وكيل التعليم بأسيوط يشهد انتخابات اتحاد طلاب المرحلة الابتدائية (صور)    الوادي الجديد تستقبل وزيري الزراعة والتنمية المحلية لافتتاح معرض "إيجي أجري 2" ومهرجان التمور    إصابة فلسطيني برصاص جيش الاحتلال شرقي مخيم البريج    تضم محمد صلاح، هالاند يستعد لدخول قائمة الكبار بالدوري الإنجليزي    موعد مباراة الحزم والنصر في الدوري السعودي    قاضي محاكمة رمضان صبحي عن غيابه: المحكمة لا تعرف المشاهير.. ولابد من حضوره    اتهام محمد رجب بخطف طفلة في "قطر صغنطوط"    توصيات طبية جديدة: إدخال الأطعمة المثيرة للحساسية للرضع يدرب الجهاز المناعي    تجنب فواتير الأسنان الباهظة.. أطعمة تحمي الفم من التسوس والأمراض    كان خائفا من القصف.. وكيل المخابرات السابق يوضح كيف أمّنت مصر دخول أحمد الجعبري من غزة    «صفع مسن بالسويس».. لماذا تتراجع الأخلاق في عصر السوشيال ميديا؟    بعد تجديده وتطويره.. المسرح الروماني بالإسماعيلية يشهد البروفة النهائية لافتتاح الدورة ال25 من مهرجان الفنون الشعبية    وكيل المخابرات المصرية السابق يكشف تفاصيل المرحلة الثالثة من صفقة شاليط    موعد مباراة بايرن ميونخ أمام مونشنجلادباخ بالدوري الألماني.. والقنوات الناقلة    في 5 خطوات فقط.. روشتة لتحسين الصحة النفسية والجسدية    حملات مكثفة على المنشآت بأسيوط للتفتيش على تطبيق قانون العمل واشتراطات السلامة    5550 جنيها لهذا العيار، أسعار الذهب فى الصاغة صباح اليوم السبت    تصادم مروع بين 5 سيارات على الطريق الإقليمى بالشرقية    اليوم، قطع المياه عن المنطقة السياحية ببحيرة قارون وقرى الفيوم وسنورس لمدة 12 ساعة    تعديل قانون التعاونيات الزراعية.. خطوة لجعل الجمعيات بيتا حقيقيا للفلاح    ختام مبهر للدورة الثامنة من مهرجان الجونة السينمائي، سعد مفاجأة الحفل، ساويرس يكرم انتشال التميمي، أحمد مالك وليا دروكير أفضل ممثل وممثلة (صور)    موعد عرض مسلسل ابن النادي الحلقة 9    بعت نصيبي من ورث والدي فقاطعني إخوتي هل عليا ذنب؟ الإفتاء ترد    حكم صلاة المرأة بالبنطلون في الإسلام.. الأزهر يوضح الضوابط الشرعية وآداب الستر    أرقام كارثية ل كريم بنزيما أمام الهلال بالكلاسيكو السعودي    20 ألف دارس، اليوم انطلاق الدراسة برواق العلوم الشرعية والعربية بالجامع الأزهر    إصابة سائحة بريطانية تعرضت لحادث في الوادي الجديد    "الصحة": حملة 100 يوم صحة قدمت 138 مليونا و946 ألف خدمة طبية مجانية × 98 يوما    استقرار أسعار الخضار والفاكهة اليوم السبت 25 أكتوبر 2025 في الأسواق المصرية    عمرو أديب يرد على شائعة انتقال محمد صلاح إلى الأهلي: «سيبوا الراجل في حاله»    اليوم.. شبورة مائية وطقس حار نهارا على أغلب الأنحاء والعظمي بالقاهرة 31    اليوم.. أولى جلسات محاكمة رمضان صبحي وآخرين في قضية التزوير    عاجل- القبض على مالك المنزل المتهم بالاعتداء على مستأجر مسن بالسويس    موعد مباراة ميلان القادمة عقب التعادل أمام بيزا والقنوات الناقلة    رئيس فنزويلا تعليقًا على التحرك العسكرى الأمريكى: إنهم يخترعون حربًا    رئيس الوزراء التايلاندي يلغي مشاركته في قمة آسيان بعد وفاة الملكة الأم    ضمن مشروعات حياة كريمة.. تركيب الإنترلوك بشوارع مدينة كفر الشيخ    رسميًا.. موعد افتتاح المتحف المصري الكبير 2025 وأسعار التذاكر لجميع الأعمار    رسالة رومانسية من حمدى الميرغنى لزوجته إسراء عبد الفتاح تعيد علاقتهما لطبيعتها    21 يرتفع من جديد.. تحديث ل أسعار الذهب اليوم السبت 25-10-2025    تفاصيل بيان الفصائل الفلسطينية للتشديد على وقف إطلاق النار وبدء إعمار غزة    ترامب: علاقاتي مع زعيم كوريا الشمالية جيدة وآمل لقاءه خلال جولتي الآسيوية    الإدارة التعليمية بقها توضح حقيقة ظهور ثعابين فى مدرسة ثانوية بالقليوبية    مستوطنون يهاجمون المغيّر ويحرقون 3 مركبات    يوسف رمضان يحرز الميدالية الفضية لبطولة فرنسا الدولية للسباحة    «الأزهر العالمي للفتوى» يرد| قطع صلة الرحم.. من الكبائر    الإفتاء تُجيب| تحديد نوع الجنين.. حلال أم حرام؟    