قبل أذان الفجر والمغرب فى رمضان اعتدنا على صوت مدفع الإمساك والإفطار، ولكن هذا العام سمعنا وشاهدنا مدافع أخرى تسقط وتحرق فى رمضان بقعة عزيزة من أرض العرب وهى غزة، التى قصفتها المدافع الإسرائيلية بمنتهى الوحشية ليس لمدة دقائق لمرتين يوميا ولكن لساعات متواصلة، حيث حصدت إسرائيل أرواح المدنيين العزل من أطفال رضع ونساء وشباب وشيوخ، وجعلت بيوتهم مقابر لهم فى حرب إبادة مجنونة، وبدلا من أن يأكل أبناء غزة على صوت مدفع الإفطار عقب الصيام، قدمت إسرائيل أجسادهم طعاما للأرض التى انشقت بفعل نيران الصواريخ والقاذفات سريعة الاشتعال. ورغم وصول عدد ضحايا العدوان على غزة، الذى بدأ فى الثامن من يوليو الحالى إلى أكثر من 300 شهيدا وألفى جريح، غير 900 ألف يعيشون بلا ماء، فقد اكتفت للأسف بعض العواصم العربية بالصمت أمام هذه الكارثة المروعة، بينما اكتفت عواصم عربية أخرى بالدعاء لأهل غزة، على اعتبار أننا فى شهر عبادة هو شهر رمضان الكريم، فى حين طرحت مصر مبادرتها، ودعمت كل الجهود لوقف إطلاق النار، وأكدت مصر مسئولية إسرائيل القانونية كقوة احتلال بضرورة حماية أرواح المدنيين، ومازالت مصر تواصل مساعيها، لكن الأزمة تتطلب تدخلا ومواجهة أكبر من جامعة الدول العربية التى تمثل العرب والأمم المتحدة التى تمثل العالم، للوقوف فى وجه الغطرسة الإسرائيلية، التى أعماها صولجان القوة فحولت غزة إلى مستنقع من الدم. ودفع الغرور نيتانياهو إلى أن يتجاهل التنديد الدولى ويعلن توسيع نطاق الهجوم البرى على غزة، وأعلنت تل أبيب أنها جاهزة ب 60 ألف جندى من الاحتياط لهذه العملية، ومع بدء الاجتياح البرى لغزة فعليا يوم الخميس الماضى استشهد 55 فلسطينيا على الفور، والآن مع تزايد الأزمة أصبح من الحتمى خروج الدول العربية عن صمتها، حتى لاتتعرض أى مدينة عربية أخرى للخطر والدمار، فتندم وتقول وهى تبكى على نفسها فى حسرة «حُرقت يوم حُرقت غزة». لمزيد من مقالات د.عبد الغفار رشدى