قد يبدو الأمر غير منطقى أن دولة بحجم مصر يجرى بها نهر مثل النيل بطول 1520 كيلو مترا وتعتبر المحطة الأخيرة للنهر وإحدى دول المصب، تعانى بعض محافظاتها مشكلات فى مياه الشرب، ويحرم سكانها من كوب ماء نظيف، ولكن هذا الواقع التى نعيشه، وفى رشيد يواجه أهالى المدينة أزمة الحصول على مياه نقية للشرب، فمياه النهر العذبة لا تكون هكذا عندما تدخل (رشيد) بسبب تلوثها لونا وطعما ورائحة بسبب اختلاطها بمخلفات وملوثات مصرف الرهاوية، وبعض المصانع التى تصرف فى مياه النهر، والأقفاص السمكية الواقعة أمام محطات مياه الشرب بادفينا ومطوبس والجدية.
وطالب الأهالى بنقل الأقفاص السمكية التى تغير طعم المياه إلى المنطقة المخلط فيها ماء النيل بماء البحر المالحة أمام قناطر إدفينا. من جانبهما قام محافظا البحيرة، وكفر الشيخ، والتى تقع المشكلة فى دائرة محافظتيهما بمخاطبة وزارات الموارد المائية والتنمية المحلية والبيئة والصناعة لاتخاذ الإجراءات اللازمة لحل المشكلة فى أسرع وقت ممكن لما تمثله من خطورة على صحة الأهالى بالمدينة. أما الوضع بمحافظة أسيوط فهو أكثر سوءا، فمياه الشرب هناك تختلط بمياه الصرف الصحى والمياه الجوفية، هذا ما أكده الدكتور محمد محمود، المشرف العام على شئون البيئة بمستشفيات جامعة أسيوط فى دراسة له حيث ذكر أن المشكلة فى وجود عمليات مياه جوفية ببعض قرى المحافظة، ونظرا لعدم وجود صرف صحى بهذه القري، وعمل الصرف بنظام البيارات والقيسونات، فهذا يؤدى إلى تسريب مياه الصرف إلى مياه الشرب. وأوضحت الدراسة أن مديريات الصحة يجب أن تنسق مع مديريات الإسكان حتى لا يتم إنشاء عمليات للمياه داخل القرى إلا بعد موافقة جهاز شئون البيئة، وعمل الدراسة البيئية للمنطقة، وفى حالة وجود القرية على بعد كيلو واحد من مصرف لا يسمح بعملية مياه للشرب هناك، وتتم دراسة إحلال محطات الترشيح والتحلية مكان عمليات المياه الجوفية مع حماية نهر النيل والمجارى المائية. ويقول محمد سليم، صاحب مصنع باحدى القرى الصناعية: إن محطة مياه القرية الصناعية بها كارثة وتصدر الموت البطيء للمواطنين، خصوصا أن هناك مصانع تعتمد كليا على مياه المحطة كمصانع المكرونة والبسكويت، والتى أثبتت التحاليل التى أجراها أصحاب المصانع فى معامل خاصة، أن مياه الشرب المقبلة من المحطات غير مطابقة للمواصفات، وتمثل خطورة داهمة على صحة المواطنين. وأضاف صابر سلامة، عامل، قدمت مع مجموعة من زملائى العديد من الشكاوى لشركة المياه، فقامت الشركة بسحب عينة لتحليلها، فكانت نتيجة التحاليل سلبية، وأكدت أن المياه مطابقة للمواصفات، مشيرا إلى أنه علم من أحد الموظفين العاملين بالشركة أن العينة عند التحليل يتم استبدالها بعينة أخرى مطابقة للمواصفات، وهو ما يتطلب جهة أخرى محايدة تقوم بعملية التحليل، فلا يصح أن تكون شركة المياه هى الخصم والحكم فى وقت واحد، هذا على حد قوله. وأكد على محمد، موظف بأحد مستشفيات أسيوط، أن جميع محطات المياه فى القرى غير صالحة للاستخدام لعدم وجود صرف صحى فى القري، ولجوء الاهالى إلى انشاء ما يعرف ب (القيسونة) والتى تقوم بتسريب مياه الصرف الصحى إلى باطن الارض واختلاطها بالمياه الجوفية، مضيفا أن من ينظر إلى (الفلاتر) الموجودة بمستشفى (أم القصور) الجامعى الخاصة بتكرير المياه لمرضى الفشل الكلوي، وحجم الطفيليات والطحالب التى تحتجزها هذه (الفلاتر) يدرك مدى الكارثة التى يعانيها أهالى القرى المحيطة، والتى تعتمد على هذه المياه، وهذا ما يفسر سر ارتفاع نسبة الاصابة بالفشل الكلوى عاما بعد عام. الجدير بالذكر أنه تم فى وقت سابق إغلاق محطة مياه شرب (علوان) التى كانت مسئولة عن تغذية 9 قرى بمياه الشرب، بعد أن