شهدت القوى الشبابية حالة من التفتت والانقسام، ليس السياسى فحسب، وإنما التنظيمى أيضا، مما أضاع أى ثقل حقيقى لهم فى حقبة ما بعد 25 يناير، وتتزاحم الإجابات الدالة على هذا الإخفاق الشبابى ما بين إصرارهم على إبقاء الثورة مشتعلة داخل الشارع، ورفض العمل المؤسسي/ الحزبي، بمعنى الانتقال من الشرعية الثورية للشرعية السياسية/ الدستورية، وبناء الدولة الجديدة، بالإضافة لكونهم لم يسمح لهم بالمشاركة فى العملية السياسية، أو صناعة القرار بسبب تلك الحال. لكن لندع تلك القوى الشبابية تجيب عن هذا التساؤل من منطقها ورؤيتها للمشهد السياسى المصري. فمن جانبه قال عمرو علي، القيادى بحزب المصريين الأحرار: إن ظهور الحركات الشبابية كان بمثابة أمر طبيعى لفترة ما بعد ثورة 25 يناير، نتيجة الحراك السياسى فى الشارع المصري، ورغبة هؤلاء الشباب فى التغيير وإثبات وجودهم، فبالتالى أدى ذلك إلى تكوين التكتلات الشبابية وشيوعها، ومن المنطقى والمتوقع أن تفشل هذه التكتلات لكون الهدف الأساسى من إنشائها كان التغيير وليس ما بعده، مما أفقدها القدرة على البقاء لفترة طويلة لعدم قدرتها على الانتقال من الشرعية الثورية لمثيلتها الدستورية، موضحا أن الشباب حتى الآن مهمشون، لأنهم قاموا بالثورة ولم يحكموا، وبالتالى فشلوا فى أول اختبار حقيقى لهم على الساحة السياسية تماما، كما حدث مع تمرد وعدم قدرتها على التوحد على اختيار مرشح رئاسى واحد تدعمه. وأضاف أن لدينا مشكلة أخرى أدت إلى تفكك التكتلات الشبابية، وهى التمويل، لأن بقاء أى كيان تنظيمى يحتاج إلى أموال، وكانت هذه التكتلات تعتمد فى الفترة السابقة على تبرعات رجال الأعمال، وعندما انقطع عنها هذا التمويل بدأت كياناتهم تتصدع وتواجه خطر الانشقاقات، لذا أدعو الحركات الشبابية لضرورة الدخول فى أحزاب سياسية وترك الشارع حتى يستطيعوا المشاركة السياسية، وإثبات الحضور السياسي. كما قال طارق الخولى وكيل مؤسسى حزب 6 إبريل وعضو المكتب السياسى لتكتل القوى الوطنية: إن الحركات الشبابية ظهرت فى ذروة الأحداث السياسية، وذلك لتحقيق هدف معين، وهو إسقاط النظام والتغيير ولحظة انتهاء الأحداث بدأت هذه الحركات فى الاندثار وأصبحت تواجه الانشقاقات والخلافات كما حدث فى حركتى شباب 6 إبريل، وتمرد. وأضاف أن الحركات الشبابية لم تستطع أن تطور نفسها، أو تقدم مشروعا قوميا حتى تستمر فى عملها وحركتها فى الشارع السياسي، وبالتالى واجهت خطر الترهل حتى باتت على وشك التصدع والانزواء. وطالب الحركات الشبابية بضرورة الدخول فى الأحزاب السياسية حتى تستطيع أن تشارك فى الحياة الحزبية، وإنعاش الممارسة الديمقراطية، وبناء مؤسسات الدولة الجديدة. أما أحمد السكرى عضو المكتب التنفيذى لتيار المستقبل فقال: إن الحركات الشبابية لم تختف، ولكن تمت إعادة هيكلتها من جديد. وأوضح أن ما يحدث الآن من انقسامات واختلافات أمر طبيعي، لأن معظمهم شباب ينتمى إلى عقائد سياسية متعددة، لكن فى النهاية معظم الحركات الشبابية تحاول أن تتوحد حتى تشارك فى تأسيس الدولة المصرية، وعودة الحيوية السياسية إليها. وقال عصام الشريف المنسق العام للجبهة الحرة للتغيير السلمي: لقد ظهر الكثير من الائتلافات بعد ثورة يناير، وتحديدا بعد الدولة الشهيرة للمجلس العسكرى لضرورة وجود حركات شبابية تعبر عن مطالبهم، وبالفعل تكونت حركات وائتلافات بعضها وهمية بهدف الجلوس على مائدة الحوار السياسى والمجتمعى آنذاك، والآخر كان حقيقيا، لكن مع مرور الوقت اختفت الحركات التى ليست لها أى مصداقية. فى المقابل هناك حركات سياسية كثيرة لن ينالها هذا المصير السياسى المشئوم، لكن هناك ضعفا فى أدائها، وهذا يرجع لممارسات العنف التى تمارس ضد أعضائها من حبس النشطاء السياسيين، وتقييد حركتهم السياسية، وتهميشهم، مما أوجد نوعا من الإحباط لدى الكثير من الشباب.