المشاركون فى ندوة مسلسل«صديق العمر» بالأهرام:

دعوات لتوثيق وتدقيق أحداث الأعمال التاريخية

أثارت مسلسلات السير الذاتية عاصفة من الجدل خلال دراما رمضان هذا العام، وواجهت آراء نقدية متنوعة خلطت بن جوانبها الفنية ومحتواها التاريخي، وعلى الرغم من حالة الجدل التى أثارتها نجحت فى جذب قطاعات كبيرة من المشاهدين لمتابعة أحداثها، وإنقسم متابعوها بين ساخط على أحداثها ومتهما لها بالتشوية، وبين مستمتع بمحتواها وينتظر وقائعها كل ليلة.
جريدة الأهرام فتحت هذا الملف الساخن من خلال ندوة خاصة أقامتها عن دراما السير الذاتية فى الأعمال الرمضانية وحضرها صُناع مسلسل «صديق العمر» المخرج عثمان ابو لبن والسيناريست محمد ناير والفنان باسم سمرة والفنان صبرى فواز والفنان عاطف عمار والعقيد حاتم صابر، ونخبة من الخبراء والمؤرخين والنُقاد، الكاتب احمد الجمال و د.جمال شقرة الامين العام للجمعية المصرية للدراسات التاريخية والناقد طارق الشناوي، وشهدت الندوة سجالاً ساخنا بين وجهات نظر الفريقين فنياً وسياسياً ليبقى الملف مفتوحاً بمطالبة الحضور بضرورة وجود تشريع يُلزم صُناع مسلسلات السير الذاتية بمراجعة الجمعية المصرية للدراسات التاريخية قبل تصويرها.
وقد أكد الكاتب والمفكر احمد الجمال على أن أى مسلسل يتعرض لفترة تاريخية يجب أن يلتزم بالوقائع والأحداث التاريخية الموثقة ولا يختلق وقائع غير صحيحة، وقال أنه غير مختص بالنقد الفنى ولكن كل عمل الفنى يمكن أن يكون به مساحة من الخيال والابداع، وعندما يتصدى أحد لأى عمل تاريخى لا يكون هناك خيال، ولكن رصد لحقائق فقط دون تشويه. وأشار الجمال إلى أن مسلسل «صديق العمر» ظلم عبد الناصر والمشاهد ولم يرصد الحقائق التاريخية، وقال هناك الكثير من النقاط السلبية بالمسلسل منها إظهار جمال عبد الناصر فى صورة الشخص الذى ينفرد بالقرار ولا يستشير من حوله وذلك على خلاف الحقيقة، وأغفل المسلسل الكثير من المعطيات والأسباب حول الكثير من التصرفات والقرارات الهامة ومنها على سبيل المثال الوحدة الثلاثية عام 1962 وتفاصيل دور دول الحوض النفطى والشيوعيون والاخوان ضد الوحده، وأوضح الكاتب والمفكر احمد الجمال أن القائمين على هذا المسلسل ظلموا انفسهم ولم يبحثوا كثيرا فى الحقائق، وتعجلوا فى عدم التدقيق حول عمق الحقيقة التاريخية فى العلاقة بين عبد الناصر والمشير عامر.
وأكد أنه يجب على الباحث ومن يرغب فى تقديم عمل تاريخى أن يلتزم بالتاريخ ولا يجتهد فيه، وقد يكون من حقه التحرك فى هامش هذه الحقائق ولا يفسدها، وأشار إلى أنه يدعو للنظر إلى هذا المسلسل فى إطار من السياق العام الذى يعيشه المجتمع فى هذه اللحظة التاريخية الفاصلة، هذه اللحظة التى تستحضر فيها الجماهير لحظات نادرة من تاريخه الوطنى المجيد، وهناك محاولة للتركيز على مثالب شخصية لجمال عبد الناصر ومحاولة توظيفها درامياً وكأن الهدف فى هذا الوقت هو هدم الروح الوطنية التى أعاد المصريين إكتشافها فى الفترة الأخيرة وإظهار عبد الناصر فى صورة الديكتاتور والمشير عامر كمجنى عليه.
