المشاط: 3 مليارات دولار تمويلات ميسرة من بنك الاستثمار الأوروبي للقطاع الخاص منذ 2020    مياه الغربية: تطوير مستمر لخدمة العملاء وصيانة العدادات لتقليل العجز وتحسين الأداء    محلل استراتيجي أمريكي: اتفاق وقف النار في غزة فرصة تاريخية للسلام    وزير فلسطيني: 300 ألف وحدة سكنية مدمرة و85% من شبكة الطرق في غزة تضررت    يلا شوت منتخب العراق LIVE.. مشاهدة مباراة منتخب العراق وإندونيسيا بث مباشر جودة عالية اليوم في تصفيات كأس العالم 2026    وزير الشباب والرياضة يتابع استعدادات الجمعية العمومية للنادي الأهلي    ضبط 5 أطنان دواجن فاسدة داخل مجزر غير مرخص بالمحلة الكبرى    صوروه في وضع مخل.. التحقيقات تكشف كواليس الاعتداء على عامل بقاعة أفراح في الطالبية    شريف فتحي يبحث تعزيز التعاون السياحي مع قيادات البرلمان والحكومة الألمانية    وزارة الري: إدارة تشغيل المنظومة المائية تجري بكفاءة عالية لضمان استدامة الموارد    جماهير النرويج ترفع أعلام فلسطين في مواجهة إسرائيل بتصفيات كأس العالم 2026    «تفاجأت بإنسانيته».. فيتوريا يكشف أسرار علاقته ب محمد صلاح    9 مرشحين بينهم 5 مستقلين في الترشح لمجلس النواب بالبحر الأحمر ومرشح عن حلايب وشلاتين    التشكيل الرسمى لمباراة الإمارات ضد عمان فى تصفيات كأس العالم 2026    محافظ الأقصر يقوم بجولة مسائية لتفقد عدد من المواقع بمدينة الأقصر    ليلى علوي تهنئ إيناس الدغيدي بعقد قرانها:«فرحانة بيكم جدًا.. ربنا يتمملكم على خير»    تامر حسني وعفروتو وأحمد عصام يشعلون حفلاً ضخماً في العين السخنة (صور)    المايسترو محمد الموجى يكشف ل«الشروق» كواليس الدورة 33 لمهرجان الموسيقى العربية    القسوة عنوانهم.. 5 أبراج لا تعرف الرحمة وتخطط للتنمر على الآخرين    رئيس جامعة الأزهر يوضح الفرق بين العهد والوعد في حديث سيد الاستغفار    وزير الصحة يبحث مع شركة «دراجر» العالمية تعزيز التعاون لتطوير المنظومة بمصر    وفقًا لتصنيف التايمز 2026.. إدراج جامعة الأزهر ضمن أفضل 1000 جامعة عالميًا    QNB يحقق صافى أرباح 22.2 مليار جنيه بمعدل نمو 10% بنهاية سبتمبر 2025    لامين يامال يغيب عن مواجهة جيرونا استعدادا للكلاسيكو أمام ريال مدريد    وزير خارجية الصين يدعو إلى تعزيز التعاون الثنائي مع سويسرا    رسميًا.. موعد تطبيق التوقيت الشتوي 2025 وتغيير الساعة في مصر    عالم أزهري يوضح أحكام صلاة الكسوف والخسوف وأدب الخلاف الفقهي    عالم أزهري يوضح حكم تمني العيش البسيط من أجل محبة الله ورسوله    هل متابعة الأبراج وحظك اليوم حرام أم مجرد تسلية؟.. أمين الفتوى يجيب "فيديو"    رئيس جامعة قناة السويس يشارك في وضع إكليل من الزهور على النصب التذكاري لشهداء الوطن    مستشار رئيس الجمهورية للشؤون الصحية: لا تفشٍ لفيروس كورونا مرة أخرى    نزلات البرد.. أمراض أكثر انتشارًا في الخريف وطرق الوقاية    التوقيت الشتوي.. كيف تستعد قبل أسبوع من تطبيقه لتجنب الأرق والإجهاد؟    