وحدت جمعة "الثورة أولا" ثوار ميدان التحرير ولم يعد "للنعرة الطائفية" أي صدى رغم الاختلاف فى الأفكار والمذاهب. فى حين اهتمت صحافة الغرب بالحدث الكبير، حيث اعتبرت صحيفة "كريستيان ساينس مونيتور" الأمريكية أن الثورة المصرية التى أطاحت بالرئيس السابق حسنى مبارك منذ خمسة أشهر حددت بوضوح رغبة الشعب فى عدم العيش تحت وطأة الخوف فى ظل نظام حكم فاسد أضر بالاقتصاد المصري. فيما قالت صحيفة "الجارديان" البريطانية إن المجلس العسكري الحاكم في مصر يواجه حاليا أزمة كبيرة في شرعيته، مع تدفق الآلاف على ميدان التحرير ومختلف ميادين البلاد للتظاهر ضد الحكومة المؤقتة والجيش الذين يرونهم يعرقلون سير العدالة ولم يعملوا ما يكفي لتحقيق مطالب الثورة.
وأضافت الصحيفة اليوم السبت، إن تظاهرة أمس الجمعة تعيد للأذهان مشاهد الثورة التي استمرت 18 يوما وأطاحت بحسني مبارك في فبراير، حيث القيادة المدنية التي تدير اللجان الشعبية في جميع مداخل ومخارج ميدان التحرير لحمايته من البلطجية، في حين كانت قوات الأمن بعيدة عن كل شيء.
في المدينة الثانية بمصر، الإسكندرية، تجمع عشرات الآلاف وحملوا مشانق وهمية بجانب دمى للرئيس مبارك وعدد من وزرائه السابقين، وكذلك دمى مسئولين سابقين في عهد مبارك،كما جرت مظاهرات كبيرة في أماكن كثيرة بالبلاد من بينها السويس والأقصر.
مصر ومستقبل المنطقة واعتبرت صحيفة "كريستيان ساينس مونيتور" الأمريكية أن الثورة المصرية التى أطاحت بالرئيس السابق حسنى مبارك منذ خمسة أشهر حددت بوضوح رغبة الشعب فى عدم العيش تحت وطأة الخوف فى ظل نظام حكم فاسد أضر بالاقتصاد المصري.
وأكدت الصحيفة فى تقرير بثته على موقعها الإلكترونى مساء الجمعة أن العرب يراقبون عن كثب الثورة المصرية التى قد تضع خطوطا حاسمة لمستقبل الديمقراطية فى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وقالت إن المعركة الراهنة التى تواجه المصريين هى ما إذا كان يتعين عليهم ضمان حقوق أساسية ومبادئ ديمقراطية أولا من خلال وضع دستور جديد قبل إجراء انتخابات
أم أن البرلمان الجديد المقرر انتخابه قريبا هو الذى قد يكون باستطاعته ضمان تلك الحقوق والمبادئ، مشيرة إلى أن هذه هى القضية التى تعد محور التظاهرة الشعبية الضخمة بميدان التحرير الجمعة حتى وإن كانت بعض الجماعات السياسية الإسلامية ترفض نموذج الحريات الغربى.
ورأت الصحيفة الأمريكية أنه دائما ما تواجه الدول التي تشهد ثورات قضية مسيرة إرساء الديمقراطية التى غالبا ما تواجه المعضلة التقليدية التى هى من نوع المسألة الجدلية "البيضة أم الدجاجة" أيهما الأول. وقالت "إنه ليس بالضرورة أن ينجح الجميع فى تحقيق هذا الأمل مثلما حدث فى إيران حيث اختطف رجال الدين ديمقراطية ضعيفة بعد ثورة عام 1979".
وأضافت الصحيفة إنه "بالنسبة للوضع فى مصر فإن هناك حراكا سياسيا متشابكا ومناقشات تتمحور حول الجماعات التى تناور من أجل الوصول إلى السلطة مثل الإخوان المسلمين والليبراليين وأولئك الذين كانوا فى يوم ما رجال حسنى مبارك".
