مستقبل وطن بالأقصر يقيم مخيمات لخدمة طلاب الثانوية العامة 2025    وزير التعليم العالي والسفير الفرنسي يتفقدان إنشاءات الحرم الجديد للجامعة الفرنسية    «إعلام القاهرة» تنظم مؤتمر «إيجيكا 2025».. ومطالب بإضافة برامج ل«الإعلام العلمي»    هل تصل للفصل؟.. تعرف على عقوبة حيازة الهاتف في لجان الثانوية العامة    الطن يسجل 29 ألف جنيه.. سعر الأرز اليوم الأحد 15 يونيو 2025 في الأسواق وقائمة السلع    النواب يناقش ملكية الدولة في الشركات المملوكة لها أو التي تساهم فيها    بدء فعاليات مؤتمر التمويل الإنمائي لتمكين القطاع الخاص    بالأرقام.. إزالة 841 حالة تعدٍ على أراضي الدولة والزراعة ببني سويف ضمن الموجة ال26    التموين تنتهى من صرف مقررات يونيو بنسبة 65%    الرئيس السيسي يؤكد ضرورة العودة إلى المفاوضات الأمريكية الإيرانية برعاية سلطنة عمان    مصطفى بكري: مصر لن تقف في خندق واحد مع إسرائيل مهما كانت الخلافات المذهبية مع إيران    "لا للملوك": شعار الاحتجاجات الرافضة لترامب بالتزامن مع احتفال ذكرى تأسيس الجيش الأمريكي    كاف يهنئ محمد صلاح: عيد ميلاد سعيد للملك المصري    إمام عاشور يجري جراحة عاجلة في الكتف قبل الالتحاق ببعثة الأهلي إلى نيو جيرسي    مجلس الزمالك يجتمع اليوم لحسم ملفات فريق الكرة    فرحة بين طلاب الثانوية العامة بالقليوبية عقب انتهاء أول يوم من الامتحانات    المشدد 7 سنوات لمتعاطي حشيش وشابو في قنا    محافظ بورسعيد يتفقد غرفة عمليات الثانوية العامة لمتابعة انتظام الامتحانات في يومها الأول    ازدحام في جنازة نجل صلاح الشرنوبي... ومشاركة واسعة من المشاهير    تجاوزت ال 186 مليون جنيه.. تعرف على إجمالي إيرادات فيلم سيكو سيكو في مصر    حياة جديدة.. العرافة البلغارية بابا فانجا تتنبأ ب مصير أصحاب هذه الأبراج الثلاثة قبل نهاية 2025    عضو حزب المحافظين البريطاني: إسرائيل تقترب من تحقيق أهدافها    «توبة».. تفاصيل ألبوم «أبو» الجديد صيف 2025... 6 أغاني تُطرح تباعًا    روبي تتألق بالأحمر في أخر حفلاتها.. وفستانها يثير الجدل    شكوك حول مشاركة محمد فضل شاكر بحفل ختام مهرجان موازين.. أواخر يونيو    100 ألف جنيه مكافأة.. إطلاق موعد جوائز "للمبدعين الشباب" بمكتبة الإسكندرية    انعقاد المؤتمر السنوي السابع عشر لمعهد البحوث الطبية والدراسات الإكلينيكية 17 يونيو    "برغوث بلا أنياب".. ميسي يفشل في فك عقدة الأهلي.. ما القصة؟    طهران تؤكد استمرار الهجمات على إسرائيل وتصفها ب"الرد المشروع"    عراقجي: الهجوم الإسرائيلي ما كان ليحدث لولا الضوء الأخضر والدعم الأمريكي    رئيس النواب يفتتح الجلسة العامة لمناقشة مشروع الموازنة العامة للدولة    الداخلية تضبط 6 ملايين جنيه من تجار العملة    رئيس مجلس النواب يحيل قرارات جمهورية ومشروعات قوانين للجان النوعية    يسري جبر يوضح تفسير الرؤيا في تعذيب العصاة    محمد صلاح يحتفل بعيد ميلاده ال33 ب "تورتة صغيرة"    لأول مرة عالميًا.. استخدام تقنية جديدة للكشف عن فقر الدم المنجلي بطب القاهرة    ضبط أكثر من 5 أطنان دقيق في حملات ضد التلاعب بأسعار الخبز    «الزناتي» يفتتح أول دورة تدريبية في الأمن السيبراني للمعلمين    ترقب وقلق.. الأهالي ينتظرون أبناءهم في أول أيام امتحانات