يعيش العالم أجواء شكسبيرية احتفالا بمرور 450 عاما على ميلاد «أيقونة» الأدب الإنجليزى ويليام شكسبير، حيث يطلق مسرح «شكسبير جلوب» فى لندن مسرحية هاملت، التى تطوف بلاد العالم فى رحلة تمتد إلى عامين، مما يعكس نهما انسانيا لا يقاوم، للتعاطى مع أعمال شكسبير، خاصة عمله الخالد مسرحية «هاملت» التى استحوذت على اهتمام نقاد الأدب والدراما وعلم النفس، من أجل كشف أسرارها التى أعطتها كل هذا السحر والألق والبقاء. عندما كتب شكسبير هاملت فى العام 1600 لم يلتزم بالقاعدة الأرسطية السائدة فى زمنه، التى كانت تشترط أن يقوم البناء المسرحى على الحدث وليس الشخصية، فقد بنى شكسبير مسرحيته على المناجاة الشخصية «المونولوج» وليس على الحدث . وأعتقد أن سحر «هاملت» جاء من هذا البناء الدرامى المختلف الذى اعتمد على تلك المناجاة الشخصية، كفعل يمارسه كل البشر، خاصة فى أوقات أزماتهم ومحنهم التى تتعلق بوجودهم ومصائرهم، ولم يكن سؤال هاملت الشهير: «أكون أو لا أكون» سوى سؤال إنسانى عام، لم يولد بعد من لم يسأله لنفسه، بل تجاوز فى فرديته إلى أنه أصبح سؤالا جماعيا، تطرحه المجتمعات عندما تواجه تحديات وأخطارا تهدد وجودها. ولولا هذا السؤال ما كان هاملت، وهو السؤال الذى كثف بعمق محنة الوجود الانسانى، تلك المحنة الملازمة للإنسان منذ مولده وحتى موته. إن «هاملت» كما يرى أحد نقاد الأدب العالميين أشبه بإسفنجة من شأنها تشرب كل مشاكل عصرنا، وأن همومه قابلة للانتقال لأن تكون هموما عامة. إن هاملت فى تردده وعجزه عن الفعل، لم يكن سوى معبر عن حالة التردد الانسانى التى نواجهها فى أوقات كثيرة. لقد تردد هاملت طويلا وفى النهاية انتقم لأبيه وقتل عمه، ولكن بعد أن قتل الجميع باستثناء صديقه «هوراشيو» الذى أراد أن ينتحر حزنا على هاملت أثناء احتضاره، لأنه لن يحتمل الحياة بدونه، فتوسل إليه هاملت أن يستمر على قيد الحياة قائلا له قبل أن يموت: «آه يا إلهى هوراشيو، تعلم كم سيجرح اسمى بعدى لو ظلت الافكار هكذا غير معروفة، تحمل التنفس بصعوبة فى هذا العالم القاسى لتحكى قصتي». القصة مازالت تحكى حتى يومنا هذا، ويقينا فى أيامنا القادمة، فهى لا يمكن أن تنسى لأنها قصة الإنسان فى كل زمان ومكان. إن العالم يحتفل بمرور 450 عاما على ميلاد ويليام شكسبير وكان يجب أن تشارك مصر فى هذا الاحتفال، كإعلان عن عودتها إلى مكانها الطبيعى دولة منتجة للفنون والآداب والحضارة، خاصة أن الفنان محمد صبحى قام ببطولة وإخراج هاملت فى بداية حياته الفنية، وحقق من خلالها نجاحا كبيرا سجل اسمه واسم مصر فى الموسوعة البريطانية للمسرح.