قيل بيعها في السوق السوداء.. ضبط مواد بترولية داخل محل بقالة في قنا    بتهمة خطف طفل وهتك عرضه,, السجن المؤبد لعامل بقنا    معهد فلسطين لأبحاث الأمن: اتفاق شرم الشيخ يعكس انتصار الدبلوماسية العربية    في 3 أيام.. إيرادات فيلم هيبتا 2 تقترب من 11 مليون جنيه    الداخلية تكشف حقيقة سرقة شقة بالدقي    «الري»: التعاون مع الصين فى 10 مجالات لإدارة المياه (تفاصيل)    غدًا.. محاكمة 60 معلمًا بمدرسة صلاح الدين الإعدادية في قليوب بتهم فساد    منظمة العمل العربية تطالب سلطات الاحتلال بتعويض عمال وشعب فلسطين عن الأضرار التي سببتها اعتداءاتها الوحشية    الجو هيقلب.. بيان عاجل من الأرصاد الجوية يحذر من طقس الأيام المقبلة    الداخلية تكشف تفاصيل ضبط سائق يسير عكس الاتجاه بالتجمع الخامس ويعرض حياة المواطنين للخطر    تفاصيل لقاء السيسي بالمدير العام لليونسكو (صور)    إيهاب فهمي: "اتنين قهوة" يُعرض في ديسمبر | خاص    الرباعة سارة سمير بعد التتويج بثلاث فضيات ببطولة العالم: دايمًا فخورة إني بمثل مصر    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 11-10-2025 في محافظة الأقصر    العرفاوي: لا ندافع فقط في غزل المحلة.. ونلعب كل مباراة من أجل الفوز    عاجل- الدفاع المدني في غزة: 9500 مواطن ما زالوا في عداد المفقودين    «المشاط» تبحث مع المفوض الأوروبى للبيئة جهود تنفيذ آلية تعديل حدود الكربون    زراعة المنوفية: ضبط 20 طن أسمدة داخل مخزنين بدون ترخيص فى تلا    انتخابات النواب: رقمنة كاملة لبيانات المرشحين وبث مباشر لمتابعة تلقى الأوراق    نائبة وزيرة التضامن تلتقي مدير مشروع تكافؤ الفرص والتنمية الاجتماعية EOSD بالوكالة الألمانية للتعاون الدولي    الرعاية الصحية: تعزيز منظومة الأمان الدوائي ركيزة أساسية للارتقاء بالجودة    منها «القتل والخطف وحيازة مخدرات».. بدء جلسة محاكمة 15 متهما في قضايا جنائية بالمنيا    أكسيوس عن مسؤول أميركي: نتنياهو لن يحضر القمة التي سيعقدها ترامب بمصر    أسعار اللحوم اليوم السبت في شمال سيناء    «رغم زمالكاويتي».. الغندور يتغنى بمدرب الأهلي الجديد بعد الإطاحة بالنحاس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خارج دائرة الضوء
نشر في الأهرام اليومي يوم 03 - 02 - 2012

وطن ينتظر من أبنائه التلاقي والحوار والاتفاق لأجل استقرار طال انتظاره‏!‏ إذا أراد الله فلا راد لإرادته ولا اعتراض علي مشيئته..
اللهم اجعلنا علي يقين لا يفارقنا بهذه الحقيقة التي لا تقبل لحظة شك...
أقول ذلك لأن أغلبنا أمام أول مشكلة تصادفه أو حزن يعترضه.. ينسي أننا لا نملك من أنفسنا شيئا...
من هذا المنطلق أدعو الله أن يغفر لنا جهلنا بحقيقة أمرنا.. وأنا أول من يطلب السماح والعفو والمغفرة...
نسيت قدر الله وما شاء فعل.. وأنا أتلقي صدمة حزن من العيار الثقيل...
نسيت أن الموت حق وأنه الحقيقة الوحيدة التي اجتمع عليها البشر وفيما عداه اختلفوا علي كل شيء وأي شيء..
نسيت الحقيقة أمام حزن هائل علي خسارة فادحة ليست لي وحدي إنما لكل من عرف عن قرب هذا الرجل...
غاضب أنا علي الدنيا التي أخذتنا وشغلتنا وأبعدتنا ويوم التقينا كان مستحيلا أن نلتقي.. مات.
مات وفقدنا قيما جميلة رائعة في العمل العام وفي الحياة وفي بلاط الصحافة التي أعطاها عمره وأعطته حب واحترام وتقدير ملايين البشر قراء الأهرام...
مات أخي وصديقي وزميلي لبيب السباعي...
رحمة الله لك وعليك أيها الفارس النبيل وألهمنا جميعا الصبر علي فراقك وفقدانك...
