مع الجثث فى المشرحة، كم جدة أو جداً حمل الحفيدة أو الحفيد المقتول برصاصة نفذت من الأذن إلى الأذن الأخرى أو من العين أو الأنف إلى مؤخرة الرأس، الأم المذهولة الذاهلة، بأصابعها المشققة المحروقة بالشمس والفأس، تقلب رؤوس القتلى، تبحث بين الجثث عن وجه ابنها، الملامح كلها تشابهت تحت الكدمات وطبقات الدم المتجمد، تفتش الأم فى اليدين أو القدمين عن أصابع ابنها، عن العلامة أو الوشم أو الوحمة فى عنقه أو البطن أو الصدر.
يقولون إن القتلة من الأمن يقدمون اعتذارا عما حدث، تلطم الأمهات الثكلى صدوغهن، يقطعن بأظافرهن شعورهن، يضربن الأرض برؤوسهن، تجحظ عيونهن بالغضب والجنون، هل كلمة اعتذار تعيد لابنها دمه المراق وروحه المزهوقة، هل تعيد الضوء لعينه المفقوءة، هل تعيد الذهب والمال لمصر المسروقة؟
والذين اختنقوا وماتوا بقنابل الغاز السام، منهم الطبيبة الشابة حديثة التخرج «رانيا فؤاد»، صورتها فى الصحف الخميس 24 نوفمبر، تطل بوجهها المستدير بدهشة الطفلة، عيناها واسعتان مملوءتان حزنا عميقا، كالجرح الغائر فى بؤرة الجسد والروح. غاز سام شديد الخطورة على الجهاز التنفسى، يؤدى إلى الاختناق ثم الموت، تم تحريم استخدامه فى الحروب حسب معاهدة جنيف.
المحاولات لإجهاض الثورة الأولى فى يناير وفبراير، تحالفات الخارج الاستعمارى مع الداخل الاستبدادى السياسى والدينى، التحرش بالنساء والفقراء والشباب الثائر، تم اتهام الشابات الثائرات بالعهر والفساد وتم القبض عليهن وإجراء فحص العذرية عليهن بالقوة المسلحة، تم القبض على الشباب الثائر واتهامه بالبلطجة والحصول على تمويلات أجنبية وخيانة الوطن.
انقلب الثائر إلى بلطجى فى الإعلام، وانقلب البلطجى إلى زعيم حزب وطنى ثورى، انقلبت العاهرة إلى قائدة نسائية، وأصبحت المرأة الثورية المناضلة مأجورة للغرب منحلة، طالت اللحى والشوارب وزبيبة الصلاة الزائفة، وتحول اللصوص وقطّاع الطرق إلى زعماء دينيين ونجوم الإعلام والفضائيات، بأموال النفط العربى والدولار الأمريكى، تم تحجيب الأطفال البنات، وبيعهن لعجائز الأثرياء فى موسم البغاء السياحى، حتى تمثال الإلهة المصرية القديمة إيزيس تم فرض الحجاب عليه، خشية الفتنة، وإثارة غرائز المؤمنين الأتقياء، تتهيج شهوتهم لمجرد النظر إلى تمثال من الحجر، تم تقديم الثوار الحقيقيين إلى المحاكم العسكرية بتهمة السرقة أو الخيانة الوطنية، مبارك وأعوانه ممن خانوا الوطن ونهبوا قوت الشعب بالبلايين، حولوا إلى محاكمات مدنية شكلية لم تسفر عن عقاب، أو استعادة الأموال المسروقة المهربة إلى الخارج.
فى هذه الثورة المصرية الثانية سقطت القوى المضادة للثورة الأولى، سقطت الحكومة الانتقالية، رأسها وزير فى عهد مبارك، قفز على الثورة بالباراشوت مثل التيارات الدينية السلفية، مع المجلس العسكرى والإخوان وفلول النظام، تعاونوا معا فى السر والعلن، الدماء تسيل فى الشوارع والميادين وهم يصرون على إجراء الانتخابات فى موعدها. لماذا التشبث العنيد بانتخابات 28 نوفمبر؟ أهو اتفاق سرى بين الفلول والعسكر والإخوان لاقتسام مقاعد البرلمان؟
يحاول هؤلاء المتاجرون بالدين أن يتاجروا أيضا بالقضية الفلسطينية، يحاولون شق صف الثورة المتحدة، بمظاهرة أخرى منفصلة، تخرج فى الوقت نفسه من الجامع الأزهر تحت اسم مناصرة المسجد الأقصى ضد الاعتداء الإسرائيلى.
نجحت هذه الثورة الثانية فى كشف الحجاب عن وجه القوى المتاجرة بالدين وعلاقتها بالعسكر وفلول مبارك، كما كشفت أيضا عن الانتهازية، ونفاق الأحزاب القديمة أو الجديدة، التى حاولت ركوب ثورة يناير وتفاوضت مع أصحاب السلطة بينما كانت دماء الشباب تراق فى الشوارع والميادين، اليوم يصرون على انتخابات مصطنعة قبل إصدار الدستور الجديد، همهم القفز إلى الحكم، وإن تم ذبح الشعب وخربت مصر.
تخلوا عن قواعد العقل والمنطق، وضعوا العربة أمام الحصان، وضعوا الانتخابات قبل الدستور، بالدم ونور العين يضحى شباب الثورة الثانية، كما ضحوا فى الثورة الأولى، الأهداف نفسها: الحرية، العدالة، الكرامة، المساواة.
لا يكفى تكوين حكومة إنقاذ تحظى بالصلاحيات المطلقة، لأن السلطة المطلقة مفسدة لمن يتولى الحكم، لابد من تشكيل مجلس جماعى ثورى من الكفاءات الثورية وجميع الأعمار والخبرات، ليتولى متابعة أعمال حكومة الإنقاذ وتصحيحها، إن خرجت عن الأهداف.
ثورة نوفمبر الثانية سوف تكنس الفساد السياسى والدينى والنفاق، سوف ترفض الثورة الثانية الوجوه المنافقة المتكررة التى أثرت فى ظل النظم السابقة، لم تقدم تضحية واحدة لكشف الفساد السابق، ولماذا يقدم المجلس العسكرى وجها من العصور الماضية مثل كمال الجنزورى ليكون رئيس حكومة الثورة الثانية ؟.. أليس هناك شخصية ثورية شابة جديدة تصلح؟
أهى مراوغة أخرى لكسب الوقت وإجهاض الثورة الثانية؟
نجحت الثورة الثانية بملايين الشعب التلقائية المبدعة الصادقة، نجحت بدون الأحزاب القديمة والجديدة، ومنها الأحزاب الدينية: الإخوان والسلفية والصوفية والشيعية والسنية وغيرها. نجحت الثورة الثانية وإن حاولوا إجهاضها فسوف تولد ثورة ثالثة ورابعة من بطن الشعب المصرى، إلى ما لا نهاية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.