ولفتت الصحيفة الأمريكية إلى أن من الواضح تماما أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذى كلفه مبارك بتولى مقاليد السلطة فى مرحلة ما بعد تنحيه وإجراء انتخابات رئاسة أنه يتوق لتسليم مقاليد السلطة إلى مدنيين. وأكدت الصحيفة الأمريكية أنه فى ضوء تاريخ مصر الطويل بوصفها نموذجا يحتذى بالنسبة للعالم العربى فإن هناك العديد الذين يراهنون على محصلة تلك النقاشات واستحداث مصر ديمقراطية يمكنها الدوام مع ضمانات للحريات.
الإصرار وقوة الإسلاميين من جانبها، رأت صحيفة "الاندبندنت" البريطانية، أن ثورة 25 يناير بعثت من جديد أمس في ميدان التحرير خلال "جمعة الإصرار أو الثورة أولا" حيث فاض الميدان الذي كان بؤرة الأحداث خلال الثورة التي أطاحت بالرئيس حسني مبارك في فبراير الماضي، بالمتظاهرين في واحدة من أكبر المظاهرات المناهضة للحكومة منذ سقوط مبارك.
وقالت الصحيفة اليوم السبت، إن مئات الآلاف من المتظاهرين تجمعوا أمس في ميدان التحرير في مشهد من مشاهد ثورة 25 يناير، وكأنها ثورة جديدة لديها مطالب جديدة على رأسها سرعة محاكمة مبارك ورجاله، ودليل على أن الشكوك حول سلوك المجلس العسكري الحاكم وصلت لمرحلة متقدمة، جعلت الناس تحتشد في الميدان من جديد.
وأضافت الصحيفة أن هذه التظاهرة أكدت على قوة جماعة الإخوان المسلمين لأنها التظاهرة الأولى التي تشارك فيها منذ فبراير الماضي، وخرجت بهذا الشكل الضخم.
وكانت هناك احتجاجات مماثلة في أنحاء البلاد المختلفة، بما في ذلك في الإسكندرية، ولكن كان ميدان التحرير هو الأبرز لأنه جمع اكبر عدد بين جنباته، ووصل عشرات الآلاف من الرجال والنساء والأطفال على مدار اليوم يحملون الأعلام المصرية واللافتات، وبحلول بعد الظهر كان الميدان يفيض في بحر من الخيام في الشوارع.
وتأتي الاحتجاجات بعد أيام من الفوضى العنيفة في القاهرة ومدينة السويس، ردا على المخاوف من أن المجلس العسكري الحاكم لن يعاقب المسئولين عن سوء استخدام السلطة خلال الثورة والتي أدت إلى الإطاحة بنظام الرئيس مبارك، فلم يدان إلا شرطي واحد في جريمة قتل 800 متظاهر خلال الثورة.
ونقلت الصحيفة عن باهر طاهر، محاسب وحضر في ميدان التحرير أمس قوله إن المجلس العسكري الحاكم "يسير ببطء جدا" في إصلاحاته. وأضاف:"ما يفعلونه ليس كافيا للثورة الرئيس ذهب ولكن النظام لا يزال في مكانه". المظاهرة الأكبر منذ خلع مبارك أما فى الدولة الصهيونية، فقد قال الموقع الإلكتروني لصحيفة "يديعوت أحرونوت" إن ميدان التحرير شهد أكبر مظاهرة في جمعة "الثورة أولاً"، منذ خلع الرئيس السابق حسني مبارك، وأضاف الموقع الإلكتروني أن المظاهرة تمت في نفس المكان "الذي احتفل فيه المصريون قبل ستة أشهر بخلع حسني مبارك".
واهتمت "يديعوت أحرونوت" بزيارة الأمين العام السابق للجامعة العربية، والمرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية، عمرو موسى، للميدان، وقال الموقع الإلكتروني للصحيفة إن موسى توجه للتحرير للإعراب عن تضامنه مع المتظاهرين وأداء صلاة الجمعة معهم، وأضافت الصحيفة أن موسى أكد للمتظاهرين أن "دماء الشهداء لن تذهب هدراً"، وأعرب لهم عن تضامنه الكامل مع مطالبهم، مؤكداً أنه سيعمل من أجل تحقيقها "لمصلحة مصر وشعبها".