ومن جانبه أشار د.جمال شقرة الامين العام للجمعية المصرية للدراسات التاريخية إلى أنه قضى حياته البحثية كاملة حول ثورة 23 يوليو وأعد درجتى الماجستير والدكتوراة حولها، وقال أن ذلك دفعه لمتابعة مسلسل صديق العمر بشغف الباحث والمتخصص. وأكد أن المسلسل افتقد وجود مستشار تاريخى يتابع تفاصيل الأحداث وتوثيقها بشكل سليم، وكان به الكثير من الأحداث التى تم اغفالها وكانت ستعطى عمق اكبر للمسلسل ولطبيعة العلاقة بين المشير عامر وجمال عبد الناصر، وقال أن هناك تقصيرا شديدا فى أدوار الأشخاص المحيطين بعبد الناصر واهمال بعضهم ومنح اهمية لبعضهم فى المسلسل على خلاف الحقيقة، خصوصا الضباط التسعة الاوائل فى تنظيم الضباط الاحرار، كما لم يشرح المسلسل بصورة كافية عوامل انفصال الوحدة بين مصر وسوريا، وأشار د.جمال شقرة إلى أن مؤلف العمل التاريخى غير مطالب بان يكون خبيرا فى التاريخ ولكن مطلوب منه العودة لمادة تاريخية متفق عليها ثم يُترك للمشاهد الحكم على الامور بنفسه.
ومن زاويته أشار السيناريست محمد ناير مؤلف مسلسل «صديق العمر» إلى أن هذا المسلسل تمت كتابته فى ثلاثة شهور فقط وهو كان مرفوضا من قبل من عدة جهات، ثم تم عرضه على الكثير من الهيئات والوزارات حتى ظهر للنور. وفيما يخص النقد الموجه لبعض الاحداث التاريخية قال أنه يحترم ما كتبه المتخصصون فى وسائل الاعلام حيث اكملوا الصورة التى اجتهدنا فى تقديمها للمشاهد، لان هناك هدفا اسمى من المسلسل وهو توصيل المعلومة بشكل كامل للمشاهد وهو ماكمله اساتذة التاريخ والمتخصصون بكتاباتهم عن المسلسل، وهو ماشجع الكثير من الشباب على القراءة عن هذه الفترة وأكد أنه حرص على توثيق اكبر عدد من الاحداث التاريخية الهامة دن تشويه لاحد، ونفى أن يكون إلتقى أسرة عبد الناصر لتحفظهم على كثير من النصوص التى كُتبت من قبل حول عبد الناصر بينما رحبت اسرة المشير عامر بفريق العمل وإلتقينا قبل التصوير.
وأكد الفنان باسم سمرة الذى جسد شخصية المشير عبدالجكيم عامر ان اغلب النقاش كان تعليق سياسى، وهو لا يجيد الحديث فى السياسة، فى حين أن المسلسل لم ينقد فنياً، وأشار إلى أنه عرض عليه فى البداية تجسيد شخصية عبد الناصر ولكننى رفضت لاننى وجدت ان شخصية المشير هى الاقرب لى ووجدتها شخصية صعبة وبها العديد من الجوانب لم تظهر من قبل حول حياته، وقال أن احداث المسلسل إهتمت بالعلاقة الانسانية التى كانت بين المشير عامر والرئيس عبد الناصر وما بها من علاقات أسرية متينة وصداقة ، وأشار إلى ان المشير عامر كان مهمشاً فى العديد من المسلسلات التى كانت تحكى عنه ولم يلق احد الضوء على دوره فى بناء الجيش والصناعات الحربية وإشرافه على مشروع القاهر والظافر، وأوضح أن هناك جوانب بطولية من حياته مجهولة للكثيرين منها مثلا ان اول رصاصة اطلقت فى ثورة يوليو اطلقها المشير
ومن جانب أخر أشار الفنان صبرى فواز الذى جسد شخصية الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل بمسلسل «صديق العمر» إلى أنه واجه صعوبة كبيرة فى دراسة الشخصية لان هيكل كان قليل الظهور فى وسائل الاعلام فى تلك الفترة التاريخية التى يناقشها المسلسل. وقال اجتهدت بقدر إستطاعتى ودرست شخصيته الحالية وتتبعت أسلوبه وتخيلت ماكان عليه فى تلك الحقبة الزمنية وحاولت أن أُقدم أقرب صورة لشخصيته خلال الأحداث.
