بعد مرور ست سنوات تذوقوا فيهم مرارة الركود وأنهكتهم إجراءات التقشف المتكررة حتى ضاقوا ذرعا, لم يجد اليونانيون بدا من إعلان تمردهم بشكل ديمقراطى وذلك من خلال الدفع بحزب اليسار المعارض المعروف ب «سيريزا» ليتصدر نتائج الانتخابات المحلية وانتخابات البرلمان الأوروبى الذين جاءوا بالتزامن معا, وذلك بهدف إرسال رسالة غير مباشرة للحكومة الحالية بأنه فى حال استمرار ذلك الوضع السيئ فلن يكون هناك حل آخر سوى إسقاطها بمساعدة «سيريزا» الذى يعد الأمل الأخير لخروج اليونان من عنق الزجاجة. ففى أول اختبار انتخابى له منذ وصوله للسلطة قبل عامين, عاقب الناخبون رئيس التحالف الحاكم بين اليمين والاشتراكيين أنتونيس ساماراس على التخفيضات الكبيرة فى الرواتب والمعاشات التى طبقها فى إطار برنامج الإنقاذ المالى, وذلك من خلال لجوء الناخبين لمنح أصواتهم لصالح الأحزاب اليسارية المعارضة والمتطرفة حيث إن اليونانيين. فما كادت أبواب اللجان تفتح أبوابها لاستقبال قرابة 10 ملايين ناخب يونانى لاختيار رؤساء البلدية وأعضاء المجالس المحلية فى 325 بلدية, حتى بدأ الجميع فى ترقب اللون الذى سيطغى على اليونان الأيام القادمة إن كان الأزرق العائد إلى الحزب المحافظ بزعامة رئيس الوزراء، أو الأحمر العائد إلى حزب سيريزا بقيادة الكسيس تسيبراس, فقد جاء الأخير فى المقدمة حيث حصل على نسبة 26.60% والتى تؤهله لإرسال ستة نواب للبرلمان الأوروبي، فيما نال حزب الديمقراطية الجديدة الحاكم نسبة 22.71% أى خمسة نواب. أما حزب الفجر الذهبى الذى يعد من أحزاب النازيين فجاء فى المرتبة الثالثة بنسبة 9.39% وحصل على ثلاثة مقاعد فى البرلمان الأوروبي، وفاز تجمع الزيتونة الذى يمثل الحزب الاشتراكى بمقعدين. وحصل كل من حزب «النهر» المؤسس حديثا والحزب الشيوعى على مقعدين فى البرلمان الأوربي، فيما فاز حزب اليونانيين المستقلين اليمينى بمقعد واحد. وقد كانت نسبة المشاركة ما يقرب من 60%, الأمر الذى أرجعه بعض المحللين إلى أن نسبة كبيرة من اليونانيين وصلت لحد اليأس من أى تغيير أو تحسن فى الأحوال المعيشية فى ظل الحكومة الحالية أو أى حكومة أخرى. بينما يرى عدد كبير من الساسة أنه مازال هناك أمل فى التغيير والذى بدأ أولى خطواته زعيم حزب سيريزا الذى طالب الرئيس اليونانى بإجراء انتخابات نيابية بشكل سريع، وذلك استنادا لنتائج الانتخابات المحلية والأوروبية التى أعلنت نتائجها رغبة الشعب فى إسقاط شرعية الحكومة الحالية. وتعود آخر مواجهة بين حزب سيريزا و الديمقراطية الجديدة الحاكم إلى الانتخابات التشريعية فى يونيو 2012 التى جرت فى مناخ متوتر بسبب احتمالات خروج اليونان من منطقة اليورو، حيث وجد اليسار المتشدد الذى بلغت شعبيته فى تلك الفترة اقل من نسبة 5% من الأصوات، نفسه يحتل الموقع الثانى ورغم أنه من المفترض أن يطوى البلد فى الأشهر المقبلة صفحة ستة أعوام من الانكماش الاقتصادي، لكن استمرار انتهاج سياسة تقشف صارمة والارتفاع فى معدل البطالة إلى أكثر من 26% أثرا سلبا على رصيد ائتلاف انطونيس ساماراس الذى يتولى الحكم مع حزب باسوك الاشتراكى إلا أن عددا من المحللين السياسيين يرون أن الحكومة الحالية استطاعت بالفعل اتخاذ خطوات جادة لإنهاء الركود الاقتصادى وأنه ربما باستمرارها سوف تعود باليونان لمكانتها السابقة.