الثانوية العامة| شاهد    تحرير 146 مخالفة للمحلات لعدم الالتزام بقرار ترشيد استهلاك الكهرباء    الأنبا إيلاريون أسقفا لإيبارشية البحيرة وتوابعها    البابا تواضروس يترأس قداس الأحد في العلمين    تحرير 562 مخالفة لعدم ارتداء «الخوذة» وسحب 825 رخصة خلال 24 ساعة    «فين بن شرقي؟».. شوبير يثير الجدل بشأن غياب نجم الأهلي أمام إنتر ميامي    اعتماد النظام الأساسى لاتحاد شركات التأمين المصرية    الأردن يعلن إعادة فتح مجاله الجوي بعد إجراء تقييم للمخاطر    أسعار اللحوم اليوم الأحد 15 يونيو 2025    أشرف داري: الحظ حرمنا من الفوز على إنتر ميامي    محافظ أسيوط يفتتح وحدتي فصل مشتقات الدم والأشعة المقطعية بمستشفى الإيمان العام    توافد طلاب الدقهلية لدخول اللجان وانطلاق ماراثون الثانوية العامة.. فيديو    الغارات الإسرائيلية على طهران تستهدف مستودعا للنفط    متى تبدأ السنة الهجرية؟ هذا موعد أول أيام شهر محرم 1447 هجريًا    اليوم.. الأزهر الشريف يفتح باب التقديم "لمسابقة السنة النبوية"    أصل التقويم الهجري.. لماذا بدأ من الهجرة النبوية؟    دون أدوية أو جراحة.. 5 طرق طبيعية لتفتيت وعلاج حصوات الكلى    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاحد 15-6-2025 في محافظة قنا    هاني رمزي: خبرات لاعبي الأهلي كلمة السر أمام إنتر ميامي    موعد مباراة الأهلي وإنتر ميامي والقنوات الناقلة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حكايات من أوراق قديمة
الخديو الصغير « إسماعيل المفتش « يبحث مشكلة البوستة الميرى عام 1866
نشر في الأهرام اليومي يوم 14 - 08 - 2014

الوثيقة التى أتحدث عنها هذا الأسبوع هى وثيقة غاية فى الندرة والأهمية من حيث الموضوع الذى تطرحه والشخصية التى أرسلت الوثيقة ... فموضوع الوثيقة هو « البوستة الميرى « أو البريد الحكومى ، ومُرسل الوثيقة هو إسماعيل صديق أو إسماعيل المفتش ( ناظر ) وزير المالية فى عهد الخديو إسماعيل
والذى كان يُلقب بالخديو الصغير لقربه وعظم تأثيره على الخديو إسماعيل .. والوثيقة يرجع تاريخها الى شهر سبتمبر 1866 وتحمل ختم إسماعيل صديق الذى أرسلها الى مدير البوستة الميرى المصرية موتسى بك فى ذلك الوقت يخبره أنه بمراجعة حسابات وسندات البوستة الميرى تبين أن مصروفات بوستة الرمل جسيمة مقارنة بالعائد الذى تحصل عليه مما يعنى أن هناك خللا فى العمل و الإدارة المالية يستلزم المتابعة والإصلاح لضمان عدم حدوث عجوزات فيقول « إنه تصرف مبالغ لزوم بوستة الرمل مثل أجرة ( الوابور ) السكة الحديد الموصلة من إسكندرية لحد الرمل لنقل المكاتيب ( الجوابات ) ومُقنن لهذة الأجرة كل 6 شهور مبلغ 7500 قرش بحكم الشهر الواحد مبلغ 1250 قرشا وماهية الوكيل شهرياً 1000 قرشا وأجرة محل لإقامة البوستة 2925 قرشا فى السنة ومصاريف أخرى ، وبملاحظة إيراداتها وجد أن الإيراد اليومى يتراوح بين 30 و 60 قرشا فقط وأنه جار خصم العجوزات وأنه يُعلم أن الجوابات الواردة والصادرة من والى جهة الرمل شئ قليل ولم يكن مستحق ترتيب مصروفات تزيد على الإيرادات ، وحيث من المعلوم بطرفنا أنه على حضراتكم حصول البراح والرواج لجهة المصلحة فلزم تحريره لعزتكم لكى يُحسن همتكم بعمل الطريقة اللازمة التى ينتج عنها حصول البراح وعدم ظهور عجوزات .
