وكأنهم أبوا إلا أن يتركوا الدنيا معا كما عاشوا بها سويا في مشهد مأساوي محتضنين بعضهم بعد الوفاة كما كانوا يفعلون وهم أحياء في مشهد تقشعر له الأبدان أب و أم و طفلايهما داخل شقتهما ميتين في زمان يقتل الإبن والده و تخون الزوجة زوجها إلا أن تلك المأساة جسدت كل معاني التضحية بالذات في أسرة عاشت علي الحب و ماتت به فأصبح منزلهم قبرا لهم. أحمد مدرس قضي عمره في الجد و العمل من أجل أن يعيش ابناه حياة سعيدة و كي يوفر لهما و لزوجته التي ساندته بعملها كمدرسة عيشة كريمة قضيا معا سنوات تحملا خلالها صعاب البداية حتي نجحا في الوصول إلي الإستقرار ومع مرور الأيام وأزمات الحياة أصيب الأب بمرض السكر، الذي كان يلازمه وبين الحين والآخر تتأزم حالته الصحية ولا تتواني الأم وإبناها عن خدمته حتي يستعيد عافيته ومرت الأيام وجميعهم راضون بمر الحياة قبل حلوها يتمني الأب والأم أن يأخذا من عمريهما ويعطياه لإبنيهما و يتفاني الإبنان في إرضاء والديهما في أسرة أحبها كل من حولها ومرت الأيام و الحب يملؤ تلك الأسرة حتي فوجئ الجيران بإنبعاث رائحة كريهه من داخل شقتهم و عندما قاموا بالطرق علي الباب أكثر من مرة دون مجيب حتي تزايدت شكوك الجيران خاصة مع عدم خروج أو دخول أحد بالشقة وعدم رد الأسرة علي هواتفهم المحمولة فما كان منهم إلا أن قاموا بإبلاغ العميد ناصر حسن رئيس مباحث قطاع شرق القاهرة الذي وجه علي الفور قوة بإشراف العميد عصام العزب مفتش المباحث وبعد استصدار إذن من النيابة قامت القوات بكسر باب الشقة لتكون الفاجعة للجميع فالأسرة بالكامل متوفية، ابن يحتضن و الدته والثاني يحتضن والده حتي تعفنت جثثهم في مشهد أبكي الجميع و أشرف الرائد محمد كمال القلاوي معاون مباحث قسم مدينة نصر أول علي نقل جثثهم إلي مشرحة المستشفي لتكشف معاينة المعمل الجنائي و التحريات التي أشرف عليها اللواء محمد قاسم مدير الإدارة العامة لمباحث القاهرة أنهم توفوا مختنقين بالغاز فعندما دخل الأب للإستحمام حيث عثر علي جثته بلا أي ملابس تسرب الغاز من سخان المياه ليصاب بحالة إختناق و عندما إنتظرته الزوجه كثيرا و لم يخرج من دورة المياه قامت بفتح الباب لتفاجئ به ملقي علي الأرض و تحاول إنقاذه إلا أن الغاز كان قد ملأ الحمام لتصاب بإختناق هي الأخري و هو ما حدث مع إبنيهما عندما حاولا إنقاذ والديهما ليصابا بحالة إختناق ويموتون جميعا داخل الحمام مختنقين بالغاز حيث أكدت تحقيقات اللواء عصام سعد نائب مدير الإدارة العامة لمباحث القاهرة عدم وجود شبهه جنائية وكأننا أمام مشهد سينمائي يجسد أسمي معاني التضحية والحب التي غابت عن حياتنا الواقعية، زوجة تموت وهي تحاول إنقاذ زوجها وأبناء يرفضون الحياة بعد وفاة والديهما وأسرة كانت مصدرا لبث مشاعر الدفء مثالا للتفاني في حياتها و قدوة في التضحية بعد مماتها، انه درس ينبغي أن يتعلمه كل إبن إعتدي علي أبيه حتي يتعلم كيف مات هؤلاء سعيا لانقاذ والدهم.