وأشار الفنان عاطف عمار الذى جسد شخصية صلاح نصر فى مسلسل «صديق العمر» إلى أن إنطباعه عن صلاح نصر قبل المسلسل أنه شخص شرير كما كان يصوره لنا الاعلام، ولكن بعد ان قرات السيناريو والعديد من الكتب عنه وجدت جوانب فى حياته كنت اجهلها تماما، ومنها دوره الكبير فى إعادة بناء المخابرات العامة، وأوضح أن اهم مافى شخصيته هو انه كان لا يخشى فى قول الحق لومة لائم وكان جريئا فى ذلك، وكان مظلوما فى العديد مما قيل عنه.
بينما أشار العقيد حاتم صابر المستشار العسكرى للمسلسل إلى أن الهدف من وجوده فى كواليس المسلسل كان بهدف التأكيد من تدقيق الرتب العسكرية والملابس وقال تربطنى علاقة صداقة مع المخرج عثمان ابولبن منذ فترة واستعان بى فى المسلسل بصفتى ضابطا سابقا بالقوات المسلحة منها 18 عاما بالقوات الخاصة واربع سنوات بالمخابرات الحربية، وقال بافعل قابلتنا عدة عقبات ومشاكل منها شكل الزى العسكرى السورى وقت احداث المسلسل ولم يكن هناك مراجع لشكل الزى او صورة له وصممنا زيا هو أقرب مايكون للحقيقى من خلال بعض المعلومات التى قمت بتجميعها وقد اجتهدت فى وضع اللهجات والمصطلحات العسكرية المستخدمة وقتها.
وتعقيباً على الأراء المختلفة حول المسلسل أكد عثمان ابو لبن مخرج مسلسل «صديق العمر» ان هناك من يتربص بالعمل حتى قبل عرضه، وهناك نقد موجه ضد المسلسل قبل عرضه بشهرين، وأكد أنه لم يكن يهدف لمخاطبة صناع التاريخ فى المسلسل ولكن الهدف هو مخاطبة عقول شباب واطفال صغار كى يبحثوا ويقرأوا فى التاريخ، وأشار إلى أنه لا يقدم فيلم وثائقى به مادة علمية ولكنه يحاول المزج بين الدراما والتاريخ. وأضح أنه فيما يخص اختيار الادوار ومن انتقدوا أداء الفنان جمال سليمان لشخصية عبد الناصر فإن الكثير من النجوم هربوا من دور عبد الناصر خوفا من المقارنة مع احمد زكي، وقال أنه يحسب لجمال سليمان انه صمم على اداء الدور وكان مقتنعاً ومتحمسا وقالى لى شرف أن اؤدى شحصية الزعيم الذى ولدت فى عهده، ورحب المخرج عثمان أبو لبن بوجود تشريع يلزم صناع الدراما التاريخية بالاستعانة بمتخصصين لمراجعة أحدا
وتعليقاً على الجوانب الفنية أكد الناقد طارق الشناوى أن الفنان جمال سليمان اجتهد فى أداء الشخصية على الرغم من الانتقادات التى وجهت له فى اللهجة، وقال أنه لا تجب المقارنة بين آداء جمال سليمان وآداء أحمد زكى فى شخصية جمال عبد الناصر، وقال الشناوى أن أداء احمد زكى ليس مقياسا لاداء شخصية عبد الناصر، وان كان احمد زكى افضل من قدمه ولكن ذلك لا يمنع أحدا من تقديمه مرة أخرى برؤية فنية مختلفة.
وقال طارق الشناوى أنه يحسب لمسلسل « صديق العمر» انه كسر الهالة والقدسية حول شخصية عبد الناصر عبر مواقف الحب والكراهية، وأكد أن فترة إعداد المسلسل فى ثلاثة شهور هى فترة قليلة جدا وغير كافية لكتابة عمل عن عبد الناصر وعامر.

شارك فى الندوة
الكاتب احمد الجمال
د. جمال شقرة
الناقد طارق الشناوى
المخرج عثمان ابولبن
السيناريست محمد ناير
العقيد حاتم صابر
الفنانون
باسم سمرة - صبرى فواز - عاطف عمار
متابعة : موسى حسين - داليا حسين - محمد مصطفى
ادارة الندوة
وليد الشرقاوى
تصوير نادر اسامة