مصلحة البريد المصرية هى واحدة من أقدم مؤسسات مصر وأعرقها، وتعود بدايتها إلى منتصف القرن التاسع عشر، عندما قام إيطالى فى الإسكندرية يدعى"كارلو ميراتى" بإنشاء إدارة بريدية على ذمته لتصدير واستلام الخطابات المتبادلة مع البلدان الأجنبية، وكان يتولى تصدير وتوزيع الرسائل نظير أجر معتدل، كما قام بنقل الرسائل بين القاهرةوالإسكندرية من مكتبه الكائن بميدان القناصل الذى يسمى الآن ميدان سانت كاترين، وبعد وفاته عام 1842 خلفه ابن أخته ويدعى "تيتوكينى" الذى شعر بأهمية المشروع، وأشرك معه فيه صديقه "موتسى" الذى نهض بالمشروع حتى وطده على أقوى الأسس وأطلق عليه اسم "البوسطة الأوروبية". وقد احتلت هذه البوسطة مكانة هامة وظلت تباشر نقل وتوزيع مراسلات الحكومة والأفراد، وكان الجمهور عظيم الثقة بالبوسطة الأوروبية، ولما افتتح أول خط حديدى بين الإسكندرية وكفر العيس سنة 1854 أنشأت الشركة مكاتب بريد لها فى القاهرة والعطف ورشيد، ثم أنشأت فى سنة 1855 مكتبين فى دمنهور وكفر الزيات وعندما امتد الخط الحديدى إلى كفر الزيات فالقاهرة عن طريق طنطا وبنها وبركة السبع، انتهزت شركة البوسطة الأوربية هذه الفرصة واستخدمت خطوط السكة الحديد فى نقل إرساليات البريد بين القاهرةوالإسكندرية وبالعكس، بموجب عقد لمدة خمس سنوات اعتبارا من يناير 1856، وكان هذا بمثابة امتياز باحتكار نقل البريد فى الوجه البحرى، لأنه نص على غرامة لشركة البوسطة الأوروبية توقع على كل من يضبط متلبسا بنقل رسالة لأحد الأفراد. كان الخديوى إسماعيل هو حاكم مصر فى تلك الفترة، وشعر بأهمية البوسطة الأوربية فقام بشرائها من "موتسى" بعد وفاة شريكه "تيتو كينى" وكان ذلك فى 29 أكتوبر 1864، وقد عرضت الحكومة المصرية على "موتسى" وظيفة مدير عام البريد. وفى مثل هذا اليوم من عام 1865، نقلت ملكية البوسطة الأوروبية إلى الحكومة المصرية، ويعتبر هذا اليوم يومًا تاريخيًا للبريد المصرى وعيدًا للبريد كل عام. وقد ألحقت مصلحة البريد فى أول أمرها بوزارة الأشغال، ثم نقلت تبعيتها بعد ذلك لعدة وزارات، وفى ديسمبر 1865 تم إلحاقها بديوان عام المالية. وفى 28 سبتمبر 1867 وضعت تحت إشراف رئيس مجلس الأحكام وناظر الداخلية والمالية، ثم ألحقت فى 19 مايو 1875 بوزارة الحقانية والتجارة، وفى 10 ديسمبر 1878 ألحقت بوزارة المالية. وقد صدرت اللائحة الخاصة بتنظيم أعمال البريد بموافقة وزارة المالية فى 21 ديسمبر 1865، بأن يكون نقل الرسائل وإصدار طوابع البريد احتكارًا للحكومة المصرية، وفى مارس 1867 صدر منشورًا لجميع مكاتب البريد بجعل "كساء العاملين" إجباريًا، وصار لكل موظف كسوتان إحداهما لعمله اليومى (يونيفورم) والثانية للحفلات الرسمية والتشريفات، ثم أدخلت عليه تعديلات فيما بعد شملت النوع والطراز. وفى عام 1919 صدر القانون رقم 7 بإنشاء وزارة المواصلات التى تشمل السكك الحديدية والتليغرافات والتليفونات ومصلحة البريد ومصلحة الموانى والطرق والنقل الجوى. وفى عام 1931 صدر قانون شامل تناول جميع رسوم نقل البريد، وقد تم فى هذا العام نقل مقر إدارة البريد من الإسكندرية إلى القاهرة واستقرت بمبناها الحالى بميدان العتبة.