استمرار اعتصام السويس وواصل الآلاف من تكتل شباب الثورة والقوى السياسية وأسر الشهداء ورموز العمل الوطني وجماعة الإخوان المسلمين وحزب النور السلفي وشباب الكنائس واتحاد شباب ماسبيرو مشاركتهم فى مظاهرات جمعة القصاص والتطهير فى ميدان الإسعاف فى السويس، مرددين هتافات طالبوا فيها بالقصاص لدماء الشهداء وإجراء محاكمات عادلة للقتلة وتطهير البلاد من الفاسدين وبدء فتح التحقيقات مع كل رجال النظام السابق وقيادات الحزب الوطنى فى المحافظة وتشكيل محكمة من "شرفاء القضاء المصرى" لتكوين محكمة ثورة ضد الفاسدين.
وعلق المتظاهرون دمية مشنوقة بحبل للترميز إلى المحافظ السابق سيف الدين جلال.
وشهد الميدان العديد من اللافتات التى علقها العاملون بشركات السويس المختلفة تطالب بالقصاص العادل من قتلة الشهداء.
وقامت عناصر من الجيش الثالث الميدانى بتوزيع زجاجات المياه على الثوار وهتف بعده بعض المتظاهرين "الشعب والجيش إيد واحدة".
ووزع الجيش الثالث بيانات على المتظاهرين أكد فيها أن الجيش يؤيد ثورة شعب السويس مشيرا إلى أن الجيش جزء من نسيج الوطن، يشعر بآلامه ويتوحد مع أحلامه ويثق فى قدرة شعب السويس على حماية ثورته العظيمة من الخارجين على القانون الذين يندسون بينهم ويحاولون إحداث الوقيعة بينهم وبين جيشهم الصامد.
وأشار محمد محمود، المنسق العام لتكتل شباب السويس، إلى أن اعتصامهم بميدان الإسعاف مستمر ولن يبرحوا الميدان حتى يتم اتخاذ خطوات عملية لتحقيق مطالب الثورة، مضيفا أن التكتل أصدر بيانا أعلن فيه ترحيبه بالنشطاء السياسيين والأحزاب والإخوان المسلمين والسلفيين وجميع القوى السياسية التى شاركت فى المظاهرة، وانضمت للمطالبة بالقصاص لدماء الشهداء وباقى المطالب التى اتفق عليها المعتصمون.
ووصف أحمد الكيلاني، عضو الأمانة العامة للتغيير، هذا اليوم بالتاريخي "حيث خرج شعب السويس بجميع طوائفه للدفاع عن ثورتة العظيمة واستكمال مطالبها موجها رسالة إلى المجلس العسكرى ومجلس الوزراء أن ثورة الشعب المصرى لن تموت ولن تنتهى وسوف تستمر حتى تتحقق جميع المطالب".
ولفت إلى أن السويس أضافت مطلبا جديدا وهو تطهير القضاء وإجراء محاكمة عادلة لقتلة شهداء الثورة بالسويس.
وأشار سعد خليفة، القيادى بجماعة الإخوان المسلمين، إلى أن الجماعة مع الثورة قلبا وقالبا، ومستمرة فى الدفاع عنها واستكمالها حتى تتحقق كل أهدافها ومطالبها، لذلك كان قرار الجماعة هو النزول إلى الشارع ومشاركة شعب السويس فى المطالبة بحقوقه المشروعة ومنها القصاص من قتلة الشهداء ومحاكمة رموز النظام السابق الذين أفسدوا الحياة السياسية فى مصر.
وأضاف خليفة بأن الجماعة تحتفظ بحقها فى احترام الشرعية الدستورية ورغبة الشعب التى أعلنها من خلال الموافقة على التعديلات الدستورية خلال الاستفتاء الذى جرى فى 19 مارس الماضى.
وطالبت شقيقة الشهيد أشرف نور الدين بالقصاص من ضباط الشرطة الذين تسببوا فى مقتل الشهداء مع إعادة محاكماتهم بشكل عادل من جديد، كما طالبت بمحاكمة الرئيس المخلوع حسنى مبارك، وحبيب العادلي وزير الداخلية الأسبق، وتطهير القضاء من الفاسدين والمرتشين.
وألقى المتظاهرون الهتافات والكلمات الحماسية من فوق المنصة التى تم إعدادها بميدان الإسعاف حيث تم تزيينها بالورود وصور الشهداء.