فرد عليه موتسى بيك مدير عموم البوستة الميرى وقال إن المصلحة تراعى إيرادات تواكيل البوستة فكانت تشرع فى إبطال أغلبهم وتبقى فقط تقريباً الربع حيث إن التواكيل بلغ عددهما 40 توكيلاً وعشرة منها فقط ذو إيراد ولكن لأن الحكومة إتخذت لنفسها ملكية البوستة دون خلاف كما فى البند الأول من قانون البوستة الداخلية فلزمت المصلحة أن توضع توكيل بوستة فى محلات اللزوم حيث يكون هناك أخد وعطا ( المقصود حركة ) ومراسلات تجارية ويؤكد موتسى أنه لا يخفى على سعادتكم والكلام موجه لناظر المالية أن البند الأول يحكم إما أن تتنازل الحكومة عن ملكية البوستة أو تتحمل مصاريفها كما هو جار بباقى جهات ممالك الدنيا... ثم أرسل محمد شريف ناظر ديوان الداخلية خطاباً الى ناظر المالية أكد فيه أنه بمخاطبة مدير البوستة لإعمال طريقة لاستحقاق تلك المصاريف أفاد بعدم إمكانية مراعية ذلك لأن تواكيل البوستة بعضهما إيراده أكثر من مصاريفه وبعضهم إيراده لا يفى مصاريفه ولكن هناك اضطرار لوجوده فى بعض الجهات .
ومن هنا نتبين أن المشكلة كانت فى ارتفاع مصاريف بوستة الرمل مقارنة بدخلها مما دعا وزير المالية بمخاطبه كل الجهات المختصة لتلافى هذا الأمر مما يؤكد أن الدولة كانت منتبهة لكل مرافقها عكس ما كان يشاع عن تلك الفترة ، كما تؤكد حرص إسماعيل المفتش على مالية مصر وهو المتهم بمساعدة الخديو إسماعيل على التبذير وخراب اقتصاد مصر .. فما كان من مدير البوستة الا أن أكد أنه لا يمكن تلافى هذه المشكلة وأن هناك ضرورة لوجود بعض إدارات البوستة رغم خسارتها ( لان كله بيشيل بعضه ) . وتبدأ حكاية البريد فى مصر الحديثة عندما قام إيطالي في الإسكندرية يدعى «كارلو ميراتى» بإنشاء إدارة بريدية لتصدير واستلام الخطابات المتبادلة مع البلدان الأجنبية نظير اجر معتدل كما قام بنقل الرسائل بين القاهرة والإسكندرية من مكتبه بميدان القناصل ( المنشية ) وبعد وفاته خلفه ابن أخته «تيتوكينى» الذي أشرك معه صديقه «موتسى» ونهضا بالمشروع وأطلقا عليه اسم «البوستة الأوروبية» (Posta Europea ) وظلت تباشر نقل وتوزيع مراسلات الحكومة والأفراد وأنشأت مكاتب بريدية لها في القاهرة ثم في دمنهور وكفر الزيات ثم استخدمت خطوط السكة الحديد في نقل البريد بموجب عقد لمدة خمس سنوات من يناير 1856 وكان هذا بمثابة امتياز باحتكار نقل البريد في الوجه البحري لأنه نص على غرامة توقع على كل من يضبط متلبسا بنقل رسالة لأحد الأفراد ..
وعندما شعر الخديو إسماعيل بأهمية البوستة الأوروبية قام بشرائها من « موتسى « بعد وفاة شريكه في 29 أكتوبر 1864 على أن يشغل « موتسى « وظيفة مدير عام البريد وهو ما تم بالفعل فى 2 يناير 1865 حيث نُقلت ملكية البوستة الأوروبية إلى الحكومة المصرية ويعتبر هذا اليوم يوما تاريخيا للبريد المصري وعيدا للبريد كل عام. وقد ألحقت مصلحة البريد في أول أمرها بوزارة الأشغال ثم نقلت تبعيتها فى ديسمبر 1865 الى ديوان عام المالية ، وقد صدرت اللائحة الخاصة بتنظيم أعمال البريد بأن يكون نقل الرسائل وإصدار طوابع البريد احتكارا للحكومة المصرية وكانت المكاتب في أول عهدها تقوم بالإضافة إلى أعمال البريد ببيع طوابع الملح والصودا التي ألغيت سنة 1899 وتذاكر الحجاج وتذاكر السفر والبواخر وسندات الدين وقسائم السندات وورق الدمغة وكذلك أشغال التلغراف والتليفون ... مما يعنى أن هذه الوثيقة كانت فى إطار تنظيم أعمال البوستة بعد نقل ملكيتها الى الحكومة المصرية .