أثبتت التحاليل أن المياه الخارجة من هذه المحطة غير مطابقة للمواصفات، وغير صالحة للشرب، بسبب اختلاطها بمياه الصرف الصحي، وأن المياه التى بها ملوثة وتمثل خطرا وتهديدا لصحة أهالى القرى التسع. وفى ديروط، قام فرع الجمعية الشرعية بانشاء محطات صغيرة لتحلية المياه وتكريرها وتوفيرها للأهالى بالمجان هذا ما أكده المهندس محمد مصطفى مسئول المحطات بالجمعية الشرعية. وأضاف مصطفى أن المحطة الواحدة تتكلف نحو 60 ألف جنيه تقوم الجمعية الشرعية بالقاهرة بتمويلها نظرا لضيق ذات اليد لكثير من أهالى القرية، كما تقوم الجمعية بمتابعة المحطات من غسل وتطهير وصيانة للفلاتر بصفة شبه يومية وتحليل العناصر المكونة للمياه، وقد تم البدء بإنشاء محطة واحدة زادت لسبع محطات الآن تنتشر بجميع أنحاء القرية. وأوضح مصطفى أن طاقة المحطة الواحدة تقدر بنحو 12 ألف لتر يوميا، متاحة لجميع أهالى القرية مسلمين ومسيحيين من خلال تحليل وتكرير مياه المجلس المحلى أو من خلال حفر آبار مياه جوفية. وأشار مصطفى إلى أن مرحلة التكرير تمر بعدة خطوات بداية بخزان الاستقبال، حيث يتم تعقيم المياه بمادة الكلور لتدخل على أول فلتر، وهو الفلتر الرملي، ويقوم بحجب الرواسب والشوائب، ثم فلتر يقوم بتخليص المياه من الكلور المضاف للتنقية، ثم تدخل على فلترين لضمان نقاوة المياه لتدخل على المندرين، وهو عبارة عن أربعة فلاتر مستورة ليمنع دخول الأملاح وتشخيصها، وتحديد النسب المسموح بها لتنتهى إلى مجموعة من صنابير المياه، ومعروف لدى أهالى القرية مواعيد عمل وغلق هذه المحطات. وفى سوهاج قامت شركة المقاولون العرب بناء على تكليفات من وزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية بإصلاح (حوض الموازنة) بمزرعة صرف صحى طما، والذى تبلغ سعته التخزينية 35 ألف متر، وذلك بعد أن تعرض لكسر فى أحد جوانبه، مما أدى إلى خروج مياه الصرف الصحى المعالجة إلى الأراضى الزراعية المجاورة. وأكد اللواء مهندس محمود نافع، رئيس مجلس إدارة شركة مياه الشرب والصرف الصحى بسوهاج، أنه تم إصلاح الحوض، وإعادة انشاء الطريق المؤدى اليه واعادة بناء وتأهيل بلاطات الحوض المكسورة لوقف تسريب مياه الصرف المعالجة إلى الاراضى الزراعية المجاورة للحوض. من جهة أخرى، أكد محافظ القليوبية أن مياه الشرب بالمحافظة سليمة 100% وان نتائج العينات من جميع محطات المياه جاءت مطابقة للمواصفات وخالية من أى تلوث، مشيرا إلى أنه طلب من جميع الجهات المعنية بالمحافظة أخذ عينات دورية من شبكات المياه وتحليلها للتأكد من صلاحية المياه للاستهلاك الآدمي. كما طالب المحافظ شركة المياه بعمل غسيل لجميع شبكات المياه ب(الكلور) لتطهيرها، موضحا أن الفترة المقبلة سوف تشهد طفرة فى دفع العمل بمشروعات المياه، حيث قامت وزارة الإسكان بتخصيص 250 مليون جنيه لدعم مشروعات المياه والصرف بالقليوبية. من جانبه، أوضح محافظ الدقهلية أنه تمت زيادة عدد المشتركين بشركة مياه الشرب والصرف الصحى بالمحافظة خلال شهرى يوليو وأغسطس الماضيين بواقع 3229 مشتركا، كما تم الانتهاء من تسليم شبكة الصرف الصحى لمدينة تمى الامديد، وشبكة الصرف الصحى بقرية (بشالوش) التابعة لميت غمر، كما تم التحليل الكيميائى (البكترويولوجي) ل600 عينة مياه شرب وتحليل 672 عينة لمصادر المياه الخام بمآخذ عدد من المحطات الكبرى لمياه الشرب، واتخاذ 3588 عينة كل ساعتين لمصادر المياه الخام لعدد من المحطات الكبرى لمياه الشرب، 521 عينة لعدد من المحطات النقالي، بالإضافة إلى تطهير 988 خزانا أعلى المدارس والمستشفيات والمصالح الحكومية بسعة 2406 مترات مكعبة وحصر 11 طلمبة حبشية من الطلمبات غير المتصلة بشبكبة مياه الشرب المرشحة.