وعلى الجانب الآخر، تم ضبط بلطجى أثناء قيامه برفقة آخر بسرقة الحديد الموجود بمبنى الدفاع المدنى المحترق، حيث حاولا استغلال انشغال المواطنين بالمظاهرات لارتكاب واقعة السرقة لكن تنبه إليهم أحد الشباب وحاول منعهم إلا ان أحدهم أطلق عيارا ناريا من فرد خرطوش كان بحوزته لترويع المتظاهرين وتمكن المتظاهرون من ضبط الشاب وأبرحوه ضربًا قبل أن يسلموه للجيش فى حالة سيئة.
كما وصل إلى مستشفى السويس العام عبد الحميد اسماعيل (13 سنة) مصابا بجرح قطعي فى فروة الرأس، ومحمد حسن (28 سنة) مصابا بجرح طعني فى الرأس، وبعد إجراء الإسعافات الأولية للمصاب الأول قام بإخراج مطواة قرن غزال من طيات ملابسه وهدد بها الممرضات بالمستشفى وفر هاربا.
القبض على مسلحين بالميدان هذا، وألقى عدد من المتظاهرين بميدان التحرير صباح اليوم السبت، القبض على ثلاثة شبان وفتاة، لم تتجاوز أعمارهم الخامسة عشر، يحملون أسلحة بيضاء وشفرات حادة.
وأوضح أحد الشباب القائمين على لجان التفتيش في مداخل ميدان التحرير، أن هذه ليست هي المرة الأولى التي يلقون فيها القبض على مثل هؤلاء، حيث أنه تم القبض على 10 أشخاص منذ يوم أمس الجمعة وحتى الآن، وأضاف أيضًا، أنهم يتوافدون إلى الميدان في حدود الساعة الرابعة فجرًا حيث لا توجد هناك نساء يقمن على التفتيش عند بوابات دخول النساء، كما أن معظم من تم القبض عليهم لم يبلغوا السن القانونية لاستخراج البطاقات الشخصية.
وصرح بأنه تم العثور على أسلحة بيضاء (سنج ومطواة) بحوزة الفتيات يخفينها في ملابسهن، وشفرات حادة (أمواس) مع الشباب يخفونها في أفواههم.
هذا وقد تم التحفظ عليهم وإيداع كل اثنين منهم في خيمة منفصلة من خيم المعتصمين بميدان التحرير، والغالبية العظمى من المعتصمين رافضين تسليمهم إلى أي جهة أمنية بحجة أن أي من هذه الجهات سوف تتركهم مرة أخرى ولن تتم محاسبتهم، لذا قرروا أن يحتجزوهم ويحققوا معهم بأنفسهم حتى يقروا ويعترفوا على من يحرضهم للنزول إلى الميدان ومن أين جاءوا بهذه الأسلحة.
الثورة أولا ترعب مساجين طرة كما أكدت مصادر مطلعة من داخل سجن طرة أن فلول النظام السابق الذين يقضون عقوبة الحبس مصابون بحالة من الهلع والخوف منذ اندلاع مظاهرات أمس الجمعة والتي تنادي –ضمن مطالبها- بضرورة التعجيل في محاكمة رموز النظام السابق والقصاص العادل منهم.
وأوضحت المصادر أن الفلول يتابعون الأحداث أولا بأول من خلال شاشات التليفزيون داخل غرفهم أو في كافيتريا السجن، مشيرة إلى ان علاء وجمال مبارك كانا يشاهدا الاحداث سويا دون أن يتحدثا لبعضهما البعض سوى بتعليقات بسيطة حول ما يحدث في ميدان التحرير، أما أحمد عز الذي ظهرت على وجهه علامات الشحوب والضعف فكان يتابع الأحداث منفردا، وكان يدخن بشراهة.
وأضافت المصادر أن أنس الفقي تابع الأحداث داخل غرفة زهير جرانة طوال اليوم وكانا يتشاوران في مصيرهما بعد هذا الأمر، وأكدا أنهما لن يفلتا من السجن أبدا.
أما أحمد نظيف وزكريا عزمي وأحمد فتحي سرور فاكتفوا بمشاهدة الأحداث لمدة دقائق قليلة وانصرف كل منهم لغرفته منفردا بنفسه وهو مصاب بالصدمة والخوف.