خالص العزاء لك سيدي القارئ ولأسرتنا الكبيرة' الأهرام' ولأسرته العزيزة الصغيرة.. زينب وشيماء وزياد...
...................................
الحقيقة في بلدنا تاهت من سنين طويلة واستبشرنا خيرا في رجوعها بعد سقوط نظام زاد الأغنياء غني وزاد أغلبية الشعب فقرا وهما وغما وقلة حيلة...
استبشرنا خيرا بعد سقوط النظام لكن الخير لم يأت لأن مصر كلها انشغلت في خناقة عرض مستمر بين النخبة علي مكاسب سياسية.. ومصر كلها عانت من ثمار الخناقة أو وقف الحال الناجم عن توقف السياحة وتوقف الإنتاج وتوقف الأعمال وتوقف حركة المعمار...
مصر توقف حالها لأن الناس كلهم ينفسون عن أنفسهم في الشارع الغائب عنه القانون وصور التنفيس أشكال وأنواع وكلها ضد القانون وضد حرية المواطنين وتبدأ من قطع طريق وتنتهي بالسلب والنهب وفيما بينهما مظاهرات ومطالب كل من فيها لا يعمل ولا ينتج وكل من تضرر لوقف حركة السير هو الآخر لا يعمل ولا ينتج... ودون أن ندري تراجع الإنتاج وأصبح العمل آخر ما نفكر فيه ولو فكرنا لحظة لعرفنا أن أول خطوة لتحقيق المطالب هي العمل والإنتاج وتحقيق فائض مادي لتسوية المشكلات الخاصة بتفاوت أو انخفاض الرواتب.
المتفائلون ظنوا أنها مرحلة وتنتهي ويعود الهدوء والاستقرار والنظام والالتزام والعمل...
وظنوا أكثر أن الفوضي انتهت بالفعل مع الإقبال الشعبي الهائل علي الاستفتاء والإجماع الشعبي الهائل الذي حدد بصورة قاطعة خريطة الشهور التالية للاستفتاء وفيها تحدد موعد الانتخابات التشريعية بداية العملية الديمقراطية وانتخابات الرئيس نهاية المرحلة الانتقالية وبينهما الدستور...
وللتذكرة أقول إنه عندما أعلن المجلس العسكري عن الاستفتاء.. الكل وافق والكل رحب وأحد لم يعترض.. وقتها النخبة والائتلافات وافقت وهي علي قناعة تامة بأن أغلبية الشعب سوف ترفض ما طرحه المجلس ولذلك...
ما إن ظهرت نتيجة الاستفتاء تبدد أي أمل في الهدوء وبدأ الصراع.. والكارثة أنه علي الأرض في الشارع يشيع الفوضي ويدمر ويحرق ويخرب...
صراع الفكر والمعتقد والرأي انتقل من مكانه الطبيعي وهو الحوار إلي الصدام واستعراض القوة في الشارع.. الحوار بالكلمات أصبح صداما بالسنج والسيوف.. والفكر اندهس تحت أقدام البلطجة... والرأي والرأي الآخر تحول إلي قنابل مولوتوف تحرق وتدمر ذاكرة أمة وقلب وطن!
مع ذلك تمت الانتخابات وشهدت إقبالا هائلا وشهد العالم لها بأنها لم تدنس بتزوير وأن نتائجها نتاج إرادة الشعب.. ونجح التيار الإسلامي باكتساح.. ومثلما كانت نتيجة الاستفتاء مشكلة جاءت نتائج الانتخابات مشكلة!.
تذكرون حضراتكم أنه بعد كل إعلان نتيجة مرحلة.. تحدث مصيبة وتسيل دماء وتحرق منشآت وتدمر ممتلكات وبيوت ناس...
وتخطت البلاد كل هذه الأكمنة المدبرة المخططة وانعقد مجلس الشعب وأول جلسة كشفت عدة كمائن وبدأت مظاهر الانقسام من أول لحظة في جلسة إجراءات مفترض أن كل إجراءاتها محكومة بلوائح وقوانين لا نقاش فيها وليست وجهات نظر تتحمل الاختلاف والخلاف...
مرة أخري تراجع التفاؤل من عودة الاستقرار.. لأن البعض مؤيدا بالفضائيات إياها أعلن أن الشرعية هي شرعية الميدان وأن مجلس الشعب الذي اختاره ملايين الشعب ليس له أي شرعية وأن الحل والربط من الميدان...