أما عن إسماعيل صديق أو المفتش بطل هذه الوثيقة فهو كما تقول بعض المصادر قد ولد فى عام 1830 و أبوه هو «دونالى مصطفى أغا باشا» من قادة الجيش وأمه هي كبيرة وصيفات القصر و صديقة شخصية لخوشيار هانم والدة الخديو إسماعيل وأنه هو والخديو إسماعيل أخوان فى الرضاعة بينما تقول روايات أخرى أنه من عامة الشعب قامت أمه بإرضاع الخديو لذا قربه منه حتى صار صديقه الشخصى ووزير المالية ومفتش عموم الأقاليم المصرية.
وعن البذخ والثراء الذى كان يعيش فيه إسماعيل صديق المُلقب بإسماعيل المفتش يقول الفريد جاشوا بتلر مدرس أولاد الخديو توفيق ( الأميرين عباس حلمى ومحمد عبد المنعم ) فى كتابه « البلاط الملكى المصرى « إنه فى إحدى الليالى أعطانى الخديو ( توفيق ) مزيداً من المعلومات عن هذا الرجل فقال أنه كان لديه 400 جارية جميعهن مكسوات بالحرير بشكل مبهر ومتزينات بالمجوهرات الرائعة وكان لديه مجمعة مكونة من 12 مطفأة سجائر ذهبية مرصعة بالماس يبلغ ثمن الواحدة منها 500 ليرة ..
أما شئون المطبخ فتتكلف 60 الف ليرة فى العام وعندما ذهب الخديو توفيق وكان وقتها أميراً مع زوجته لزيارة المفتش ذهلا من الفخامة المترفة لقصره الذى يبارى أكثر تصورات الف ليلة وليلة رونقاً ويُحكى أنه عندما كان المفتش يتأهب لمغادرة قصره كان عبيده يشكلون صفين بدءاً من غرفته الخاصة مروراً بالفناء وحتى البوابة الخارجية ويصيحون جميعاً بصوت عال عندما يظهر قائلين « هاهو سيدنا ومولانا « ثم يحيونه أثناء سيره منحنين إحتراماً محركين اليد اليمنى لأسفل ثم يضعون أكفهم على رءوسهم.
ولحكاية موت المفتش رواية مأساوية تتناقلها الألسن أورد منها ما ذكره الفريد جاشوا بتلر وهو أن إسماعيل المفتش وضع يده على خزينة الدولة بأسرها وكان دائماً يعرف كيفية تدبير الأموال للخديو فانتزع كل ما لدى الفلاحين حتى أخر مليم عن طريق الكرباج الى أن جاء الى مصر المفوض الفرنسى ليراقب نظارة المالية فأخذ الخديو حذره لعلمه أن حساباته غير سليمة فبادر بتدمير السجلات التى تثبت بذخه وأضمر ضرورة التخلص من المفتش فأرسل الى المفتش قائلاً « صديقى العزيز أرغب فى التحدث معك .. اركب معى لنزور أميراً فى الجزيرة « وما أن وصل الرجلان الى القصر وإجتاز المفتش الردهة حتى القى الحراس القبض عليه وتم القاؤه فى السجن ثم تم اقتياده ليلاً الى باخرة وفيها خُنق والقيت جثته فى النيل بينما تم نشر خبر نفيه الى أقليم النيل الأبيض وبالطبع عندما وصلت الباخرة الى وادى حلفا لم يكن المفتش على متنها ولم يعرف أحد الحقيقة أبداً فقد اختفى المفتش واختفى سره معه ولكن بقيت منه بعض الوثائق القديمة التى تحكى لنا عن الكثير من أسرار مصر فى القرون الماضية.. والى وثيقة أخرى وحكاية جديدة من أوراق قديمة .
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.