لا اخفى سعادتى (الشخصية) بما ذاع عن توجيهات رئيس الوزراء ابراهيم محلب الى جهازه الادارى والحكومي، للبدء- فورا- فى تطوير وتجديد حى منيل الروضة.. اذ وُلدت ونشأت ورُبيت فى هذا الحى الذى كان جميلا جدا، ومعقلا للطبقة الوسطى فى صورتها المثالية.. وبلغ من تأثرى بمشهد ذلك الحى الذى ارتسم فى ذهني- ان جعلته مسرحا لاحداث روايتى (ساعة عصاري) بعد 45 عاما من رحيلى عنه. كنا فى المنيل نعرف بعضنا البعض وجاورنا السيدة جيهان صفوت رؤوف (جيهان السادات)، وعشنا زمن الدعة والنظافة والهدوء، ورصف الشوارع سنويا وتغيير البلدورات وقص الاشجار باشكال جميلة، ورش الذباب يوميا، والتردد على دور الخيالة الصيفية الرائعة (جرين والجزيرة والروضة) والاخيرة- بالمناسبة- هى التى شهدت خناقة انور السادات الشهيرة ليلة الثورة، وكان اهالى ذلك الحى الجميل يخرجون الى تمشيات رائعة فى المغارب باجمل ملابس صوب كورنيش شارع عبد العزيز آل سعود على امتداد كوبرى عباس وحتى حديقة كروب عند كوبرى الجامعة، والتى تناثرت على طولها الفيلات البديعة، واعواد الجهنميات التى تلقى بنفسها- فى اعتمادية ودلال- على اسوار المباني. شهد حى المنيل حياة سياسية زاخرة تستأهل التسجيل واقامة متحف صغير لتوثيقها، فقد قطنه عدد كبير من كوادر اليسار مثل دكتور رفعت السعيد ومحمد يوسف الجندى وزكى مراد وسمير فياض ومحمد خليل قاسم، والكثير من كوادر حزب العمال الشيوعى قبل ان يتحولوا ويصيروا من المتأسلمين.. كما شهد ذلك الحى مواجهات تاريخية مع السلطة احداها فى مظاهرات عبد الحكم الجراحى 1946 التى توجهت الى كوبرى عباس لتعبره الى المنيل ففتح البوليس ذلك الكوبرى عليها وقد تخلد ذلك الحدث بمشهد فى فيلم (فى بيتنا رجل)، كما شهد المنيل مواجهتين كبريين مع جماعة الاخوان الارهابيين احداهما 1954 زمن تولى زكريا محيى الدين وزارة الداخلية، حين هاجمتهم قوات الشرطة عند جامع الروضة، والثانية حين امعنت الجماعة قتل الناس فى ليلة دامية كئيبة من يوليو عام 2013 امام جامع صلاح الدين قرب كوبرى الجامعة.. وضمن ما اصبح يعرف به المنيل- كذلك- وجود بعض جماعات اليساريين المبدعين (شلة المنيل) عادل السيوى ومجدى احمد على ومحمد حلمى هلال وغيرهم. اريد من ابراهيم محلب حين يدخل الى عملية تطوير المنيل الا يقتصر على الاصلاحات العقارية والمرافقية، ولكننا نريد وجودا كاملا تشترك فى صوغه وزارة الثقافة، وتقام فيه المهرجانات السنوية وكرنفالات الشوارع بالملابس التاريخية عن زمن المماليك البحرية الذين سكنوا جزيرة الروضة، وتضوى فيه القصور الكبرى مثل قصر الامير محمد على والمانسترلى بزخم ثقافى وفنى كبير يجعل لعملية التطوير معني. لمزيد من مقالات د. عمرو عبد السميع