معني الكلام الموجه للشعب.. اشربوا مجلس الشعب.. والأغلبية التي اخترتموها لن نمكنها من العمل باستدراجها إلي المشكلات والتركيز الإعلامي الفضائي علي أنها ديكتاتورية أغلبية لا تفرق عن الحزب الوطني وتلك هي الرسالة التي خرجت للرأي العام بعد جلسة الإجراءات والجلسة الثانية للمجلس.. ما من برنامج علي فضائية إلا والتأكيد علي معني واحد يريدون بتكراره أن يجسدوه في عقل الناس...
المعني المراد تكريسه في عقول الشعب.. أن حزب الأغلبية في البرلمان الجديد هو نفسه حزب الأغلبية في الماضي.. أي أن الحرية والعدالة أو الإخوان هم صورة بالكربون من الحزب الوطني.. أي أن الثورة كأنها ما حدثت ولابد أن تستمر لمواجهة الحزب الوطني الجديد!.
ديكتاتورية الأقلية لا أحد يستهين بها عندما تضرب في الأغلبية وتعالوا نري ماذا حدث؟
للتأكيد علي هذا المعني وفي إطار زمني متقارب.. بدأت حملة شرسة إعلاميا وميدانيا.. تعلن أن الثورة مستمرة وأول مطالبها تسليم السلطة وانتخاب رئيس.. كل الفضائيات أعطت كل مساحات متاحة لديها لهذا الرأي وذاك الاتجاه.. وفي نفس الوقت أحد لم يتكلم أو حتي يشير إلي أن انتخاب مجلس الشعب هو أول شرعية شعبية جاءت بصناديق الانتخابات التي حملت إرادة الشعب!. أحد لم يقل إن مجلس الشعب هو الشرعية وهو الأمل وهو طوق النجاة في هذه الفترة العصيبة!. أحد لم يحذر من خطورة أي كيانات إلي جوار شرعية مجلس الشعب!.
الذي أفهمه.. أنه في وجود مجلس نيابي منتخب لا أحد يزايد علي الشعب بالمزايدة علي المجلس الذي اختاره الشعب.. وعليه!.
من يطالب بتسليم السلطة فورا.. يتقدم بمطلبه إلي البرلمان من خلال نائب أو مجموعة نواب يتقدمون بطلب إحاطة عاجل يحمل المطلب وتتم مناقشته ويصدر مجلس الشعب قراره.. والقرار هنا قرار الشعب!.
من يريد انتخاب الرئيس قبل الدستور يسلك نفس الطريق ومجلس الشعب يناقش ويصدر في النهاية قراره والقرار هنا قرار الشعب الذي انتخب هذا المجلس وفوضه في التشريع وفي الرقابة وفي كل ما يخص الوطن والمواطن...
وعدنا للمربع الأول الذي كانت مصر فيه قبل أن يكون عندها مجلس نيابي منتخب منه وإليه تبدأ وتنتهي الأمور...
عدنا للاحتكام إلي الشارع وعندنا مجلس الشعب الممثل الأوحد للشرعية الشعبية...
عدنا إلي الاعتصامات التي تنادي بمطالب.. الحل والربط فيها عند مجلس الشعب وليس علي رصيف ماسبيرو!
عدنا إلي إزكاء روح الكراهية بين المصريين.. عدنا إلي إضفاء التوتر علي المناخ العام كله من خلال لغة خطاب الفضائيات وأساليب الاعتصام في الشارع والتي تسعي بكل الطرق إلي الصدام.. لتبدأ الفتنة!.
الشباب الموجود أمام ماسبيرو.. ما يفعله من إشارات وتصرفات وما يقوله من بذاءات تجاه ضباط وجنود الجيش والشرطة.. كل الفضائيات سجلته وكل الفضائيات تجاهلته!. أحد لم يتحدث ويقل إن الاعتصام شيء والتجاوزات بالقول والفعل شيء آخر مرفوض!.
أحد لم يشجب هذه الأفعال وأحد لم ينبه إلي أن ما يتم إصرار علي استدراج جنود وضباط الجيش لصدامات!. أحد لم يستضف واحدا من النخبة ليقول رأيه!.
الكل تجاهل محاولات استدراج الأمن لصدام.. والكل مترقب وقوع أي صدام لتبدأ المعركة الإعلامية ويبدأ الحديث عن العنف غير المبرر والإفراط في استخدام القوة.. الكل جاهز إلي ما بعد الصدام.. ولا أحد من الكل يريد منع وقوع الصدام بكلمة حق يقولها عما يحدث أمام ماسبيرو من إفراط في البذاءة والوقاحة وقلة الأدب...
