سنة 1983 كان هناك شاب عمره 29 سنة ضابطاً فى الجيش المصرى برتبة النقيب مثله مثل الآلاف من الشباب فى مثل سنه ووظيفته ورتبته . وفى سنة 1983 أيضاً اعتمد الكونجرس الأمريكى رسمياً «خطة تقسيم مصر» التى وضعها برنارد لويس بروفيسير السياسات وواحد من أهم الباحثين الأمريكيين فى شئون الشرق الأوسط والعالم الإسلامي، وتم إدراجها فى ملفات السياسة الأمريكية الاستراتيجية المستقبلية. كان مبرر برنارد لويس لهذا المشروع التفكيكي، أن العرب والمسلمين قوم فاسدون مفسدون فوضويون، لا يمكن تحضرهم، وإذا تُرِكوا لأنفسهم فسوف يفاجئوا العالم المتحضر بموجات بشرية إرهابية تدمِّر الحضارات، وتقوِّض المجتمعات، لذلك فإن الحلَّ السليم للتعامل معهم هو إعادة احتلالهم واستعمارهم، وتدمير ثقافتهم الدينية وتطبيقاتها الاجتماعية، وفى حال قيام أمريكا بهذا الدور فإن عليها أن تستفيد من التجربة البريطانية والفرنسية فى استعمار المنطقة ؛ لتجنُّب الأخطاء والمواقف السلبية التى اقترفتها الدولتان. و أضاف لويس: أنه من الضرورى إعادة تقسيم الأقطار العربية والإسلامية إلى وحدات عشائرية وطائفية، ولا داعى لمراعاة خواطرهم أو التأثر بانفعالاتهم وردود الأفعال عندهم، ويجب أن يكون شعار أمريكا فى ذلك، إما أن نضعهم تحت سيادتنا، أو ندعهم ليدمروا حضارتنا، ولا مانع عند إعادة احتلالهم أن تكون مهمتنا المعلنة هى تدريب شعوب المنطقة على الحياة الديمقراطية، وخلال هذا الاستعمار الجديد لا مانع أن تقوم أمريكا بالضغط على قيادتهم الإسلامية دون مجاملة ولا لين ولا هوادة ليخلصوا شعوبهم من المعتقدات الإسلامية الفاسدة، لذلك يجب تضييق الخناق على هذه الشعوب ومحاصرتها، واستثمار التناقضات العرقية، والعصبيات القبلية والطائفية فيها، قبل أن تغزو أمريكا وأوروبا لتدمر الحضارة فيها.. وفى سنة 2013، كان ذلك النقيب الشاب من ثلاثين سنة مضت الذى جاء اليوم برتبة الفريق أول فنسف المشروع الشيطانى من أساسه وهدم خطة تقسيم مصر، بل وبدأ فى تجميع أقطار العرب نحو تحقيق حلم الوحدة العربية ، إنها تدابير الله التى ليس مثلها تدابير، إنه «نقيب» الجيش المصرى عبدالفتاح السيسى . من السهل جداً أن تكون رئيساً، لكن من الصعب جداً أن تكون «قائداً». و ما القائد إلا قرار، وما القرار إلا لحظة شجاعة. قد اختارت مصر «الرئيس» و«اللحظة» و«القرار» .. وها قد أتتنا لحظة الشجاعة المصرية الصادقة. مصر فى «لحظة» الشجاعة و«قرار» العمل. هذا وطننا وذاك شعبنا وأهلنا. عشنا على أرض هذا الوطن منعمين حتى وإن كنا متعبين «شقيانين» مرهقين، لكنها ظروف الوطن. أوعندما يتعرض الوطن لوعكة جراء هجوم عليه من فصيل «مخبول» ودول مجنونة تحركها إسرائيل كالقفاز فى اليد. نتخلى عنه ونمتنع عن العمل و الإنتاج. مصرى أنا، تتمنى جنسيتى و حضارتى وتاريخى كل شعوب الأمم. لكنها «النعمة» التى أكثرنا لا يدرك قيمتها إلا عندما لا قدر الله تضيع من بين أيدينا. لن تضيع مصر.. سنعمل.. وننتج.. ولن نلتفت إلى تشكيل مخابيل الإرهاب.. مصر أمنا تحتاج إلى وقفة الرجال بجانبها.. ونحن أبناؤها سنصمد بجانبها حتى تعبر محنتها بإذن الله.. نحن «أبناء العمل».. نحن أصحاب الحضارة التى أوجدت معنى العمل . نحن أمام وطن يريد أن ينهض، و لن ينهض إلا بالعمل، ولا يقدر على العمل إلا من أثبت فعلياً و عملياً أنه قادر على العمل، وله «سابقة» العمل. كيف نُعد الشعب للعمل. كيف نشجعه على إعادة الإنتاج. كيف نسترجع طاقاته الخلاقة مرة أخرى بعد أن تعطلت لمدة أربعين شهراً و أكثر . تلك هى مهمة الإعلام القادمة. وتلك هى الرسالة المقدسة لأصحاب القلم. «الإعلام».. أخطر أسلحة تدمير الوطن أو بنائه هو الأداة الوطنية الوحيدة القادرة على الوصول إلى كافة أبناء الشعب قبل نزول دبابات الجيش إلى الميادين أو انتشار قوات الشرطة فى الشوارع . يا سيدى الرئيس.. لا تخف سنبنى مصر ثانية.. سنبنيها معك . لمزيد من مقالات مؤنس الزهيرى