الإفتاء تُجيب| «المراهنات».. قمار مُحرم    الشرطة المصرية.. إنجازات أبهرت العالم    اليوم تنطلق فعاليات ملتقى القاهرة الدولي والتي تحمل اسم «كوكب الشرق»    اليوم.. محاكمة رمضان صبحي بتهمة التزوير داخل معهد بأبو النمرس    القبض على المتهم بصفع مسن في السويس    شيكو بانزا للاعب الزمالك المنبوذ: أنت عظيم.. لا تستمع لأحد    عبد الحميد كمال يكتب: بطولة خالدة.. المقاومة الشعبية فى السويس تنتصر على القوات الإسرائيلية    تفاصيل اصطدام باخرة سياحية بكوبري كلابشة في أسوان.. ماذا حدث؟    جماهير ليفربول تدعم صلاح بأرقامه القياسية أمام الانتقادات    أسهل وصفة للتومية في البيت.. سر القوام المثالي بدون بيض (الطريقة والخطوات)    فضائح التسريبات ل"خيري رمضان" و"غطاس" .. ومراقبون: يربطهم الهجوم على حماس والخضوع للمال الإماراتي ..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



علام تُعَّوِل جمهوريتنا الخامسة؟
نشر في الأهرام اليومي يوم 28 - 07 - 2014

لعلى أستهل هذه السطور بالاعتراف بأن ما يلى لا يقدم اجابة شافية على السؤال المطروح فى العنوان، ولا تكاد الفترة الوجيزة منذ تأسيس جمهوريتنا الخامسة تقدم سوى الحيرة فى تبيان علام تعول لبناء نظام سياسى يتمتع بقدر من الاستقرار والاستدامة.
تعود الحيرة الى فرضيتين أساسيتين، أولهما، أن احتكار أدوات العنف والقدرة على استعمالها مهما بلغت من شراسة وضراوة لا تكفى لتحقيق استقرار واستدامة. أى انه ليس بالقمع والقسر وحده تحيا النظم السياسية.
أما الفرضية الثانية وتترتب على الأولى، فتمثل فى أن تمتع نظام سياسى ما بحد أدنى من الاستقرار لابد وأن يستند الى حد أدنى من الرضا بين المحكومين، أو على الأقل بين قطاعات مؤثرة منهم من شأن رضائها أن يكفل تحييد أو اخضاع القطاعات غير الراضية. أى أن النظم السياسية تحتاج »خاصية هيمنة« كى تقدر على الحياة والاستدامة.
انبثقت الجمهورية المصرية الأولى من أتون أزمة ضارية قوامها الأساسى هو عجز الحاكمين على مواصلة الحكم وعجز المحكومين الثائرين على النظام القديم على احداث التغيير المنشود، وهى فى هذا تشابه الى حد كبير ظروف انبثاق الجمهورية الخامسة. غير أن شروط الميلاد ليست هى نفسها شروط الحياة والنماء، فى النظم السياسية كما عند البشر (والأخيرة جلها لحظة). فلم يكن لسلطة يوليو وزعامة جمال عبد الناصر أن تحيا لو لم يكن لذلك التعاقد الضمنى عميق المغزى والأثر بين زعيم الأمة وأغلبية الشعب من الفقراء ومتوسطى الحال،أى لو لم يكن لقوانين الاصلاح الزراعي، وللتطوير بعيد المدى بقمم جهاز الدولة القديم، ولتأميم قناة السويس ولمعارك وطنية عارمة تكشف عن حساسية فذة للتحولات فى موازين القوى العالمية، وتحققت فى تحرير الارادة الوطنية ورفع ألوية العروبة والانتماء لمعسكر التحرر الوطنى عالميا. وهذه بدورها فتحت الطريق لخطوات أكثر عمقا وأبعد مدى فى مجالى العدالة الاجتماعية والتنمية، فمصادرة رأس المال الخاص الكبير، والتصنيع وتعميق الاصلاح الزراعي، وبسط شبكات التعليم المجانى والرعاية الصحية المجانية، ووسائط توصيل الفن والثقافة للفقراء.