يا حضرات كلنا مصريون والوطن ينادي علينا لنتقابل ونتلاقي ونتفاهم ونتحد علي هدف ونتوافق علي رأي...
يا حضرات.. الاستقرار والعمل والبناء والإنتاج السبيل الوحيد إلي رفع معاناة ملايين المصريين...
يا حضرات.. عندنا مشكلات تشريعية وعندنا مشكلات تنفيذية وعندنا مشكلات صحية وتعليمية وغذائية.. مشكلات في كل شيء وأي شيء...
عندنا ناس من أهالينا مقهورة...
عندنا مشكلات لا تحصي لا يصدقها عقل يعاني منها أهالينا علي طول البلاد وعرضها...
هذا مثال من علي أرض الواقع يعاني منه ملايين المصريين ويعبر عنه واحد ممن أعطوا للوطن عمرهم ومع أول صدمة اكتشف أنه لا مخلوق يقف إلي جوارهم..
اقرأوا من فضلكم هذه الحكاية وأظنها كانت أو ستكون.. حكاية من أخذناهم لحما ورميناهم عظما...
تلقيت هذه الرسالة وأظن سطورها تهم حضراتكم جميعا...
السيد الأستاذ إبراهيم حجازي
تحية الإسلام مباركة طيبة وبعد,,,
لولا أنها مشكلة عامة, بل ظاهرة اجتماعية في ظروف لا تحتاج لتعليق لأن الكل يعيشها ما أمسكت القلم وكتبت لكم عن تجربتي فيها لأن أصحاب المعاشات لا يسألون ولا يتسولون ولكنهم علي ربهم فقط يتوكلون, هم شرفاء خرجوا من الخدمة كما دخلوا ولو كانوا فعلوا كما فعل غيرهم ما انتظروا علاوة أو إعانة وصل التخبط فيها لأعلي مستوياته فهل يعقل فضلا عن أن يتصور دكتورة وزيرة تقرر ورئيس وزراء لا يعلم ووزير المالية لم يخطر ووزعت وتبادلت الاتهامات وضاع جوهر الموضوع وانشغلنا بالمتن ونسينا النص.
المهم لا أطيل عليكم إليك تجربتي في رحلة البحث عن قرض مثلما تفعل مصر الآن جاءني ابني وهو متزوج ويعول مهموما محزونا لتراكم الديون وعدم كفاية الدخل للوفاء به فضلا عن مصاريف الأيام فجلسنا معا واتفقنا علي سداد الديون لرفع الهموم فالدين مذلة بالنهار هم بالليل أما الحياة فطعام اثنين يكفي ثلاثة كما قال الحبيب المصطفي وقلنا مطلوب عشرة آلاف جنيه قرضا ينهي كل المشكلات علي أن أستقطع من معاشي الكبير قسطه وليكن ما بين250 إلي300 جنيه شهريا, وبدأت رحلة البحث عن( ممن نقترض).
1 قلت فلنبدأ بأبواب الدولة المسلمة فطرقت باب وزارة الأوقاف( إدارة القرض الحسن) بباب اللوق مقر الدكتور الوزير العالم الفاضل في وزارة الإنقاذ في عصر ثورة لا شك أنها حطمت أصنام الروتين ووقفت بجوار المساكين وذهبت حاملا بيانا رسميا بمعاشي الشهري وقدره1635 جنيها يوم 5/1/2012 وحددت طلبي لهم بقرض بلا فوائد أقوم بسداده علي أي سنوات.
وكان الرد كالآتي:
نحن لا نتعامل مع أصحاب المعاشات.
التعامل مع من في الخدمة ولا يتجاوز عمره57 عاما.
مدة خدمته15 عاما كاملة.
القرض4 أمثال الراتب.
فسألت لماذا المعاشات لا( هل هم كفار؟) أليست الأوقاف لكل الناس فأخطرني مخضرم في الوزارة أن أصحاب المعاشات( ماشيين) أي( ميتين) فقلت في نفسي قدر الله وما شاء فعل خيرها في غيرها المهم طرقت الباب ولم يفتح لي.
