دعك من المشكلات التي نحياها، أراك مثلي، تحنُ لرحلة جديدة تبتعد بنا ولو لحظات، من كوابيس عشناها، وكدنا نعتادها، من كثرة وقوعها، فقط قم معي إن أردت برحلة جديدةتمنحُك بعضا من السعادة أعني رحلة الكلمة، فهي حربٌ دائرة، لم تضع بعد أوزارها، هي إلى الزهور أقرب، وأشبهُ ما تكونُ بالرياحين، التي تنطلقُ من بساتين الورود، أراك تسألني حرب تأتي بالورود؟ نعم ياسيدي حربُ الكلمات،التي تعترك مع صاحبها ويعترك معها، لتأتيني بمولود جميل يحمل لنا: كلمات الصدق والحق والجمال، الكلمات التي تنشر الخير والحب والإيثار، كلمات ينحتها القلم، فتحيل صاحبها لشئ منصهر داخلها، فلا يدري في الحقيقة إن كان يقظا أم أنه مازال ينعمُ بنوم عميق، رحلةٌ هي إذن، تأخذُك إلى عالمها، وتأمرُك رحلة الكلمة، بالغوص في بحارها، وقلما تسمحُ لك باصطياد معانيها، إلا بعد أن تشعر أنك تستحق، وتدرك أنك تستأهلُ شرف الإتيان بها، ونشرها بين من يفهمون، لأن من لايدركون، لا مكان لهم في هذه الرحلة، هي رحلة طهر.. بين دفتيها ينعمُ المبدع بالنقاء، يستحيلُ لشئ آخر، غير ذلك الكيان المتعارف عليه، والملقب بالانسان، كيانٌ أرقي شعورا، أطهرُ وجدانا وأعمق خيالا، لا يلامسُ أرضا، إلا ليمشي ويأكل، ثم لا يلبثُ أن يعود ثانية لعالم رحلته، ولا تسألني أين من فضلك ولا كيف؟ لأنني لا أملكُ إجابة سوي أنك مضطر أن تعيش، وتفرح، وتقضى معظم وقتك متأملا، تحاولُ أن تفك رموز عالمٍ أنت عنه غيرُ مسئول، تحاولُ أن تفهم، وللأسف.. لا تملكُ فك الرمز..فتظلُ دوما تسأل، وقلما تجد إجابة، وإن وجدتها هذه الإجابة فغيرُ مكتملة.. لن تشفي صدرك.. ولن تملأ وجدانك باليقين.. واليقينٌ الوحيد: أننا مخلوقات، ضمن لا أدري في الحقيقة آلاف أم مئات المخلوقات، فمهلا.. فأنت وأنا جزءٌ يسير.. ولابد لنا في النهاية أن ننحني إكبارا وإجلالا للخالق، الذي أبدع وخلق.. وعلم بالقلم، والجمالُ جماله.. مردودٌ له سبحانه.. فبديعُ السموات والأرض يعلمُ كل شئ ومن رحمته أن جعلنا لا نعلمُ كل شئ.. وإلا سنُجن، فالكونُ يا صديقي بعيدٌ كل البعد عن حساباتنا، وعن سيطرتنا.. وعن إدراكنا.. لأننا لا ندركُ إلا اليسير والفرقُ بين الجنون والعقل شعرة، أدعو الله أن يديم علينا هذه الشعرة، وإن كنت يوما فقدت مثلي حبيبا، فاجعل الخالق هو حبيبُك، إن كنت مثلي فقدت ابنا، فاجعل خالقه وجهتك.. فالربُ هو الحقُ، وما عداه يحتملُ الحق، أو غير الحق.. فلابد لك قبل نحتك للكلمات.. أن تكون متذكرا من علمك نطقها وكتابتها ..ثم ميزك.. بأن جعلك مبدعا لها، وليس إبداعك لها يا صديقي، أن يجنح بك الخيالُ، ويهزمك العقلُ، أو يأخذك نبراسُ الحرية لطريق الباطل، لأنك حينها سترسو بكلماتك علي شاطئ الهوان.. وستأخذك الحسرةُ إلى كهف مظلم، ليس فيه إلا الشركُ بكل شئ، والإيمان فقط حينها لن يكون إلا بالباطل، الذي زينته لك الحريةُ. [email protected] لمزيد من مقالات أيمن عثمان