بدورها انبثقت الجمهورية الثانية عن الأزمة بالغة الحدة التى أطلقتها هزيمة يونيو 67، وعن تململ وسخط متزايد فى صفوف الرأسمالية البيروقراطية من سياسات العداء للاستعمار وتقييد الاستثمار الخاص ومواصلة سياسات العدالة الاجتماعية، وكانت هذه الرأسمالية البيروقراطية قد نمت وترعرعت وأثرت فى ظل القطاع العام والاستبداد السياسي، فضاقت بالقيود وبوطأة المعارك الوطنية وباتت تتلمظ على أن ترث قطاع الدولة الاقتصادى ملكا شخصيا مطلقا، وليس عاما مقيدا. وفى المقابل، أضعفت صدمة الهزيمة العلاقة بين الزعيم وجموع الفقراء، وحال الاستبداد السياسى بينه وبين اشراكهم اشراكا فعليا وفعالا فى المعركة الوطنية المحتدمة، فاستبدت بهم معاناة الحرب وويلاتها وأسى الهزيمة واحباطها، دون أن يُفتح أمامهم بابا لطبع المقاومة الوطنية بطابعهم وتحقيق ارادتهم فيها.
أقام أنور السادات جمهوريته الثانية على الانفتاح على القاعدة الواسعة للرأسمالية البيروقراطية، وروابطها المتنامية فى القطاع الخاص، وألمح لها بالهمس والغمز أحيانا وبالتصريح أحيانا أخرى، بأن عهد المعارك الوطنية قد انتهى، ومعه ضمانات العدالة الاجتماعية و«استكبار« الكادحين، والقيود على الاستثمار الخاص، ومن ثم على امكانيات توزيع ارث قطاع الدولة الاقتصادى عليهم وفيما بينهم، وبدت الفرص متاحة للجميع، وقليل من لم يحسن انتهازها.
غير أنه يصعب تصور استقرار يذكر للجمهورية الثانية بدون الظفر فى المغامرة الكبرى الماثلة فى عبور أكتوبر، وبدون التحالف مع التيار الاسلامى واستخدامه فى اجهاض الحركات الاحتجاجية الطلابية والعمالية، وبدون التحويل الدينى للخطاب الأيديولوجى السائد، وبدون الانفتاح على الخليج البترولي، وقد تعاظمت ثرواته أضعافا بعد حرب أكتوبر، فضلا عن الترحيب الأمريكى والغربى الحافل «بعودة» مصر اليهم، وما ترتب عليه من فيض من المساعدات الاقتصادية والعسكرية.
دفع السادات حياته ثمنا لاطلاق الجِنى الدينى الصاعد من عقاله، فكان أن جَنى مبارك وجمهوريته الثالثة الثمار، فقامت جمهورية الاستقرار الكؤود على الهجرة الى النفط، وعلى »الصعود الاسلامي«، حليفا وخصما، وعلى مساعدات أمريكية وغربية هائلة، وعلى دولة بوليسية مطلقة العقال تجمع ما بين اللعب بالكارت الدينى والطائفى تسكينا لطاقة الاحتجاج لدى الشعب، وبين استخدام الارهاب الدينى ذريعة لاخضاع جموع الشعب لارهاب بوليسى لا تحده حدود. كان عهدا قوامه محو المجال السياسى والركون الى ثنائية الدولة البوليسية والدولة الدينية، وقد بسطت طغيانها القاتم على سائر الأقليم.
من سوء طالع جمهوريتنا الرابعة الدينية انها جاءت فى أعقاب، وبسبب ثورة شعبية عارمة أطاحت تاريخيا بثنائية الدولة البوليسية والدولة الدينية، وانفتحت بالشعب المصرى والشعوب العربية على آفاق جديدة للحرية والديمقراطية تشكل نفيا جذريا لطرفى معادلة القبح المتبادل، فكانت عوامل الميلاد هى نفسها عوامل الاحتضار، فقدر لها (وبصرف النظر عن التفاصيل الحافلة) أن تحيا لعام واحد فقط لا غير.
لا شك فى أن شهرا ونصف الشهر لا يقدمان فترة كافية للحكم على »خاصية الهيمنة« لدى جمهوريتنا الخامسة، ومن ثم على مقومات استدامتها. غير أن المؤشرات بعدها لا توحى بما يتجاوز عوامل الميلاد: حاكمون غير قادرين على مواصلة الحكم، وشعب ثائر لم يكن مؤهلا بعد للوصول للحكم.هذا من جهة، ومن جهة أخرى «عقيدة الصدمة» الماثلة فى استخدام «تروما» حكم الاخوان و«مقاومتهم» الانتحارية والتخريبية، وصعود الارهاب الدينى فى مصر والإقليم، سبيلا لاطلاق يد القمع البوليسى ضد الجميع. عوامل الميلاد، عند البشر كما فى النظم السياسية، قوامها لحظة، وليست بالتأكيد هى نفسها عوامل الحياة والنماء. أجد نفسى فى ختام هذا الاستعراض كما بدأته حائرا: علام تُعَّوِل جمهوريتنا الخامسة؟
لمزيد من مقالات هانى شكرالله


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.