2 وجدت علي باب مسجد أولاد عنان برمسيس يافطة كبيرة علي جانب المسجد من شارع الجمهورية تقول( إدارة القرض الحسن) تعطي قروضا بلا فوائد بلا مصاريف إدارية قلت فلنطرق الباب عمل خيري تطوعي لمسلمين متحررين من قيود الأوقاف وذهبت لهم بمقرهم ب50 شارع السبتية وإذا بأول مدخل الباب بالبدروم يافطة تقول لا يتعاملون إلا في الزواج والوفاة ولا علاقة لهم بالغارمين. فقلت أموالهم وهم أحرار في تخصيصها ولكن تعجبت قلت يتعاملون مع المقبلين علي الحياة والخارجين منها فقط ولا يتعاملون فيما بين الاثنين.
وقلت قدر الله وما شاء فعل خيرها في غيرها.
3 ثم تذكرت فضيلة الإمام الدكتور علي جمعة الرجل المستنير صاحب الخلق الرفيع مفتي الديار المصرية صاحب الفضل في إنشاء مؤسسة مصر الخير ووجدت تليفوناتهم واتصلت وشرحت لهم حالتي وكان الرد الجميل أنهم لا يتعاملون في القروض ولكن حينما يصدر حكم علي غارم مدين يقومون بتنفيذه ولا يحصلون المبالغ منه لفك حبسه.
فقلت عمل طيب ولكن لابد أن أغرق أولا ثم أذهب إليهم لإنقاذي, ثم قلت قدر الله وما شاء فعل هم يخدمون شريحة أكثر حاجة مني وأنا طالب قرض لم أغرق بعد.
4 ثم تذكرت أنني أصرف معاشي من البنك الأهلي المصري فقلت معاشي محول عليه ولي فيه حساب صغير محتفظ به لآخر عهدي في الدنيا وأول عهدي بالآخرة فذهبت إليه وكلي أمل ورجاء بعد أن شاهدت الملصقات تتحدث عن القرض الشخصي فقلت وجدت ضالتي وأحضرت الكارت ودخلت البنك بقلب مفتوح هذا بنكي وسألت الموظف عن القرض فنظر في وجهي وقال لي( نحن لا نتعامل مع أصحاب المعاشات) مثلما قالت موظفة الأوقاف وأحسست وقتها أن أصحاب المعاشات هم أصحاب الفيل.
فقلت له معاشي عندكم ومبلغ بسيط عندكم فلم يرد فتذكرت كلمة عجوز الأوقاف ما احنا ماشيين...
فقلت في نفسي ما يمكن( نعد شوية).
ولن أعلق ولن أزيد ولكن سؤال واحد أريد إجابة عنه من كل مسئول إلي من يذهب صاحب المعاش لو أراد قرضا لمواجهة ظرف؟!.
ولو كانت أموالنا معنا لأنشأنا صندوقا لإقراض أصحاب المعاشات منها ولكن أخذتها الحكومة وسدت الأبواب أمامنا في الاقتراض منها.
ولو كنت ماشي ألن ترث معاشي زوجتي وإذا كنا نحن الاثنين ألا يضمننا أبناؤنا الأحياء بعد الممات.
لك خالص تحياتي وآسف علي الإطالة.
مواطن مصري
علي المعاش
انتهت الرسالة وأري أنها لا تتكلم عن مشكلة فردية إنما تلقي الضوء علي مشكلة ملايين المصريين بعد سن المعاش...
نحن أمام قضية أخلاقية قبل أن تكون قضية لائحية أو قانونية...
نحن أمام نظرة دونية رسمية وشعبية لمن خرجوا إلي المعاش...
أمام ورم يكبر وينخر في جسد ملقي علي الأرض لا حول ولا قوة له.. والورم يكبر والكل غير مبال يتفرج لأن خطر الورم لن يطولهم وحتي لو انفجر.. انفجاره داخل الجسد وسيأخذ صاحبه للآخرة والحياة مستمرة ولن تتوقف!.
هذا هو حال المحال للمعاش.. نتعامل معه كأنه قيمة غير مضافة وتقبض معاشا لا تستحقه!.
نسينا.. حكومة وشعبا.. أنه أعطي عمره وجهده في وظيفة.. وأن حقوقه بعد المعاش يجب أن تكون أضعافا...
المعاملة الكريمة حق والمعاش المحترم حق والخدمة الصحية حق والامتنان الدائم حق...
كيف ننتظر غدا أفضل.. ونحن ندهس علي من صنعوا الأمس...
وللحديث بقية مادام في العمر بقية

المزيد من مقالات ابراهيم حجازى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.