أقامت لجنة الآثار بالمجلس الأعلى للثقافة الأسبوع الماضى ندوة بعنوان »سيناء أثريا وسياحيا...الواقع والمأمول«. وقد شارك فى الندوة كوكبة من علماء الآثار المصرية من أجل مناقشة كيفية إحياء واستثمار التراث التاريخى والأثرى لسيناء سياحيا بشكل يليق بتراثها الحضارى الذى غفل عنه الكثيرون. فسيناء للأسف لا تظهر إلا فى الأعياد الوطنية، كما انها مرتبطة عند أغلب الشعب المصرى بالمنتجعات السياحية فقط. هكذا يرى الدكتور محمد عبد الحليم نور الدين أستاذ تاريخ و حضارة مصر و الشرق الأدنى القديم وعميد كلية الآثار الأسبق بجامعة القاهرة, الذى طالب فى كلمته بضرورة اعادة النظر فى جميع المناطق السياحية الموجودة فى سيناء، فهى مجمع لتنوع اثرى رائع من كل العصور و الأديان السماوية . وأكد نور الدين خلال كلمته أن سيناء تحتوى على العديد من الآثار التى يجب استغلالها ثقافيا وسياحيا، مطالبا بإعادة احياء طريق حورس الحربى، كما عبر نور الدين عن استيائه الشديد من الاعلام المصرى لتجاهله الحديث عن الآثار المصرية. وتحدث الدكتور علاء شاهين أستاذ تاريخ حضارة مصر والشرق الأوسط عن أهم ملامح الجذب السياحية فى جنوب وشمال سيناء. حيث فى الجنوب يوجد معبد سرابيط الخادم وقلعة الجندى وقلعة صلاح الدين , كما توجد بعض المناطق الصالحة للاستشفاء كالعيون والينابيع المنتشرة، وتستخدم أيضا الرمال الساخنة فى حمام فرعون وموسى لعلاج الامراض الروماتيزمية، هذا إلى جانب المحميات الطبيعية التى تميزت بها سيناء عن غيرها كمحمية رأس محمد وسانت كاترين. وفى الشمال قلعة العريش والمغارة ونخل والجورة والفرما وثارو، بالإضافة إلى شواطئها الخلابة مثل شاطئ النخيل بالعريش. وتحدث الدكتور عزت قادوس والدكتور عبد الرحيم ريحان باستفاضة عن الآثار الإسلامية والمسيحية المسجلة بسيناء مثل دير سانت كاترين الذى أنشأه الإمبراطور جستنيان, ويحوى كنيسة التجلى وأقدم وأجمل فسيفساء فى العالم والجامع الفاطمي, وعن تميزسيناء بالمناطق الجبلية مثل جبل موسى وجبل عباس بمنطقة سانت كاترين ودير الوادى بطور سيناء الذى بنى فى عهد الإمبراطور جستنيان فى القرن السادس الميلادي، وكشفت عنه حفائر منطقة جنوبسيناء منذ عام 1985 حتى 1993وظل عامراً حتى العصر الفاطمى ثم تحول بعد ذلك إلى مقبرة للمسيحيين من طائفة الروم الأرثوذكس القاطنين بالمنطقة. أيضا جبل الناقوس الذى يقع على بعد 13كم شمال غرب مدينة طور سيناء ، 10كم شمال جبل حمام موسى ويشرف على خليج السويس ويفصل بينه وبين الخليج مدق صغير ويتراوح ارتفاعه ما بين 224 و302م فوق مستوى سطح البحر وعليه نقوش صخرية باللغة العربية تعود للفترة من القرن الأول حتى الرابع الهجرى علاوة على كتابات المسيحيين أثناء رحلتهم المقدسة للقدس عبر سيناء ومرورهم بهذا الجبل فى فترات تاريخية مختلفة وكذلك كاتدرائية وادى فيران. وهناك حصن رأس راية على بعد 10كم من جنوب طور سيناء, و يعود للقرن الثالث الهجرى وبه جامع من العصر الفاطمى أنشأه الأمير أبو المنصور أنوشتكين الآمرى الذى أنشأ الجامع الفاطمى داخل دير سانت كاترين، وكذلك قلعة صلاح الدين بجزيرة فرعون عند رأس خليج العقبة على بعد 8 كم من مدينتى العقبة وإيلات وتبعد عن شاطئ سيناء 250م، وقد أنشأها صلاح الدين عام 567ه 1171م لصد غارات الصليبيين وحماية طريق الحج، وتحتوى على قاعة مشورة حربية وغرف جنود وفرن تصنيع أسلحة ومسجد وخزان وصهريج مياه وحمام ومحجر وكنيسة من القرن السادس الميلادى كانت موجودة قبل بناء القلعة. والقى الدكتورجمال هرمينا المتخصص فى العمارة والعلوم القبطية الضوء على الأماكن السياحية فى سيناء التى لا يوجد لها اى اثر على الخريطة السياحية, مثل شجرة مريم بمدينة يميت, وهى شجرة نصفها أخضر والنصف الآخر جاف، والعجيب أنه لا يوجد أى تنويه عن تلك الشجرة المقدسة التى يفتخر بها أهل سيناء . و أشار هرمينا أيضا إلى ضرورة الاهتمام بالأماكن الدينية. فعلى الرغم من أن سيناء تعد من الأماكن المقدسة التى مر عليها الكثير من الأنبياء, إلا أننا لم نستغل مثل هذه السياحة الدينية بشكل جيد؛ فالرحلة المقدسة على سبيل المثال يمكن أن تصبح مزارا سياحيا عالميا ولكننا للأسف اهملنا هذا الأثر السياحى ولم نستغله بشكل جيد. أيضا تحدث الدكتور ماجد الراهب عن كيفية استغلال الطرق التاريخية فى سيناء؛ مثل حورس الحربى والعائلة المقدسة وطريق موكب المحمل الذى كان ينقل من خلاله كسوة الكعبة من سيناء إلى السعودية حتى عام 1962.و قد طرح الراهب بعض التوصيات منها: الاستفادة بالزخم الحضارى لمنطقة سيناء حتى تصبح منتجعا سياحيا متكاملا يوفر الكثير من فرص العمل والاستثمار لهذه المنطقة الواعدة، كما اقترح اعتبار ذكرى دخول العائلة المقدسة ويقام مهرجان بمدينة الفارما احتفالا بذلك، وايضا جعل يوم 19 مارس مهرجانا دوليا وشعبيا احتفالا بموكب المحمل .