أيوه ... هى مصر كده ... ربنا خلقها كده ... أنشأها كده... أوجدها كده ... «مصر» تحارب الإرهاب وحدها... و ترفع أذان المغرب فى رمضان ... «مصر» تشيع جنازة شهيد ... وترجع تعمل مأدبة الرحمن... «مصر» تفطر على طبق فول ... و تروح تصلى التراويح ... «مصر» تواجه رذالات الإتحاد الأوروبى ... و تروح تقرأ ربع قرآن فى شادر... «مصر» تدافع عن حدودها الغربية ... وترجع تجيب زبادى علشان السحور ... «مصر» تقاتل الإرهاب فى سيناء ... وماتنساش الخروب على الإفطار... «مصر» ترفض مذلة قروض صندوق النقد الدولى ... و ترجع تعمل طبق الخشاف... «مصر» بتنشئ وحدة عربية جديدة... وترجع تعمل حلة الأرز بالخلطة ... «مصر» تعيد علاقاتها مع أفريقيا... وترجع تتسحر على طبلة المسحراتى ... «مصر» ترفض تدخلات الغرب فى أحكام قضائها ... و ماتنساش تشترى نص كيلو كنافة و نص قطايف... «مصر» ستاتها يتخانقوا مع رجالاتها قبل الإفطار علشان قلة الفلوس ... و على طبلية الإفطار يتصالحوا قبل ما ياكلوا ... «مصر» تجهز جيشها طول الوقت ... ولازم تجيب كيس الطرشى قبل الإفطار ... «مصر» صايمة طول النهار ... وبعدين تفطر فى كنيستها على مائدة الرحمن ... أيوه ... هى «مصر» كده ... ربنا خلقها كده ... أنشأها كده ... أوجدها كده ... و علشان كده «مصر»... لا معنى لغوى لها إلا «مصر» ... فى تاريخ الحروب التى سجلتها المراجع و الوثائق ... لا تبدأ التنمية و إعادة البناء فى البلاد إلا فى أعقاب توقيع بيان هدنة ... أو وثيقة إستسلام ... حين يصمت هدير المدافع و يعلو صوت معاول البناء و هى تعيد تشييد ما هدمت دانات قنابل تلك المدافع ... أما فى «مصر» الآن... فنحن ننفرد بحالة تحدث لأول مرة فى التاريخ ... نحن مطالبون بالعمل بينما نحن مازلنا فى حالة الحرب ... نحن مطالبون بالتشييد دون توقيع بيان هدنة ... أو وثيقة إستسلام ... نحن مطالبون بالبناء وسط هدير المدافع و إنفجارات القنابل و صرخات الثكالى و دموع اليتامى ... لكننا سنفعلها لأننا ... «نحن مصر» ... فإقرأ تاريخ حضارات الشعوب لتعرف المعنى التاريخى لعبارة .. «نحن مصر» ... من أجل «مصر» ...و التضحية الوطنية المصرية الصادقة فعلاً ليست فى تحمل الزيادة فى أسعار الوقود ... لكن تكمن الوطنية المصرية فعلاً فى شراء «المنتج المحلى الوطني» المصرى الذى يتم تصنيعه فى مصر بأيدى مصرية و ثمن شراؤه يعود إلى بيوت مصرية ... وفى ذات الوقت بسط حماية الدولة للمنتجات المصرية بحظر إستيراد أى منتج أجنبى له نظير محلى وطنى ... من المؤكد أن مستوى جودة المنتج المصرى يقل عن نظيره المستورد من الصين أو غيرها من الدول و سعره كمان أرخص ... لكن إقبالنا على شراء المنتج المصرى و زيادة معدل مبيعاته سيزيد من أرباحه و بالتالى سيزيد من معدلات تطوره و تجديده وتحسينه... الحقيقة أن حملة كراهية «المنتج المصري» قد بدأت مع حملة عشق «المنتج المستورد» قبل أربعين سنة مضت ... «صُنع فى مصر» ... عندما يتلفت المواطن المصرى فيجد ان ما لا يقل عن 90% مما يحيط به فى حياته مكتوب عليه هذه العبارة فذلك هو مشروع النهضة الحقيقى الواجب القيام به فعلاً فى مصر اليوم .. أحكى لك موقفاً شخصياً ... على القهوة بمنطقة وسط البلد يمر عليك شاب فى حوالى الثلاثينيات من عمره أسمر البشرة والتعب على وجهه عمره ثلاثمائة سنة يحمل حقيبة كبيرة على ظهره بينما يمسك فى يده بمجموعة من الشرابات الرجالى والحريمى يعرضها على الجالسين عل أحدهم يقبل الشراء .. وتعقبه بالمصادفة بائعة ضئيلة الحجم بيضاء البشرة سوداء الشعر تعرض ذات البضاعة الآتية لك خصيصاً من بلد يبعد عن وطنك بأكثر من كيلومتر.. إنها آتية من بلاد «نمل الأرض» من جمهورية الصين الشعبية .. وعندما هممت أن أفكر لماذا لا تحمى الدولة منتجاتها المحلية الوطنية من هجوم المنتجات المستوردة .. تذكرت أن الدولة لم تحمى شركة النصر لصناعة السيارات فكيف تحمى شركة الشوربجى لإنتاج الشرابات.. «صنع فى مصر» هى الأمل فى نهضة مصر الحقيقية.. تلك النهضة التى بدأت فى الستينيات حيث كانت الأولوية المطلقة للصناعات المحلية الوطنية ولا يتم إستيراد أى منتج إلا عند إستحالة إنتاجه فى مصر.. تلك كانت الستينيات وما أدراك ما الستينيات.. سنوات النهضة الحقيقية للوطن .. وكأنه شئ يدعو إلى الإفتخار أن يرد فى مسلسل الملايين أغنية لسب و قذف وزارة الداخلية و رجالاتها الذين يسقطون يومياً شهداء الدفاع عن الوطن و عرض الوطن و شرف الوطن ... يدافعون عن أناس يظهرون على شاشات التليفزيون يسبونهم و يسيئون إليهم ... و بعد أن وفروا لهم الأمن مثلوا ثم شتموهم ثم قبضوا ملايينهم ... يا أخى ... بئس البطن التى أنجبتكم ... و تحية فخر و إعتزاز و تقدير و إحترام لكل رجل شرطة... خفير الدرك فى الأرياف أشرف منكم والله... من فضلك ... ماتقوليش أدام مش عاجبك المسلسل بتتفرج عليه ليه ... أنا أتفرج علشان أشوف فلوسنا إحنا الشعب تروح فين و نجوم المجتمع يعملوا يها إيه ... لمزيد من مقالات مؤنس الزهيرى